رئيسيةتقارير الطاقة المتجددةطاقة متجددة

طاقة الرياح البحرية في عام 2026.. 5 عوامل لتعافي السوق (تقرير)

دينا قدري

من المتوقع أن تشهد طاقة الرياح البحرية في عام 2026 تعافيًا ملحوظًا، عقب التباطؤ الإضافي الذي سجله العام الجاري (2025)، ما استدعى تغييرًا في السلوكات.

وعمومًا، يُتوقع أن يكون عام 2026 عامًا محوريًا لطاقة الرياح البحرية؛ إذ سيواصل المطوّرون وشركات سلسلة التوريد والحكومات تعديل إستراتيجياتهم، سعيًا لتحقيق أقصى قيمة ونمو في سوق تتّسم بالحذر وعدم الاستقرار، بحسب تقرير حديث حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتسعى الحكومات التي ما تزال تدعم طاقة الرياح البحرية إلى اتباع نهج أكثر تروّيًا، لإعطاء الأولوية لتنفيذ المشروعات مع حماية الصناعات المحلية، في حين يمارس المطوّرون وسلسلة التوريد مزيدًا من الانضباط في استثماراتهم.

ومع ذلك، من المتوقع أن يرتفع إجمالي الإنفاق على مشروعات طاقة الرياح البحرية في عام 2026، وستوفر المزادات المقبلة الأسس اللازمة للنمو المستقبلي.

5 عوامل لنجاح طاقة الرياح البحرية في عام 2026

للنجاح في التعامل مع هذا المشهد المتغير لسوق طاقة الرياح البحرية في عام 2026، ينبغي على المشاركين في السوق إيلاء اهتمام بالغ للمحاور الرئيسة الـ5 التالية:

1-الموازنة بين النشر السريع والفائدة المحلية

أشار التقرير الصادر عن شركة ويستوود غلوبال إنرجي (Westwood Global Energy) إلى أن الحكومات ستواجه تحديًا متزايدًا في عام 2026، يتمثل في الموازنة بين النشر السريع لطاقة الرياح البحرية، وتحقيق أقصى فائدة اقتصادية للصناعات المحلية.

ويُعدّ تسريع المشروعات أمرًا بالغ الأهمية لتوفير إمدادات طاقة آمنة وبأسعار معقولة، وتحقيق أهداف الطاقة النظيفة، كما يمكن أن يدعم النمو الصناعي المحلي، ولكن غالبًا بتكاليف ووقت متزايدين.

ويزداد تحقيق هذا الهدف المزدوج صعوبة؛ إذ بدأ الوجود المتزايد لشركات سلسلة التوريد الصينية في مشروعات طاقة الرياح البحرية الدولية -لا سيما في قطاع تصنيع التوربينات- بزيادة التوترات.

وقد دعا المورّدون المحلّيون الحكومات بشكل متزايد إلى اتخاذ تدابير حمائية للحفاظ على المصالح المحلية.

وفي المقابل، ينظر المطوّرون عمومًا إلى هذا التطور بإيجابية أكبر، إذ تمنحهم المنافسة المتزايدة خيارات أوسع وقوة تفاوضية أكبر.

وتتبوأ معضلة التركيز على سرعة إنجاز المشروعات أو حماية الموردين المحليين وتنميتهم مكانة مركزية، وسيؤثّر حل الحكومات لهذه المفاضلة في قرارات الاستثمار، والجداول الزمنية للمشروعات، والوتيرة العامة لنمو طاقة الرياح البحرية.

2-تحولات إستراتيجية لتحقيق قيمة أكبر

مع تباطؤ سوق طاقة الرياح البحرية، تحولت إستراتيجيات المطوّرين من النمو بأيّ ثمن إلى التركيز على القيمة بدلًا من الكمية؛ ما أدى إلى تزايد تخلّي المطوّرين عن حصصهم في المشروعات والتحول إلى هياكل الشراكة لإدارة المخاطر والتعرّض لرأس المال.

ويعكس هذا التحول توجهًا أوسع نحو التطوير التعاوني الذي يتيح مرونة مالية وقدرة تشغيلية عالية.

وتتوقع شركة "ويستوود" استمرار عمليات التخارج في عام 2026، حيث ستنسحب بعض الشركات من القطاع، في حين تسعى شركات أخرى إلى تحقيق قيمة مضافة من مشروعات أكثر تطورًا (خاصةً تلك التي تتضمن اتفاقيات شراء)، أو تقليل تعرُّضها لمشروعات ذات تكلفة عالية أو مخاطر أعلى، مثل مشروعات طاقة الرياح العائمة أو المشروعات في أسواق جديدة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- الصفقات المغلقة لمشروعات طاقة الرياح البحرية حسب السعة منذ عام 2021 حتى الوقت الحالي من عام 2025:

 الصفقات المغلقة لمشروعات طاقة الرياح البحرية حسب السعة

ومن الطرق الأخرى التي قد يسعى المطوّرون من خلالها إلى تحقيق قيمة أكبر، التركيز بشكل أكبر على تقديم الخدمات، مثل دخول شركة أورستد (Orsted) في اتفاقية مورد مفضل لتزويد شركة لوكسكارا (Luxcara) بتقنية أوسونيك لتقليل الضوضاء، بالإضافة إلى خدمات استشارية في مجالات الهندسة والمشتريات والإنشاء.

وفي الوقت نفسه، يتجاوز الفاعلون في سلسلة التوريد أدوارهم التقليدية، ليصبحوا مساهمين محتملين في المشروعات.

وتُجسّد شركة مينغ يانغ (Ming Yang) هذا التوجُّه من خلال بحثها عن فرص خارج الصين القارية، بما في ذلك الاهتمام المُعلَن بمشروعات "سكوت ويند" (برنامج تطوير مزارع الرياح البحرية في إسكتلندا)، والتعاون مع شركة بوها ويند (BuhaWind) في مشروع مزرعة رياح بحرية بقدرة 2 غيغاواط في الفلبين.

3-إيجاد الفرص في سلسلة التوريد

تحوّل قطاع طاقة الرياح البحرية عمومًا إلى نهج أكثر انتقاءً وحذرًا، بعد 4 سنوات من ارتفاع التكاليف، وفشل المزادات، وإلغاء المشروعات.

ويُركّز المطوّرون جهودهم على الجوانب الجغرافية والمالية، ما أدى إلى انخفاض عدد المشروعات التي تصل إلى قرار الاستثمار النهائي، وتستجيب سلسلة التوريد بالمثل، حيث تتراجع عن التوسع واسع النطاق أو توقفه مؤقتًا.

ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، لم تعد الشركات المصنّعة للمعدّات الأصلية الكبرى تسعى إلى توسيع نطاق عمليات التصنيع بشكل كبير؛ إذ أوقفت شركة سيمنس جاميسا (Siemens Gamesa) مصنعها للمحركات في الدنمارك، مشيرةً للحاجة إلى مزيد من الوضوح في السوق.

كما علّقت شركة فيستاس (Vestas) مصنع الشفرات المخطط له في بولندا، ما يعكس ضعف الطلب الأوروبي على الطاقة البحرية عن المتوقع.

ويطلق المصنّعون التحذير ذاته؛ إذ أفادت شركة إس آي إف (Sif) بتباطؤ في نشاط المناقصات وتأجيل أو إلغاء ترسية المشروعات، ما يسلّط الضوء على كيفية انتقال التردد على مستوى المطوّرين عبر سلسلة القيمة بأكملها.

ومع ركود السوق الأميركية، وتباطؤ النمو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتأخُّر مواعيد المزادات الأوروبية، يُفضّل الموّردون بشكل متزايد التركيز على عدد أقل من المشروعات ذات اليقين الأعلى بدلًا من تشتيت جهودهم؛ ما نتج عنه سلسلة توريد أكثر كفاءة وانضباطًا تُخصص رأس المال بعناية.

وبحلول عام 2026، سيوجِد هذا بيئة سلسلة توريد أكثر تنافسًا وتماسكًا، إذ ستتمكن المشروعات التي تحظى بدعم سياسي قوي ورؤية واضحة للإيرادات، من ضمان التزام سلسلة التوريد والمضي قدمًا بوتيرة سريعة.

مشروعات طاقة الرياح البحرية
أحد مشروعات طاقة الرياح البحرية - الصورة من موقع شركة "سيمنس"

4-الدعم المالي

سلّط تقرير "ويستوود" الضوء على فشل مزادات الدعم والتأجير الخاصة بطاقة الرياح البحرية حول العالم، خلال الأشهر الـ18 الماضية.

واختلفت الظروف الدقيقة من بلد لآخر، ولكن التحديات نفسها تكررت مرارًا وتكرارًا: بيئة تكلفة صعبة، وعدم استقرار السوق، وقبل كل شيء، عدم كفاية الدعم المالي من الحكومات.

وسيتحدد مستقبل عام 2026 جزئيًا بالإجراءات التي ستتخذها الحكومات لتحقيق النجاح.

وفي الأسواق التي تحظى فيها طاقة الرياح البحرية بدعم سياسي قوي، بدأت الحكومات بالاستجابة من خلال العودة إلى "النهج التقليدي"، أي إعادة العمل بآليات الدعم المالي نفسها التي بدأت الحكومات بتقليصها تدريجيًا في السنوات الأخيرة.

فعلى سبيل المثال: زادت المملكة المتحدة بشكل ملحوظ من مواردها المالية المتاحة لمزادات عقود الفروقات (CfD) السنوية منذ فشل جولة عام 2023، في حين تخلّت هولندا والدنمارك عن نهج "عدم الدعم"، وتُناقَش خطوة مماثلة في ألمانيا.

ولعلّ الأمر الأكثر حداثة هو لجوء الحكومات المتزايد إلى مؤسسات حكومية مستقلة لتقديم الدعم لهذا القطاع، فعلى سبيل المثال: أنشأت المملكة المتحدة شركة جي بي إنرجي (GB Energy)، التي يُرجّح أن تعمل بوصفها مطوّرًا رائدًا في مجال طاقة الرياح العائمة.

كما ألزمت تايوان شركة الكهرباء الحكومية لديها بإنشاء جهات تجميع الطلب لتحفيز الطلب على اتفاقيات شراء الكهرباء من طاقة الرياح البحرية، وأنشأت كوريا الجنوبية فئة مناقصات جديدة للمشروعات التي تُطوّرها الهيئات العامة، بحسب التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وقد يؤدي نجاح هذه المبادرات -وغيرها من المبادرات المماثلة- دورًا في تحديد مدى الحاجة إلى دعم حكومي مباشر إضافي.

5-انتعاش الاستثمارات والمزادات

على الرغم من التحديات التي يواجهها قطاع طاقة الرياح البحرية، تتوقع شركة "ويستوود" أن يتجاوز الإنفاق على مكونات هذا القطاع في عام 2026 ضعف مستويات عام 2025 (على أساس سنة منح العقود)، ما يجعله ثاني أعلى عام من حيث الإنفاق العالمي بعد عام 2023.

وسيمثّل الاستثمار في عام 2026 نقطة انطلاق لموجة استثمارية ضخمة من المتوقع أن تستمر حتى نهاية العقد.

ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الرأسمالي العالمي على مشروعات الهندسة والمشتريات والإنشاء والتركيب (EPCI) في عام 2026 (استنادًا إلى قيم العقود الممنوحة) إلى 52 مليار دولار، بقيادة الصين القارية.

توربينات الرياح البحرية
توربينات الرياح البحرية - الصورة من موقع شركة "فيستاس"

وخارج الصين القارية، ستتصدر المملكة المتحدة الإنفاق، مدفوعةً بالعقود التي تُبرَم لمشروعات فازت بعقود الفروقات في جولة التخصيص السابعة (AR7)، وتليها هولندا وألمانيا وتايوان، حيث يتركز النشاط على المشروعات المقرر تشغيلها بين عامي 2027 و2029.

وأخيرًا، من المتوقع أن تسهم المشروعات في كوريا الجنوبية واليابان، التي حصلت على عقود شراء، بشكل كبير في هذا الإنفاق.

ومن المتوقع أن تتجاوز عقود التأجير الممنوحة في عام 2026 مستويات عام 2025، حيث يُتوقع أن تصل إلى 48 غيغاواط، إلّا أن جزءًا من هذه القدرة يعكس مواقع مؤجلة أو مُعادًا طرحها للمناقصة، كما ستشهد مزادات شراء الكهرباء تقدمًا في كل من الأسواق الناضجة والناشئة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق