رئيسيةأخبار النفطنفط

آلية بيع النفط الليبي تثير أزمة.. ماذا فعلت 5 شركات؟

دينا قدري

لجأت شركات التنقيب والإنتاج المحلية إلى بند تعاقدي خاص، يمكّنها من بيع بعض النفط الليبي مباشرةً إلى شركات عالمية خلال الأشهر الأخيرة، ما يعني حصولها على عائدات النفط متجاوزةً الحكومة المركزية.

ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، باعت شركات مليتة للنفط والغاز، وأكاكوس للعمليات النفطية، وزويتينة للنفط، والخليج العربي للنفط (أجوكو) نفطًا خامًا بقيمة تزيد على 380 مليون دولار بين مارس/آذار وأكتوبر/تشرين الأول، بموجب آلية "الدفع بالوكالة"، لشركات إيني الإيطالية، وريبسول الإسبانية، وأو إم في النمساوية، وأركينو للنفط الليبية على التوالي.

وأوضحت مصادر أن هذه الآلية قانونية بموجب بند في عقود تقاسم الإنتاج يعود إلى عهد الرئيس الراحل معمر القذافي الذي يسمح للشركات ببيع النفط الخام مباشرةً لتغطية احتياجات تمويلية خاصة.

وتُنتج ليبيا نحو 1.4 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، وتستمد معظم دخلها من صادرات النفط، التي بلغت قيمتها 28.7 مليار دولار في عام 2024، وفقًا لأحدث نشرة إحصائية سنوية صادرة عن منظمة أوبك.

واجتمع رؤساء اللجنة الوطنية للإصلاحات والبنك المركزي ومكتب التدقيق والمدعي العام في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، لمناقشة آلية الدفع بالوكالة "وآثارها في الموازنة العامة للدولة"، من بين أمور أخرى.

آلية بيع النفط الليبي

تُوصف آلية "الدفع بالوكالة" لبيع النفط الليبي بأنها غير شفافة، وتفتقر إلى آليات الرقابة والتوازن، ويمكن استغلالها لتحقيق مكاسب شخصية، كما أنها تحوّل عائدات النفط بعيدًا عن البنك المركزي، الجهة المسؤولة عن ثروة ليبيا النفطية، بحسب ما نقلته منصة "آرغوس ميديا" (Argus Media).

وقال مسؤول في وزارة المالية: "تجري هذه المدفوعات بالوكالة خارج إطار وزارة المالية والبنك المركزي، ولا تُسجّل بصفتها إيرادات أو نفقات رسمية.. إنها تُستعمل بصفتها أداة غير قانونية للسيطرة على عائدات النفط".

وتبيع المؤسسة الوطنية للنفط، المملوكة للدولة التي تمتلك حصصًا في شركات التنقيب والإنتاج، إنتاجها من النفط الخام عادةً لمشترين دوليين، وتُحوّل العائدات إلى حساب وزارة المالية في البنك المركزي في طرابلس.

وتُخصّص حصص من النفط الخام لشركات النفط الدولية التي تمتلك حصصًا في هذه الشركات المشغلة، بما في ذلك إيني، وريبسول، وأو إم في، وتدفع هذه الشركات حقوق الامتياز والضرائب للدولة الليبية.

ويُعدّ النفط الخام الذي يُباع بموجب آلية الدفع بالوكالة من إنتاج ليبيا، وهو منفصل عن حصص النفط الخام المُخصّصة لشركات النفط الدولية.

وقال مصدر مطلع على الأمر: "لم يكن من المفترض استعمال هذه الآلية بهذه الطريقة قط.. لا يمكن التأكد من وجهة إنفاق هذه الأموال".

وأضاف مصدر آخر في شركة نفط ليبية خاصة: "لقد استُغلّت الآلية بصورة كبيرة الآن في ظل غياب ميزانية".

أزمة تمويل عمليات التنقيب والإنتاج

عادةً ما يعتمد المشغلون على الدولة لتمويل عملياتهم. إلا أن الانقسام السياسي في ليبيا، بوجود حكومتَيْن متنافستَيْن في الشرق والغرب، حال دون توحيد ميزانية الدولة لسنوات، ما ترك المشغلين بتمويل غير منتظم وغير كافٍ من الحكومة المركزية في طرابلس.

وأتاح الإطار السياسي المتشرذم في ليبيا لجماعات قوية، مستويات متفاوتة من السيطرة على الاقتصاد، بما في ذلك قطاع التنقيب والإنتاج.

إنتاج النفط في ليبيا
حقل النافورة في ليبيا - الصورة من وكالة رويترز

ومن الأمثلة البارزة على ذلك شركة أركينو أويل للخدمات النفطية، التي صرحت الأمم المتحدة بأنها تخضع لسيطرة صدام حفتر، نجل خليفة حفتر، قائد ميليشيات شرق ليبيا.

وأبرمت شركة أركينو عقدًا مع شركة الخليج العربي للنفط (أجوكو)، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، والمشغلة لحقلي السرير والمسلة النفطيين، لزيادة الإنتاج مقابل الحصول على مدفوعات من النفط الخام.

ويشكّك خبراء في القطاع ومحللون في قدرة أركينو على تنفيذ مثل هذه الأعمال، ويرجحون أن تكون الشركة جزءًا من مخطط غير مشروع لجمع الإيرادات، بحسب ما جاء في تقرير "آرغوس ميديا".

وذكر مصدر أن أركينو تلقت نفطًا خامًا بقيمة 200 مليون دولار بموجب آلية الدفع بالوكالة، وكانت حكومة طرابلس الليبية قد أمرت بمراجعة العقود المتعلقة بشركة أركينو في وقت سابق من عام 2025، إلا أن المحللين يشككون في جدية هذه الخطوة.

ويقول خبراء ومحللون إن استعمال آلية الدفع بالوكالة قد يؤدي إلى تفاقم الوضع واستنزاف إيرادات الدولة بصورة أكبر.

قفزة في إنتاج النفط الليبي

في سياق متصل، يشهد إنتاج النفط الليبي خطة حكومية طموحة تستهدف مضاعفته مقارنة بالمستويات الحالية، إذ سجّل الإنتاج ارتفاعًا ملحوظًا منذ بداية عام 2025، ليقترب متوسط إنتاج الخام في الأشهر الـ10 الأولى من 1.3 مليون برميل يوميًا.

ويمثّل ذلك ارتفاعًا ملحوظًا بمتوسط الإنتاج البالغ 1.07 مليون برميل يوميًا الذي سُجِّل في المدّة المماثلة من عام 2024، بحسب البيانات المتاحة لدى وحدة أبحاث الطاقة.

ومن المستهدف ارتفاع إنتاج النفط في ليبيا مجددًا إلى مستويات مليونَي برميل يوميًا بنهاية العقد الحالي، عبر تنفيذ خطة طموحة ترتكز بصورة أساسية على 8 عناصر، تتمثّل فيما يلي:

  • تطوير الحقول القائمة.
  • تطوير الحقول غير المستغلة.
  • تطوير الحقول الهامشية.
  • استكشافات جديدة.
  • تطوير حقول الغاز.
  • زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة لتوفير الغاز.
  • تطوير الموارد غير التقليدية.
  • تطوير مكامن المناطق الحدودية.

وتُشير التقديرات إلى أن حجم الاحتياطيات النفطية غير المطورة في ليبيا يصل إلى 4 مليارات برميل، بالإضافة إلى الموارد غير التقليدية الهائلة التي تبلغ نحو 18 مليار برميل من النفط الصخري، و123 تريليون قدم مكعّبة من الغاز الطبيعي.

وأسفرت اكتشافات النفط في ليبيا منذ بداية عام 2025 حتى نوفمبر/تشرين الثاني، عن إضافة 168 مليون برميل للاحتياطيات، بحسب رصد سابق أجرته وحدة أبحاث الطاقة.

ويوضح الإنفوغرافيك الآتي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز اكتشافات النفط في ليبيا خلال عام 2025:

اكتشافات النفط في ليبيا خلال 2025

وعلى صعيد آخر، توضح بيانات حكومية أن إيرادات ليبيا من بيع النفط والغاز ارتفعت إلى 86.6 مليار دينار (15.79 مليار دولار) خلال المدّة من يناير/كانون الثاني إلى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، مقارنة مع 67.8 مليار دينار (12.36 مليار دولار) في المدة نفسها من العام الماضي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. أزمة بيع النفط الليبي عبر آلية الدفع بالوكالة، من منصة "آرغوس ميديا".
  2. ركائز دعم إنتاج النفط الليبي، من وحدة أبحاث الطاقة.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق