منوعاتتقارير منوعةرئيسية

خبراء: منجم السكري محور تطوير قطاع التعدين في مصر

داليا الهمشري

يُعدّ منجم السكري للذهب أحد أهم مشروعات التعدين في مصر، ويمثّل نموذجًا عمليًا لإمكانات الثروة المعدنية غير المستغلة في البلاد، حيث أسهم في وضع البلاد على خريطة تعدين الذهب عالميًا، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة.

ولا تقتصر أهمية المنجم على إنتاج الذهب فقط، بل تمتد إلى دعم قطاع التعدين في مصر عبر توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتعزيز سلاسل القيمة المحلية، ورفع كفاءة الكوادر الفنية.

ويمثّل منجم السكري نقطة انطلاق لإعادة تقييم السياسات التعدينية، وتطوير التشريعات المنظمة للاستثمار في القطاع الحيوي، بما يتماشى مع خطط الدولة لتنويع مصادر الدخل وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية.

ولتسليط الضوء على أهمية المنجم، عقدت شعبة المحررين الاقتصاديين بنقابة الصحفيين المصريين ندوة بعنوان "منجم السكري: جبل من ذهب" بحضور عدد من الخبراء والمهتمين بقطاع الثروة المعدنية، لبحث واقع وكيفية استثمار هذا المورد الإستراتيجي المهم، ودوره في دعم الاقتصاد الوطني.

تتزامن الندوة مع جهود الدولة لتعزيز دور التعدين في الاقتصاد من خلال تحديث الأطر التشريعية وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحسين مناخ الأعمال في القطاع الحيوي، وهو ما يتطلب تكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

عوائق بيروقراطية

أوضح وزير الصناعة السابق، إبراهيم فوزي، أن الاستثمار في أعمال التنقيب عن المعادن يقوم في الأساس على المخاطرة، موضحًا أن المستثمر يبدأ العمل بعد الحصول على جميع موافقات الدولة وعلى نفقته الخاصة بالكامل، ويتحمل خسارة ما أنفقه في حال عدم التوصل إلى اكتشافات داخل المنجم.

وأضاف، في كلمته خلال الندوة، أن بعض المشروعات قد تتعطل بسبب عوائق بيروقراطية لا تستند في بعض الأحيان إلى اعتبارات علمية أو فنية واضحة، وهو ما يؤدي إلى توقُّف العمل، ويؤثّر سلبًا في مناخ الاستثمار بقطاع التعدين.

 جانب من فعاليات ندوة نقابة الصحفيين المصرية بعنوان "منجم السكري: جبل من ذهب"
جانب من فعاليات ندوة نقابة الصحفيين المصرية بعنوان "منجم السكري: جبل من ذهب"

من جانبه، لفت رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، المهندس تامر أبو بكر، إلى أن عمليات الكشف الجيولوجي عن المعادن عالميًا تحمل احتمالات نجاح منخفضة (قد لا تتجاوز 1%)، لكن مصر تمتلك مؤهلات جيولوجية جاذبة للاستكشاف والاستخراج.

وأشار أبو بكر إلى أن تطوير البنية المؤسسية داخل هيئة الثروة المعدنية من شأنه أن يدعم صناعة التعدين محليًا، مؤكدًا أن التعدين يمثّل مستقبلًا واعدًا للاقتصاد المصري، ولا سيما في ظل ما تمتلكه مصر من ثروات معدنية متنوعة.

وأوضح أن مصر تمتلك مقومات قوية تؤهلها لأن تصبح دولة رائدة في مجال التعدين، مشيرًا إلى أن طبيعتها الجغرافية المسطحة نسبيًا، مقارنًة بعدد من الدول الأخرى، تمثّل ميزة مهمة تسهّل عمليات البحث والاستكشاف والاستخراج.

وأكد أبو بكر أن المعطيات التاريخية والاقتصادية الراهنة تفرض على الدولة التوسع في قطاع التعدين، كونه أحد المصادر البديلة والمستدامة للدخل القومي.

تجربة منجم السكري

انتقد أبو بكر الدمج بين هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية، مشيرًا إلى أن الدور الأساس للهيئة يجب أن يقتصر على الجوانب الجيولوجية وإبرام الاتفاقيات، دون الانخراط في الأنشطة الصناعية.

وأشار إلى أن هيئة الثروة المعدنية تعاني من اختلالات هيكلية داخلية، في مقدّمتها ضعف الأجور، فضلًا عن غياب إنجازات ملموسة، رغم أن عدد العاملين بها يبلغ نحو 800 موظف، من بينهم قرابة 700 جيولوجي.

وتناول أبو بكر تجربة النجاح التي حققها مشروع منجم السكري، موضحًا أن النجاح جاء ثمرة إصرار الوزير المختص في ذلك الوقت على تسويق الموقع على المستوى العالمي وتحقيق جدواه الاقتصادية، رغم ارتفاع مستويات المخاطرة، وتراجع أسعار الذهب مقارنًة بمستوياتها الحالية.

وكشف أن لائحة تنفيذية جديدة تُعدّ حاليًا لتنظيم قطاع التعدين، معربًا عن أمله في أن تسهم في معالجة التحديات القائمة وإصلاح الأوضاع داخل القطاع.

ولفت إلى أنه يُشكَّل -حاليًا- مجلس إدارة جديد لهيئة الصناعة، مع العمل على إعداد كوادر مؤهلة قادرة على إدارة القطاع بكفاءة، وتأكيد الحفاظ على حقوق الدولة وتحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات وحماية الثروة المعدنية.

التعدين في مصر

قال نائب وزير البترول السابق، علاء الدين خشب، إن الدولة كانت تعمل على إعداد إستراتيجية لتطوير قطاع التعدين في مصر، بالتعاون مع إحدى الشركات العالمية، التي أكدت أن الإطار التشريعي المنظّم للتعدين في مصر لم يكن مشجعًا على الاستثمار، بسبب تداخل دور الحكومة مع المستثمر، وذلك خلال مدة تولّي المهندس طارق الملا منصب وزير البترول الأسبق.

وأضاف خشب، خلال كلمته في ندوة "منجم السكري.. جبل من ذهب"، التي عُقدت بمقر النقابة العامة للصحفيين بوسط القاهرة، أن الإستراتيجية المقترحة عند تناولها مفاهيم العلاوة والإتاوة استهدفت إخراج الحكومة من دائرة التداخل مع المستثمر، وقصر دورها على الرقابة فقط، بنسبة تصل إلى 50%.

وتابع أن منجم السكري يُعدّ من المشروعات الجاذبة للمستثمرين على مستوى العالم، لا سيما في مجال تعدين الذهب، نظرًا لطول عمر المشروع وضخامة الاستثمارات المرتبطة به، مشيرًا إلى أن المنجم يحتلّ المرتبة الـ26 عالميًا، وأن المستثمرين لمسوا التغيرات التي أحدثتها الدولة فيما يتعلق بمناخ الاستثمار في القطاع.

 جانب من فعاليات ندوة نقابة الصحفيين المصرية بعنوان "منجم السكري: جبل من ذهب"
جانب من فعاليات ندوة نقابة الصحفيين المصرية بعنوان "منجم السكري: جبل من ذهب"

وأوضح أن دولًا مثل السعودية والأردن تقدّم حوافز استثمارية للمستثمرين قد تصل إلى مليون دولار، منوهًا بأن وزير البترول نجح في تعديل القانون المنظّم للقطاع وإضافة حوافز جديدة للاستثمار، مؤكدًا أن الصحراء الغربية تزخر بثروات وخيرات معدنية واعدة.

ويُعدّ منجم السكري أكبر منجم للذهب في مصر، وقد بلغ إنتاجه منذ بدء العمل فيه أكثر من 6.2 مليون أوقية من الذهب، مع التركيز على زيادة الكفاءة التشغيلية والاستثمار طويل الأجل فيه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق