حقول الغاز في سوريا تترقب عودة شركة كرواتية
تترقب حقول الغاز في سوريا مرحلة جديدة من التعافي التدريجي، مع تحركات رسمية لإعادة شركات أجنبية إلى قطاع الطاقة، في إطار خطط حكومية تستهدف رفع الإنتاج وتحسين البنية التحتية التي تضررت بشدة خلال سنوات الحرب.
وفي هذا السياق، استقبل الرئيس التنفيذي للشركة السورية للبترول (SPC) المهندس يوسف قبلاوي -وفق بيان اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- وفدًا من شركة إينا الكرواتية، تمهيدًا لتوقيع عقد يهدف إلى تطوير معمل حيان للغاز والاستثمار في الحقول المحيطة بالمنطقة.
وتعدّ الشركة الكرواتية واحدة من الشركات الأوروبية العاملة في مجال النفط والغاز، وكان لها نشاط في سوريا قبل الحرب، وكانت من أبرز المستثمرين الأجانب في قطاع الغاز السوري، وتوقفت أعمالها مع تصاعد النزاع المسلح، قبل أن تعود اليوم ضمن مسار إعادة الانفتاح على الشركات الدولية.
يأتي الاتفاق المرتقب مع شركة إينا في إطار خطة أوسع لإعادة تأهيل وتطوير معامل وحقول الغاز في سوريا، بما يسهم في دعم الإنتاج المحلي، وتقليص الفجوة بين العرض والطلب في السوق السورية، التي تعاني نقصًا حادًا في إمدادات الطاقة.
معمل حيان للغاز
يُعدّ معمل حيان للغاز أحد أبرز منشآت معالجة الغاز الطبيعي في سوريا، ومن أهم الأصول الإستراتيجية التي شكّلت لسنوات طويلة ركيزة أساسية لإمدادات الغاز المخصصة لتوليد الكهرباء وتلبية الطلب المحلي على الطاقة، قبل أن يتعرض لأضرار جسيمة خلال سنوات الحرب.
ويقع المعمل في الريف الشرقي لمحافظة حمص، ضمن حقول الغاز في وسط سوريا، بالقرب من حقول حيان وجحار، وهي منطقة غنية بالموارد الغازية، وكانت تمثّل ركيزة أساسية لإنتاج الغاز في سوريا قبل عام 2011.
وقبل الحرب، كان معمل حيان للغاز يُعدّ من أحدث معامل الغاز في سوريا، إذ دخل الخدمة بطاقة تصميمية تراوحت بين 3 و3.7 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، إلى جانب إنتاج مكثفات غازية تُقدّر بنحو 5 آلاف برميل يوميًا، فضلًا عن إنتاج غاز النفط المسال الذي كان يلبّي جزءًا من احتياجات السوق المحلية.

وكان الغاز المعالج في المعمل يُضخّ عبر شبكة الأنابيب إلى محطات توليد الكهرباء في محافظات حمص وحماة ودمشق، ما جعله عنصرًا محوريًا في استقرار التغذية الكهربائية وتقليل الاعتماد على الوقود السائل مرتفع التكلفة.
أُنشئ معمل حيان ضمن إطار شراكة بين المؤسسة العامة للنفط السورية وشركة إينا الكرواتية، التي كانت من أبرز المستثمرين الأجانب في قطاع الغاز السوري قبل الحرب.
وشملت أعمال الشركة تطوير الحقول المحيطة، وإنشاء مرافق المعالجة، إضافة إلى وحدات استرجاع الغاز المنزلي والبنية التحتية اللازمة للتخزين والنقل، ما وضع المعمل ضمن مصافّ المشروعات المتقدمة تقنيًا في قطاع الطاقة السوري.
مع تصاعد النزاع في سوريا، تعرَّض معمل حيان للغاز لسلسلة من الاعتداءات والتخريب، أبرزها خلال الأعوام 2014–2017، حين خرج عن الخدمة عدّة مرّات، وتعرّضت وحداته للتفجير والتدمير الجزئي، ما أدى إلى توقُّف الإنتاج بشكل شبه كامل.
إنتاج الغاز في سوريا
تشير بيانات منصة الطاقة المتخصصة إلى أن إنتاج الغاز في سوريا تراجع بأكثر من 60% خلال سنوات الحرب، نتيجة خروج عدد كبير من الحقول والمعامل عن الخدمة، إضافة إلى الأضرار الواسعة التي لحقت بشبكات النقل والمعالجة.
وقال وزير الطاقة السوري محمد البشير، مؤخرًا، إن بلاده تتوقع ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي إلى نحو 15 مليون متر مكعب يوميًا بحلول نهاية العام المقبل (2026)، مقارنة بنحو 7 ملايين متر مكعب حاليًا، في إطار جهود إعادة الإعمار وتعزيز إمدادات الطاقة المحلية.
وأوضح الوزير، خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) في الكويت، أن قطاع الطاقة السوري يواجه تحديات كبيرة، في ظل تداعيات حرب استمرت 14 عامًا، وألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية، وقلّصت الإنتاج النفطي والغازي.
وبحسب تقديرات منصة الطاقة، يبلغ إنتاج سوريا من النفط نحو 100 ألف برميل يوميًا، مع وجود خطط لزيادة الإنتاج، في حال التوصل إلى حلول دائمة للمشكلات المتعلقة بالحقول الواقعة شرق نهر الفرات.
وجاء إعلان خطط عودة شركة إينا الكرواتية لحقول الغاز في سوريا بعد أيام من توقيع 4 اتفاقيات مع شركات سعودية لدعم قطاع النفط والغاز في البلاد.
وكشف المدير التنفيذي للشركة السورية للبترول يوسف قبلاوي أن العقود الموقّعة مع الشركات السعودية عبارة عن عقود خدمات ستُحدِث أثرًا ملموسًا في زيادة إنتاج الغاز، وتوفير نحو 2500 فرصة عمل جديدة للمهندسين والفنّيين والعمّال.

وأشار قبلاوي إلى أن التوقيع النهائي على بعض هذه العقود سيكون خلال شهر، ما يمهّد لدخول المشروعات مرحلة التنفيذ الفعلي، ضمن خطة تستهدف تحديث البنية التحتية ورفع كفاءة الحقول والمعامل.
وأكد قبلاوي أن هذه العقود مدفوعة الأجر، وليست اتفاقيات تقاسُم إنتاج، متوقعًا زيادة إنتاج الغاز بنسبة 25% بحلول يونيو/حزيران 2026، لترتفع النسبة إلى 50% مع نهاية العام نفسه.
وكانت الشركة السورية للبترول قد عقدت اجتماعات مؤخرًا مع شركات عربية متخصصة، من بينها دانة غاز الإماراتية، لبحث آفاق التعاون في تطوير حقول الغاز في سوريا والمنشآت السطحية، إضافة إلى اجتماع مع شركة تيتكو المتخصصة في صناعة وصيانة خزانات المشتقات النفطية.
وتعكس التحركات توجهًا رسميًا لإعادة دمج سوريا تدريجيًا في سوق الطاقة الإقليمية، مستندة إلى مواردها الغازية، والشراكات العربية والدولية، في محاولة لإعادة بناء أحد أكثر القطاعات تضررًا خلال الحرب.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
- الأبحاث الأردنية في قطاع الطاقة.. أبرز 6 تقنيات خلال 2025
- مصافي النفط في السعودية.. قدرات عملاقة تدعم ريادة التكرير العالمية
- وزير الطاقة الإماراتي: الوقود الأحفوري سيظل جزءًا من مزيج الطاقة العالمي مستقبلًا





