
أثار أمين عام أوبك هيثم الغيص، قضية مهمة تتمثّل في عدم دقة مصطلح "الوقود الأحفوري"، الذي يُستعمل بشكل شائع في ظل النقاش الدائر حول مسارات الطاقة المستقبلية.
ووفق مقال حديث حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يرى الغيص أن هذا المصطلح لا يرقى إلى مستوى المصطلحات العلمية الدقيقة، ومدى ملاءمته لوصف النفط الخام؛ إذ يُستعمل في كثير من الأحيان بوصفه إهانةً وأسلوبًا ازدرائيًا للتقليل من مصادر الطاقة.
ويُغذي هذا المصطلح فكرة أن بعض أنواع الطاقة أفضل أخلاقيًا من غيرها، ما يُحوّل النقاشات التي ينبغي أن تدور حول خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى جدل مُضلل حول استبدال مصادر الطاقة.
وشدد أمين عام أوبك على ضرورة فهم ماهية النفط، وكيف يتكون، وكيف يُستَعمل في الحياة اليومية، لإجراء مناقشات حول مسارات الطاقة المستقبلية؛ وإلا فإن الحاضر سيتعرّض للخطر باسم إنقاذ المستقبل.
أسباب عدم دقة مصطلح الوقود الأحفوري
أشار هيثم الغيص، في مقاله المنشور اليوم الإثنين 15 ديسمبر/كانون الأول 2025، إلى 3 عوامل تُبين عدم دقة مصطلح الوقود الأحفوري:
1- كلمة "وقود":
نادرًا ما يُستَعمل النفط الخام مباشرةً بوصفه وقودًا، بل يُكرر إلى آلاف المنتجات المختلفة، بعضها وقود، وكثير منها ليس كذلك.
وتُستَعمل هذه المنتجات المشتقة من النفط في جميع القطاعات الاقتصادية تقريبًا وفي كل مراحل الحياة اليومية.
وشدد الغيص على أن هذا الأمر لا يُقلل من أهمية النفط بوصفه وقودًا، ولكن حصر تعريفه في هذا السياق يُسيء فهم كيفية استعمالنا له.
وبحسب تقرير منظمة أوبك لآفاق النفط العالمية لعام 2025، ستكون صناعة البتروكيماويات المساهم الأكبر في نمو الطلب العالمي على النفط خلال المدّة 2024-2050.
2- أصل مصطلح الوقود الأحفوري:
كلمة "أحفوري" (fossil) مشتقة من الكلمة اللاتينية (fossilis)، والتي تعني "المستخرج من الحفر"؛ وكان أول استعمال موثّق لمصطلح "الوقود الأحفوري" في هذا السياق.
وأشار الأمين العام هيثم الغيص، إلى أنه ورد في ترجمة إنجليزية عام 1759 لكتاب "الأعمال الكيميائية لكاسبار نيومان"، واستُعمل لتمييز المواد المستعملة في صناعة الوقود المستخرجة من باطن الأرض عن تلك المستخرجة من سطح الأرض مثل الخشب والفحم النباتي.
كان هذا التعريف يشير إلى منهجية الاستخراج وليس إلى التركيب الكيميائي؛ وتطور العلم كثيرًا منذ عام 1759.
ولذلك، تساءل الغيص: "هل من المناسب استعمال مصطلح عفا عليه الزمن من القرن الـ18 لوصف مصادر الطاقة والسلع الحديثة؟".

3- الاختلافات الجوهرية بين التكوين الجيولوجي للأحافير والنفط:
تتضمّن عملية التحجر حفظ المواد العضوية المدفونة في الرواسب عبر الزمن الجيولوجي، لتتحول إلى مادة صلبة.
أما النفط فينتج عن مواد عضوية قديمة، تتكوّن أساسًا من العوالق (كائنات حية دقيقة أو مجهرية تنجرف مع التيارات المائية في المحيطات والمياه العذبة) والكائنات البحرية المتحللة، والتي تُدفَن تحت طبقات من الرمل والطمي والصخور.
على مدى ملايين السنين، تعمل الحرارة والضغط الشديدان الناتجان عن هذه الطبقات على تسخين هذه المواد، وتحويلها إلى هيدروكربونات، بما في ذلك النفط الخام.
وهنا، أشار الغيص إلى فرق جوهري: التحجر يعني تثبيت المواد العضوية في الحجر وحفظها؛ أما تكوين النفط فيتضمن تسخين المواد العضوية وتحويلها إلى سائل.
جدل حول مصطلح الوقود الأحفوري
قد يجادل البعض بأنه ينبغي قبول مصطلح الوقود الأحفوري -حتى لو كان قاصرًا- نظرًا إلى شيوع استعماله لوصف الفحم والنفط والغاز.
ولكن، أوضح أمين عام أوبك، في مقاله الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، أن الحجة المضادة لهذا الرأي تتمحور حول قضايا تغير المناخ، حيث يُطلب منا باستمرار الاستماع إلى العلم.
وتساءل الغيص: "هل تتوافق المصطلحات العامة مع دقة البحث العلمي؟ هل ينبغي استعمال مصطلح الوقود الأحفوري، رغم غموضه وعدم دقته، في السياق العلمي أو في مناقشات مستقبل الطاقة العالمي؟".

يقول هيثم الغيص إن عدم دقة مصطلح "الوقود الأحفوري" أدى إلى ظهور العديد من الخرافات حول النفط، من أكثرها شيوعًا الاعتقاد بأن النفط يُستخرج من عظام الديناصورات؛ وهذا غير صحيح قطعًا.
كل هذا يُؤكد وجود العديد من المصطلحات الخاطئة أو التي تفتقر إلى الدقة العلمية في قطاع الطاقة؛ فبدلًا من أن تُعكس هذه المصطلحات الواقع، فإنها تُشوّهه وتُثير الجدل.
وبناءً على ذلك، اختتم الغيص مقاله متسائلًا: أليس من الأجدر بالعالم أن يعيد النظر في مدى ملاءمة مصطلح "الوقود الأحفوري"؟
موضوعات متعلقة..
- أمين عام أوبك: نرفض الروايات المنسوبة إلينا.. ونثق بصحة توقعاتنا
- أمين عام أوبك: وكالة الطاقة تعود للواقع.. و"الهوس" بذروة النفط مجرد شعارات
- أمين عام أوبك: العالم يحتاج إلى كل مصادر الطاقة
اقرأ أيضًا..
- واردات الهند من النفط الخام ترتفع.. و3 دول عربية ضمن أكبر المصدرين
- ما هو الغاز الاصطناعي؟.. أبرز استعمالاته وأكبر المنتجين عالميًا
- هل مشروعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان مُهدَّدة؟.. 4 خبراء يتحدثون
- تكلفة مشروعات بطاريات تخزين الكهرباء تهبط عالميًا.. وإنجاز مهم في السعودية
المصدر:





