منطقة صلالة الحرة.. كيف تدعم قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان؟

أحدثت المنطقة الحرة بصلالة نقلة نوعية في قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان؛ ما ينعكس إيجابًا على اقتصاد البلد الخليجي وخططه التنموية طويلة الأجل.

وسرعان ما تحولت المنطقة الحرة في صلالة إلى مركز رئيس للبتروكيماويات، مستفيدة من موقعها الإستراتيجي، والتحفيزات الحكومية مثل الإعفاءات الضريبية، والملكية الكاملة للأجانب، لجذب الاستثمارات في الميثانول والأمونيا وغاز النفط المسال، من بين منتجات أخرى عديدة.

فبفضل موقعها الإستراتيجي ووفرة المواد الخام لديها وبنيتها التحتية العالمية وسياساتها المواتية للاستثمارات تعيد المنطقة الحرة بصلالة تعريف المشهد في قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان، وفق تفاصيل اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

كما توفّر المنطقة الحرة بصلالة منصة فاعلة لمُصنّعي المواد البتروكيماوية والمستثمرين في مراحل التصنيع والتكرير، بفضل دعم شبكة الخدمات اللوجستية المتكاملة التي تتيحها مجموعة أسياد ورؤية التنمية الوطنية لسلطنة عمان.

فمن الأمونيا والميثانول إلى البوليمرات والبلاستيك، لا تكتفي صلالة بتصدير المنتجات فحسب، بل تصدّر القدرات -كذلك- وتشكّل مستقبل عُمان بوصفها قوة صناعية تنافسية ومستدامة، تماشيًا مع رؤية السلطنة 2040 للتنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الواردات.

وجهة استثمارية رائدة

تُعدّ المنطقة الحرة بصلالة الواقعة أقصى جنوب سلطنة عمان إحدى وجهات الاستثمار الرئيسة في البلد الخليجي، وهي كيان تابع لمجموعة الخدمات اللوجستية (أسياد) العاملة تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني أو آي إيه (OIA)، وهو الصندوق السيادي الرئيس لسلطنة عمان.

وتمثّل هذه المنطقة المتاخمة لميناء صلالة حلقة وصل بين مسارات الشحن العالمية التي تربط أوروبا وآسيا وأفريقيا.

كما تتميّز ببنيتها التحتية العالمية ومناخ الأعمال المواتي جدًا، والخدمات اللوجستية المتكاملة، ما يجعلها حجر زاوية في إستراتيجية التنوع الصناعي التي تنتهجها عُمان، وعاملًا مهمًا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السلطنة.

بوابة إلى الأسواق العالمية

يبرز الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به المنطقة الحرة بصلالة بصفته إحدى أهم مزاياها التنافسية؛ إذ تقع المنطقة على امتداد مسارات الملاحة البحرية الرئيسة بين الشرق والغرب -بين روتردام وسنغافورة- ما يساعدها في الاستفادة من أكثر من 50 رحلة بحرية أسبوعيًا، ومن ثم الوصول المباشر إلى محاور التجارة العالمية.

وبالنسبة إلى منتجي المواد البتروكيماوية تُسهم المسارات البحرية تلك في تقليل مدد الرحلات وخفض التكاليف اللوجستية، والوصول إلى العملاء عبر 3 قارات من قاعدة تشغيلية واحدة.

ويُعدّ ميناء صلالة -وهو أحد أكبر مواني الشحن وأكثرها كفاءةً في الشرق الأوسط- العمود الفقري البحري للمنطقة الحرة بصلالة.

ويوفّر الميناء أرصفة متخصصة للسوائل، ومراسي للمياه العميقة، وممرًا لوجستيًا متكاملًا؛ ما يتيح نقل المنتجات البتروكيماوية بسرعة وأمان من المصنع إلى الميناء، ومنه إلى الأسواق العالمية.

بنية تحتية عالمية

تتيح المنطقة الحرة بصلالة، التي تزيد مساحتها على 12 مليون متر مربع، منافذ صناعية متكاملة الخدمات تُسهم بتلبية الشروط التقنية للتصنيع الثقيل والعمليات البتروكيماوية.

ويستفيد المستثمرون من وصول مباشر إلى الغاز الطبيعي والكهرباء والمياه المحلاة عبر شركة الغاز في صلالة وشركة نماء لخدمات ظفار وشبكات المرافق الحديثة في المنطقة.

كما تحوي المنطقة ممرًا مخصصًا لخط أنابيب يمتد بطول 4.5 كيلومترًا يربط منتجي المواد الكيماوية مباشرة بمحطة السوائل في الميناء.

وتمكّن البنية التحتية تلك من نقل المواد الخام والمنتجات النهائية بصفة مستمرة وآمنة وفاعلة من حيث التكلفة، ما يُعد ميزة فريدة للصناعات التي تتعامل مع السوائل بكميات كبيرة مثل الأمونيا وغاز النفط المسال والميثانول.

وصول مباشر إلى المواد الخام

تكمن قوة المنطقة الحرة بصلالة في قربها المكاني من المواد الخام البتروكيماوية المصنعة محليًا.

فبداخل المنطقة، تعمل شركات مثل وحدات إنتاج الميثانول والأمونيا وغاز النفط المسال التابعة لشركة أوكيو العمانية، التي تنتِج مواد أساسية مثل الأمونيا وغاز النفط المسال والميثانول.

ويتيح هذا للمستثمرين وصولًا مباشرًا وموثوقًا إلى المواد الخام الرئيسة المستعمَلة في عملية إنتاج البلاستيك واللدائن والبوليمرات والمواد الكيماوية المتخصصة.

ولذلك تبرز هناك سلسلة قيمة متكاملة جدًا تخفّض الاعتماد على الواردات، وتقلّل تكاليف الإنتاج، وتعزّز القدرة التنافسية للمُصنّعين الذين يستهدفون الأسواق الإقليمية والعالمية.

خدمات لوجستية وقدرات تصديرية

ترتبط المنطقة الحرة بصلالة ارتباطًا وثيقًا بشبكة الخدمات اللوجستية العُمانية الأوسع نطاقًا.

ولدى ميناء صلالة القدرة على التعامل مع ملايين الأطنان من الشحنات الأساسية سنويًا، بدعم من أنظمة التخزين والتحميل الحديثة.

إلى جانب ذلك يشغل مطار صلالة الذي يبعُد 20 دقيقة فقط من المنطقة الحرة، 28 رحلة دولية أسبوعيًا؛ ما يسهل حركة الشحنات والبضائع.

وتوفّر هذه الشبكة متعددة الوسائط التي تجمع بين النقل البحري والجوي والبري، حلولًا لوجستية متكاملة لمستثمري قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان، بدءًا من استيراد المواد الخام وصولًا إلى تصدير المنتَج النهائي.

ويتيح هذا مرونة تشغيلية كبيرة ووصولًا مباشرًا وسلسًا لقطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان إلى الأسواق الرئيسة في آسيا وأفريقيا وأوروبا.

وفي السياق ذاته دعّم وجود مرافق إنتاج كبرى تابعة لشركة أوكيو العمانية مناخًا مواتيًا للصناعات التحويلية في مجالات مزج المواد الكيماوية وتخزينها وتعبئتها إلى جانب الخدمات اللوجستية.

كما ترتبط المنطقة الحرة بصلالة إستراتيجيًا بسلسلة القيمة في قطاع البتروكيماويات الأوسع نطاقًا، بما في ذلك مصفاة الدقم والمجمعات الكيماوية التابعة لشركة أوكيو العمانية؛ ما يتيح تكاملًا قويًا بين عمليات الإنتاج والتصنيع والتكرير.

ويساعد هذا التناغم المستثمرين في تحقيق الاستفادة القصوى من البنية التحتية المشتركة والمرافق الموثوقة وسلاسل الإمدادات القائمة.

بيئة مواتية للاستثمار

يجعل إطار الاستثمار المفتوح في البلد العربي المنطقة الحرة بصلالة إحدى أكثر وجهات الاستثمار جاذبية في المنطقة بالنسبة إلى المشروعات في قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان.

ويتمتع المستثمرون بإعفاء من الضرائب لمدة 30 عامًا، إلى جانب انعدام الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة وحق التملك للأجانب بنسبة 100%، إلى جانب إعادة توطين الأرباح بصورة كاملة، وفق تفاصيل اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ويُسهّل مركز الخدمات المتكامل الملحَق بالمنطقة الحرة تأسيس الشركات عبر إجراءات مُبسّطة لتسجيلها، والحصول على التراخيص، والتأشيرات، والتخليص الجمركي، وتصاريح العمل.

كما يحق للمستثمرين توظيف 80% من القوى العاملة الأجنبية؛ ما يُتيح لهم الوصول إلى الخبرات المتخصصة ويضمن قابلية التوسع التشغيلي.

رؤية عمان 2040

يتسق تطوير المنطقة الحرة بصلالة مع رؤية سلطنة عمان 2040 التي تؤكّد التنوع الاقتصادي ومشاركة القطاع الخاص ونمو الصناعة المستدامة.

وتُسهم المنطقة الحرة في تحقيق الأهداف تلك عبر توسيع قاعدة التصنيع في قطاع البتروكيماويات بسلطنة عمان، وتعزيز إنتاج القيمة المضافة وجذب الشراكات العالمية التي توفّر فرص عمل وتنقل التقنيات الحديثة.

وبينما يرتكز أساس المنطقة الحرة بصلالة على قوة قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان، فإنها تتطور كذلك لتحقيق أهداف الاستدامة.

كما أن اندماج المنطقة مع مبادرات الهيدروجين الأخضر والأمونيا يجعلها حلقة وصل بين الصناعات الهيدروكربونية والتحول إلى الطاقة النظيفة.

وتضمن هذه الإستراتيجية الطموحة عمل مستثمري قطاع البتروكيماويات في نظام بيئي مربح وجاهز تمامًا للمتغيرات المستقبلية.

استثمارات مليارية

تواصل المنطقة الحرة بصلالة ترسيخ وضعها بوصفها مركزًا استثماريًا رئيسًا؛ إذ تدعم محفظة مهمة تضم 97 مشروعًا بقيمة تتجاوز 4.47 مليار ريال عماني (نحو 12 مليار دولار أميركي).

*(الريال العماني = 2.60 دولارًا أميركيًا)

وتتوزع الاستثمارات تلك على عدد من القطاعات الاقتصادية، ما يعكس جاذبية المنطقة الحرة لدى المستثمرين المحليين والعالميين على حد سواء.

وبدءًا من شهر أبريل/نيسان الماضي بدأت المشروعات الـ97 المذكورة تعكس النمو الديناميكي والتنوع الحاصلَين داخل المنطقة الاقتصادية الحرة بصلالة.

ويبرز قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان بوصفه المساهم الرئيس في نمو الاستثمارات تلك؛ إذ يمثّل 3.01 مليار ريال (8 مليارات دولار) عبر 14 مشروعًا.

وبينما يهيمن قطاع البتروكيماويات من حيث حجم الاستثمارات، تؤدي الصناعات الكيماوية كذلك دورًا حيويًا باستثمارات قيمتها 747 مليون ريال (نحو ملياري دولار).

موضوعات متعلقة..

• مصافي النفط في سلطنة عمان.. أبرز الأرقام والقدرات (إنفوغرافيك)
• حصاد قطاع النفط في سلطنة عمان خلال 2024.. بالأرقام
• مصفاة الدقم العمانية تدرس إستراتيجية تطوير جديدة من 3 محاور

اقرأ أيضًا..

• هل يتحول المغرب إلى تصدير الغاز المسال؟.. القصة الكاملة
• إنتاج الجزائر من النفط يرتفع إلى أعلى مستوى في عامين
• أوابك: 4 دول عربية تحرز تقدمًا في خطط إنتاج الهيدروجين الأخضر

المصادر..
1. المنطقة الحرة بصلالة ودعمها قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان من "إنرجي كونيكتس".
2. استثمارات قطاع البتروكيماويات في المنطقة الحرة بصلالة من عمان أوبزرفر.