التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيسلايدر الرئيسية

تقرير صادم: الحياد الكربوني في بريطانيا يهدد الحريات.. ويُنذر بانهيار اجتماعي واقتصادي

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • طاقة الرياح والطاقة الشمسية تُعدان مصدرَين منخفضي الجودة والإنتاجية من الناحية الديناميكية الحرارية
  • 40 % من الجمهور لم يتمكنوا من اختيار المصطلح الصحيح لوصف الحياد الكربوني
  • الحزب الوطني الإسكتلندي يدعو إلى إلغاء خطط فرض رسوم إضافية مقابل الطاقة
  • تطوير البنية التحتية للطاقة في المملكة المتحدة سيرفع رسوم الشبكة على فواتير المنازل

يُعد الحياد الكربوني في بريطانيا مُقدّرًا له الفشل لاعتماده على نموذج تخطيط مركزي رديء غير فعّال، وعلى مصادر طاقة ذات كفاءة حرارية متدنية لا تُلبّي احتياجات الاقتصاد البريطاني.

في كتابه "الحياد الكربوني وتهديد الحرية الإنسانية"، أوضح النائب المحافظ السابق الوزير ستيف بيكر، الحاصل على زمالة الجمعية الملكية للفنون، أن الحياد الكربوني يعتمد على نموذج التخطيط المركزي نفسه الذي فشل مرارًا وتكرارًا في القرن الـ20، وأدى باستمرار إلى انهيار اجتماعي واقتصادي وسياسي.

وأشار إلى أن هذا الفشل متأصل، فلا يُمكن لأي مجموعة من المسؤولين، مهما بلغت كفاءتهم، أن تمتلك المعرفة اللازمة لإدارة مجتمع مُعقّد، وأن التقدم في تكنولوجيا المعلومات لا يُغيّر هذا الواقع، وفق أحدث متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.

ونتيجةً لذلك، يُشكّل فرض الحياد الكربوني بتوجيه من الدولة تهديدًا مباشرًا ومتزايدًا لحرية الأشخاص في بريطانيا الحديثة.

الوقود عالي الجودة والكثيف

في كتابه "تمكين الحرية: الجذور الحرارية الديناميكية للحداثة"، أوضح مدير معهد مستقبل الطاقة بجامعة أوستن في تكساس، البروفيسور جون كونستابل، أن "الإنجازات الجوهرية للحداثة، وتوسعنا الهائل في تكوين الثروات، ومستوى حريتنا الشخصية غير المسبوق؛ لم يكن كل هذا ممكنًا إلا بفضل الوقود عالي الجودة والكثافة".

وأشار إلى أن هذا الوقود أطلق العنان لفائض هائل من الطاقة القابلة للاستعمال.

وأضاف: "وسّع هذا الفائض حريتنا الطبيعية، وحرية التصرف في العالم، وجعلنا نتقبل نجاح بعضنا البعض، ما أدى إلى ظهور الغرب الحديث كما نعرفه".

ويرى الدكتور كونستابل أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية، على النقيض من ذلك، تُعدان مصدرَين منخفضَي الجودة والإنتاجية من الناحية الديناميكية الحرارية، ما يُعيد المجتمعات إلى نمو أبطأ وهشاشة أكبر وقوة اقتصادية متجددة لمالكي قطاع الطاقة.

واستنادًا إلى البيانات التاريخية، حذر كونستابل من أن "سياسة الطاقة البريطانية تعني أننا نواجه الآن خيارًا صعبًا: إما تصحيح السياسات المُتعثرة واستئناف استهلاك الوقود الأحفوري لحماية ما تبقى من الثروة والحرية، وإما استمرار استعمال طاقة الرياح والطاقة الشمسية".

وأوضح أن هذا يُؤدي إلى عودة مؤلمة إلى الهياكل الاجتماعية غير الليبرالية لما قبل عصر الوقود الأحفوري.

مزرعة رياح بمقاطعة ويلزي في بريطانيا
مزرعة رياح بمقاطعة ويلز في بريطانيا - الصورة من صحيفة إندبندنت

يأتي نشر هذه التقارير في الوقت الذي تُصدر فيه مجموعة حملة "نت زيرو ووتش" بحثًا جديدًا من المؤسسة الاستشارية المستقلة للرأي العام (دلتابول) يُظهر أن الجمهور يُدرك بصورة متزايدة هذه التحديات الكامنة التي أوجدتها أجندة حكومة المملكة المتحدة لتحقيق الحياد الكربوني.

وتشمل النتائج الرئيسة ما يلي:

إدراك الجمهور مفهوم الحياد الكربوني والثقة بالحكومة:

يُلقي 52% من الجمهور باللوم على ارتفاع فواتير الطاقة وأسعار المواد الغذائية في ازدياد تكلفة المعيشة.

وقال 41% فقط من الجمهور إنهم يشعرون بالثقة بقولهم إنهم يفهمون معنى الحياد الكربوني، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وعند عرض مجموعة من التعريفات المختلفة، لم يتمكن 40% من الجمهور من اختيار المصطلح الصحيح لوصف الحياد الكربوني. ورأى 10% أنه يعني خفض التضخم إلى الصفر، في حين رأى 7% أنه يعني خفض مستويات الهجرة بصورة كبيرة.

وأعرب 48% من الجمهور عن عدم ثقتهم إطلاقًا أو عدم ثقتهم تمامًا بقدرة الحكومة على تحقيق الحياد الكربوني في الوقت المحدد، في حين أعرب 19% فقط عن ثقتهم.

وعند سؤالهم عن الأولوية القصوى للحكومة فيما يتعلق بسياسة الطاقة، اختار الناخبون بأغلبية ساحقة إمدادات آمنة وموثوقة (37%) وخفض التكاليف (36%).

وقال 13% فقط إنه يجب علينا تحقيق هدف الحياد الكربوني في أسرع وقت ممكن.

التأثير المُتصوَّر في الحرية الشخصية:

يقول 52% من الجمهور إنهم سيشعرون بحرية أقل إذا أصبحت الرحلات بهدف الترفيه والعطلات أكثر تكلفةً وتقلبًا.

وقال 51% إنهم سيشعرون بحرية أقل إذا ارتفعت أسعار اللحوم ومنتجات الألبان ومنعتهم من استهلاكها.

من ناحية ثانية، قال 50% إن تدفئة منازلهم لدرجة الحرارة التي يرغبون فيها أصبحت باهظة الثمن.

وقال مؤلف كتاب "تمكين الحرية: الجذور الديناميكية الحرارية للحداثة"، الدكتور جون كونستابل: "إن الحريات التي نعدّها اليوم أمرًا مسلمًا به، مستمدة من الخصائص الديناميكية الحرارية المذهلة للوقود الأحفوري وإنتاجيته".

وأضاف: "لم يقتصر الأمر على توسيع حريتنا المادية، بل سمح، منذ منتصف القرن الـ17 فصاعدًا، للحضارة الغربية بتطوير تعقيدها ومرونتها الاستثنائيين، بالإضافة إلى التسامح المتبادل مع العمل الحر الذي نسميه الحرية".

وأشار إلى أن "الحياد الكربوني في بريطانيا يقلب هذا المنطق رأسًا على عقب؛ فهو يطلب منا إدارة مجتمع متقدم باستعمال مصادر طاقة غير منظمة ورديئة الجودة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، التي لم تُنتج سوى مجتمعات هشة وفترات قصيرة جدًا من الثراء والحرية".

وقال مؤلف كتاب "الحياد الكربوني وتهديد الحرية الإنسانية"، ستيف بيكر: "لطالما فشل التخطيط المركزي الاقتصادي، والحياد الكربوني يعتمد عليه. لا يمكن لأي حكومة، حتى لو كانت كفؤة، اكتساب المعرفة اللازمة لتوجيه حياتنا واستثماراتنا".

وأوضح أن "العواقب متوقعة: تراجع الرخاء، وتزايد الإكراه، وصعوبة متزايدة في السعي وراء السعادة".

وأردف: "إذا ثابرنا فعلينا أن نتوقع بريطانيا أفقر وأضعف وأقل تسامحًا بكثير".

منصات استكشاف النفط في بحر الشمال البريطاني
منصات استكشاف النفط في بحر الشمال البريطاني – الصورة من يورونيوز

دعوة لإلغاء خطط زيادة فواتير الطاقة

أكّد الحزب الوطني الإسكتلندي ضرورة إلغاء رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، خطط فرض رسوم إضافية على الإسكتلنديين بقيمة 108 جنيهات إسترلينية (143.67 دولارًا) مقابل الطاقة، متعهدًا بأن الاستقلال سيؤدي إلى انخفاض الفواتير.

(جنيه إسترليني = 1.33 دولارًا أميركيًا)

وأوضح أن "الأسر البريطانية ستتأثر سلبًا بارتفاع تكاليف تطوير البنية التحتية".

بدورها، وافقت هيئة تنظيم الطاقة في المملكة المتحدة أوفغيم (Ofgem) على استثمار أولي بقيمة 28 مليار جنيه إسترليني لتطوير البنية التحتية للطاقة في المملكة المتحدة، لكنها كشفت عن أن هذه الخطوة سترفع رسوم الشبكة على فواتير المنازل.

لكنّ زعيم الحزب الوطني الإسكتلندي في وستمنستر، ستيفن فلين، صرّح بأنّ حكومة حزب العمال البريطانية يجب ألا تلجأ إلى فرض رسوم باهظة على الإسكتلنديين مقابل الطاقة التي "تتوفر بكثرة" في البلاد.

وقال فلين: "يجب على كير ستارمر إلغاء خطط حزب العمال لفرض رسوم إضافية على فواتير الطاقة للأسر الإسكتلندية بقيمة 108 جنيهات إسترلينية، في أحدث خيانة لحكومة حزب العمال بشأن فواتير الطاقة.

وأضاف: "من المؤسف أن حزب العمال قد زاد حاليًا الفواتير بمقدار 487 جنيهًا إسترلينيًا أكثر مما وعد به، مع توقع زيادات أخرى في الأشهر المقبلة".

وتابع: "تُعد إسكتلندا دولة غنية بالطاقة، لكن كير ستارمر يُجبر الأسر الإسكتلندية على دفع مبالغ طائلة مقابل مورد لدينا بوفرة، في حين يُلغي آلاف الوظائف في قطاع الطاقة الإسكتلندي، تمامًا مثل رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر في عصرنا الحديث".

وقال: "إنها طاقة إسكتلندا، وهذا يُظهر لماذا تحتاج إسكتلندا إلى بداية جديدة مع الاستقلال حتى تتمكن العائلات من الاستفادة بصورة صحيحة من ثروة إسكتلندا الهائلة من الطاقة".

وأكد أنه "يجب على حكومة حزب العمال إيجاد طرق أخرى لتمويل رسوم الشبكة المتزايدة بنفسها، بدلًا من زيادة فواتير الطاقة للعائلات الإسكتلندية مرة أخرى.

مقترحات مختلفة لخفض فواتير الطاقة

طرح الحزب الوطني الإسكتلندي مقترحات مختلفة لخفض فواتير الطاقة، بما في ذلك فرض ضريبة على البنوك كما هو منصوص عليه في وثيقة معهد أبحاث السياسات الاقتصادية.

خلال الانتخابات العامة في المملكة المتحدة، وعد حزب العمال الناخبين بخفض فواتير الطاقة بمقدار 300 جنيه إسترليني.

في ذلك الوقت، كان سقف سعر الطاقة(EPC) 1568 جنيهًا إسترلينيًا سنويًا، وللوفاء بالتزامهم، سيحتاجون إلى خفض سقف سعر الطاقة إلى 1268 جنيهًا إسترلينيًا أو أقل.

وبدلًا من ذلك، فإن فواتير الطاقة حاليًا ارتفعت بمقدار 487 جنيهًا إسترلينيًا مما وعد به حزب العمال.

وقد زاد سقف سعر الطاقة بمقدار 187 جنيهًا إسترلينيًا منذ تولي حزب العمال السلطة، ويبلغ حاليًا 1755 جنيهًا إسترلينيًا.

وأكدت هيئة تنظيم الطاقة في المملكة المتحدة (أوفغيم) أن سقف أسعار الطاقة سيرتفع مجددًا في يناير/كانون الثاني المقبل، للمرة الخامسة في عهد حزب العمال، بنسبة 0.2%، مع أن التأثير سيكون أشد في الأسر التي تستهلك كهرباء أكثر من الغاز، نظرًا إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بمعدلات أعلى.

الحياد الكربوني في بريطانيا

وبدءًا من أبريل/نيسان المقبل، من المتوقع أن ترتفع فواتير الطاقة مجددًا للمرة السادسة في عهد حزب العمال بنسبة تتراوح بين 2% و4%.

وأشار الحزب الوطني الإسكتلندي، يوم الإثنين 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إلى أن فواتير الطاقة المنزلية قد تكون أرخص بمقدار الثلث في إسكتلندا المستقلة.

من ناحيته، أوضح رئيس وزراء إسكتنلندا، جون سويني، بأن إسكتلندا قد تكون "أفضل حالًا مع الاستقلال"، مضيفًا أن مغادرة المملكة المتحدة ستضع (طاقة إسكتلندا في أيدي الإسكتلنديين)".

واستغل سويني خطابًا في مدينة غلاسكو لتحذير كير ستارمر من أنه إذا لم يتخذ إجراءً بشأن الضريبة التي تدفعها شركات الطاقة، فقد يسير رئيس الوزراء على خطى مارغريت تاتشر ويصبح "مدمرًا ثانيًا للصناعة".

وأضاف أن صناعة النفط والغاز في المملكة المتحدة -التي تتمركز بصورة كبيرة في شمال شرق إسكتلندا- (أصبحت عاجزة) بسبب ضريبة أرباح الطاقة.

وتماشيًا مع شعار سابق للحزب الوطني الإسكتلندي حول "نفط إسكتلندا"، قال سويني إنه مع التحول إلى الطاقة المتجددة، أصبح "طاقة إسكتلندا".

وأشار إلى أن مغادرة المملكة المتحدة ستسمح لإسكتلندا باستعمال "ثروتها من الطاقة لتحقيق تحول حقيقي في مجتمعنا واقتصادنا".

وقال سويني إن التحليل الذي أُجري لصالح هيئة تنظيم الطاقة في المملكة المتحدة (أوفغيم) أشار إلى أن "اتباع نهج سياسي مختلف سيُمكّن إسكتلندا من الحصول على أدنى أسعار جملة للكهرباء في أوروبا الغربية".

وأوضح أن هذا، إلى جانب إلغاء "التكاليف غير الضرورية مثل ضريبة الطاقة النووية في المملكة المتحدة"، يمكن استعماله "لتوفير فوائد جمة هنا في إسكتلندا".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

  1. تقارير جديدة تُحذّر من أن الحياد الكربوني "محكوم عليه بالفشل هيكليًا"، حيث تُظهر استطلاعات رأي جديدة فقدان ثقة الناخبين من "نت زيرو ووتش".
  2. ستيفن فلين حثّ كير ستارمر على إلغاء خطط زيادة فواتير الطاقة بمقدار 108 جنيهات إسترلينية، من صحيفة ذا ناشونال الإسكتلندية.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق