قطاع النفط والغاز في ليبيا والعراق يجذب شركات طاقة كبرى
دينا قدري

عاودت شركات طاقة كبرى الاهتمام بقطاع النفط والغاز في ليبيا والعراق، وسط عوامل جذب مهمة رغم استمرار العقبات السياسية والتشريعية والأمنية.
ووفق قاعدة بيانات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعهّدت شركات طاقة أميركية وأوروبية رائدة -في مقدمتها إكسون موبيل وشيفرون وبي بي وتوتال إنرجي- بالعودة إلى هاتين الدولتين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد عقود من الصراع، وإن كان بوتيرة مختلفة.
وتُعيد الآفاق الواعدة، والانسحاب الضمني من التزامات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وشروط العقود الأكثر ملاءمة، شركات الطاقة الكبرى إلى ليبيا والعراق.
ورغم استمرار عدم اليقين في الدولتين، يرى المحللون أن الشركات العالمية تسعى إلى اتخاذ قرار استثماري في الوقت الحالي، ثم بحث كيفية التعامل مع العقبات في وقتٍ لاحق.
قطاع النفط والغاز في ليبيا
في مثال واضح على عودة شركات الطاقة الكبرى، أكد الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون، مايك ويرث، خلال يوم المستثمرين في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، إجراء مناقشات مع مسؤولين في ليبيا والعراق.
وقال ويرث: "هناك اهتمام كبير من جانب الحكومة.. مجموعة الشروط المالية أكثر جاذبية اليوم مما كانت عليه في الماضي".
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، بدأت ليبيا بطرح 22 مربعًا، نصفها بحرية، للاستكشاف والتطوير، ليكون بمثابة أول جولة مزايدة منذ عام 2007.
ومعظم هذه المربعات "جذابة للغاية"، وفقًا للخبير المخضرم في الشأن الليبي جلال حرشاوي.
وصرّح حرشاوي بأنه نظرًا إلى كون هذه أول جولة مزايدة في ليبيا منذ 18 عامًا؛ فإن العروض المقدمة تُعَد من بين الأفضل في البلاد، بحسب ما نقلته منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايتس" (AGBI).
وأضاف: "سواء كنت عملاقًا غربيًا أو عملاقًا شرقيًا، لا يمكنك حقًا تقبُّل سيناريو فوز الآخرين واستبعادك".
وأوضح الخبير أن الاهتمام والوجود المتزايد لشركات الطاقة من الصين وروسيا وتركيا والهند في ليبيا، والتي عادةً ما تكون أكثر قدرة على تحمل المخاطر، يُزيد من الضغط على منافسيها الغربيين.
ولإضفاء مزيد من الإثارة، شهدت شروط تقاسم الإيرادات تحسنًا ملحوظًا منذ عام 2007؛ إذ ارتفعت حصة الشركات من نسبة نموذجية تتراوح بين 6 و8% إلى ما بين 25 و30%، مع إمكان رفعها إلى ما يقرب من 40% خلال السنوات الـ5 إلى الـ7 الأولى، وفقًا لـ"حرشاوي".

قطاع النفط والغاز في العراق
من جانبها، أدركت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، المزايا الاقتصادية والسياسية للعمل مع شركات أميركية كبرى في مشروعات الطاقة، وفقًا للمحللين.
وتشهد الشروط التعاقدية تحسنًا ملحوظًا لأصحاب المصلحة الأجانب؛ ففي فبراير/شباط 2025، وقّعت شركة بي بي (BP) اتفاقية لتطوير 4 من أكبر حقول النفط والغاز في كركوك بشمال العراق، والتي كانت قد انسحبت منها.
وكتب الشريك الإداري في شركة الاستشارات "3 تن 32 أسوشيتس" (3TEN32 Associates) رعد القادري، على موقع المجلس الأطلسي في أكتوبر/تشرين الأول 2025، أن "المنطق التجاري" للشركات "مباشر".
وقال القادري: "قليلٌ من الأماكن يُمكنها مُضاهاة مزيج العراق، من انخفاض تكاليف الاستخراج والاحتياطيات الضخمة".
وانتقل العراق من اتفاقيات الخدمات الفنية التي مضى عليها 15 عامًا إلى اتفاقيات تقاسم أرباح أكثر سخاءً؛ ما يسمح لشركات النفط بتسجيل احتياطياتها في ميزانياتها العمومية.
وأضاف القادري: "هذه ليست مجرد شروط أفضل؛ بل هي اتفاقيات مختلفة جذريًا من شأنها تحسين صافي أرباح شركات النفط".
وقالت الزميلة الأولى في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى نُعام ريدان، إن العراق عانى لسنوات لدفع الرسوم الثابتة لكل برميل للشركات بموجب العقود القديمة.
وأضافت: "إذا أراد العراق زيادة الإنتاج وجذب مزيد من الاستثمارات إلى بنيته التحتية للطاقة، فهو بحاجة إلى شروط تجارية جديدة".
كما قالت: "تذكروا أنه لا توجد عقود مُلزمة حتى الآن، ولكن من الجيد رؤية رغبة هذه الشركات الكبرى في العودة".

عقبات الاستثمار في ليبيا والعراق
ما يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين في كل من ليبيا والعراق، ما قد يثير المخاوف من عودة استثمارات شركات الطاقة الكبرى في الدولتين.
ولم تُسفر الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، عن تشكيل حكومة جديدة بعد، وهي عملية قد تستغرق أسابيع أو حتى أشهرًا.
وقالت نُعام ريدان: "الوضوح السياسي ضروري.. حكومة تصريف الأعمال لا تملك الصلاحيات الكافية لاتخاذ القرارات بشأن العقود".
ولا تزال ليبيا منقسمة بين حكومة معترف بها دوليًا في طرابلس وإدارة منافسة في شرق البلاد؛ حيث تقع بعض المناطق المطروحة في المزاد؛ ويهدد قانون صدر عام 2023 عن المجلس التشريعي الأخير بإبطال أي عقود تُوقع قبل الانتخابات الوطنية.
وقال جلال حرشاوي: "لن تُجرى انتخابات بحلول موعد نشر نتائج العطاءات في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2026؛ لذا فإن أحد الجوانب المثيرة للاهتمام هو كيف ستتعامل الشركات الغربية مع هذا الأمر".
لا تزال التحديات الأمنية وتهديدات الميليشيات المسلحة قائمة في كلا البلدين؛ ولكن بالنسبة للشركات الغربية الكبرى، يبدو أن النهج هو مجرد القيام بالأمر والقلق بشأنه لاحقًا.
وقال حرشاوي: "وجهة نظرهم هي: ندخل بأفق زمني يتراوح بين 15 و30 عامًا؛ فإذا مررنا بعامين صعبين، وبعد ذلك سارت الأمور على ما يرام؛ فإن الأمر لا يزال يستحق العناء".
موضوعات متعلقة..
- النفط والغاز في ليبيا.. 3 شركات عالمية تجدد اهتمامها بالاحتياطيات الضخمة
- التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا يترقب عودة شركتين عالميتين بعد غياب 18 عامًا
- حقول النفط والغاز في العراق.. ملف خاص عن "كنز" الاحتياطيات والإنتاج
اقرأ أيضًا..
- التحول الرقمي في قطاع النفط والغاز قد يحقق وفورات 320 مليار دولار
- الغاز المسال الروسي في مرمى الأوروبيين.. وجهود للاستغناء عنه بجدول زمني جديد (مقال)
- تخزين الهيدروجين تقنية حديثة واعدة لتشغيل شبكات الكهرباء الصغيرة (تقرير)
- أستراليا تختبر واقعية مدى السيارات الكهربائية.. و4 علامات تجارية تخفق
المصدر:





