خريطة مصافي النفط في سلطنة عمان.. بالأرقام
سامر أبووردة

تشهد مصافي النفط في سلطنة عمان توسعًا نوعيًا يعكس التحول العميق الذي تشهده البلاد في سياساتها الطاقية، مع تركيزها على تطوير منظومة التكرير لتحقيق أقصى قيمة مضافة من الخام.
وتبرز هذه الجهود بوصفها ركيزة أساسية في إستراتيجية التنويع الاقتصادي العماني، ضمن رؤية "عمان 2040"، التي تستهدف بناء قطاع طاقي متكامل ومستدام.
ووفقًا لبيانات حديثة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ارتفعت الطاقة التكريرية الإجمالية لمصافي النفط في سلطنة عمان خلال عام 2024 إلى 534 ألف برميل يوميًا، بعد تشغيل مصفاة الدقم رسميًا، ما جعل البلاد من أبرز مراكز التكرير في منطقة الخليج.
وتعتمد المصافي العمانية على أحدث التقنيات في مجال الحدّ من الانبعاثات وتحسين جودة المشتقات، وهو ما أكسب منتجاتها تنافسية متزايدة في الأسواق الآسيوية.
وتشرف شركة أوكيو للمصافي والصناعات البترولية (OQ) المملوكة للحكومة على مصافي النفط في سلطنة عمان والمجمعات البتروكيماوية وشبكات النقل والتصدير، بما يضمن تكامل السلسلة الإنتاجية من المنبع إلى السوق.
مصفاة الدقم
تمثّل مصفاة الدقم، الواقعة في محافظة الوسطى على مساحة تصل إلى 900 هكتار (أكثر من 2000 فدان)، أكبر مصافي النفط في سلطنة عمان، إذ دخلت مرحلة التشغيل التجاري في 7 فبراير/شباط 2024 بطاقة 230 ألف برميل يوميًا، لتصبح أحد أكبر المشروعات النفطية المشتركة في منطقة الخليج.
والمشروع ثمرة شراكة متكافئة بين مجموعة أوكيو العمانية وشركة البترول الكويتية العالمية بقيمة استثمارية بلغت 9 مليارات دولار.
وهذا جعل "الدقم" أول مصفاة خليجية تعتمد على النفط الخام المستورد في عملياتها، إذ تستعمل مزيجًا من الخام الكويتي بنسبة 65% والعماني بنسبة 35%، مع خطط لتوسيع قاعدة الإمدادات شملت خامات من العراق (البصرة الثقيل) وغرب أفريقيا، بما يعزز مرونة التشغيل.

ويشمل إنتاج المصفاة نحو 130 ألف برميل يوميًا من الديزل، و61 ألفًا من النافثا، و22 ألفًا من وقود الطائرات، و15 ألفًا من غاز النفط المسال.
وتدير المشروع شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية (أوكيو 8)، التي تخطط لرفع الطاقة التشغيلية إلى نحو 280 ألف برميل يوميًا من 255 ألف برميل يوميًا، إذ تعمل المصفاة حاليًا بـ110% من طاقتها التصميمية دون الحاجة إلى استثمارات إضافية، ما يدلّ على كفاءة التشغيل العالية.
وتدرس الشركة زيادة الإنتاج بنحو 10% إضافية، ليصل إلى 120% من طاقتها، لكن ذلك يعتمد على الجدوى الاقتصادية.
وتشمل إستراتيجيتها تعديل خريطة الإنتاج بزيادة إنتاج البنزين ومادة "الريفورمات" وخفض إنتاج النافثا وغاز النفط المسال بما يتلاءم مع الطلب العالمي.
وفي أغسطس/آب 2025، سجلت المصفاة أعلى صادرات شهرية منذ التشغيل بواقع 295 ألف برميل يوميًا، واحتفلت في يوليو/تموز من العام ذاته بتصدير الشحنة رقم 500 من منتجاتها، ما يعكس قدرتها التشغيلية العالية ومساهمتها الكبرى في تعزيز صادرات البلاد من المنتجات النفطية.

مصفاة صحار
تُعدّ مصفاة صحار ثانية أكبر مصافي النفط في سلطنة عمان، وبدأت عملياتها التجارية عام 2007 بطاقة تكريرية أولية بلغت 116 ألف برميل يوميًا، وبعد تنفيذ مشروع تطوير ضخم عام 2019 بقيمة 2.7 مليار دولار رُفِعت طاقتها إلى 198 ألف برميل يوميًا، ما أسهم في زيادة إنتاج الوقود بنسبة 70%.
كما أسفر المشروع عن رفع إنتاج الديزل 90%، والبنزين 37%، والكيروسين ووقود الطائرات بنحو 93%، وغاز النفط المسال بنسبة مماثلة.
وتُعدّ مصفاة صحار، الواقعة بمحافظة شمال الباطنة، محورًا أساسيًا في منظومة التكرير الوطنية، إذ تغذّي مجمع البتروكيماويات المجاور الذي ينتج البولي بروبيلين والمركبات العطرية، ما يعزز التكامل الصناعي بين قطاعات الطاقة والصناعة التحويلية.
وخضعت المصفاة لعمليات صيانة شاملة خلال عام 2023، لتعود إلى التشغيل الكامل في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وقد أسهمت عمليات التطوير في رفع كفاءتها التشغيلية وتقليص الانبعاثات، مع ضمان استقرار الإمدادات للسوق المحلية.

مصفاة ميناء الفحل
تُمثّل مصفاة ميناء الفحل في مسقط النواة الأولى لقطاع التكرير، إذ تعدّ أقدم مصافي النفط في سلطنة عمان.
بدأت المصفاة العمل في عام 1982 بطاقة 50 ألف برميل يوميًا، قبل رفعها إلى 106 آلاف برميل يوميًا منذ عام 2007، بحسب بيانات المشروع لدى منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم قِدمها النسبي، فإنها ما تزال تؤدي دورًا أساسيًا في تزويد العاصمة والمناطق الساحلية بالبنزين والديزل ووقود الطائرات.
وشهدت المصفاة تحديثات متكررة لخفض انبعاثات الكبريت وتحسين كفاءة الطاقة، وخضعت لصيانة شاملة في عام 2023 أعقبتها عودة التشغيل في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته.
الإنفوغرافيك التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- يستعرض الطاقة التكريرية لمصافي النفط في سلطنة عمان:

إنتاج مصافي النفط في سلطنة عمان
سجّلت مصافي النفط في سلطنة عمان إنتاجًا بلغ نحو 209 ملايين برميل (571 ألف برميل يوميًا) في عام 2024، توزعت كما يلي:
- مصفاة الدقم: 86 مليون برميل.
- مصفاة صحار: 85 مليون برميل.
- مصفاة ميناء الفحل: 34 مليون برميل.
- محطة صلالة لإنتاج غاز النفط المسال: 4 ملايين برميل.
وهيمنت منتجات الديزل على الحصة الكبرى بنسبة 34% من إجمالي الإنتاج، تلتها النافثا بنسبة 18%، ووقود الطائرات 12%، وشملت باقة المشتقات الأخرى، غاز النفط المسال (5%)، والوقود العادي (بنزين 91) نحو 7%، والوقود الممتاز (بنزين 95) نحو 6%، ثم كوك النفط والبروبلين 4% و2% على التوالي.
أمّا المبيعات المحلية، فبلغت 45.9 مليون برميل خلال 2024، توزعت على مصفاة صحار (44.7 مليون برميل)، وميناء الفحل (0.7 مليون برميل)، وصلالة (0.4 مليون برميل). وتصدرت النافثا قائمة المبيعات المحلية بنسبة 28%، تلتها مشتقات البروبلين والديزل والبنزين.
وتُعدّ سلطنة عمان مصدرًا صافيًا للمنتجات النفطية، إذ بلغت صادراتها 122 مليون برميل (333 ألف برميل يوميًا) في عام 2024، منها 85.8 مليون برميل من مصفاة الدقم، و32.4 مليونًا من صحار، و3.8 ملايين من صلالة.
وتنوعت الصادرات بين الديزل (57 مليون برميل) والنافثا (24.7 مليونًا) ووقود الطائرات (20.3 مليونًا) وكوك النفط (7.5 ملايين برميل)، بحسب بيانات قطاع النفط العماني لدى منصة الطاقة.
في المقابل، لم تتجاوز واردات السلطنة مليوني برميل فقط، تركزت في غاز النفط المسال (54%) ومخلّفات التصفية والميثانول ومكونات البنزين.
ويُبرز هذا الفارق الكبير مدى كفاءة مصافي النفط في سلطنة عمان، التي نجحت في تلبية الطلب الداخلي مع فائض مخصص للتصدير.

مستقبل مصافي النفط في سلطنة عمان
تواصل مسقط ترسيخ حضورها في سوق التكرير الإقليمية، مع تحقيق توازن دقيق بين تأمين احتياجاتها الداخلية وتعظيم العائد من الصادرات، لتغدو مصافي النفط في سلطنة عمان شاهدًا على تحوّل الصناعة النفطية الخليجية نحو كفاءة أعلى واستدامة أوسع.
وتتّسق سياسات التكرير في سلطنة عمان مع رؤية 2040، التي تركّز على التحول نحو اقتصاد متنوع ومستدام.
وتعتمد مصافي النفط في سلطنة عمان على حلول تقنية متقدمة تشمل وحدات استرجاع الحرارة وأنظمة تدوير المياه الصناعية، إضافة إلى إدخال الهيدروجين في بعض العمليات لتقليل الانبعاثات.
وتُعدّ سلطنة عمان من أوائل الدول الخليجية التي دمجت مصافيها في منظومة استدامة شاملة تشمل استغلال الغاز في توليد الكهرباء، ما يعزز كفاءة استهلاك الطاقة.
وبينما تتجه الأسواق العالمية نحو خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، تُمثّل تجربة سلطنة عمان في تطوير قطاع التكرير نموذجًا فريدًا في الموازنة بين متطلبات التحول الطاقوي والاحتفاظ بمكانة تنافسية في الأسواق الدولية.
موضوعات متعلقة..
- مصافي النفط في سلطنة عمان.. أبرز الأرقام والقدرات (إنفوغرافيك)
- حصاد قطاع النفط في سلطنة عمان خلال 2024.. بالأرقام
- مصفاة الدقم العمانية تدرس إستراتيجية تطوير جديدة من 3 محاور
نرشّح لكم..
المصدر:





