التدفئة المركزية تفتح فرصًا لتعزيز كفاءة الطاقة.. و3 محاور تدعمها
تغطي 10% من احتياجات المباني عالميًا
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي
أصبحت التدفئة المركزية أداة مهمة لمواجهة ارتفاع الطلب على الكهرباء، إلى جانب تعزيز استهلاك الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات.
وحاليًا، تغطي هذه الشبكات نحو 10% من احتياجات المباني للتدفئة عالميًا، مع حصص أكبر في شمال أوروبا وشرقها والصين.
ورغم أن 90% من إمدادات التدفئة المركزية تعتمد على الوقود الأحفوري، فإن تحديث البنية التحتية يفتح فرصًا أمام دمج الطاقة المتجددة، لتصبح المدن قادرة على استغلال الموارد المتاحة بكفاءة وتقليل الهدر.
ويرى تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، أن وضع السياسات الموائمة والتخطيط الشامل قد يحول هذه الشبكات إلى نموذج يُسهم في تحقيق تحول الطاقة وخفض الانبعاثات والتكاليف.
وتعود جذور التدفئة المركزية إلى أكثر من 150 عاماً، إذ تطورت من أنظمة تعتمد على الوقود الأحفوري لتوليد البخار إلى منظومات متقدمة تربط بين مصادر طاقة متعددة وحلول تخزين حديثة، مع قدرة على توفير التدفئة والتبريد بكفاءة عالية.
التدفئة المركزية في المدن
سلّط تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية الضوء على الفرص الناشئة أمام التدفئة المركزية، ودورها في مواكبة التغيرات بقطاع الطاقة العالمي ودعمه.
وأوضح أن هذه الشبكات تتيح دمج الطاقة المتجددة وغيرها من المصادر منخفضة الانبعاثات، مثل الطاقة الحيوية والطاقة الشمسية الحرارية والطاقة النووية والطاقة الحرارية الأرضية؛ لكن سيبقى ذلك مرهونًا بالتحديثات المستمرة للأنابيب والمحطات وأنظمة التحكم.
فالتدفئة المركزية تمثّل التقنية الأكثر كفاءة، وأحيانًا الوحيدة، لاستغلال تدفقات الحرارة التي كانت ستُهدر، وهو ما يعزّز كفاءة الطاقة.
كما أن الشبكات الحديثة قادرة على العمل عند درجات حرارة منخفضة، ودمج مصادر متنوعة من الحرارة، مع تقليل الهدر في التوزيع.
بالإضافة إلى ذلك، تتيح المضخات الحرارية رفع درجات الحرارة المنخفضة لتصبح صالحة للتوزيع، ما يتيح استغلال مصادر، مثل مياه الصرف الصحي ومياه المناجم المهجورة.
كما قد تتحول مراكز البيانات وأجهزة التحليل الكهربائي للهيدروجين إلى مصادر حرارية قيمة.
فقد أشار التقرير إلى أن معظم الكهرباء المستهلكة في مراكز البيانات قد تتحول إلى حرارة، مع إمكان استرداد 70-80% عبر المضخات الحرارية، إذ تقع غالبيتها قرب المدن، ما يجعلها مثالية للتكامل مع شبكات التدفئة المركزية.
ومثال على ذلك، يوفّر أكثر من 20 مركز بيانات في ستوكهولم نحو 1.5% من احتياجات التدفئة المركزية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

التدفئة المركزية ركيزة لدعم شبكات الكهرباء
حاليًا، تواجه شبكات الكهرباء تحديات متزايدة في تلبية الطلب من المستهلكين الجدد، مثل مراكز البيانات والمركبات الكهربائية والمضخات الحرارية ومكيفات الهواء وكهربة القطاع الصناعي.
ومع ذلك، يمكن أن تؤدي التدفئة المركزية دورًا عبر استغلال الكهرباء المتجددة منخفضة التكلفة، من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، خلال أوقات ارتفاع الإنتاج، لاستعمالها في إنتاج الحرارة عبر الغلايات الكهربائية والمضخات الحرارية.
وتبرز مدينة آرهوس في الدنمارك مثالًا على ذلك، إذ تمتص الغلايات فائض الكهرباء من طاقة الرياح في أثناء انخفاض الأسعار، ما يُسهم في خفض الانبعاثات واستقرار الشبكة.
كما تدعم هذه الشبكات حلول الكهربة من خلال تخفيف العبء على الشبكة، مستفيدة من محطات التوليد المشترك للكهرباء والحرارة، القريبة غالبًا من مراكز السكان، وتوفّر مرونة لإدارة الذروة في الطلب أو استيعاب فائض الطاقة المتجددة.
وأظهر التقرير أن تخزين الحرارة يضاعف القدرة على استيعاب فائض الكهرباء وإنتاج الحرارة لاحقًا، كما في هلسنكي بفنلندا، حيث يُطور أحد أكبر مرافق التخزين الحراري تحت الأرض لتخزين الحرارة المنتجة صيفًا أو الناتجة عن فائض الكهرباء لتلبية الطلب على التدفئة في الشتاء.
بالإضافة إلى ذلك، تعزّز الرقمنة مرونة أنظمة التدفئة المركزية، حيث يمكن لأنظمة الحرارة الذكية وأجهزة التحكم المتقدمة تعديل الطلب والعرض استنادًا إلى بيانات لحظية عن الطقس وأنماط الاستهلاك وإشارات سوق الكهرباء.

أهمية السياسات لدعم فرض التدفئة المركزية
أكد تقرير وكالة الطاقة ضرورة فهم الطلب الحالي والمستقبلي على التدفئة والتبريد، ومدى توافر الموارد المحلية، لتتمكّن المدن والحكومات من تصميم سياسات لتعزيز فرص التدفئة المركزية، ومن ثم الكفاءة وخفض الانبعاثات.
وحدّد التقرير 3 محاور لتوجيه السياسات:
- رسم خرائط توزيع الحرارة والتخطيط المتكامل يمثلان أدوات أساسية لتحديد الحلول الفاعلة من حيث التكلفة والاستدامة، إلى جانب إزالة العقبات التي تعترض الحلول القائمة على البنية التحتية.
- الشروط الهيكلية، مثل أسعار الكهرباء والوقود الأحفوري، وتأثيرها في اتخاذ القرارات الاستثمارية.
- سياسات الدعم المستهدفة التي تتضمّن أطرًا واضحة لتحديد المناطق، ودورها في تعزيز التخطيط الشامل والاستثمار في المناطق الأنسب لتطبيق التدفئة المركزية.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة المتجددة قد تُلبي 18% من الطلب على التدفئة بحلول 2030
- تخزين الطاقة الحرارية تحت الأرض يوفّر التدفئة في المناطق شديدة البرودة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- التحول الرقمي في قطاع النفط والغاز قد يحقق وفورات 320 مليار دولار
- شبكات خطوط أنابيب الغاز في أفريقيا.. الجزائر ومصر بالصدارة (تقرير)
- صادرات العراق من النفط تسجل أعلى مستوى في 9 أشهر
المصدر:





