نفط كردستان العراق يتدفق إلى أميركا.. تقرير يكشف تفاصيل مهمة
دينا قدري
استُؤنفت صادرات نفط كردستان العراق إلى أميركا، بعد شهرَيْن من إعادة فتح خط أنابيب رئيس، وسط دور ملحوظ لواشنطن في التوصل إلى تسوية.
ووفق تقرير حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فرّغت ناقلة نفط محمّلة بالخام من إقليم كردستان العراق، قادمة من ميناء جيهان التركي، حمولتها في محطة ميناء لويزيانا البحري، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، أي بعد شهرَيْن من إعادة فتح خط الأنابيب بين العراق وتركيا.
وشدّد التقرير الصادر عن معهد واشنطن (Washington Institute)، على أن واردات النفط الأميركية عادةً ما تُحرّكها التجارة الخاصة وديناميكيات التسعير.
إلا أن هذه الشحنة تحديدًا ما كانت لتتحقق لولا اتفاق مؤقت يسّرته الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2055، الذي وافقت بموجبه بغداد ومسؤولو إقليم كردستان العراق في أربيل وشركات النفط العالمية العاملة في شمال العراق على إعادة فتح خط الأنابيب بعد توقف دام أكثر من عامَيْن.
دور أميركا في تعزيز الطاقة العراقية
أكد كاتبا التقرير، نُعام ريدان زميلة أولى في معهد واشنطن ومؤسسة مشاركة لمنصة ماريتايم سبوتلايت (Maritime Spotlight) التابعة له، وجيمس جيفري زميل متميز في معهد واشنطن، السفير الأميركي السابق لدى العراق وتركيا، أن واشنطن تؤدي دائمًا دورًا مؤثرًا في المشهد الطاقي العراقي لعقود.
وضمنت أميركا اعتراف دستور البلاد لعام 2005 بحقوق الإدارة المشتركة للأكراد فيما يتعلق بـ"النفط الجديد"، ونسّقت بين تشجيع مشاركة شركات النفط العالمية الأميركية في جنوب العراق، ودعم الشركات الأميركية في الشمال.
كما توسطت في عدة صفقات سابقة بين بغداد وأربيل بشأن تقاسم عائدات النفط، وشجعت تركيا والعراق وإقليم كردستان على التوصل إلى تسوية بشأن أحدث التطورات في مشروع خط الأنابيب بين العراق وتركيا.
وأشار كاتبا التقرير، نُعام ريدان وجيمس جيفري، إلى أنه يتعيّن على المسؤولين الأميركيين الحفاظ على هذا التعاون الوثيق اليوم، نظرًا إلى أهميته لاستقرار العراق، بوصفه منتجًا ومصدرًا رئيسًا للنفط إلى الأسواق العالمية، وللشركات الأميركية التي تتطلّع إلى توسيع مشروعاتها في الشمال أو العودة إلى تطوير أصول المنبع في الجنوب.
ويبدو أن ضغوط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد أجبرت تركيا على خفض وارداتها من النفط الروسي -التي بلغ متوسطها نحو 300 ألف برميل يوميًا خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2025- وتنويع مصادرها النفطية، بحسب تقرير "معهد واشنطن".
وقد يقدّم خط أنابيب النفط بين العراق وتركيا نوعًا مشابهًا من النفط الخام من مصدر قريب، مع خصومات كبيرة محتملة.

أميركا تستورد نفط كردستان العراق
حمّلت الناقلة سيوايز برازوس نحو مليون برميل من نفط كردستان العراق في ميناء جيهان التركي في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، قبل إبحارها إلى لويزيانا، وفقًا لبيانات شركة كبلر (Kpler).
وأكد كاتبا التقرير -أيضًا- أنه من المتوقع تفريغ المزيد من هذه السفن في الولايات المتحدة خلال المستقبل القريب؛ وتُعزى هذه الشحنات جزئيًا إلى الإقبال على النفط الخام متوسط الحموضة من النوع المُنتَج في شمال العراق.
وتعمل مصافي التكرير الأميركية بأنواع مختلفة من النفط، ولكن ليست جميع الأنواع مُنتَجة محليًا أو قابلة للنقل بطريقة فعّالة من حيث التكلفة.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تُصدّر النفط الخفيف الحلو، فإنها تستورد النفط المتوسط والثقيل الحامض وأنواعًا أخرى من مناطق مثل الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، لتلبية الطلب من المصافي المُصمَّمة للعمل بهذه الأنواع من المواد الخام.
لجذب المشترين، أفادت التقارير بأن الشركات المُصدِّرة للنفط الكردي العراقي عبر ميناء جيهان عرضت خصومات كبيرة بعد إعادة فتح ميناء خط الأنابيب، وسرعان ما استُؤنفت الصادرات.
وكانت أولى هذه الشحنات موجهة بصورة رئيسة إلى مصافي التكرير في البحر المتوسط وأوروبا، وهي الجهات التي كانت تشتري عادةً النفط الخام من شمال العراق قبل إغلاق خط الأنابيب في مارس/آذار 2023، وفقًا لبيانات شركة كبلر.
وتجدر الإشارة إلى أن تقارير مختلفة أشارت إلى أن النفط الخام في هذه الشحنات الجديدة باسم "درجة كركوك"، على الرغم من أن النفط من حقول منطقة كركوك لا يُرسل حاليًا إلى ميناء جيهان للتصدير؛ بل إن جميع النفط الخام الذي ضُخ إلى جيهان حتى الآن مصدره حقول كردية.
ومع ذلك، تشير مصادر سوقية مختلفة إلى أن "درجة كركوك" ربما أصبحت التسمية الجديدة لجميع النفط الخام من شمال العراق، بما في ذلك الإمدادات الكردية، وفق تقرير "معهد واشنطن".
وكان النفط الكردي يُعرف سابقًا باسم مزيج كردستان (KBT)، لكن تغيير الاسم لم يكن مفاجئًا الآن، بعد أن أصبحت شركة تسويق النفط الحكومية العراقية (سومو) هي الجهة الوحيدة التي تتحكم في عملية التسويق.
خط أنابيب النفط بين العراق وتركيا
مهّد اتفاق خط أنابيب النفط المؤقت الطريق لمزيد من المفاوضات بين بغداد وأربيل بشأن قضية إنتاج النفط وصادراته المثيرة للجدل من شمال العراق، بالإضافة إلى محادثات بشأن المتأخرات التي تزيد على مليار دولار المستحقة على أربيل لشركات النفط العالمية.
والآن، وبعد عودة تدفق نفط خط أنابيب النفط إلى السوق، تنص شروط اتفاق سبتمبر/أيلول على تكليف شركة استشارية غربية بإجراء التقييمات اللازمة لتسوية مدفوعات شركات النفط العالمية. ومن المتوقع أيضًا أن يخضع الاتفاق لعملية تجديد شهرية بعد 31 ديسمبر/كانون الأول.
وتكتسب هذه المحادثات، وخط أنابيب النفط الخام نفسه، أهمية بالغة لأسواق الطاقة العالمية ومصالح واشنطن الجيوسياسية والإستراتيجية، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويبدأ مسار خط الأنابيب في كركوك خارج إقليم كردستان العراق، ما يمنح شركة تسويق النفط العراقية (سومو) خيار تصدير النفط العراقي غير الكردي عبر تركيا في نهاية المطاف، كما كان الحال بكميات كبيرة نسبيًا قبل عام 1990.
وبالنسبة إلى حجم الصادرات المتوقع، فقد كان خط أنابيب النفط ينقل ما بين 400 ألف و450 ألف برميل يوميًا قبل إغلاقه عام 2023، بما في ذلك ما بين 350 ألفًا و375 ألف برميل يوميًا من مزيج كردستان، وما بين 75 ألفًا و100 ألف برميل يوميًا من النفط الذي تنتجه الحكومة الاتحادية.
ومع ذلك، ما تزال المستويات الحالية أقل مما كان يُصدر قبل الإغلاق.

ومن جانبها، أكدت شركة تسويق النفط الوطنية (سومو) أن استئناف ضخ نفط كردستان العراق عبر خط جيهان يمثّل فرصة لتعزيز حجم الصادرات، مشيرة إلى أن العراق يمتلك كميات فائضة يُمكن أن تعوّض التوقف السابق، وأن الإنتاج الإجمالي يتجاوز 4 ملايين برميل يوميًا.
وصرّح ممثل العراق في أوبك، محمد عدنان النجار، بأن العودة ستدعم موقف بغداد في المفاوضات بشأن الحصص الإنتاجية، مشددًا على أن زيادة صادرات النفط مرتبطة بقدرة السوق العالمية على استيعاب الكميات، تفاديًا لتراكم فائض يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وأشار إلى أن أوبك تضع سقوفًا للإنتاج فقط، فيما تبقى الصادرات بيد الدول الأعضاء، فالعراق يصدر حاليًا 3.4 مليون برميل يوميًا، وعودة خط جيهان تتيح إضافة كميات جديدة إلى الأسواق العالمية.
موضوعات متعلقة..
- هل يؤثر نفط كردستان العراق في الأسواق العالمية؟ (تقرير)
- نفط كردستان العراق يعود إلى تركيا بعد غياب عامين.. رسميًا
- موعد استئناف صادرات نفط كردستان العراق.. 80 ألف برميل يوميًا تدفق إلى تركيا
اقرأ أيضًا..
- التنقيب البحري عن النفط والغاز في أفريقيا.. 4 دول تحرز تقدمًا ملحوظًا (تقرير)
- شبكات خطوط أنابيب الغاز في أفريقيا.. الجزائر ومصر بالصدارة (تقرير)
- تخزين الهيدروجين تقنية حديثة واعدة لتشغيل شبكات الكهرباء الصغيرة (تقرير)
- شحن السفن الكهربائية في مزارع الرياح البحرية.. شركتان تستكشفان الفكرة (تقرير)
المصدر..





