أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أسباب ارتفاع صادرات أوبك+.. وحقائق حول نفط روسيا وفنزويلا والبرازيل (تقرير)

أحمد بدر

تشير بيانات حركة الإمدادات العالمية خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2025 إلى تغيرات لافتة في صادرات أوبك+ بما يعكس ضغوطًا متباينة في السوق، خصوصًا مع تزايد التوترات الجيوسياسية التي تؤثّر مباشرةً بمسارات تدفُّق الخام حول العالم، وتعيد تشكيل مسافات النقل وكلف الإمداد وتوازنات المعروض العالمي.

وفي هذا السياق، أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن قراءة صادرات التحالف خلال الشهر الماضي تكشف عدم وجود فائض فعلي في السوق، إذ أظهرت البيانات انخفاضًا ملحوظًا في الإمدادات الروسية والقازاخستانية، مقابل زيادات من منتجين يمتلكون طاقة فائضة، ما يعكس ديناميكية داخلية معقَّدة في التحالف.

وتؤكد هذه القراءة أن الهبوط في صادرات بعض أعضاء أوبك+ لم يكن نتيجة قرارات إنتاجية فقط، بل جاء مرتبطًا بعوامل تقنية وهجمات استهدفت البنى التحتية وتقاطعات سياسية أثّرت في خطوط الأنابيب والمواني، ما يدفع الأسواق إلى إعادة تقييم مستويات العرض الفعلي خلال الأسابيع المقبلة، استنادًا إلى هذه التطورات الحسّاسة.

ويشير تحليل الحجي إلى أن بيانات حركة السفن ومسارات الخام تكشف وجود أنماط جديدة في التجارة الدولية للنفط، إذ أدى تحول بعض الإمدادات إلى مسافات أطول إلى زيادة الشحن على الماء، بينما بقي إجمالي المعروض العالمي مرتبطًا بانخفاض صادرات دول رئيسة في أوبك+ مثل روسيا والبرازيل، في ظل ظروف تقنية وجيوسياسية معقَّدة.

جاءت تلك التصريحات خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، وجاءت هذا الأسبوع بعنوان: "السياسة تستمر في تغيير اتجاهات تجارة النفط العالمية".

صادرات أوبك+ وتبدل مراكز الإمداد

أشار أنس الحجي إلى أن بيانات نوفمبر/تشرين الثاني 2025 تؤكد تراجعًا غير متوقع في صادرات روسيا وقازاخستان، رغم امتلاك الأولى حصصًا واسعة ضمن أوبك+، إذ تَسبَّب توقُّف الضخ قبل حادثة ضرب الميناء وإصابة خط كاسبي قزوين بخفض حادّ في الكميات المتجهة إلى الأسواق، ما أحدث فجوة واضحة في الإمدادات.

وأوضح أن الدول التي تمتلك طاقة إنتاجية فائضة داخل أوبك+ مثل السعودية والعراق والإمارات والكويت زادت صادراتها لتعويض النقص، إلّا أن حجم الخفض من روسيا وقازاخستان بقي مؤثرًا، خصوصًا بعد حساب تدفّقات النفط القازاخستاني الذي يُحتسب ضمن الصادرات الروسية نتيجة مروره عبر أراضي روسيا وموانيها.

وبيّن أن السؤال الأبرز الذي يثير قلق المتابعين يتعلق بتوقُّف روسيا عن ضخ النفط إلى الميناء قبل الضربة بأسبوع، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول الجهة التي خططت للهجوم، وهل كانت موسكو تتوقعه، أم أن أطرافًا أخرى كانت على علم بعزم استهداف هذه المنشأة الحيوية؟

ناقلة نفط روسية
ناقلة النفط الروسية ميدفولغا-2 – الصورة من مارين ترافيك

وأكد أنس الحجي أنّ تعدُّد استهداف السفن في البحر الأسود يضيف مزيدًا من الغموض، إذ طالت الهجمات ناقلات كانت فارغة وتنقل عادةً النفط الروسي، ما يثير تساؤلات حول هوية المنفّذين ودوافع إرباك مسارات الشحن، خصوصًا أن بعض العمليات وقعت قرب المياه التركية، بما يعقّد الموقف ويؤثّر في تجارة دول أوبك+.

ولفت إلى أن حادثة استهداف ناقلة قالت وسائل الإعلام إنها نفطية قبل أن يتبيّن حملها للزيوت النباتية، أعادت إلى الأذهان حالة الالتباس التي تكررت سابقًا في حوادث مشابهة، ما يضيف تعقيدًا على فهم التأثير الحقيقي للهجمات في صادرات أوبك+ وعلى تفسير الجهات المتورطة في التصعيد البحري.

وذكر أن هذه التساؤلات تعكس حجم الغموض الذي يواجه مراقبي أسواق الطاقة، إذ تؤدي التداخلات العسكرية والسياسية إلى ارتباك تدفُّق الخام وتغيير مسارات التجارة، ما يجعل بيانات أوبك+ الشهرية أكثر حساسية وأهمية في تقييم الوضع الحقيقي للمعروض خلال المدة المقبلة.

البرازيل والزيادة إلى الصين وتأثيرها في أوبك+

أوضح أنس الحجي أن وضع البرازيل خلال نوفمبر/تشرين الثاني يضيف بعدًا جديدًا لتحليل معروض أوبك+، إذ شهدت صادراتها انخفاضًا مدفوعًا بعوامل تقنية بعد زيادات كبيرة خلال أشهر سابقة، بينما استمرت في توسيع شحناتها المتجهة إلى الصين على حساب أسواق أخرى، خصوصًا الولايات المتحدة ودول أوروبا.

وبيّن أن المسافة الطويلة من البرازيل إلى الصين، التي تتجاوز 3 أضعاف المسار إلى الولايات المتحدة تقريبًا، أدت إلى زيادة حجم النفط على الماء في البيانات العالمية، وهو ما استغلّته بعض المؤسسات لتسويق فكرة وجود فائض، رغم أن معروض أوبك+ الفعلي لم يرتفع، بل انخفض نتيجة المتغيرات الأخرى.

وأشار إلى أن القراءة المتأنية لبيانات أوبك+ تكشف أن ارتفاع النفط على الماء لا يعكس زيادة في المعروض، بل يعكس تحولات جغرافية في وجهات الشحن، فزيادة الكميات المتجهة إلى الصين أدت تلقائيًا إلى ارتفاع عدد السفن العاملة دون أن يعني ذلك وجود فائض في السوق كما تدّعي بعض التقارير.

صادرات النفط البرازيلي إلى الصين

وأضاف خبير اقتصادات الطاقة أن الارتفاع في الشحنات البرازيلية إلى الصين جاء في وقت انخفضت فيه صادرات دول أوبك+ مثل روسيا لأسباب تقنية وجيوسياسية، ما يعني أن التوازن العام في المعروض تأثَّر بالسلب وليس بالإيجاب، وهذا ما يجب الانتباه إليه عند تفسير التقلبات الأخيرة في الأسعار.

وأكد أن بعض المؤسسات الإعلامية تحاول الربط بين زيادة النفط على الماء وانخفاض الأسعار، إلّا أن المعطيات الفعلية تُظهر أن تراجع صادرات أوبك+ هو السبب الرئيس لتغير مستويات المعروض، وليس زيادات حقيقية في الإمدادات، وهو ما يوضح الخلل في القراءة السطحية لهذه البيانات.

وختم بأنّ تراجُع صادرات البرازيل إلى جانب انخفاض الإمدادات الروسية يعززان فكرة أن أسواق النفط تعتمد بصورة كبيرة على مسارات التحالف داخل أوبك+، وأن أيّ تغيُّر في هذه التدفقات يؤدي إلى تأثيرات مباشرة في الأسعار بعيدًا عن التفسيرات الإعلامية التي تركّز على مؤشرات ظاهرية.

فنزويلا وتصاعد المخاطر السياسية وتأثيرها في أوبك+

أشار أنس الحجي إلى أن الملف الفنزويلي يشكّل أحد أكثر العوامل تعقيدًا أمام تحالف أوبك+، خصوصًا بعد تزايد حدّة الضغوط الأميركية، إذ أعلنت إدارة ترمب تصنيف منظمات تهريب المخدرات في فنزويلا بصفتها إرهابية، ما يقيّد أيّ مفاوضات ويتيح استعمال القوة دون التزامات قانونية دولية.

وبيّن أن هذا التحول أدى إلى اختلاف واضح بين مواقف وزارة الخارجية والبيت الأبيض، إذ يُفضّل بعض المسؤولين التفاوض بينما تدفع أخرى باتجاه تشديد العقوبات، وهذا يجعل مستقبل صادرات فنزويلا داخل أوبك+ غامضًا، ويؤثّر في قراءة الأسواق لمستويات المعروض المحتملة خلال الأشهر المقبلة.

وأوضح أن لجوء الولايات المتحدة إلى منع الطيران فوق الأراضي الفنزويلية خلال ساعات قليلة بعد الإعلان يعكس جدّية التهديدات، مرجّحًا احتمال وقوع تطور عسكري أو أمني ما، خصوصًا بعد ملاحظة توقُّف الصين عن شراء النفط الفنزويلي لأول مرة منذ سنوات طويلة.

عمال داخل حقل نفط فنزويلي
عمّال داخل حقل نفط فنزويلي- الصورة من "orinocotribune"

ولفت أنس الحجي إلى أنّ توقُّف الصين عن الاستيراد، رغم حصولها على الخام الفنزويلي بأسعار مخفضة ونوعية مناسبة، يعكس امتلاكها معلومات استخباراتية مبكرة حول احتمال حدوث تصعيد، ما جعلها أكثر تحفظًا على الإمدادات المرتبطة بالمخاطر، وهو ما يؤثّر في حجم المعروض داخل أوبك+ ويزيد الضبابية.

وأضاف أن التحول المفاجئ لنفط كندا من الغرب الأميركي إلى الصين، بعد أن كانت تعتمد على الإمدادات الفنزويلية سابقًا، أدى إلى نقص في المعروض بالولايات الغربية، وهو مثال واضح على كيفية تأثير القرارات السياسية في سلاسل الإمداد المرتبطة بعضوية دول داخل أوبك+.

واختتم الحجي تصريحاته بالقول، إن تفاعل هذه العوامل يفرض على أسواق الطاقة مراقبة دقيقة لما سيحدث في فنزويلا خلال الأسابيع المقبلة، إذ إن أيّ تصعيد قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في معروض أوبك+، ويعيد تشكيل خريطة الإمدادات العالمية، ويدفع الأسعار نحو موجات جديدة من التقلب.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق