التقاط الكربون من الهواء بتقنية "سكر النبات".. تكلفة أقل 40%
دينا قدري

اكتشف باحثون كنديون طريقة جديدة لالتقاط الكربون مباشرةً من الهواء، من شأنها أن تحقق وفورات كبيرة في التكاليف مقارنةً بالطرق التقليدية.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أطلق باحثو الهندسة في جامعة تورنتو على تقنيتهم الجديدة اسم "تبلور الكربونات التبخري"، وهي تنتج طبقةً رقيقةً من محلول فائق التركيز يُعزز تفاعُل التقاط الكربون، ما يُمثّل نهجًا واعدًا للغاية.
ونظرًا لاعتمادها على عمليات سلبية مثل الخاصية الشعرية (تسمح للسائل بالحركة لأعلى في أنابيب رفيعة أو مسامات ضيقة ضد الجاذبية) والتبخر، فإنها تتمتع بالقدرة على الاستغناء عن بعض الخطوات الأكثر تكلفةً التي تتطلبها طرق التقاط الكربون الحالية.
وأوضح المؤلف الرئيس للدراسة، البروفيسور ديفيد سينتون، أن تقنية التقاط ثاني أكسيد الكربون من غازات المداخن، أو حتى مباشرةً من الهواء، تواجه انتقادات دائمًا بأنها ما تزال باهظة الثمن.
وقال: "لذلك، وجّهنا نهج فريقنا نحو تخفيضات جذرية في التكاليف، وهذا هو جوهر هذه الطريقة الجديدة لتبلور الكربونات بالتبخر".
تقنية جديدة لالتقاط الكربون
أظهرت الدراسة -التي نُشرت في مجلة نيتشر كيميكال إنجينيرينغ (Nature Chemical Engineering)- أن تصميم نظام التقاط الكربون الجديد يعتمد على خيوط طويلة من ألياف البولي بروبيلين، وهي في الأساس خيط شائع.
ويُغمَس أحد طرفيه في محلول هيدروكسيد البوتاسيوم، ويمتص السائل الخيط ببطء، وهي عملية مألوفة لأيّ شخص رأى نباتًا يسحب الماء.
وعندما تهبّ الرياح عبر الخيط، فإنها تُبخّر الماء، ما يدفع هيدروكسيد البوتاسيوم المذاب إلى تركيز عالٍ للغاية.
وقال زميل ما بعد الدكتوراه دونغها كيم: "نظرًا لوجود طبقة رقيقة جدًا من هيدروكسيد البوتاسيوم شديد التركيز، فإن معدل تفاعله مع ثاني أكسيد الكربون يزداد بشكل كبير".
وتابع: "يمكننا التقاط الكربون بمعدل أعلى بكثير من المحاليل المخفَّفة المستعملة في أنظمة اليوم.. علاوة على ذلك، لا يبقى ملح كربونات البوتاسيوم الذي ننتجه مذابًا في المحلول، بل يُشكّل بلورة صلبة على سطح الألياف مباشرةً".
ويشبه الكربون المُلتقط، الذي يُشكّل بلورات كربونات البوتاسيوم الصلبة على الألياف، "سكر النبات".

ومن المثير للاهتمام أن الكربون المُلتقط في صورة صلبة يُوفر ميزة ثانية تُعزز كفاءة النظام وتُقلل تكلفته.
ففي الأنظمة الحالية، يُطلَب من المصانع الكيميائية المُعقَّدة فصل الكربون المُذاب عن سائل الالتقاط، ما يستلزم غالبًا استعمال مواد كيميائية إضافية وترشيحًا مُكثفًا.
ولكن مع هذه الطريقة الجديدة، تُغسل البلورات الصلبة بالماء، ما يُنتج محلولًا عالي التركيز جاهزًا للخطوة التالية.
استعمال الكربون المُلتقط
بحسب التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تنتهي عملية التقاط الكربون الجديدة بخضوع أملاح كربونات البوتاسيوم عالية التركيز لعملية كهروكيميائية.
وتؤدي هذه الخطوة غرضًا مزدوجًا: فهي تُحوّل الأملاح إلى غاز ثاني أكسيد الكربون النقي، وتُجدّد في الوقت نفسه سائل احتجاز هيدروكسيد البوتاسيوم لإعادة استعماله في النظام.
ويصبح غاز ثاني أكسيد الكربون المُلتقط جاهزًا للاستعمال، بما في ذلك التخزين، أو الحقن في الآبار الجوفية لعزله، أو معالجته لاحقًا لتحويله إلى منتجات كربونية قيّمة مثل الميثانول والإيثانول والإيثيلين.
وكشف تحليل تقني واقتصادي أنه على الرغم من أن تكاليف التشغيل ما تزال مماثلة للطرق الحالية، فإن تكاليف رأس المال قد تنخفض بنسبة تصل إلى 40%.
وما تزال هناك عقباتٌ يجب التغلب عليها، من بينها الرطوبة؛ إذ يقول كيم، إن العملية أكثر كفاءةً في الهواء الجاف، ما يجعلها أكثر ملاءمةً لبعض البيئات من غيرها.
وقد يظهر المزيد من التحديات مع عمل الفريق على بناء مصنع تجريبي للتحقق من صحة هذه التقنية بشكل أكبر، إلّا أن الفريق يرى أن الدراسة الحالية تُثبت صحة المفهوم، وأن المزيد من عمليات التطوير قد يُعزز جدواها الاقتصادية.
موضوعات متعلقة..
- أكبر مشروع لالتقاط الكربون وتخزينه في العالم يسجل أسوأ أداء منذ إطلاقه
- تشغيل أول وحدة لالتقاط الكربون من الهواء بمركز سبارك في السعودية
- أدنوك الإماراتية تشارك بمشروع كبير لالتقاط الكربون وتخزينه
اقرأ أيضًا..
- إيرادات السعودية النفطية تقترب من 3 تريليونات دولار في 16 عامًا (إنفوغرافيك)
- التنقيب عن النفط والغاز في أوروبا ينتعش.. القارة لم تفق من صدمة حرب أوكرانيا
- 7 مشروعات هيدروجين أخضر في سلطنة عمان تستهدف إنتاج مليون طن بحلول 2030
- استثمارات شبكات الكهرباء العالمية قد تتجاوز 470 مليار دولار لأول مرة
المصادر:
- التقاط الكربون من الهواء بتقنية سكر النبات، من موقع كلية الهندسة بجامعة تورونتو
- الدراسة حول التقنية المبتكرة لالتقاط الكربون من الهواء، من مجلة "نيتشر"





