الطاقة المتجددة في الآسيان.. 3 دول قد تتحول لمراكز استثمارية (تقرير)
الاقتصادات الـ3 تعتمد على الفحم وتنتج مستويات مرتفعة من الانبعاثات
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- فيتنام والفلبين وإندونيسيا تمثّل نحو 60% من الطلب على الكهرباء في الآسيان
- الدول الـ3 قد تتحول من الاعتماد على الفحم إلى مراكز استثمارية في الطاقة المتجددة
- تستهدف الدول أن تشكّل الطاقة المتجددة أكثر من نصف القدرة المركبة بحلول 2030
- مشروعات الطاقة الشمسية والرياح استقطبت 6.9 مليار دولار بين 2020 و2023
يخطو قطاع الطاقة المتجددة في الآسيان نحو مرحلة حاسمة، حيث تتجه فيتنام والفلبين وإندونيسيا للتحول من اقتصادات معتمدة على الفحم إلى مراكز استثمارية رائدة في الطاقة النظيفة.
وتُمثّل الدول الـ3 معًا نحو 60% من الطلب على الكهرباء والانبعاثات في جنوب شرق آسيا، لكنها وضعت أهدافًا طموحة لاستغلال مواردها وإمكاناتها في الطاقة النظيفة.
وأشار تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- إلى أن هذه الدول تمتلك موارد ضخمة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب القوة العاملة والنمو الصناعي، ما يجعلها مؤهلة لقيادة التحول نحو الطاقة المتجددة في الآسيان.
وسيستدعي ذلك وضع سياسات واضحة ومستقرة، والقيام بإصلاحات جريئة، واتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الاستثمار وضمان القدرة التنافسية في سوق الطاقة المتجددة.
ويأتي ذلك وسط هيمنة الفحم على مزيج الكهرباء في رابطة دول الآسيان، إذ شكّل نحو 45% في 2024، مع استحواذ هذه الدول الـ3 على قرابة 76% من الطلب.
وبين عامي 2014 و2024، شكّلت هذه الدول 24-34% من إجمالي استهلاك الفحم في المنطقة، حيث أسهمت إندونيسيا بـ17%، وفيتنام 11%، والفلبين 6%، خلال العام الماضي.
أهداف الطاقة المتجددة في الآسيان
تهدف الخطط المحدّثة إلى رفع مساهمة الطاقة المتجددة في الآسيان إلى 30% من إجمالي إمدادات الطاقة الأولية، و45% من القدرة المركبة بحلول 2030، بحسب التقرير الصادر عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة إمبر.
وبدأت الدول الـ3 -فيتنام والفلبين وإندونيسيا-، المعروفة باعتمادها على الفحم، في قلب المسار، مع رفع الحكومات لأهداف الطاقة المتجددة واتخاذ إجراءات لإصلاح أسواق الكهرباء.
وتعتزم هذه الدول تطوير الطاقة المتجددة بأنواعها كافةً، لتُمثّل أكثر من نصف القدرة المركّبة للكهرباء بحلول المدة 2030-3034.
وتتمثل الخطط في الآتي:
- فيتنام تسعى للوصول إلى 73 غيغاواط من الطاقة الشمسية و38 غيغاواط من طاقة الرياح البرية.
- الفلبين تستهدف 14 غيغاواط من الطاقة الشمسية، مع وصول نسبة الطاقة المتجددة إلى 35% بحلول 2030، و50% بحلول 2040.
- إندونيسيا تخطط لإضافة 60 غيغاواط من الطاقة المتجددة، مع التركيز على الطاقة الشمسية والبطاريات.

بالإضافة إلى ذلك، يكتسب قطاع الطاقة المتجددة في الآسيان زخمًا واسعًا، رغم أن المنطقة لم تجذب سوى 2% من الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة حتى أكتوبر/تشرين الأول (2024)، بينما تُمثّل 5% من الطلب العالمي على الطاقة.
وعلى مدار العقد الماضي، شهدت الاستثمارات في الطاقة النظيفة بجنوب شرق آسيا تدفقات رأسمالية بلغت 17 مليار دولار.
وفي عام 2024 وحده، استقطبت مشروعات الطاقة النظيفة في فيتنام وإندونيسيا والفلبين نحو 4.6 مليار دولار، بزيادة قدرها 1.1 مليار دولار على العام السابق، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبين عامي 2020 و2023، استطاعت مشروعات الطاقة الشمسية والرياح في فيتنام والفلبين وإندونيسيا تأمين تمويل بقيمة 6.9 مليار دولار، وضمنَ ذلك الانتقال إلى مرحلة البناء والتنفيذ.
ومع ذلك، نمت الاستثمارات في الفحم خلال المدة نفسها لتصل إلى 2.3 مليار دولار، حيث ما تزال مصادر الطاقة التقليدية تستحوذ على قدر كبير من رأس المال الخاص.
إصلاح سوق الكهرباء في دول الآسيان
أوضح التقرير أن ازدهار قطاع الطاقة المتجددة في الآسيان، لا سيما في فيتنام والفلبين وإندونيسيا، مرهون بإصلاح السوق، عبر:
- فتح أسواق الكهرباء أمام مشاركة القطاع الخاص.
- ضمان توزيع المخاطر بصورة عادلة للمستثمرين.
- مواءمة الحوافز التنظيمية مع مرونة نظام الكهرباء.
وتسلك كل دولة مسارًا مختلفًا لتحقيق هذه الإصلاحات، حيث تنفّذ فيتنام إصلاحات تنظيمية لتشغيل سوق الكهرباء بالجملة، بهدف تحرير السوق تدريجيًا.
واعتمدت اتفاقيات شراء الكهرباء مباشرة، وقد تُضاعف هذه الخطوة حصة الطاقة المتجددة من 19% إلى 42%، إذا التزم القطاع الصناعي بأكمله بالمشاركة.
بينما تُعيد الفلبين ضبط السوق عبر تحفيز الاستثمارات الخاصة وتحسين الكفاءة التشغيلية، أمّا إندونيسيا، فتُركِّز على الاكتفاء الذاتي بقطاع الطاقة وضمان استغلال الموارد المحلية بما يتماشى مع توسُّع الصناعة.
كما يصبّ البلَدان اهتمامهما على تسهيل التصاريح وإنشاء مناطق صناعية خضراء لتعزيز شراء الشركات للطاقة المتجددة.

وتُظهر البيانات أن دمج الطاقة الشمسية مع البطاريات يزيد العوائد بمقدار 1.2 نقطة مئوية في فيتنام و9 نقاط في إندونيسيا، مع الحفاظ على ثبات العوائد في الفلبين.
ويصل معدل العائد الداخلي لمشروعات الطاقة الشمسية في إندونيسيا إلى 14%، والفلبين بين 11%-16%، وفيتنام 6.1%، بينما يزيد دمج البطاريات العوائد إلى 23% في إندونيسيا و7.3% في فيتنام.
ومع ذك، باتت الجدوى المالية لمشروعات الطاقة النظيفة في الأسواق الـ3 شديدة الحساسية لتعرفات الكهرباء وتكاليف رأس المال الأولية، إذ تعاني المنطقة من تذبذب أسعار المعدّات وتقلُّب أسعار الصرف وتأخُّر التصاريح.
ومن هذا المنطلق، تصبح الإصلاحات السوقية، وتحسين تخطيط المزادات، وتوزيع المخاطر ودعم المشروعات الهجينة، إلى جانب تسريع الموافقات وتكامل الشبكة، بمثابة الأركان التي تعيد تشكيل ثقة المستثمرين.
وتملك الدول الـ3 فرصة لتقديم نموذج قيادي على مستوى المنطقة عبر دعم مرونة الأسواق، وترسيخ ثقة المستثمرين، وتطبيق الإصلاحات، ويضمن ذلك تدفقات مالية عامة وخاصة غير مسبوقة، وتسريع وتيرة عملية إزالة الكربون في المنطقة.
موضوعات متعلقة..
- طفرة مراكز البيانات في دول الآسيان تهدد بتفاقم الانبعاثات (تقرير)
- تحول الطاقة في إندونيسيا يمثل فرصة بـ3.8 تريليون دولار (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- السيارات الكهربائية في النرويج.. 35 عامًا من الدعم بفضل عائدات النفط والغاز
- فرص المعادن الأرضية النادرة في أفريقيا.. كيف تحمي القارة مواردها؟ (حوار)
- موارد النفط والغاز المتبقية في الشرق الأوسط.. تقرير يكشف عن حجم الثروات
المصدر:





