هل تهدد بطاريات أيون الصوديوم هيمنة الصين على الصناعة العالمية؟ (تحليل)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- الصين تهيمن على قدرة تصنيع بطاريات الليثيوم العالمية بنسبة 80%
- بطاريات أيون الصوديوم قد تتمكن من تجاوز سلاسل التوريد الصينية
- الصوديوم سادس أكثر العناصر شيوعًا في الأرض، ولا تتحكم فيه الصين
- توافر الصوديوم في الطبيعة يزيد بمعدل 1000 مرة على الليثيوم
- تكلفة بطاريات أيون الصوديوم تصل إلى 59 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة
يشهد تصنيع بطاريات أيون الصوديوم تطورات متسارعة في الولايات المتحدة وأوروبا على أمل اللحاق بصناعة البطاريات العالمية التي تهيمن عليها الصين.
ورغم التحديات التقنية والاقتصادية التي تواجه هذا النوع من البطاريات، فإنها قد تمكّن العالم من بناء سلاسل توريد أقل اعتمادًا على الصين، بحسب تحليل حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
كما يمكن لبطاريات أيون الصوديوم أن تمكّن الولايات المتحدة على وجه الخصوص من استعادة مكانتها التاريخية المُهدَرة في صناعة البطاريات العالمية.
وكانت الولايات المتحدة أول من طوّر بطارية أيون ليثيوم قابلة لإعادة الشحن في العالم عبر شركة إكسون (Exxon) في سبعينيات القرن الماضي، لكنها تخلّت عن تطوير هذه التقنيات لاحقًا؛ ما أفقدها السيطرة على الصناعة عالميًا لصالح الصين التي تهيمن اليوم على سلسلة قيمة بطاريات أيون الليثيوم بصورة شبه كاملة.
ورغم أن الشركات الصينية تهيمن -أيضًا- على صناعة بطاريات أيون الصوديوم العالمية حاليًا، فإن أول تطوير لهذا النوع من البطاريات كان في الولايات المتحدة؛ ما يمنح واشنطن ميزة تقنية قد تمكّنها من العودة للمنافسة مرة أخرى، بحسب التحليل الصادر عن شركة أبحاث وود ماكنزي.
تطورات صناعة بطاريات أيون الصوديوم
انتعشت صناعة بطاريات أيون الصوديوم في الولايات المتحدة -مؤخرًا- بعد إعلان شركة بيك إنرجي (Peak Energy) توقيع عقد توريد يصل إلى 4.75 غيغاواط/ساعة من هذه البطاريات إلى شركة جوبيتر باور (Jupiter Power) المتخصصة في حلول التخزين.
وقالت بيك إنرجي -وهي شركة أميركية ناشئة متخصصة في البطاريات، ومقرّها كاليفورنيا- إن الدفعة الأولى لهذا العقد، البالغة 720 ميغاواط/ساعة، ستكون أكبر عملية نشر منفردة لبطاريات أيون الصوديوم معلَنةً حتى الآن.

وبحسب الرئيس التنفيذي للشركة لاندون موسبرغ، فإن هذه الصفقة أثبتت جاهزية بطاريات أيون الصوديوم للعصر الحالي، متوقعًا هيمنتها على صناعة البطاريات العالمية مستقبلًا.
ورغم أن هذه البطاريات لا تخلو من عيوب، خاصة انخفاض كثافة طاقتها، فإن عامل الكثافة ليس الحاسم في أنظمة تخزين الكهرباء الثابتة، كما أن لها مزايا أخرى في العمر الافتراضي، وانخفاض تكاليف التشغيل والصيانة، بحسب موسبورغ.
هل تكسر بطاريات أيون الصوديوم هيمنة الصين؟
تتيح بطاريات أيون الصوديوم فرصًا حقيقية للدول الغربية لبناء سلاسل توريد جديدة أقل اعتمادًا على الصين؛ لاعتماد هذا النوع من البطاريات على عنصر الصوديوم المتوفر في الطبيعة.
وتهيمن الصين -حاليًا- 80% من قدرة تصنيع بطاريات أيون الليثيوم العالمية، التي تعتمد على مركبات كيميائية مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت، كما تنتج بكين 64% من المعروض العالمي لليثيوم المكرر، و90% من مواد الكاثود، إضافة إلى كل الغرافيت المستعمل في البطاريات تقريبًا.
وتشير هذه الحقائق إلى أن مناطحة الصين في هذا المجال ستكون صعبة، وربما لن تظهر آثارها إلّا بعد سنوات طويلة، على عكس بطاريات أيون الصوديوم التي قد تمكن الدول الراغبة من تجاوز جميع سلاسل التوريد الواقعة في قبضة الصين.
ورغم أن بكين تهيمن على صناعة بطاريات أيون الصوديوم -حاليًا-، فإن حجم الصناعة نفسه ما زال صغيرًا للغاية على مستوى العالم، فضلًا عن اختلاف وفرة الصوديوم عن الليثيوم.
وينتشر الصوديوم على نطاق واسع عالميًا، وهو سادس أكثر العناصر شيوعًا في قشرة الأرض، كما أنه أكثر وفرة من الليثيوم بنحو 1000 مرة، ما يسهّل بناء سلاسل التوريد البديلة في صناعة البطاريات العالمية، بحسب تحليل وود ماكنزي.
وتشكّل كيمياء أيونات الصوديوم أقل من 1% من الإنتاج العالمي لبطاريات السيارات الكهربائية وتخزين الكهرباء، لكن دورها في التخزين ربما يتوسع بسرعة أكبر خلال السنوات المقبلة.

تكلفة بطاريات أيون الصوديوم
تُظهر بيانات وود ماكنزي أن متوسط تكلفة بطاريات أيون الصوديوم بلغ 59 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة في بداية عام 2025، وهي تكلفة أعلى من بطاريات أيون الليثيوم (52 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة).
ورغم أن شركة الأبحاث تتوقع اتجاه التكلفة للانخفاض بصورة أسرع من بطاريات أيون الليثيوم، فإنها لن تصل إلى مستوى التكافؤ حتى عام 2035 على الأقل.
وتعتمد فرصة بطاريات أيون الصوديوم في السوق على مدى اهتمام المشترين بإيجاد بدائل لمركبات بطاريات الليثيوم، كما أن عوامل السياسة الحكومية ستكون حاسمة في دعم هذا الاتجاه أو تثبيطه في الولايات المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت قيودًا على أهلية مشروعات المرتبطة بكيانات أجنبية في الحصول على إعفاءات ضريبية على مستوى البلاد، لكن وزارة الخزانة لم تنشر تفاصيل تطبيق هذا القانون بعد، ما يثير الغموض حول كيفية تأثُّر الشركات به.
وتشهد سوق البطاريات الأميركية تحولات ملحوظة بالفعل منذ خفض الإعفاءات الضريبية الفيدرالية وتقليص الدعم المقدَّم للسيارات الكهربائية، إذ اتّجه بعض المصنّعين إلى تحويل تركيزهم نحو سوق التخزين الثابت، ما يمثّل فرصة للتوسع في إنتاج بطاريات أيون الصوديوم.
ورغم ذلك، تتوقع وود ماكنزي -على المدى القصير- تضاعُف إنتاج بطاريات الليثيوم أيون في الولايات المتحدة من 96 غيغاواط/ساعة في 2024، إلى 196 غيغاواط/ساعة عام 2026.
موضوعات متعلقة..
- بطاريات أيون الصوديوم.. تقنية قد تحدث ثورة في صناعة السيارات الكهربائية
- بطاريات أيون الصوديوم.. تكلفة اقتصادية ومشكلات أقل لسلسلة التوريد (تقرير)
- صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.. هل يمكنها التحرر من قبضة الصين الممتدة؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- دول عربية لن يُسمح لها بالطاقة النووية.. ودور إستراتيجي للسعودية (تقرير)
- إيرادات صادرات السعودية من النفط.. وأعلى قفزة في 2025 (إنفوغرافيك)
- صفقة يورانيوم عالمية تعيد الدفء إلى علاقة متوترة بين دولتَين
المصدر:
فرص صناعة بطاريات أيون الصوديوم وتحدياتها، من وود ماكنزي





