طوّر فريق بحثي من غانا جهاز طهي بخاريًا يعمل بالطاقة الشمسية، ويدمج تقنية تخزين الطاقة الحرارية القائمة على الرمل، في إطار المساعي المستمرة لنشر حلول الطهي النظيف في الدول النامية، خاصةً في أفريقيا.
وتؤكد الآثار السلبية لطرق الطهي التقليدية -بما في ذلك تلوث الهواء الداخلي وإزالة الغابات وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري- الحاجة الماسّة إلى حلول مستدامة وبأسعار معقولة ونظيفة للطهي.
وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الطاقة الشمسية حلًا رئيسًا لتلبية احتياجات الطاقة، إلّا أن طبيعتها المتقطعة تمثّل تحديات لتطبيقات الطهي التي تتطلب مصدر طاقة مستمرًا وموثوقًا.
وتُعدّ مواد تخزين الطاقة الحرارية (TES) حيويةً لمواجهة هذا التحدي؛ إذ تُمكّن هذه المواد من تخزين الطاقة الحرارية الزائدة لاستعمالها لاحقًا، ما يُعزز كفاءة ومرونة أجهزة الطهي الشمسية.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يحوّل جهاز الطهي كهرباء الطاقة الشمسية إلى طاقة حرارية مخزّنة في رمال المحاجر، ما يوّلد بخارًا للطهي.
تخزين الطاقة الحرارية بالرمل
تشمل مواد تخزين الطاقة الحرارية الأكثر شيوعًا خيارات تخزين الحرارة المعقولة مثل الماء والأملاح المنصهرة أو الخرسانة، وخيارات تخزين الحرارة الكامنة باستعمال مواد تغيير الطور مثل البارافين وهيدرات الملح.
وعلى الرغم من تنوع مواد تخزين الطاقة الحرارية، فقد اكتسب الرمل اهتمامًا بوصفه وسيلة تخزين طاقة حرارية فعّالة من حيث التكلفة ومتوفرة بسهولة.
فالسعة الحرارية النوعية للرمل، واستقراره الحراري، وتكلفته المنخفضة، تجعله خيارًا مستدامًا للدمج في تطبيقات الطهي، بحسب ما أكده الباحثون في دراسة نُشرت في مجلة سولار إنرجي أدفانسيز (Solar Energy Advances) بعنوان "تحليل تجريبي لجهاز طهي بخاري مؤسسي يعمل بالطاقة الشمسية مع تخزين الطاقة الحرارية القائمة على الرمل".
شارك في الدراسة علماء من جامعة كوامي نكروما للعلوم والتكنولوجيا في غانا، ومركز الاستشارات التكنولوجية- المركز الدولي للابتكار والتصنيع ونقل التكنولوجيا وريادة الأعمال (TCC-CIMET)، وجامعة كيب كوست التقنية.
قال الأكاديميون في بحثهم: "لم تُدرَس إمكانات الرمل على نطاق واسع، نظرًا لاستقراره الحراري وانخفاض تكلفته.. تعتمد الأبحاث الحالية أساسًا على الثنائيات، أو السخانات المقاومة، أو أنظمة الحث بوصفها مصادر للحرارة، مع استكشاف محدود لتوليد البخار المباشر باستعمال الحرارة المخزنة في الرمل".
وأضافوا: "يُعدّ دمج الطهي بالبخار مع تخزين الطاقة الحرارية القائمة على الرمل في أنظمة الطاقة الشمسية مجالًا جديدًا، وما تزال كفاءته في إنتاج البخار وطهي الطعام غير واضحة".

جهاز طهي بخاري مبتكر
وفق الدراسة التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يتكون نظام جهاز الطهي البخاري المُختبر من 20 وحدة شمسية كهروضوئية، تبلغ قدرتها القصوى 580 واط، وكفاءتها 22.65%.
وتُوجَّه الكهرباء المُولَّدة إلى نظام تخزين الطاقة الحرارية القائمة على الرمل، الذي يتكوَّن من جزأين: حاوية رمل من الفولاذ الطري مملوءة برمال المحجر، مُدمَج فيها عنصر تسخين مقاوم للتيار المستمر.
فوق طبقة الرمل، ثُبِّتت حجرة ماء تحتوي على 10 كيلوغرامات من الماء، تُولِّد بخارًا يُسخِّن الطعام داخل حاوية الطهي.
يبلغ ارتفاع حجرة الطهي 143 سنتيمترًا، وطولها 150 سنتيمترًا، وعرضها 57.5 سنتيمترًا، في حين تبلغ أبعاد البطارية الحرارية 15 سنتيمترًا × 65.5 سنتيمترًا × 44 سنتيمترًا.
أُجرِي الاختبار في مدرسة كونست الثانوية بمدينة كوماسي في غانا؛ وأُجريت اختبارات غليان الماء يوميًا من 21 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بين الساعة 10:00 صباحًا و3:00 مساءً. تلتها تجارب الطهي من 5 إلى 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وشملت الأجهزة المُستعملة مقياسًا للإشعاع الشمسي، ومسدسًا لقياس درجة الحرارة بالأشعة تحت الحمراء، وفولتميترًا، وأمبيرًا، وآلة تصوير حرارية.
نتائج كفاءة الطاقة لجهاز الطهي
أظهرت النتائج أن درجة حرارة حجرة الطهي تراوحت بين 105 و110 درجات مئوية، وهي كافية لطهي 16 كيلوغرامًا من الأرز في 80 دقيقة، و16 كيلوغرامًا من الفاصوليا في 140 دقيقة.
وحقّق جهاز الطهي البخاري الذي يعمل بالطاقة الشمسية كفاءة حرارية بلغت 38.9%، متجاوزًا أداء أنظمة شيفلر البخارية الشمسية (التي تستعمل مُركّزًا شمسيًا ثابت التركيز لتوليد بخار عالي الحرارة) بنحو 12-14% في ظل ظروف مماثلة، إذ حققت كفاءة طاقة 25-26.5%.
وخزّنت وحدة تخزين الطاقة الحرارية القائمة على الرمل ما بين 13 و15 ميغاجول من الكهرباء، موفرةً 4-6 ساعات من الطهي الموثوق، حتى في ظل إشعاع شمسي متغير يتراوح بين 400 و900 واط/م².
وأشار تحليل تكلفة دورة الحياة إلى مدة استرداد تبلغ 4.5 سنوات، مع تقدير أن إجمالي التكاليف على مدى 20 عامًا أقل بنسبة 47% من تكاليف أجهزة الطهي التقليدية القائمة على الكتلة الحيوية.
وحُسبت الوفورات السنوية في الانبعاثات التي حقّقها جهاز الطهي البخاري الذي يعمل بالطاقة الشمسية بما يعادل 5312 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون، و11.10 كيلوغرامًا من أكاسيد النيتروجين، و7.05 كيلوغرامًا من الجسيمات الدقيقة بقطر 2.5 ميكرومترًا، ما يُسهم في الحدّ من إزالة الغابات، وخفض تلوث الهواء الداخلي، ودعم أهداف غانا الوطنية.
موضوعات متعلقة..
- مبادرات الطهي النظيف تسجل نتائج قوية في كل القارات إلا أفريقيا (تقرير)
- غاز النفط المسال يعزز حلول الطهي النظيف ويحمي صحة الأفارقة (تقرير)
- أمين عام أوبك: غاز النفط المسال أبرز حلول الطهي النظيف
اقرأ أيضًا..
- منحة النفط السعودي.. تفاصيل "توليفة الخام" ليناسب المصافي السورية
- ركود مفاجئ في سوق تخريد ناقلات الغاز المسال.. ما سر التحول؟
- انهيار أحد أكبر مشروعات الهيدروجين في العالم
- أفضل الدول العربية جذبًا لاستثمارات الكهرباء.. قائمة الـ10 الأوائل
المصدر:





