
شهد إنتاج الكهرباء في المغرب خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2025 تطورًا لافتًا، بعدما سجّل القطاع واحدة من أقوى موجات النمو خلال السنوات الأخيرة، مدفوعًا بتعافي الطلب وتوسُّع المشروعات المحلية وزيادة الاعتماد على الإنتاج الخاص.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، للبيانات الرسمية، فإن النمو المتسارع يعكس ديناميكية جديدة داخل السوق، خصوصًا مع ارتفاع الإنتاج الوطني وتوسّع الربط مع الأسواق الإقليمية.
كما جاءت هذه التطورات في سياق تزايد احتياجات الاستهلاك وتنامي دور الإنتاج الخاص في تلبية الطلب المحلي المتصاعد، إذ شهدت المنظومة تحسّنًا واضحًا في مستوى التوليد، بينما ساعد استيراد الكهرباء على تحقيق توازن أفضل خلال أوقات ذروة الطلب.
ويُبرز ارتفاع إنتاج الكهرباء في المغرب قدرة المملكة على إدارة الشبكة بكفاءة عالية، كما أنه يعدّ مقدمة لتوسيع الاستثمار في مشروعات جديدة تعزز قدرة الإنتاج خلال العامين المقبلين.
وتزامن الأداء القوي مع توسُّع برامج الكهربة القروية، وهو ما يُعدّ امتدادًا لسياسات طويلة الأمد دعمت وصول الكهرباء إلى أغلب مناطق البلاد، ليشكّل القطاع رافعة أساسية للنمو الاقتصادي، ويفتح الباب أمام جيل جديد من المشروعات الصناعية والخدمية المتطورة.
صعود الإنتاج واتساع الطلب
أظهرت البيانات الحكومية أن إنتاج الكهرباء في المغرب ارتفع بنسبة 5.9% في الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري 2025، بما يعكس استمرار نمو قدرات التوليد بعد الزيادة المسجلة العام الماضي، وسط زخم واضح على مستوى المشروعات الإنتاجية الجديدة.
وأشارت مديرية الدراسات والتوقعات المالية إلى أن هذا النمو يُعزى أساسًا إلى ارتفاع إنتاج القطاع الخاص بنسبة 7.7%، في حين أسهَم المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بزيادة بلغت 6.9%، مما عزّز إجمالي المعروض المتاح داخل الشبكة الوطنية.
كما شهدت منظومة الطلب الصافي قفزة قوية، إذ سجلت أعلى مستوى لها في 12 عامًا حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2025، مدفوعة بتوسُّع الأنشطة الاقتصادية وعودة الطلب الصناعي إلى الارتفاع، في وقت حافظ فيه القطاع السكني على وتيرة متوازنة من الاستهلاك.
في المقابل، ارتفع حجم الكهرباء المستوردة بنسبة 24.7% عند نهاية سبتمبر/أيلول 2025، بهدف تدعيم التوازن في أوقات الذروة، خاصة خلال أوقات الارتفاع المفاجئ في الطلب، وهو ما مكّن الشبكة من الحفاظ على مستويات إمداد مستقرة.
وسجّل حجم الكهرباء المصدّرة تراجعًا يصل إلى 29.4% مقارنة بالمدة نفسها من 2024، في خطوة تعكس أولوية تلبية الطلب المحلي المتنامي، إضافة إلى تغيّر أنماط التشغيل المرتبطة بالظروف الإقليمية وتقلبات الإنتاج لدى الشركاء.

من جانبه، أكد المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، المهندس طارق حمان، أن إنتاج الكهرباء في المغرب ومعدل الكهربة زاد من 16% عام 1996 إلى 99.9% في 2025.
وأوضح المسؤول المغربي أن هذا التطور يشكّل أحد أكبر التحولات في تاريخ المنظومة الكهربائية بالقارة، وفق التصريحات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال حمان، إن التجربة المغربية تُمثّل نموذجًا رائدًا يمكن استثماره داخل أفريقيا، خصوصًا في إطار أهداف "المهمة 300" التي تسعى إلى ربط 300 مليون شخص بالكهرباء بحلول عام 2030، مستندةً إلى نجاحات المملكة وخبرتها الفنية والتخطيطية.
دور محوري للمغرب داخل أفريقيا
أكد المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، المهندس طارق حمان، أن إنتاج الكهرباء في المغرب لم يعد مجرد خطوة خدمية، بل أصبح عنصرًا أساسيًا لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبوابة لخلق فرص عمل جديدة في المدن والقرى.
وأشار إلى أن المغرب مستعد لتقاسم خبرته مع الدول الإفريقية، إذ يرى أن توسيع قدرات التوليد وتحديث البنية التحتية يمثّلان حجر الزاوية لإنجاح مبادرة "المهمة 300"، التي تستهدف سدّ فجوة الوصول إلى الكهرباء في القارة.
في السياق ذاته، شدّد مدير الطاقة في بنك التنمية الأفريقي والي شونيبار على أن إنتاج الكهرباء في المغرب يعكس ريادة وطنية مهمة داخل القارة، خصوصًا مع الاتفاقيات التي وُقِّعت لتعزيز قطاع الطاقة وتسهيل التمويل الدولي للمشروعات الكبرى.
وأضاف أن الحكومات وحدها لا تستطيع تمويل احتياجاتها المتنامية من الكهرباء، لافتًا إلى أن مشاركة القطاع الخاص أصبحت عنصرًا حاسمًا في هذه المرحلة، وتحديدًا في الدول التي تستهدف توسيع شبكات التوليد والتوزيع.
وبيّن أن المنتدى الأفريقي للاستثمار يوفر منصة إستراتيجية لعرض الإصلاحات والفرص الاستثمارية، ما يعزز قدرة الدول على جذب مزيد من التمويل الخارجي، مستندًا إلى قصص النجاح التي تُمثّلها تجارب مثل إنتاج الكهرباء في المغرب.
ولفت إلى أن الاجتماعات المستمرة ضمن مبادرة "المهمة 300" تُمثّل فرصة لتبادل الخبرات والتعلم المتبادل، خاصةً بعد التجارب السابقة في تنزانيا ولندن ونيويورك، وتزامن ذلك مع فعاليات منتدى المناخ والتنقل المرتقب في جوهانسبرغ.
وتشهد المدة بين 26 و28 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 انعقاد المنتدى الأفريقي للاستثمار تحت شعار "تقليص الفجوات"، الذي يستهدف إطلاق مشروعات جديدة في القارة، بما يشمل دعم الدول التي ترغب في تطوير قطاعاتها الكهربائية على زيادة إنتاج الكهرباء في المغرب خلال السنوات الأخيرة.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج الكهرباء في المغرب وأكبر 5 محطات (تغطية خاصة)
- تصاعد إنتاج الكهرباء في المغرب.. والطاقة المتجددة داعم رئيس
- المغرب يتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة بتشريع يدعم إنتاج الكهرباء ذاتيًا
اقرأ أيضًا..
- قطاع الطاقة في إيران.. ماذا يترقب من خطة التنمية الوطنية السابعة؟ (مقال)
- إيرادات سلطنة عمان من النفط والغاز في 9 أشهر (إنفوغرافيك)
- أكبر الدول العربية المستوردة للكهرباء ومعدات التوليد.. فاتورة تقفز إلى 31.5 مليار دولار





