أكبر سفينة شحن في العالم تواجه صعوبات خلال رحلتها الأولى.. خيبة أمل لهدف الانبعاثات
محمد عبد السند
- تعرضت سفينة نيولاينر أوريجن لعثرات خلال رحلتها الأولى
- زودت السفينة بنظام دفع هجين
- السفينة قطعت رحلتها البحرية الأولى في أسبوعين
- صناعة الشحن تستعمِل زيت الوقود الثقيل
- واجهة السفينة مشكلة في شراعها خلال الإبحار
أثارت أكبر سفينة شحن في العالم شكوكًا حول أهداف إزالة الانبعاثات من أنشطة الشحن البحري؛ ما يُسبّب قلقًا بشأن أهداف النقل البحري المستدام.
فقد واجهت سفينة نيولاينر أوريجن (Neoliner Origin) المصممة بتقنيات صديقة للبيئة صعوبات شديدة خلال رحلتها البحرية الأولى التي قطعتها مؤخرًا، على رأسها ظهور خلل في أحد أشرعتها؛ ما قلل كفاءتها في خفض استهلاك الوقود.
وتعرّضت السفينة المملوكة لشركة نيولاين (Neoline) الفرنسية لتلك العثرات على الرغم من تصميمها الهوائي بالغ التطور المعتمِد على أشرعة مساحتها 3 آلاف متر مربع، وفق تفاصيل اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
كما زُوّدت السفينة بنظام دفع هجين يجمع بين أشرعة كربونية ومحرك ديزل-كهربائي بقوة 4 آلاف كيلوواط، يضمن وصول السفينة إلى وجهاتها في الوقت المحدد دون تأخير.
أهداف وردية
انطلقت أكبر سفينة شحن في العالم في أولى رحلاتها البحرية من فرنسا إلى الولايات المتحدة الأميركية، في مسعى لإشعال ثورة في صناعة الشحن البحري الملوثة للبيئة.
وقطعت السفينة رحلتها في أسبوعَيْن، استهلتها من الساحل الغربي لفرنسا، متجهةً إلى بالتيمور في ولاية ميريلاند الأميركية.
واستهدفت سفينة "نيولاينر أوريجن" خلال رحلتها خفض انبعاثاتها الكربونية بنسبة 80%، مقارنةً بسفينة شحن تعمل بالديزل؛ ما يؤهلها إلى رسم مسار لإزالة الكربون من صناعة الشحن البحري المسؤولة عن 3% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة عالميًا.
وتعمل السفينة أساسًا بشراعَيْن مصنوعَيْن من الكربون والألياف الزجاجية إلى جانب محرك احتياطي هجين يعمل بالكهرباء والديزل.
وكان على متن السفينة خلال رحلتها الأولى 8 أشخاص، وطاقم من أكثر من 12 فردًا، إلى جانب حمولة تزن 1204 أطنان تشتمل على 500 ألف زجاجة، وحاويات محملة بالخبز، إلى جانب عشرات الرافعات الشوكية، و8 سيارات رينو هجينة.
ويُنقَل نحو 80% من السلع المتداولة عالميًا بوساطة السفن، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

زيت الوقود
تستعمِل صناعة الشحن كذلك زيت الوقود الثقيل -وهو من بين أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة- ويُطلَق عليه كذلك وقود السفن.
وزيت الوقود عبارة عن رواسب تشبه القطران، ويوجد في قاع برميل النفط المكرر.
ومن الممكن أن تقدم سفن الشحن العاملة بطاقة الرياح بديلًا للطيران الذي يُعد أحد أكثر الأنشطة التي تنطلق منها انبعاثات كربونية.
وعلى الرغم من أن 10% فقط من السكان حول العالم يتنقلون جوًا، فإن الطيران يمثّل قرابة 2.5% فقط من الانبعاثات الكربونية عالميًا.
وقال أحد قادة أكبر سفينة شحن في العالم، ويُدعى أنتونين بيتيت، الذي كان على متنها خلال رحلتها الأولى: "لطالما حلمت بأن أصبح قبطانًا على متن السفينة منذ 15 عامًا".
وأضاف: "حلمت كذلك بأن أنجز شيئًا حقيقيًا للكوكب عبر عدم حرق أي زيت وقود في الجو في أثناء نقل السلع والبضائع بحرًا".
مفاجأة خارج الحسابات
يستهلك محرك أكبر سفينة شحن في العالم ما يتراوح بين 20% و50% من سعته؛ ما يعني أن الأشرعة تؤدي وظيفتها، وتخفض بالتالي معدل استهلاك الوقود.
لكن بعد مضي 3 أيام على انطلاق رحلة سفينة "نيولاينر أوريجن"، تبدّلت الأوضاع تمامًا بصورة تبعث على القلق؛ ما دق جرس إنذار بشأن استدامة مكونات تلك السفن الصديقة للبيئة.
فقد ظهرت شقوق في اللوح العلوي لأحد الأشرعة الكربونية، قبل أن يتحطم ويصبح غير صالح للاستعمال؛ ما قد يُعزى إلى عيب في تصميم اللوح وأبعاده.
ولم يتمكّن الطاقم من إصلاح ذلك العيب إلى أن وصلت السفينة قبالة السواحل الكندية بعد مرور أسبوع، حينما استعانت بـ4 فنيين من فرنسا لإعادة بناء الشراع في ورشة عمل مؤقتة موجودة في عنبر الشحن على مدى الأيام الـ5 التالية.
وعلى الرغم من أن الشراع الأمامي الوحيد كان ما يزال صالحًا للاستعمال؛ فإنه يلقي شكوكًا حول الأهداف الطموحة لخفض استهلاك الوقود والانبعاثات في أثناء الرحلة.
وهذا ما دفع طاقة السفينة إلى الاعتماد على المحرك طوال أيام الرحلة الـ12 التالية وصولًا إلى بالتيمور.
وإلى جانب عيوب الشراع، ظهرت مشكلة التوقيت السيئ؛ إذ أبحرت السفينة نحو نظام ضغط منخفض على أمل استغلال الرياح القوية لدفعها.
غير أن الرياح لم تكن بالقوة المتوقعة التي تنبأت بها البرمجيات المستعمَلة بوساطة طاقم السفينة؛ لتظهر فجوة واسعة بين التنبؤات والواقع.
وعزا العلماء تزايد تلك الظاهرة بمعدلات مطردة إلى التغيرات المناخية.
مستقبل النقل المستدام.. علامات استفهام
وفق دراسة بحثية صادرة عن المجلس العالمي للنقل النظيف "آي سي سي تي" (ICCT)، سيتطلّب 90% من عمليات إزالة الكربون في قطاع الشحن البحري تحولًا من زيت الوقود الملوث للبيئة إلى الوقود الأخضر.
وتتضمّن نسبة الـ10% الأخرى تحسينات الكفاءة، مثل إعادة تجهيز الأشرعة، لتعزيز قدرات نظام الدفع عبر طاقة الرياح.
من جهته، قال مدير البرامج البحرية في " آي سي سي تي"، بريان كومر: "ثمة فرصة سانحة أمام أنظمة الدفع بوساطة طاقة الرياح لخفض استهلاك الوقود والتكاليف؛ ما يبدو جيدًا، لأن تكلفة الهيدروجين الأخضر سترتفع بما يتراوح بين 3 و4 أضعاف مقارنةً بالوقود الأحفوري".
ومع ذلك فإنه بالنسبة إلى سفن الركاب تظهر هناك تكلفة إضافية تتمثّل في التذكرة؛ إذ تبلغ تكلفة رحلة لمدة أسبوعَيْن من سان نازير في فرنسا إلى بالتيمور على متن سفينة نيولاين 3 آلاف و200 يورو (3 آلاف و690 دولارًا أميركيًا).
*(اليورو = 1.15 دولارًا أميركيًا)
ويوضح الفيديو الآتي مراحل تصنيع سفينة "نيولاينر أوريجن":
موضوعات متعلقة..
- أول سفينة شحن عامة حيادية الكربون تعمل بالهيدروجين السائل في العالم
- تشغيل قاطرة تعمل بالهيدروجين لنقل الفحم في كندا
- سحب 14 حافلة تعمل بالهيدروجين بعد عطل مفاجئ
اقرأ أيضًا..
- ابتكار سخان شمسي.. ثورة توفير في فواتير الكهرباء
- 3 سيناريوهات لحقل غرب القرنة 2 العراقي بعد انسحاب لوك أويل (حصري)
- حقل غرب القرنة 1 في العراق يحظى بصفقة جديدة
المصدر:
1. تقرير من صحيفة الغارديان البريطانية.





