فرص الغاز المسال الكندي في ظل المنافسة الأميركية والقطرية (تقرير)
هبة مصطفى
يقف الغاز المسال الكندي على أعتاب مرحلة حرجة وحيوية، إذ يتعيّن على الحكومة حسم موقفها بين التركيز على الصادرات، في ظل احتدام المنافسة بالسوق العالمية والاهتمام بتنويع الموارد.
وعلى الرغم من امتلاك أوتاوا إمكانات غاز طبيعي قوية، وخططًا لمشروعات إسالة، فإنها لا تزال متأخرة عن الركب العالمي.
وتطمح الحكومة الحالية، برئاسة مارك كارني، إلى الانخراط في الصناعة، بهدف تلبية الطلب على الطاقة والتوسع في الصادرات، لكن يبدو أن هذه الرؤية تصطدم بعوامل وتحديات عدة تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وانقسم خبيران إلى فريقَيْن: أحدهما مؤيد للتوسع في صادرات الغاز المسال، والآخر انحاز إلى الطاقة المتجددة.
فرص الغاز المسال الكندي
بالنسبة إلى حكومة رئيس الوزراء مارك كارني فإن هناك فرصة سانحة لزيادة صادرات الغاز المسال الكندي، بناء على بعض المتغيرات، من بينها:
- الاستفادة من احتياطيات الغاز الطبيعي في البلاد.
- نمو الطلب العالمي على الطاقة.
- الرغبة في تعزيز الاقتصاد وزيادة العوائد.
- فتح المجال لفرص عمل إضافية.

ويتفق الطموح الحكومي مع رؤية طرحها الزميل التنفيذي في كلية السياسات العامة بجامعة كالغاري، الرئيس التنفيذي السابق للجنة تسويق النفط في ألبرتا، ريتشارد ماسون.
وقال ماسون إن الغاز المسال الكندي مستعد للمنافسة في السوق العالمية، استنادًا إلى موارد الغاز الطبيعي الكبيرة، والقدرة على تقديم أسعار غير مسبوقة بعد بيع 1000 قدم مكعبة بسعر 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وجاء ذلك بالتزامن مع تسعير السوق العالمية للمليون وحدة بنحو 12 دولارًا، وفق ما نقله عنه موقع بي إن إن بلومبرغ.
وأوضح أن منشآت ومشروعات الغاز المسال الكندي تبرهن على الاستفادة السعرية، خاصة مشروع بريتيش كولومبيا، الذي انطلقت أول شحنة من صادراته نهاية يونيو/حزيران 2025.
ولفت ماسون إلى النمو اللافت للطلب العالمي على الطاقة، مشيرًا إلى مشروعات الغاز المسال الكندي قادرة على تلبية هذه الإمدادات للقرب من السوق الآسيوية.
تحديات التوسع والتصدير
تصطدم طموحات الحكومة الكندية والخبير ريتشارد ماسون حول توسعات الغاز المسال، أبرزها: المنافسة العالمية، والطاقة المتجددة.
- المنافسة العالمية
قد تضطر كندا إلى منافسة صادرات الغاز المسال الأميركي والقطري، بعدما رسخا أقدامهما في السوق العالمية بصفقات فورية وعقود توريد طويلة الأجل.
واحتلّت واشنطن والدوحة الترتيب الأول والثاني ضمن قائمة أكبر مصدري الغاز المسال عالميًا، في الربع الثالث من العام الجاري (من يوليو/تموز، حتى نهاية سبتمبر/أيلول).
وحلّت أميركا في المقدمة بصادرات بلغت 26.72 مليون طن خلال الربع، في حين صدّرت قطر 20.10 مليون طن، حسب بيانات تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية" الفصلي الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة، ويمكنكم مطالعته كاملًا من (هنا).
- الطاقة المتجددة
يرى مستشار السياسات في معهد التنمية المستدامة الدولي، ستيفن هيغ، أن فرص الغاز المسال الكندي ليست بالقوية.
وأرجع ذلك إلى تفضيل عدد كبير من الدول المستوردة حاليًا الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة الأقل تكلفة وأعلى موثوقية، بدلًا من شراء الغاز المسال بأسعار عالية.
وقال إن هذه المفارقة تعكس ضعف الجدوى الاقتصادية للغاز المسال، ومدى تأخر كندا عن الركب خصوصًا أن المشروعات الكبرى تتأثر بعوامل السوق العالمية مثل: الأسعار والطلب المتنامي.
وفي هذه الحالة، عادة ما تستقطب السوق منتجين لديهم القدرة على البيع بأسعار منخفضة، مثل قطر، ما قد يتسبّب في تعثر المشروعات الكندية.

الغاز المسال أم الطاقة المتجددة؟
رغم التحديات، تظل كندا مالكة لمفاتيح المنافسة القوية في السوق العالمية، بتصدرها المرتبة الـ4 لأكبر موردي الغاز الطبيعي، والـ5 ضمن أكبر المنتجين.
ومع زيادة الطلب على الغاز المسال خاصة في أوروبا وآسيا، توافقًا مع الأهداف العالمية لتنويع الموارد وتقليص الاعتماد على الوقود الملوث (مثل الفحم)، قد تصبح الفرصة سانحة أكبر للصادرات الكندية.
ويبدو أن المطورين الكنديين يسعون للاستفادة من متطلبات السوق والطلب؛ إذ تدرس الحكومة تطوير المرحلة الثانية من مشروع بريتيش كولومبيا، بتوقعات جذبه استثمارات من القطاع الخاص بقيمة 33 مليار دولار.
وحاول الخبير ريتشارد ماسون إمساك العصا من منتصفها، بتأكيد أنه لا تعارض بين نمو الطلب العالمي ومواصلة توسعات الطاقة المتجددة (مثل: الرياح، والطاقة الشمسية والكهرومائية).
وشدد على أن نمو مصادر الطاقة المتجددة لا يحدث بالوتيرة الكافية لتلبية الطلب، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها وحدها.
وتطرّق إلى "المعايير البيئية" التي تراعيها البلاد خلال إنتاج الغاز الطبيعي، والتي تجعل الغاز المسال الكندي بين الأقل عالميًا حسب مستوى الانبعاثات.
وقال إن توقفت كندا عن تطوير الغاز المسال -للتركيز على الطاقة المتجددة، أو لمراعاة الانبعاثات- فإن الدول الأخرى مثل قطر وروسيا وأستراليا لن تفعل ذلك.
ومقابل ذلك، يشكّك الخبير ستيفن هيغ في انحياز حكومة مارك كارني للغاز المسال، مدافعًا عن احتمالية الاستفادة من موارد الطاقة المتجددة لتعزيز المشروعات الكندية القابلة للنمو.
وأضاف أن مثل هذه المشروعات -مثل مشروعات الرياح البحرية، أو الطاقة الشمسية في ألبرتا- لديها القدرة على توفير فرص عمل، وخفض فواتير الكهرباء للمستهلكين المحليين، خاصة في ظل دعم حكومي.
موضوعات متعلقة..
- انطلاق أول شحنة غاز مسال من كندا إلى وجهتها.. خطوة تاريخية
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي يمهد طريق إمدادات كندا والمكسيك لآسيا
- حوض جان دارك في كندا.. احتياطيات الغاز قد تصل إلى 40 تريليون قدم مكعبة
اقرأ أيضًا..
- مخزونات النفط الأميركية ترتفع 6.4 مليون برميل متجاوزة التوقعات
- مفاوضات لتوريد توربينات غاز إلى سوريا.. والجزائر تدرس المنافسة
- وكالة الطاقة الدولية ترفع توقعات نمو الطلب على النفط في 2025 و2026
المصادر..
- تحليل فرص الغاز المسال في كندا مع المنافسة الأميركية والقطرية والطاقة المتجددة، من بي إن إن بلومبرغ.





