أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: عقوبات ترمب على الشركات الروسية تؤثر في العراق.. هذه أبرز التداعيات

أحمد بدر

تشهد أسواق النفط العالمية موجة جديدة من التوتر بعد العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على شركتي "روسنفط" و"لوك أويل" الروسيتين، وسط مخاوف من تداعيات اقتصادية وجيوسياسية تمتد إلى الشرق الأوسط، خاصة في العراق.

وفي هذا السياق، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن العقوبات تُعدّ من أكثر الخطوات تعقيدًا في السنوات الأخيرة، لأنها لا تستهدف دولة أو قطاعًا كاملًا، بل شركتين لهما مصالح متشعبة عبر العالم.

وأوضح أن ترمب أراد من هذه الخطوة الضغط على موسكو لتغيير مواقفها من الحرب الأوكرانية، لكنه تجاهل أن هذا النوع من الحظر يؤدي عادة إلى تعزيز النزعة الوطنية داخل الدول المستهدفة، ما يجعلها أكثر قدرة على تحمّل الألم الاقتصادي دون تغيير مواقفها السياسية.

وأشار إلى أن الحظر الأميركي الجديد شمل تجميد أصول الشركتين في الولايات المتحدة، وهو ما لا يترتب عليه أثر فعلي، لأنهما لا تمتلكان أصولًا هناك، مضيفًا أن القرار حظر التعاملات المالية معهما، رغم أن هذه الإجراءات كانت موجودة في عهد الرئيس السابق جو بايدن أيضًا.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي بمساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" بعنوان: "هل يُغيّر حظر ترمب شركتي روسنفط ولوك أويل اتجاهات أسواق النفط مرة أخرى؟".

تداعيات مباشرة على العراق

أكد أنس الحجي أن تأثير العقوبات الجديدة امتدّ سريعًا إلى العراق، إذ تُعدّ شركة "لوك أويل" الروسية شريكًا رئيسًا في حقل غرب القرنة 2 بنسبة 75%، مقابل 25% لشركة نفط عراقية، ما جعل القرار الأميركي يخلق مأزقًا قانونيًا وتشغيليًا كبيرًا للحكومة العراقية.

وأوضح أن استمرار ترمب في فرض الحظر على الشركات الروسية يعني أن العراق لا يستطيع التعامل مباشرة مع "لوك أويل" أو شراء النفط منها، وهو ما دفع الأخيرة إلى إعلان حالة "القوة القاهرة"، مؤكدةً عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية في الوقت الراهن.

شعار شركة لوك أويل الروسية في أحد مشروعاتها
شعار شركة لوك أويل الروسية في أحد مشروعاتها - الصورة من موقعها الإلكتروني

وبيّن أنس الحجي أن هذا الإعلان أحدث ارتباكًا كبيرًا داخل قطاع النفط العراقي، إذ ترتَّب عليه توقُّف جزئي للصادرات من الحقل وتأجيل بعض الشحنات في المواني الجنوبية، في انتظار حلول بديلة تضمن استمرار الإنتاج دون خرق للعقوبات الأميركية.

وأضاف أن الحكومة العراقية تواجه موقفًا معقّدًا، فطرد "لوك أويل" التزامًا بموقف ترمب سيكلّفها مليارات الدولارات نتيجة الدعاوى القضائية المتوقعة، بينما الإبقاء على الشراكة يضعها تحت ضغط سياسي واقتصادي مع واشنطن.

وكشف لجوءَ بغداد إلى تكليف شركتين وطنيتين مؤقتًا بإدارة العمليات في الحقل بدلًا من "لوك أويل"، غير أن هذه الخطوة تبقى رمزية، لأن انتقال السيطرة الفنية والإدارية لمشروع بهذا الحجم يستغرق عادةً ما بين 8 أشهر وعامين على الأقل.

وأشار الحجي إلى أن العراق يسعى بهذه الخطوة إلى حماية مصالحه النفطية مؤقتًا، وتجنُّب أيّ ردود فعل أميركية مباشرة من إدارة ترمب التي ما تزال تضغط سياسيًا عبر المؤسسات المالية الدولية.

وشدد خبير اقتصادات الطاقة على أن صادرات العراق النفطية قد تشهد انخفاضًا مؤقتًا خلال الأشهر المقبلة، حتى تتضح آليات التعامل الجديدة مع الحقول التي تملك فيها الشركات الروسية حصصًا تشغيلية كبيرة.

حقل غرب القرنة 2
حقل غرب القرنة 2 - الصورة من موقع شركة لوك أويل الروسية

انعكاسات أوسع على الأسواق العالمية

يرى أنس الحجي أن العقوبات الجديدة لا تقتصر آثارها على العراق فقط، بل تمتد لتشمل الأسواق الأوروبية والآسيوية، إذ تعيد خلط الأوراق في سلاسل التوريد النفطية، وتؤثّر في حركة السفن وجدولة الصادرات والمشتريات الدولية.

وأوضح أن العديد من السفن أُعيدت جدولتها في المواني بسبب تعطُّل الإمدادات الروسية، ما تسبَّب في ارتفاع تكاليف النقل والتأمين، كما دخلت السوق مرحلة من "اللعب حول العقوبات"، إذ تسعى الدول والمستوردون للالتفاف عليها بطرق قانونية أو تجارية مبتكرة.

وأشار إلى أن قرارات ترمب، رغم هدفها المعلَن بإضعاف الاقتصاد الروسي، جاءت بنتائج عكسية في بعض الحالات، إذ أجبرت موسكو على تقديم حسومات كبيرة على النفط للصين، التي استفادت من شراء كميات ضخمة بأسعار منخفضة مقارنة بالشركات الأميركية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - الصورة من سي إن إن

وأضاف مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة أن الهند -التي قلّصت بعض مشترياتها بسبب الحظر- أفسحت المجال أمام الصين لتعزيز موقعها بوصفها مستوردًا أول للنفط الروسي الرخيص، ما أدى لتغير توازنات السوق الآسيوية لصالح بكين على حساب الشركات الغربية.

وأكد أن السياسات التي تبنّاها ترمب تجاه روسيا تندرج ضمن إطار حربه التجارية الأوسع مع الصين، غير أن النتائج أظهرت أن بكين كانت المستفيد الأكبر من هذه المواجهة الاقتصادية غير المباشرة.

وتابع: "شركتا "لوك أويل" و"روسنفط" تنتجان نحو نصف إجمالي النفط الروسي، وموسكو بدأت في نقل جزء من عملياتها إلى شركات فرعية جديدة لتفادي ذكر اسمَي الشركتين في العقود الدولية".

واختتم أنس الحجي حديثه بالقول، إن ما يجري يشبه "لعبة الكراسي الموسيقية"، إذ تتغيّر الأسماء وتُعاد هيكلة العقود، لكن النفط الروسي سيستمر في الوصول إلى الأسواق العالمية، لأن الطلب لا يمكن تعويضه من مصادر أخرى في المدى القصير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق