
تترقب حقول الغاز في سوريا تطورات جديدة قد تغيّر خريطة الطاقة في البلاد، بعد توقيع مذكرة تفاهم بين شركة دانة غاز الإماراتية و"الشركة السورية للبترول"، تمهيدًا لاستثمار إماراتي مباشر في القطاع.
وبحسب تقديرات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الاتفاق الجديد يأتي في وقت حسّاس، مع تعليق العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق، ما يفتح الباب أمام دخول رؤوس أموال عربية لتعزيز الإنتاج المحلي من الغاز.
ويُتوقع أن تسهم المذكرة في إعادة تشغيل حقول الغاز في سوريا التي تضررت بشدة خلال السنوات الماضية، وخاصة الحقول الكبرى في ريف حمص مثل "أبو رباح"، بما يدعم إنتاج الكهرباء ويقلّل الاعتماد على الاستيراد النفطي المكلف.
يشار إلى أن متوسط إنتاج سوريا من الغاز الطبيعي خلال العام الجاري 2025 بلغ نحو 6 ملايين متر مكعب يوميًا (حسب تصريحات لوزارة الطاقة بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول، نشرتها وكالة الأنباء السورية).
اتفاق إماراتي ينعش قطاع الغاز السوري
تُعدّ الخطوة التي اتخذتها دانة غاز مؤشرًا على ثقة متزايدة بقدرة حقول الغاز في سوريا على العودة إلى المشهد الإقليمي، إذ تشمل المذكرة إعادة تطوير وتوسعة عدد من الحقول الإستراتيجية، أبرزها حقل "أبو رباح" الذي يُعدّ الأكبر في البلاد.
ومن المقرر أن تبدأ الشركة بإجراء تقييم فنّي شامل للحقول تمهيدًا لوضع خطة تطوير متكاملة، تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلي من الغاز وضمان استدامة التوريد لمحطات الكهرباء، وفقًا للإفصاح المنشور في موقع سوق أبو ظبي للأوراق المالية.
وتمثّل الصفقة الجديدة دفعة قوية لقطاع الطاقة السوري، الذي تراجع إنتاجه من 30 مليون متر مكعب يوميًا قبل عام 2011 إلى أقل من 10 ملايين حاليًا، ما تسبَّب في عجز مزمن بمحطات توليد الكهرباء، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة "دانة غاز"، ريتشارد هول، أن المشروعات الجديدة ضمن مذكرة التفاهم قادرة على إحداث فرق حقيقي في الإنتاج المحلي، وتعزيز أمن الطاقة ودعم المجتمعات القريبة من حقول الغاز في سوريا.
يُذكَر أن وزير الطاقة السوري محمد البشير كان قد اجتمع في سبتمبر/أيلول 2025 مع وفد شركة دانة غاز، لبحث آفاق التعاون الفني وخطط إعادة تأهيل البنية التحتية الخاصة بالحقول المتضررة.
وبحسب مصادر رسمية، يُتوقع أن تقدّم "دانة غاز" تقريرها النهائي الخاص بالمشروع، خلال الربع الأول من عام 2026، لتبدأ بعدها مراحل التنفيذ التدريجي لعمليات التطوير في حقول الغاز في سوريا.
تعاون أميركي سوري
جاء توقيع المذكرة بين الشركة الإماراتية والمؤسسة السورية بعد أيام من إعلان وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة بموجب قانون "قيصر" لمدة 180 يومًا، وهو ما يُعدّ تحولًا نوعيًا في السياسة الأميركية تجاه دمشق.
وكانت العاصمة الأميركية واشنطن قد شهدت قبل يومين، وتحديدًا في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، أول زيارة لرئيس سوري منذ عام 1946، إذ بحث أحمد الشرع مع ترمب ملف الطاقة، في لقاء وُصِف بأنه غير مسبوق من حيث التوقيت والمضامين.
وأكد وزير الداخلية الأميركي دوج بورغوم خلال اللقاء أن تعليق العقوبات يهدف إلى تشجيع التعاون في مجال النفط والغاز، وهو أمر يتيح التوجّه نحو تطوير حقول الغاز في سوريا التي تمتلك احتياطيات ضخمة غير مستغلة.

وأشار وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إلى أن هناك نقاشات جارية مع القيادة السورية لتحديد آليات الاستثمار المشترك وتطوير البنية التحتية اللازمة لضمان أمن الطاقة في المنطقة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
في الوقت نفسه، أكد وزير الطاقة السوري محمد البشير في تدوينة له بصفحته في منصة التواصل الاجتماعي "إكس" أن القرار الأميركي يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي في قطاع الطاقة، ويعزز ثقة المستثمرين الإقليميين بالسوق السورية.
وأضاف الوزير السوري أن الحكومة الجديدة في البلاد ستواصل حماية مصالحها الوطنية وتشجيع الشراكات الإستراتيجية التي تسهم في إعادة تشغيل حقول الغاز في سوريا ورفع كفاءتها الإنتاجية بما يخدم التنمية المستدامة.
يشار إلى أن منصة الطاقة المتخصصة كانت قد أعدّت ملفًا ضخمًا وحصريًا تضمَّن كل المعلومات المتاحة عالميًا عن حقول النفط والغاز في سوريا، اشتمل على بيانات حصرية وتاريخية وإنتاجية دقيقة، بجانب معلومات مدققة عن الاحتياطيات والشركات المطوّرة.
موضوعات متعلقة..
- النفط والغاز في سوريا.. خطط 3 شركات أميركية لتطوير القطاع بعد رفع العقوبات
- النفط والغاز في سوريا.. 3 عوامل تحدد مستقبل القطاع
- مستقبل التنقيب عن النفط والغاز في سوريا.. 3 سيناريوهات محتملة
اقرأ أيضًا..
- مشروع مصفاة نفط ضخمة ينافس الجزائر على المركز الثاني بأفريقيا
- إنتاج الغاز الروسي لن يعود إلى مستويات ما قبل الحرب حتى 2030
- أول محطة شمسية لإنتاج الهيدروجين في العالم.. متى يبدأ تشغيلها؟
المصدر:





