التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير النفطتقارير دوريةدول النفط والغازسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةغازموسوعة الطاقةنفطوحدة أبحاث الطاقة

قطاع الطاقة في إثيوبيا.. إمكانات متجددة وغموض حول موارد النفط والغاز

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اشتهرت إثيوبيا خلال العقدين الأخيرين بسد النهضة الكبير المثير للجدل مع مصر والسودان؛ ما جعل اسمها يتردد دائمًا في أوساط المختصين ضمن دول الطاقة الكهرومائية، مع ضعف تناول مجالات الطاقة الأخرى في البلاد.

وتتمتع الدولة الواقعة بمنطقة القرن الأفريقي شرق القارة السمراء بإمكانات كبيرة لتوليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية؛ خاصة بعد افتتاح سد النهضة رسميًا في 9 سبتمبر/أيلول الماضي، بقدرة تصميمية تصل إلى 5.15 غيغاواط، وهو أكبر سد في أفريقيا من حيث القدرة التوليدية.

على الجانب الآخر، شهدت إثيوبيا جهودًا متقطعة منذ عام 2018، لاستكشاف موارد النفط والغاز خاصة في حوض إقليم أغادين المتنازع عليه مع الصومال منذ عام 1954.

ويأتي هذا في إطار خطط حكومية تستهدف خفض فاتورة استيراد الوقود التي تتجاوز 4 مليارات دولار سنويًا، وترهق ميزانية أديس أبابا.

وأعلنت البلاد -مؤحرًا- بناء أول مصفاة نفط محلية بمنطقة جودي في إقليم الصومال شرقي البلاد بطاقة تكريرية تصل إلى 3.5 مليون طن سنويًا (70 ألف برميل يوميًا) بالتعاون مع مجموعة "جي سي إل" الصينية.

كما أعلنت في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2025، حظر استيراد شاحنات البنزين والديزل لتصبح أول دولة تطبق القرار في العالم، بعد أن طبّقت قرارًا مماثلًا العام الماضي بحظر السيارات التقليدية.

ومع كثرة التطورات التي تشهدها إثيوبيا، ترسم وحدة أبحاث الطاقة في هذا التقرير، خرائط قطاعات الطاقة في البلاد (إنتاجًا واستهلاكًا واستيرادًا)، وصولًا إلى رصد الإمكانات المتاحة لمصادر النفط والغاز والطاقة الحيوية وغيرها.

نظرة عامة على الجغرافيا والسكان

إثيوبيا هي أقدم دولة مستقلة في أفريقيا، وتقع في منطقة القرن الأفريقي التي تضم إريتريا والصومال وجيبوتي، وكان يطلق عليه في السابق بلاد الحبشة. استعمرتها إيطاليا 5 سنوات فقط بداية من عام 1936، واستقلت في 5 مايو/أيار عام 1941، الذي يُحتفل به عيدًا وطنيًا كل عام.

من حيث الجغرافيا؛ فهي دولة حبيسة جغرافيًا، أي لا تطل على سواحل، وهي عاشر أكبر بلد في أفريقيا من حيث المساحة (1.1 مليون كيلومتر)، وثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان بعد نيجيريا (132 مليون نسمة).

وتضم البلاد 94 مدينة وأكثر من 80 مجموعة عرقية، ويعيش 80% من سكانها في المناطق الريفية، ويعتمدون بصورة كبيرة على نمط الزراعة المعيشية المرتبطة باحتياجات الغذاء والحياة اليومية.

وشهدت إثيوبيا، خلال العقدين الماضيين، أحد أعلى معدلات النمو الاقتصادي في أفريقيا؛ إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 8.1% في العام المالي (2024/2023)، متجاوزًا متوسط أفريقيا البالغ 5%.

ورغم النمو المستدام؛ فلا تزال واحدة من أفقر دول العالم، وتُصنَّف في بيانات البنك الدولي دولة منخفضة الدخل، كما تواجه تحديات اقتصادية كبيرة تشمل تراجع قيمة العملة المحلية، وضعف احتياطيات النقد الأجنبي، وارتفاع فاتورة الاستيراد من الخارج، وبلغت ديونها الخارجية قرابة 29 مليار دولار حتى منتصف عام 2025.

كما تُصنَّف إثيوبيا في المركز الـ32 من بين 48 دولة أفريقية جنوب الصحراء الكبرى تعاني الحرمان من الكهرباء ومصادر الطهي غير النظيف، خاصة في المناطق الريفية؛ إذ يعتمد 85% من الأسر على مصادر الكتلة الحيوية التقليدية للطهي، مثل الحطب وروث الحيوانات وغيرهما.

خريطة الطلب على الطاقة في إثيوبيا

تهيمن الكتلة الحيوية على مزيج الطاقة في إثيوبيا، ولا سيما في المناطق الريفية؛ حيث تُشكِّل مصادر الكتلة الحيوية التقليدية، مثل الخشب، والفحم، وروث الحيوانات، الغالبية العظمى من استعمال الطاقة الأولية.

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة في إثيوبيا بلغ 1.68 إكساجول في 2023، في حين تظهر البيانات الحكومية أنه بلغ 1.85 إكساجول في عام 2022.

وما زالت الكتلة الحيوية (الأولية والمشتقة) المصدر الرئيس للطاقة في البلاد؛ إذ تشكل قرابة 86% من إجمالي الاستهلاك الأولى للطاقة، وخاصة في مجال الطهي.

وشكّلت المنتجات النفطية 11% من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة، في حين أسهم الفحم بنسبة 1%، ولم يُشكِّل استهلاك الكهرباء سوى 25% من إجمالي الاستعمال النهائي للطاقة.

وتشير أحدث بيانات لمركز أبحاث الطاقة النظيفة إمبر إلى أن الطلب على الكهرباء في إثيوبيا وصل إلى 16.5 تيراواط/ساعة في 2023، مع تقديرات بارتفاعه إلى 17.7 تيراواط/ساعة خلال 2024.

ويوضّح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور الطلب على الكهرباء في إثيوبيا منذ عام 2010 حتى 2024:

الطلب على الكهرباء في إثيوبيا (2010-2024)

ومنذ عام 2011، زاد الاستهلاك النهائي للطاقة في البلاد بنسبة 40%، وارتفع استهلاك الكهرباء أكثر من 3 مرات بعد عام 2011، أما البيانات المتعلقة باستعمال الكتلة الحيوية؛ فما زالت غير مؤكدة إلى حد كبير، بحسب تقرير آفاق الطاقة في إثيوبيا لعام 2025 الصادر عن وزارة المياه والطاقة -مؤخرًا-.

خريطة قطاع الكهرباء والطاقة في إثيوبيا

تعتمد إثيوبيا بصورة أساسية على مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء؛ إذ تسهم الطاقة الكهرومائية بأكثر من 90% من إنتاج البلاد، بقيادة سد النهضة الكبير المصمم على النيل الأزرق بقدرة تصل إلى 5.15 غيغاواط، وسد كويشا المصمم على نهر أومو جنوب غرب البلاد بقدرة 1.8 غيغاواط.

وافتتح سد النهضة رسميًا في 9 سبتمبر/أيلول 2025، لكن إنتاج الكهرباء منه بدأ تدريجيًا منذ فبراير/شباط 2022. وينتج السد -حاليًا- قرابة 2.3 غيغاواط، ومن المقرر أن يصل إلى طاقته القصوى خلال عام، بحسب تقديرات وزارة المياه والطاقة الإثيوبية.

وأصبحت إثيوبيا -بعد إنشاء سد النهضة- أكبر دولة أفريقية من حيث السعة التوليدية للكهرباء من الطاقة الكهرومائية، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة الموضحة في الرسم التالي:

أكثر 10 دول أفريقية امتلاكًا لسعة الطاقة الكهرومائية

إضافة إلى الطاقة الكهرومائية، تُسهم مزارع الرياح الكبيرة، مثل أداما وآيشا (Adama and Aysha)، بنسبة تصل إلى 3% من مزيج الكهرباء في البلاد، بحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة النظيفة إمبر.

وتمتلك البلاد إمكانات كبيرة غير مستغلة في مجال الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية؛ إذ لا تزال حصة المصادر المتجددة من غير الطاقة الكهرومائية والرياح لا تتجاوز 0.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء.

وتعمل الحكومة -مؤخرًا- على تنفيذ مشروعين للطاقة الحرارية الأرضية في منطقة أوروميا باستثمارات تصل إلى 1.2 مليار دولار، إضافة إلى توسيع قدرة طاقتي الشمس والرياح لتنويع مزيج الكهرباء، بعيدًا عن الطاقة الكهرومائية المعرضة للتذبذب في أثناء الجفاف.

ورغم أن مزيج الكهرباء يكاد يكون نظيفًا بالكامل في إثيوبيا؛ فإن مجالات أخرى مثل الطهي والتدفئة ما زالت تعتمد على استعمال الموارد المحلية للكتلة الحيوية مثل الحطب والفحم وروث الحيوانات وخلافه؛ ما يتسبّب في إزالة الغابات وتلوث الهواء الداخلي.

أما بالنسبة للنفط؛ فما زال قطاع النقل المحرك الرئيس لاستهلاكه، كما أن الغالبية العظمى منها مستوردة من الخارج وتبلغ تكلفتها قرابة 4 مليارات دولار سنويًا، بحسب تقديرات حكومية.

ويأتي معظم واردات المنتجات النفطية الإثيوبية من دول السعودية والكويت والإمارات، عبر ميناء جيبوتي البحري الذي تستعمله البلاد لكونها حبيسة جغرافيًا، وتنقل هذه الواردات بالشاحنات لمسافة برية تصل إلى 800 كيلومتر من مواني جيبوتي إلى أديس أبابا.

وتستورد إثيوبيا أكثر من نصف احتياجاتها من الفحم بتكلفة تتجاوز 300 مليون دولار سنويًا، ومع ذلك فقد ارتفع إنتاج الفحم المحلي تدريجيًا ليشكل 45% من الطلب الذي تجاوز 1.5 مليون طن في عام 2023.

وارتفعت واردات البلاد من الفحم بنسبة 57% إلى 490 ألف طن خلال عام 2023، مقارنة بنحو 311 ألفًا عام 2022، و235 ألفًا عام 2014.

ورغم أن إثيوبيا تمتلك احتياطيات كبيرة من الفحم تتجاوز مليار طن؛ فإن أغلبها غير مستغل حتى الآن، ويحتاج إلى خبرات شركات التعدين الأجنبية لتطويرها؛ إذ لا يزال القطاع معتمدًا على الخبرات المحلية المحدودة.

معدل الوصول للكهرباء في إثيوبيا

حتى عام 2024، كانت نسبة الأسر الإثيوبية المتصلة بشبكة الكهرباء الوطنية قانونيًا لا تتعدى 22%، مع تفاوت كبير بين المناطق الحضرية والريفية؛ حيث تتمتع العاصمة أديس أبابا بمعدل وصول يتجاوز 93%، في حين لا يزال المعدل في أقاليم عفار والصومال أقل من 13%.

وخلال المدة من 2019 إلى 2024، نجحت الحكومة في توصيل الكهرباء إلى 2.2 مليون أسرة، واستهدف البرنامج الوطني للكهرباء المعلن عام 2019، ربط 65% من السكان بالشبكة الوطنية مع توفير حلول خارج الشبكة لنسبة الـ35% المتبقية بحلول عام 2025.

ورغم ذلك؛ فإن التقدم في هذا المسار ما زال أبطأ من المتوقع بكثير، بسبب فجوات التمويل، والعقبات التنظيمية، وضعف تقديرات احتياجات البنية التحتية، وإذا استمر الوضع بهذا التباطؤ فلن تصل نسبة الأسرة المتصلة بالشبكة عن 27% بحلول عام 2030، بحسب تقديرات حكومية.

وتعاني شركة الكهرباء الإثيوبية تقادم بنيتها التحتية، وانقطاعات التيار الكهربائي المتكررة، ورغم أن مشروعات الطاقة الكهرومائية الكبرى مثل سد النهضة، ستضاعف قدرة التوليد المحلية؛ فإن شبكات النقل والتوزيع ستظل تشكل عقبة أمام التوسع السريع في توصيل الكهرباء للمحرومين.

وتخطط الحكومة لاستغلال قدرة التوليد الكبيرة للسد (5.15 غيغاواط) عند الوصول إلى طاقته القصوى، ليس فقط لتغطية الطلب المحلي بل للتصدير -أيضًا- إلى الدول الأفريقية المجاورة خاصة جيبوتي والسودان وكينيا وتنزانيا الموقعين على عقود استيراد بالفعل قبل افتتاح السد بسنوات.

احتياطيات وإنتاج النفط والغاز في إثيوبيا

لا تمتلك إثيوبيا -حتى الآن- احتياطيات مؤكدة من النفط، لكن دراسة كشفت عنها الحكومة في يناير/كانون الثاني 2023، أشارت إلى وجود أكثر من ملياري برميل نفط خام في منطقة "ورئيلو" الواقعة بحوض النيل في إقليم أمهرا.

على الجانب الآخر، تمتلك البلاد احتياطيات صغيرة مؤكدة من الغاز الطبيعي تصل إلى 880 مليار قدم مكعبة حتى يناير/كانون الثاني 2024، بحسب تقديرات أويل آند غاز جورنال المتخصصة.

وتشير تقديرات وزارة المعادن والبترول الإثيوبية إلى أن البلاد تمتلك احتياطيات مؤكدة من الغاز الطبيعي لا تقل عن 2800 بيتاجول (2.6 تريليون قدم مكعبة) حتى 30 يونيو/حزيران 2024، وهو ما يكفي لتغطية الطلب في قطاع الأسمدة وتوليد الكهرباء لأكثر من 50 عامًا.

كما تشير تقديرات أخرى للوزارة إلى وجود احتياطيات أخرى محتملة تصل إلى 4.2 تريليون قدم مكعبة؛ ما يعني أن إجمالي الاحتياطيات المؤكدة والمحتملة في البلاد قد يصل إلى 6.9 تريليون قدم مكعبة، وجميعها في حوض أوغادين.

وتعتمد هذه التقديرات على شهادة أصدرتها شركة نيزرلاند وسيويل آند أسوشييتس الأميركية المتخصصة في مجال تحليل الموارد النفطية (Netherland, Sewell & Associates, Inc) في عام 2022 بناء على طلب حكومي لإصدار دراسة فنية متخصصة حول تقييم الموارد المتاحة في حوض أوغادين.

واستغرقت الشركة 5 أشهر في تقييم الاكتشافات المعلنة على مساحة تصل إلى 3 آلاف و500 كيلومتر مربع، لتنتهي إلى وجود احتياطيات تقترب من 7 تريليونات قدم مكعبة في حوض أوغادين، لكنها لم تجزم بأنها كلها مؤكدة.

وتتركّز أغلب الاحتياطيات في حقلي كالوب وهلالة (Kalub and Hilala) المكتشفين في عام 1972، على يد شركة تينيكو الأميركية (Tenneco).

ورغم ذلك؛ فإن هذه الموارد -على اختلاف تقديراتها- لم تطور بعد، كما لا يوجد إنتاج للغاز الطبيعي أو النفط الخام حتى الآن، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وكانت إثيوبيا قد بدأت إنتاج النفط الخام تجريبًا لأول مرة في تاريخها في 28 يونيو/حزيران 2018، عبر آبار مكتشفة -حديثًا- حول حقل هلالة على يد شركة بولي جي سي إل بتروليم إنفستمنتت ليمتيد الصينية (Poly-GCL Petroleum Investment Limited).

وأسفرت هذه المحاولة عن إنتاج 150 برميلًا فقط من النفط عبر 3 آبار حفرتها الشركة الصينية، ورغم ذلك؛ فلم تشهد إثيوبيا -حتى الآن- إنتاجًا تجاريًا للنفط.

كما لا تمتلك البلاد مصافي تكرير محلية، ولم تفكر في ذلك إلا -مؤخرًا-، عبر بناء أول مصفاة بمنطقة جودي في إقليم الصومال شرقي البلاد بالتعاون مع شركتي "جي سي إل" وشقيقتها الصينية غولدن كونورد (Golden Concord Group).

وتبلغ طاقة هذه المصفاة قرابة 70 ألف برميل يوميًا، وهو ما قد يكفي لتلبية 70% من حاجة البلاد الحالية من الوقود، وقد بدأت أعمال البناء في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2025.

ومن المقرر أن تختص بمعالجة النفط الخام والمكثفات من حقل هلالة النفطي في حوض أوغادين الواقع في المنطقة الصومالية الشرقية من البلاد، لكن الجدول الزمني لتشغيلها ما زال غير واضح.

وضع حجر الأساس لأول مصفاة تكرير في إثيوبيا بحضور رئيس الوزراء آبي أحمد
وضع حجر الأساس لأول مصفاة تكرير في إثيوبيا بحضور رئيس الوزراء آبي أحمد 2 أكتوبر/تشرين الأول 2025 - الصورة من Guban Media

وكانت إثيوبيا تمتلك مصفاة تكرير بطاقة 18 ألف برميل يوميًا في مدينة عصب قبل انفصال إريتريا عنها عام 1993، لتصبح تابعة للأخيرة، لكن هذه المصفاة لم تستمر في العمل سوى سنوات معدودة قبل أن تغلق عام 1997.

وتعتمد الحكومة الإثيوبية على السرية وعدم الإفصاح عن معلومات واضحة حول مشروعات إنتاج النفط والغاز في البلاد؛ خوفًا عليها من استهداف المخربين، على حد تعبير رئيس الوزراء آبي أحمد في جلسة استجواب حديثة بالبرلمان الإثيوبي 5 يوليو/تموز 2025.

واكتفى رئيس الوزراء بقوله ردًا على استفسارات أعضاء البرلمان: "حينما تعودون من عطلتكم البرلمانية المستمرة من يوليو/تموز إلى أكتوبر/تشرين الأول، سترون أن إثيوبيا قد دخلت عصر إنتاج الغاز الطبيعي"، بحسب تصريحات نقلها موقع ذا ريبورتر المحلي (The Reporter Ethiopia).

ورغم ذلك؛ فما زال بعض المراقبين يشككون في الجدوى التجارية لإنتاج الغاز الطبيعي في إثيوبيا؛ نظرًا إلى ضعف الاحتياطيات المؤكدة الكافية للإنتاج على نطاق واسع.

وكانت إثيوبيا قد ألغت في عام 2022، مشروع خط أنابيب معلنًا منذ عام 2015 لنقل الغاز الطبيعي من حقول حوض أوغادين إلى محطة غاز مسال في جيبوتي لتسييله وبيعه للأسواق العالمية.

وتدرس الحكومة بدلًا من ذلك مشروعات لاستعمال الغاز في قطاع الأسمدة أو دمجه في مزيج الكهرباء لتحقيق التوازن في نظام الكهرباء خلال سنوات الجفاف التي قد تؤثر في قدرة التوليد الكهرومائية بنسب تتراوح من 20% إلى 25% على حسب شدة مواسم الجفاف.

تحولات قطاع النقل في إثيوبيا

يشهد قطاع النقل في إثيوبيا تحولات غير مسبوقة في أي دولة حول العالم؛ حيث اتخذت الحكومة قرارًا في يناير/كانون الثاني 2024 بحظر استيراد سيارات البنزين والديزل، ثم ألحقته بقرار آخر في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2025 بحظر استيراد الشاحنات العاملة بالوقود الأحفوري.

كما قررت الحكومة تحويل 2000 حافلة تعمل داخل العاصمة أديس أبابا وعلى الطرق بين الولايات للعمل بالغاز الطبيعي بدلًا من الديزل خلال 2025.

وكانت الحكومة قد فرضت ضرائب باهظة على واردات السيارات التقليدية المستعملة في مارس/آذار 2020؛ ما جعلها أقل جاذبية للعملاء، في حين أصدرت إعفاءات ضريبية كبيرة لاستيراد السيارات الكهربائية في سبتمبر/أيلول 2022، شملت الإعفاء الكامل من ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الإنتاج، وضرائب ورسوم أخرى.

وتستهدف هذه السياسات المبكرة، خفض فاتورة واردات الوقود الباهظة في إطار خطة طموحة لنشر السيارات الكهربائية على الطرق للاستفادة من الكهرباء الرخيصة التي سينتجها سد النهضة، وتحويل بعض الشاحنات إلى العمل بالغاز الطبيعي بدلًا من الديزل.

وتخطط إثيوبيا لزيادة عدد السيارة الكهربائية الخاصة على الطرق إلى 148 ألف سيارة بحلول عام 2030، كما تخطط لوصول هذا العدد من جميع أنواع السيارات الكهربائية إلى 500 ألف سيارة بحلول عام 2035.

وبحسب بيانات وزارة النقل الإثيوبية؛ فقد بلغ عدد السيارات الكهربائية على الطرق قرابة 115 ألف سيارة، في حين بلغ إجمالي أسطول السيارات في البلاد قرابة 1.5 مليون سيارة حتى عام 2024.

ورغم ذلك؛ فإن هذا الهدف الطموح يواجه تحديات كبيرة على مستوى ضعف البنية التحتية للشحن وتركز المحطات العاملة في أديس أبابا والمناطق الحضرية المحيطة، فضلًا عن تضارب أولويات توصيل الكهرباء لأكثر من نصف السكان المحرومين منها.

إمكانات الطاقة الحيوية في إثيوبيا

تمتلك إثيوبيا موارد هائلة من مصادر الطاقة الحيوية بأشكالها السائلة أو الغازية، خاصة مع امتلاكها ثروة حيوانية هائلة تمكّنها من إنتاج الغاز الحيوي بكميات تجارية كبيرة.

وتتصدّر إثيوبيا بالفعل قائمة أكثر الدول الأفريقية توليدًا للكهرباء من الطاقة الحيوية، بسعة تشغيلية بلغت 243 ميغاواط، حتى سبتمبر/أيلول 2025، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة الموضّحة في الرسم التالي:

أكثر الدول الأفريقية توليدًا للكهرباء من الطاقة الحيوية

وتقدر الثروة الحيوانية في البلاد بنحو 65 مليون رأس ماشية، و40 مليون رأس من الأغنام، و50 مليون من الماعز، إضافة إلى ملايين الدواجن التي يمكن تحويل روثها أو فضلاتها إلى غاز حيوي، فضلًا عن النفايات البشرية والبلدية ومخلفات المحاصيل.

وبحسب تقديرات وزارة المعادن والبترول الوطنية، يمكن إنتاج قرابة 650 بيتاجول أو ما يعادل 18.2 مليار متر مكعب من الغاز الحيوي سنويًا من روث الماشية وحده.

بينما يمكن إنتاج 200 بيتاجول أخرى (5.6 مليار متر مكعب) من مخلفات المحاصيل، فضلًا عن 21 بيتاجول (0.6 مليار متر مكعب) من النفايات البشري، و10 بيتاجول (0.3 مليار متر مكعب) من النفايات الصلبة سنويًا.

ويعني هذا أن إثيوبيا قد تكون قادرة على إنتاج 880 بيتاجول من الغاز الحيوي (24.6 مليار متر مكعب سنويًا)، وهو ما يعادل 50% من إجمالي استهلاك الكتلة الحيوية الحالية في البلاد.

(1 بيتاجول من الغاز يساوي 28 مليون متر مكعب).

ورغم الإمكانات الكبيرة للغاز الحيوي؛ فإن إنتاجه ما زال متواضعًا إلى حد كبير، ولم تستغل سوى 1% من موارده الهائلة حتى الآن.

على الجانب الآخر، تمتلك البلاد موارد كبيرة لإنتاج الإيثانول من قصب السكر؛ إذ يبلغ إنتاجها الحالي قرابة 21 مليون لتر، ومعظمه يخلط مع البنزين، وعادة ما يؤدي إلى خفض انبعاثات الاحتراق في السيارات التي تستعمله إضافة إلى رفع أداء المحركات.

ورغم ذلك؛ فهناك استعمالات صناعية أخرى صاعدة للإيثانول، مثل استعماله في إنتاج المشروبات الكحولية، ومستحضرات التجميل، فضلًا عن استعماله في مواد التنظيف ومخففات الدهانات.

إضافة إلى ذلك، فهناك فرص أخرى لاستغلال الثروة الحيوانية والنباتية الكبيرة في البلاد لإنتاج الديزل الحيوي المشتق من الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية، لكن تطويره في إثيوبيا لا يزال محدودًا.

ويرجع ذلك إلى أن الإستراتيجية الحكومية للوقود الحيوي حصرت تطويره في القطاع الخاص؛ ما جعل التوسع في إنتاجه ينطوي على مخاطر مالية من حيث التكاليف والجدوى الاقتصادية بالنسبة للمستثمرين.

موضوعات متعلقة..

نرشّح لكم..

المصادر:

  1. الطلب على الطاقة وإنتاجها في إثيوبيا، من تقرير حكومي.
  2. تقديرات احتياطيات الغاز المحتملة في إثيوبيا من تقرير حكومي.
  3. مزيج الكهرباء في إثيوبيا من مركز إمبر لأبحاث الطاقة.
  4. الطاقة الحيوية في إثيوبيا من منصة غلوبال إنرجي مونيتور.
  5. بناء أول مصفاة تكرير محلية من منصة إس آند بي غلوبال.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق