أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

بعد قرار مجموعة الـ8 في أوبك+.. هل تتأثر أسواق النفط؟ (تقرير)

أحمد بدر

يشهد قطاع الطاقة العالمي حالة ترقّب واسعة تجاه قرار مجموعة الـ8 في أوبك+ بوقف زيادة الإنتاج خلال الربع الأول من عام 2026، إذ انعكس القرار فورًا على السرديات المتداولة في الأسواق، خصوصًا فيما يتعلق بمسار الطلب العالمي على النفط وتوازن المعروض.

في هذا النطاق، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أثر القرار كان إيجابيًا في الأسواق، وإن كان محدودًا، لأن الجميع يدرك أن الزيادة الحقيقية في الإنتاج تبقى محدودة بطبيعتها.

وأوضح أن القرار كان سيُحدث تأثيرًا مماثلًا حتى لو لم يُتَّخذ رسميًا، لأن الزيادة الممكنة من بعض الدول المنتجة تبقى محدودة للغاية، وهو ما جعل أثر القرار نفسيًا أكثر منه فعليًا في حركة أسعار النفط.

وأضاف أن الأثر الإيجابي تمثّل في تصحيح السردية السائدة التي روّجت لانخفاض الطلب أو فائض المعروض، بينما الواقع أن قدرة الإنتاج لدى العديد من الدول محدودة، ما يجعل القرار منطقيًا ومتّسقًا مع واقع السوق.

جاءت تلك التصريحات خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان: "أثر قرار مجموعة الثمانية في أوبك+ وقف زيادة الإنتاج في أسواق النفط".

الطلب العالمي على النفط

يقول أنس الحجي، إن العام المقبل 2026 سيشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب العالمي على النفط وفقًا لتقديرات أوبك+، التي تتوقع زيادة بنحو 1.4 مليون برميل يوميًا، في حين يرى أن الزيادة الواقعية ستكون بين 1.1 و1.2 مليون برميل يوميًا فقط.

وأوضح أن وكالة الطاقة الدولية تتبنّى توقعات أكثر تحفظًا، إذ تشير إلى زيادة لا تتجاوز 700 ألف برميل يوميًا، وهو تقدير غير منطقي، لأن الوكالة تتوقع "صفرًا زيادة" في الطلب الأميركي، وهو ما لا يمكن لأيّ خبير أن يقبله.

وبيّن أن هذا الانحياز في تقديرات وكالة الطاقة الدولية يُظهر توجُّهها نحو تضخيم سردية ضعف الطلب، في حين تعكس بيانات الاستهلاك الفعلي في الولايات المتحدة والعالم اتجاهًا مختلفًا، مع استمرار الانتعاش الصناعي والتجاري في العديد من الاقتصادات الكبرى.

الدول الـ8 في تحالف أوبك+

أشار أنس الحجي إلى أن التحليلات التي تقلل من نمو الطلب العالمي تتجاهل العوامل البنيوية، مثل توسُّع النقل الجوي وزيادة النشاط الصناعي، وهو ما يؤكد أن قرار مجموعة الـ8 في أوبك+ بوقف الزيادة لا يرتبط بتشاؤم اقتصادي، بل بإدارة منضبطة للمعروض.

وأضاف أن السياسات المتوازنة للمجموعة خلال السنوات الماضية أثبتت فعاليتها في تحقيق استقرار الأسعار رغم الضغوط الإعلامية، إذ حافظت على أسعار النفط في مستويات الستينيات عندما توقعت المؤسسات الأخرى انهيارها إلى الأربعينيات.

وأكد أن هذا الأداء يعكس دقة تقديرات أوبك+ مقارنة بالمؤسسات الغربية، وأن قرارها الأخير يعيد تأكيد سياستها الحذرة التي توازن بين ضمان استقرار السوق ومنع التذبذب الحادّ في الأسعار العالمية.

وشدد على أن فهم تأثير القرار يتطلب إدراك أن التغييرات المُعلنة في السقف الإنتاجي لا تعني بالضرورة تغييرات مماثلة في الإمدادات الفعلية، لأن بعض الدول ما تزال تواجه قيودًا فنية في زيادة إنتاجها النفطي.

الأسواق الأوروبية والتغيرات الجيوسياسية

لفت أنس الحجي إلى أن الوضع في أوروبا يشهد تناقضات واضحة، إذ إن اقتصادات عديدة تواجه صعوبات حادة، لكنها في الوقت ذاته تسجل زيادة في واردات النفط الخام، نتيجة إغلاق عدد من المصافي ومشكلات تشغيلية في أخرى.

وأوضح أن هذا الارتفاع في الواردات يعكس -أيضًا- بعض النمو في الطلب الصناعي والاستهلاكي، خصوصًا مع وقف الإعانات الحكومية للسيارات الكهربائية في دول عدّة، وهو ما أدى إلى زيادة مبيعات السيارات التقليدية العاملة بالبنزين.

وبيّن أن هناك خللًا في البيانات الأوروبية لأن جزءًا كبيرًا من النفط الروسي -مثلًا- يُنقل عبر الأنابيب، وليس عبر البحر، ما يجعل الإحصاءات المعتمدة على بيانات السفن غير دقيقة دائمًا، وهو ما يخلق التباسًا في تقديرات السوق العالمية.

ذروة الطلب على النفط

وأشار مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة إلى أن وسائل الإعلام تروّج منذ مدة لادّعاءات حول خفض الصين والهند وتركيا وارداتها من روسيا، مؤكدًا أن هذه الأخبار لا تستند إلى أيّ دليل موثوق حتى الآن، وأن التدفقات النفطية بين موسكو وهذه الدول مستمرة.

وتابع أن العراق أوقف شحناته من شركة "لوك أويل" الروسية بسبب العقوبات الأميركية، وقد تأكَّد هذا القرار رسميًا، مشيرًا إلى أن السوق تشهد ما وصفه بـ"لعبة الكراسي الموسيقية"، إذ تُباع الشحنات ذاتها عبر وسطاء جدد دون تغيّر فعلي في المالك الأصلي.

وأوضح أن شركة "لوك أويل" باعت جميع أصولها الخارجية إلى شركة "جامافور" لتجارة النفط، ما جعل المبيعات تجري الآن تحت مظلة جديدة، رغم أن المالك الفعلي والارتباطات السياسية لم تتغير، وهو ما يعكس شكلًا من أشكال الالتفاف على العقوبات.

وأردف: "هذا النوع من الترتيبات التجارية يمثّل غطاءً روسيًا جديدًا في السوق، فكثير من هذه العمليات تُدار عبر وسطاء مقربين من الكرملين، ما يجعل المشهد النفطي العالمي معقدًا، لكنه لا يغيّر جوهر توازنات أوبك+ وسياساتها الإنتاجية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق