تقرير سعودي يتحدث عن أسعار النفط والميزان التجاري للدول المصدرة
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

- السعودية تسجل استجابة متوسطة لتغيرات أسعار النفط
 - تطوير القطاع غير النفطي أمر محوري لكسر حلقة الاعتماد على النفط
 - تراجع سعر البرميل يخفض عجز التجارة غير النفطية مؤقتًا
 - الانضباط المالي ودعم قدرة الصادرات وإدارة سياسات سعر الصرف ضرورة ملحّة
 
يتفاوت تأثير أسعار النفط في اقتصاد البلدان المصدرة للخام من دولة إلى أخرى، خاصة في الميزان التجاري الذي يختلف بطبيعة الحال في الدول المصدرة عن غيرها.
وتوضح دراسة اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن ارتفاع سعر النفط بنسبة 1% يؤدي إلى انكماش قدره 1.02% في الميزان التجاري غير النفطي للدول المصدرة للخام.
بينما يؤدي انخفاض أسعار البرميل بنسبة 1% إلى تحسُّن الميزان التجاري غير النفطي في تلك الدول بنسبة 0.95%، ومع ذلك هناك تباين في تلك التأثيرات من دولة إلى أخرى، بسبب اختلاف هياكلها الاقتصادية، ومدى انفتاحها تجاريًا على غيرها، فضلًا عن اختلاف الوزن النسبي للصادرات غير النفطية من دولة لأخرى.
جاء ذلك في دراسة أجراها مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك"، حول تأثير تغيرات أسعار النفط في الميزان التجاري غير النفطي لـ4 دول من منظمة أوبك، هي: السعودية، والكويت، ونيجيريا، وفنزويلا.
تأثير أسعار النفط في الميزان التجاري
كشفت دراسة كابسارك تباينًا واضحًا بين اقتصادات الدول الـ4 التي تناولتها، مع تسجيل السعودية استجابة متوسطة للتغيرات التي حدثت في أسعار النفط.
ورأت الدراسة أن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الواردات، ومن ثم زيادة قيمة العملة، لكنه قد يؤدي في المقابل إلى تقليص قدرة الصادرات غير النفطية على المنافسة، بينما يشجع انخفاض الأسعار على تقليل الاعتماد على الواردات.

وأوصت الدراسة بضرورة التوسع في إستراتيجيات التنويع الاقتصادي، وتسريع نمو الاقتصاد غير النفطي، وزيادة الصادرات، إضافة إلى تعزيز المنتج المحلي بديلًا للمستورد.
وتأتي الحاجة الملحّة إلى تنويع اقتصادات دول منظمة أوبك وسط مخاوف من أن الإفراط في الاعتماد على عائدات النفط قد يجعل هذه الاقتصادات أكثر عرضة للأزمات الخارجية.
ويسهم تحفيز الصادرات غير النفطية وتقليص الاعتماد على الواردات في دعم التنمية المستدامة، خصوصًا خلال المدة التي تشهد تقلُّبًا في أسعار النفط أو انخفاضه بصورة حادة.
رؤية السعودية لعام 2030 نموذجًا
استشهدت الدراسة برؤية السعودية لعام 2030 التي تهدف إلى زيادة الصادرات غير النفطية، لتصل حصتها إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وهي رؤية طموحة تستهدف الحدّ من مخاطر التعرّض لتقلّبات أسعار النفط العالمية، وتعزيز المرونة التجارية المستدامة عبر تنويع اقتصاد وصادرات المملكة.
وترى الدراسة أن مراقبة أثر تغيرات أسعار النفط في الميزان التجاري غير النفطي يمكنها أن تسهم في وضع نماذج تنبؤية قادرة على توقّع التغيرات الاقتصادية وتطبيق تعديلات استباقية تحقّق الاستقرار التجاري في الدول المصدرة للخام.
وأوصت الدراسة بوضع سياسات مالية تستهدف خفض الانفاق المفرط وتوجيه عائدات النفط إلى صناديق الثروة السيادية، ومنح الأولوية للاستثمار في القطاعات التي تعزز الإنتاج، إذ يمثّل تطوير القطاع غير النفطي أمرًا محوريًا لكسر حلقة الاعتماد على النفط.
وتوصلت دراسة كابسارك إلى أن هناك عدّة عوامل مشتركة عالمية قد تسهم في تشكيل الميزان التجاري غير النفطي لدى دول "أوبك" عبر تحركات الأسعار، ومن بينها التوجهات الاقتصادية عالميًا، والصدمات المالية، وتدفقات التجارة الدولية، والاتفاقيات المؤسسية مثل سياسة منظمة أوبك.
وتؤكد أن التحليلات التجريبية والتنبؤات التي تستبعد العوامل المشتركة السابقة تسفر عن نتائج غير مقبولة ظاهريًا، وهو ما يثير تساؤلات بشأن مدى ملاءمة استعمال النتائج لتفسير تفاعلات الميزان التجاري غير النفطي.
كيف تؤثّر تقلبات الأسعار في الميزان التجاري؟
تشير الدراسة إلى أن تأثير ارتفاع أسعار النفط في تفاقم اختلال الميزان التجاري يفوق الأثر المقارن لانخفاض الأسعار.
وتوضح أن ارتفاع سعر برميل النفط يؤدي إلى زيادة إيرادات الحكومة والقطاع الخاص؛ ما يحفّز الطلب على الواردات ويقلّص القدرة التنافسية للصادرات غير النفطية.
وفي الوقت نفسه، يؤدي التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة تكلفة الإنتاج المحلي، ومن ثم تراجع أداء الصادرات غير النفطية.
ورصدت دراسة كابسارك حدوث انتقال للعمالة ورأس المال نحو القطاع النفطي -الأكثر ربحًا- عند ارتفاع الأسعار على حساب الاقتصاد غير النفطي، وهو ما يعمّق الاختلالات الهيكلية على المدى الطويل.

وعلى الطرف الآخر، هناك تأثير إيجابي لانخفاض أسعار النفط في الميزان التجاري غير النفطي بسبب انخفاض الطلب على الواردات وتراجع ضغوط التضخم، وهو ما يحفّز الصادرات غير النفطية نتيجة طرح السلع المحلية في السوق العالمية بأسعار تنافسية.
وتبرهن النتائج أنّ تراجع سعر برميل النفط يخفض عجز التجارة غير النفطية مؤقتًا، ومع ذلك لا يعوض بصورة كاملة التأثيرات السلبية الناتجة عن صعود الأسعار.
وتعدّ الاتفاقيات التجارية وتنويع الأسواق التصديرية أحد الحلول المسهمة في خفض المخاطر المترتبة على تقلبات أسعار النفط، إذ يمكن دعم الاستقرار الاقتصادي والاستدامة عن طريق تعزيز التجارة في السلع والخدمات غير النفطية بين الدول الأعضاء في منظمة أوبك.
وأنهت الدراسة نتائجها بأن تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة عبر تنويع الاقتصاد يتطلب تعزيز الانضباط المالي، ودعم القدرة التنافسية للصادرات، وإدارة سياسات سعر الصرف، بوصفها إجراءات لا يمكن الاستغناء عنها.
موضوعات متعلقة..
- بعد اتفاق غزة.. أسعار النفط تواجه ضغوطًا قد تدفعها للانخفاض
 - كيف حركت قرارات أوبك+ أسعار النفط؟.. واجتماع الـ9 دقائق يكشف الأكاذيب (تقرير)
 - أنس الحجي: الطاقة الإنتاجية الفائضة قوة ضاربة بأسواق النفط.. السعودية نموذجًا
 
اقرأ أيضًا..
- السعودية و7 دول في أوبك+ تعلن تطورات عاجلة بخصوص إنتاج النفط
 - صفقات الحفر العربية تشهد نشاطًا مكثّفًا في 4 دول (مسح)
 - أكبر 10 دول في تخزين الغاز تحت الأرض عالميًا
 - شحنات إضافية من النفط العراقي تتجه إلى تركيا.. ما السبب؟
 
المصدر:
تأثير تقلبات أسعار النفط في الميزان التجاري لدول أوبك، من مركز كابسارك
 
 
 
 




