التقاريرأنسيات الطاقةتقارير النفطرئيسيةنفط

أنس الحجي: ترمب لا يفهم الوضع الروسي.. وعقوباته للاستهلاك المحلي

أحمد بدر

أثارت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجديدة ضد موسكو حالة من الجدل في أوساط الطاقة العالمية، وسط انتقادات متزايدة لجدواها السياسية والاقتصادية، خصوصًا بعد فرض عقوبات على شركتَي روسنفط ولوك أويل الروسيتَيْن.

وفي هذا السياق، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الرئيس الأميركي لا يفهم الوضع الروسي ولا العقلية الروسية على الإطلاق، موضحًا أن انزعاجه من الرئيس فلاديمير بوتين دفعه إلى اتخاذ قرارات بلا معنى فعلي.

وأوضح أن العقوبات التي فرضها ترمب على الشركتَيْن الروسيتَيْن تستهدف كيانات لا تتعامل أصلًا مع الولايات المتحدة، ولا تمتلك فروعًا أو أصولًا في الأسواق الأميركية، ما يجعل القرار خطوة رمزية خالية من الأثر العملي.

وأشار إلى أن القرار يمنع الأشخاص والشركات الأميركية من التعامل مع روسنفط ولوك أويل، رغم أن هذا المنع قائم منذ عهد الرئيس السابق جو بايدن، لذلك فإن معظم هذه العقوبات تهدف إلى الاستهلاك المحلي الأميركي وليس التأثير في السوق الروسية.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من البرنامج الأسبوعي "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدمه أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، وجاءت هذا الأسبوع تحت عنوان: "النفط بين ترمب وبوتين ومودي وجين بينغ".

عقوبات ترمب بين الرمزية والضجيج الإعلامي

بيّن أنس الحجي أن الضجة العالمية التي أُثيرت حول قرار ترمب تعود إلى تضمّنه احتمال فرض قيود على شركات من دول أخرى تتعامل مع الشركتَيْن الروسيتَيْن، وهو ما تسبّب في ارتباك واسع بأسواق الطاقة العالمية.

وأوضح أن التوقيت أثار الاستغراب؛ لأن القرار الأميركي لم يُفعَّل فورًا، بل حدد تطبيقه بعد شهر على الأقل، ما يعني أن الهند والصين وغيرهما يمكنها مواصلة تعاملاتها النفطية دون مخالفة.

وأضاف أن الأخبار التي انتشرت سريعًا عن خفض الشركات الهندية والصينية وارداتها من روسيا كانت غير صحيحة؛ إذ لم يكن الحظر قد دخل حيز التنفيذ أصلًا، مؤكدًا أن ما جرى كان حملة إعلامية منسقة.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط في نهاية الأسبوع المنصرم نُسب زورًا إلى قرارات ترمب، في حين أن الواقع لم يشهد أي تغيير جوهري في العرض أو الطلب، ما يدل على أن الأخبار كانت موجهة لخدمة أغراض سياسية.

أسعار النفط

 

وأكد خبير اقتصادات الطاقة أن التغطية الإعلامية كانت تحمل لغة واحدة ومفردات متشابهة، كأن مصدرها جهة واحدة، دون وجود أي بيان رسمي أو تأكيد من الشركات المعنية.

وقال إن التواصل مع صحفيين في وكالات مثل رويترز كشف عن أن الأخبار حول خفض واردات الهند من روسيا لم تستند إلى مصادر موثوقة، وأنها افتقرت إلى الرد الرسمي من تلك الشركات.

وتابع: "تكرار هذا النمط في الأخبار الخاصة بالصين والهند يوضح أن الرواية الإعلامية المحيطة بعقوبات ترمب صِيغت لتواكب زيارته الآسيوية، ما يعزّز فرضية البعد الدعائي في القرارات الأخيرة".

الإعلام الغربي بين المبالغة والتضليل

قال أنس الحجي إن وسائل الإعلام الغربية بالغت في إبراز قرارات ترمب، من خلال الإيحاء بأنها تسبّبت في ارتفاع الأسعار أو خفض الواردات الروسية، رغم أن الحقائق الميدانية أثبتت العكس تمامًا.

وأوضح أن رئيس شركة النفط الهندية، وهي أكبر شركة في البلاد، خرج بتصريح رسمي يؤكد استمرار واردات الهند من روسيا دون أي تغيير، ما يثبت أن ما تداوله الإعلام خلال الأيام السابقة كان مختلقًا.

ناقلات النفط الروسي
ناقلات النفط الروسي - الصورة من The Moscow times

وبيّن أنس الحجي أن شركة لوك أويل الروسية أعلنت نيتها بيع فروعها في أوروبا، فاستغل الإعلام الأميركي الخبر ليمجد في ترمب، زاعمًا أن سياساته أجبرت الشركة على بيع أصولها.

وأشار إلى أن هذه التقارير تجاهلت أن معظم الممتلكات التي تحدثت عنها وسائل الإعلام لم تعد مملوكة للشركة منذ عامَين، وبعضها أُغلق أو أممته الحكومات الأوروبية.

وأضاف أن بعض الصحفيين ربما اعتمدوا على بيانات قديمة استخرجت عبر الذكاء الاصطناعي أو من محركات البحث، فظنوا أن تلك الممتلكات ما زالت نشطة، وهو ما أدى إلى تضليل واسع للرأي العام.

وأكد أن المفارقة الكبرى تكمن في أن قرار ترمب لم يضر شركة لوك أويل كما يروج، بل ساعدها فعليًا على استعادة رخصها لبيع الشركات الموقوفة، ما يمنحها فرصة لجني الأرباح من جديد.

ولفت إلى أن القرارات الأخيرة التي اتخذها ترمب كانت دعائية بالدرجة الأولى، إذ لم تُحدث أي تأثير ملموس في السوق النفطية أو الاقتصاد الروسي، ما يجعلها مجرد خطوات إعلامية بلا قيمة حقيقية.

بين الدوافع السياسية والنتائج العكسية

أوضح أنس الحجي أن محاولة ترمب الظهور بموقف حازم تجاه روسيا جاءت بمثابة رد فعل انفعالي أكثر من كونها سياسة مدروسة، مؤكّدًا أن سوء فهمه لطبيعة النظام الروسي أوقعه في قرارات غير واقعية.

وبيّن أن الهدف الداخلي لهذه القرارات كان تعزيز صورته لدى الرأي العام الأميركي قبل أي تأثير اقتصادي، وهو ما يفسّر تكرارها دون نتائج ملموسة، في حين التعامل الانتقائي مع الأخبار جعل من كل تحرك لترمب حدثًا استثنائيًا، رغم أن الإجراءات المعلنة لا تحمل جديدًا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - الصورة من سي إن إن

وأكد مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة أن الحظر المفروض على روسنفط ولوك أويل لا يمكن أن يغيّر مسار السوق العالمية؛ لأن الشركتَيْن لا تتعاملان أصلًا مع الولايات المتحدة في أي مستوى تجاري أو مالي.

وأضاف أن من المفارقات أن هذا الحظر أتاح فرصًا جديدة للشركات الروسية لإعادة هيكلة عملياتها في أوروبا، مستفيدة من التراخيص التي اضطرت الحكومات لمنحها نتيجة القرار الأميركي.

وأوضح أنس الحجي أن المشهد العام يُظهر أن قرارات ترمب كانت موجهة أكثر إلى الداخل الأميركي، دون إدراك لتشابك المصالح الدولية، أو لحجم التغيير الذي أحدثته الحرب في أوكرانيا.

وختم تصريحاته بالقول إن ما جرى يوضح بجلاء أن السياسات الشعبوية لا تُحدث أثرًا اقتصاديًا حقيقيًا، مشيرًا إلى أن خطوة ترمب ضد روسيا تمثّل نموذجًا صارخًا للعقوبات الرمزية التي لا تتجاوز حدود الإعلام.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق