غازالنشرة الاسبوعيةتقارير الغازتقارير الكهرباءتقارير النفطسلايدر الرئيسيةكهرباءنفط

أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر ترهق خزينة الدولة.. 4 خبراء يطرحون حلولًا

داليا الهمشري

تشهد أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر استقرارًا ملحوظًا منذ أعوام، في ظل سياسة دعم اجتماعي واسعة تمثّل إحدى ركائز النموذج الاقتصادي للبلاد، بهدف حماية القدرة الشرائية للمواطن والحفاظ على التوازن الاجتماعي، رغم ما تفرضه من أعباء متزايدة على الخزينة العامة.

وتبلغ أسعار البنزين في الجزائر -حاليًا- نحو 45.97 دينارًا جزائريًا للّتر الواحد (0.35 دولارًا)، بعدما ارتفعت بنسبة تقارب 54% في عام 2016، في حين تبقى أسعار الكهرباء والغاز المنزلي من بين الأدنى عالميًا، إذ لا يتجاوز سعر الكيلوواط/ساعة 0.003 دولارًا، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 0.10 دولارًا.

الدينار الجزائري = 0077. دولارًا أميركيًا

وأوضح عدد من الخبراء -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن هذا الاستقرار في أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر لا يعكس انخفاضًا في تكاليف الإنتاج، ولكنه نتاج سياسة دعم حكومية واسعة تتحمل بموجبها الخزينة العمومية نحو 17 مليار دولار سنويًا (ما يعادل 7% من الناتج المحلي الإجمالي).

ويرى صندوق النقد الدولي أن الأسعار المحلية للطاقة تقلّ عن مستوياتها الفعلية بنحو 60% للكهرباء والوقود، وأكثر من 90% للغاز، وهو ما يجعل من الصعب استمرار منظومة الدعم الحالية على المدى الطويل، في ظل الضغوط المالية المتزايدة.

عبء على الخزينة العامة

أكد أستاذ اقتصادات الطاقة والأمين العام للمركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، البروفيسور ساري نصر الدين، أن استقرار أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر يعكس توجّهًا اجتماعيًا واضحًا تسعى الدولة من خلاله إلى حماية الفئات الهشّة، لكنه في الوقت ذاته يشكّل عبئًا متزايدًا على الخزينة العامة.

وأضاف أن الاستهلاك المحلي للطاقة ارتفع بنحو 70% بين عامي 2008 و2024، في حين تعتمد البلاد على الغاز الطبيعي لتوليد أكثر من 98% من الكهرباء، ما يفرض ضغوطًا متنامية على احتياطيات الهيدروكربونات، ويقلّص فرص التصدير مستقبلًا.

أستاذ اقتصاديات الطاقة البروفيسور ساري نصر الدين

وتابع نصر الدين -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- أن الإصلاح المطلوب لا يعني رفعًا مفاجئًا لأسعار الكهرباء والوقود في الجزائر، بل مراجعة تدريجية ومدروسة توازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية، من خلال توجيه الدعم نقديًا للفئات محدودة الدخل، وتشجيع كفاءة استهلاك الطاقة والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

ومن جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة، البروفيسور عثمان عثمانية، أن سياسة الدعم متجذرة في العقيدة الاقتصادية للدولة منذ بيان أول نوفمبر/تشرين الثاني 1954، مشيرًا إلى أن أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر تُعدّ من أقل الأسعار عالميًا بفضل وفرة الاحتياطات النفطية والغازية.

وأضاف أن الأسعار لم تشهد زيادات تُذكر إلّا بعد صدمة النفط في عام 2014، حين ارتفع سعر البنزين من 22.6 دينارًا إلى 45.97 دينارًا، والديزل من 13.7 إلى 29.01 دينارًا حاليًا، وهي مستويات ما تزال بعيدة جدًا عن المتوسط العالمي الذي يتجاوز الدولار للّتر الواحد.

تخفيف أعباء الطاقة

لفت البروفيسور عثمان عثمانية إلى أن القدرة الشرائية للمواطنين ما تزال تشكّل المعيار الأهم في بقاء الأسعار مستقرة، إذ تعمل الدولة على تخفيف أعباء الطاقة لتقليل تكاليف الإنتاج والنقل، ما ينعكس إيجابًا على الأسعار النهائية للسلع والخدمات.

وأضاف أن أيّ إصلاح للأسعار يجب أن يراعي حساسية العامل الاجتماعي، إلى جانب ضرورة ترشيد الدعم لتقليل الاستهلاك وتحسين كفاءة الطاقة.

أستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة البروفسيور عثمان عثمانية

بينما أشار الخبير الاقتصادي والأكاديمي الجزائري الدكتور أحمد طرطار إلى أن أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر تُحدَّد بقوانين المالية، ولا يمكن تعديلها إلّا بقرارات تشريعية.

وأضاف طرطار -خلال تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الزيادات في أسعار الكهرباء والوقود -غالبًا- ما تكون طفيفة ومتباعدة كل 4 إلى 6 أعوام، لتجنّب أيّ صدمات اجتماعية، إذ تمثّل تكاليف الطاقة عاملًا حسّاسًا في معيشة الأسر الجزائرية.

وحذَّر من أن أيّ اتجاه مفاجئ نحو تحرير أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر قد يؤدي إلى ردود أفعال غير متوقعة داخل المجتمع، مشددًا على ضرورة أن تكون أيّ زيادات مستقبلية تدريجية ومبررة ومتناسبة مع المؤشرات الاقتصادية والتضخم.

خبير الطاقة الجزائري أحمد طرطار

تقليص الصادرات النفطية

يقول نائب مدير تحرير منصة الطاقة، ياسر نصر، إن سياسة الدعم الشاملة لأسعار الكهرباء والوقود في الجزائر قد أسهمت في مواجهة التضخم، لكنها في المقابل أحدثت فجوة متزايدة بين الأسعار المحلية وتكاليف الإنتاج الفعلية.

وأشار إلى ارتفاع سعر الكهرباء المنزلية من 3-4 دنانير للكيلوواط/ساعة عام 2015 إلى نحو 5.65 دينارًا (0.043 دولارًا) حاليًا، أي زيادة لا تتجاوز 50% خلال 10 أعوام، في وقت تراجعت فيه قيمة الدينار الجزائري بنحو 60% خلال المدة نفسها، ما جعل الأسعار الفعلية للطاقة أرخص بالدولار مع مرور الوقت.

وقال: "بالنسبة للوقود، فأسعار البنزين في الجزائر تكاد تكون مستقرة منذ 2016 عند 45.97 دينارًا/لتر، بعد أن كانت في حدود 22-25 دينارًا/لتر عام 2014، ورغم تضاعُف السعر اسميًا، فإنّ القيمة الحقيقية لهذا السعر تراجعت بشدة عند مقارنتها بالدولار".

وأضاف نصر -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- أن هذا الوضع قد أدى إلى تسارع الطلب المحلي، إذ ارتفع استهلاك الكهرباء في الجزائر ليصل إلى أكثر من 83 ألف غيغاواط/ساعة خلال 2024، مقابل نحو 33.8 ألف غيغاواط عام 2010، أي زيادة تقارب 150%، في حين ارتفع الإنتاج بنحو 126% فقط.

وأكد أن استهلاك المشتقات النفطية ارتفع إلى 19.5 مليون طن في عام 2024، بنسبة نمو 40% مقاربة لِما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما سجل نحو 14 مليون طن في 2014.

وأوضح أن الارتفاع السريع في الطلب الداخلي قلّص من كميات الصادرات النفطية، خاصة في ظل التزامات الجزائر باتفاق أوبك+، ما زاد الضغط على ميزانية الدولة.

نائب مدير تحرير منصة الطاقة ياسر نصر

ويرى "نصر" أن زيادة فاتورة الدعم أسهمت في ضعف كفاءة استعمال الطاقة، إذ شجعت على الاستهلاك المفرط، ما حرم الدولة من عوائد إضافية يمكن توجيهها لتمويل برامج الحماية الاجتماعية الموجّهة أو لتطوير الطاقة المتجددة.

ودعا إلى ضرورة إعادة هيكلة تدريجية للأسعار لتكون قريبة من التكاليف الإنتاجية، مع توجيه دعم مباشرةً للفئات الهشة، وهو ما قد يعمل على ترشيد الاستهلاك، ما يوفر للبلاد قدرات إضافية للتصدير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق