التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الغازسلايدر الرئيسيةعاجلغاز

هل يحتاج المغرب صفقة غاز مسال جديدة؟.. شرط واحد فقط

أحمد بدر

شهدت واردات المغرب من الغاز المسال ارتفاعًا مطّردًا خلال العام الجاري، وسط غموضٍ يكتنف مصادر الإمدادات الفعلية، بسبب مرور الغاز الطبيعي المسال -أولًا- عبر الأراضي الإسبانية لإعادة تغويزه هناك قبل إعادة ضخه إلى المملكة عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي.

وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لقطاع الطاقة المغربي، فإن بيانات الاستيراد الصادرة عن المؤسسات الإسبانية تُظهر أن الرباط تواصل الحصول على كميات متزايدة من الغاز، دون الكشف رسميًا عن هوية الموردين.

المصدر الوحيد المعروف هو العقد الذي وقّعته المملكة مع شركة شل في 14 يوليو/تموز 2023، لتوريد نصف مليار متر مكعب سنويًا، غير أن موعد دخول هذا العقد حيز التنفيذ لم يُعلَن رسميًا حتى اليوم،

ويدفع هذا الواقع إلى تساؤل رئيس: هل يحتاج المغرب إلى صفقة غاز مسال جديدة في الوقت الراهن؟.. الإجابة تعتمد على شرط واحد فقط قد يغيّر المشهد.

واردات المغرب من الغاز المسال

شهدت واردات المغرب من الغاز المسال خلال 2025 زيادة سنوية بلغت 7% خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام، إذ سجلت 6.731 تيراواط/ساعة، مقارنة بـ6.29 تيراواط/ساعة خلال المدة نفسها من 2024، بحسب بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وسجّل شهر أغسطس/آب 2025 أعلى مستوى منذ بداية العام، عند 992 غيغاواط/ساعة، وهو المعدل ذاته في يوليو/تموز، ما يعكس استقرار الإمدادات القادمة عبر الأراضي الإسبانية منذ منتصف العام.

وتوضح بيانات المؤسسة الإسبانية للاحتياطيات الإستراتيجية للمنتجات النفطية (CORES) أن المغرب جاء في المرتبة الثانية بين أكبر مستوردي الغاز من إسبانيا، بنسبة 29.8% من إجمالي الصادرات، أي نحو 992 غيغاواط/ساعة في أغسطس/آب وحده.

وكانت وزيرة الانتقال الطاقي المغربية ليلى بن علي قد اكتفت -في حوار خاص مع منصة الطاقة- بالإشارة إلى أن المملكة "تستورد الغاز المسال من مصادر دولية"، من دون ذكر المورّدين، رغم الارتفاع المتواصل في حجم الواردات منذ مطلع العام الجاري.

وبحسب مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة، عبدالرحمن صلاح، فإن الغاز الذي يصل إلى المغرب يجري تغويزه في إسبانيا بعد استيراده من دول عديدة، في مقدّمتها روسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى الإمدادات المتفق عليها مع شركة شل البريطانية.

مدير تحرير منصة الطاقة عبدالرحمن صلاح

ويُعاد ضخّ الغاز المسال المعاد تغويزه من الأراضي الإسبانية إلى المغرب عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، الذي كان يُستعمَل سابقًا لنقل الغاز الجزائري إلى أوروبا، قبل توقُّف الإمدادات بنهاية عام 2021.

وتؤكد هذه المعطيات أن واردات المغرب من الغاز المسال تشهد تناميًا واضحًا في الحجم، لكنها ما تزال تفتقر إلى الشفافية الكاملة فيما يتعلق بالمصدر النهائي للإمدادات.

الغاز الروسي.. البديل المفضّل

تُدرِج بيانات مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA) المغرب ضمن قائمة الدول المستوردة للغاز الروسي، في إشارة إلى الغاز المسال الذي يُعاد تغويزه في إسبانيا قبل ضخّه في أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي.

وتعتمد الرباط في جزء من إمداداتها على الغاز الروسي، الذي يتميّز بأسعاره المنخفضة، نظرًا لصعوبة إيجاد مشترين له في ظل القيود الأوروبية المفروضة على موسكو، ما يجعله خيارًا مفضلًا للمملكة من الناحية الاقتصادية.

ويشير مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة، عبدالرحمن صلاح، إلى أن المغرب لا يحتاج حاليًا إلى عقد جديد لاستيراد الغاز المسال، سواء كان قصيرًا أو طويل الأجل، ما دام بإمكانه الوصول إلى الغاز الروسي عبر إسبانيا، بأسعار تفضيلية.

ويضيف صلاح أن المملكة تستفيد من مرونتها في التعاقد غير المباشر، إذ لا تستورد الغاز المسال مباشرة من روسيا، بل تحصل عليه بعد إعادة تغويزه في إسبانيا، مما يمنحها هامشًا سياسيًا واقتصاديًا أوسع.

واردات المغرب من الغاز المسال

في المقابل، تُظهر بيانات رسمية ارتفاع واردات المغرب من المشتقات النفطية الروسية بنسبة 86% في أغسطس/آب 2025، إلى 52 ألف برميل يوميًا، ما يعكس التوسع في الاعتماد على الإمدادات الروسية عمومًا.

ويستمر إدراج المغرب منذ 17 شهرًا متتاليًا ضمن قائمة مستوردي الغاز الروسي عبر الأنابيب، رغم أن هذا التصنيف غير دقيق تقنيًا، لأنه لا توجد خطوط أنابيب مباشرة بين موسكو والرباط.

ويبدو أن استمرار تدفُّق الغاز الروسي عبر إسبانيا يمنح المغرب استقرارًا في الإمدادات، ويجعل من الصعب تبرير الحاجة إلى توقيع صفقة غاز مسال جديدة في الوقت الحالي.

شرط واحد فقط لتوقيع صفقة جديدة

يؤكد عبدالرحمن صلاح أن الحالة الوحيدة التي قد تدفع المغرب إلى توقيع صفقة غاز مسال جديدة تتمثل في نجاح الاتحاد الأوروبي بفرض حظر شامل على استيراد الغاز المسال الروسي.

ويشير إلى أن هذا الحظر -في حال تطبيقه- سيمنع إسبانيا من استقبال الغاز الروسي، ومن ثم لن يتمكن المغرب من الحصول على تلك الإمدادات التي يعتمد عليها اعتمادًا غير مباشر منذ عام 2022.

وفي هذا السيناريو، سيكون على الرباط البحث عن بدائل عاجلة لتأمين نحو 500 مليون متر مكعب سنويًا من الغاز المسال، وهو ما يعادل الكميات التي كانت تصل عبر إسبانيا من الغاز الروسي.

ومن المرجّح أن يتجه المغرب حينها إلى توقيع عقود جديدة مع شركات غربية أو خليجية، لضمان أمنه الطاقي على المدى المتوسط، مع الإبقاء على عقد شركة شل بوصفه أساسًا طويل الأجل للإمدادات.

يُذكر أن العقد مع شركة شل يمتد لنحو 12 عامًا، ما يمنح المملكة قدرًا من الاستقرار، إلّا أنه لا يغطي كامل احتياجاتها من الغاز اللازم لتشغيل محطات الكهرباء والصناعات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أيّ اضطراب في تدفُّق الغاز الروسي عبر إسبانيا سيُجبر المغرب على مراجعة إستراتيجيته الطاقية سريعًا، لتجنّب حدوث فجوة في الإمدادات خلال أوقات الذروة.

وبناءً على ذلك، يمكن القول، إن المغرب لا يحتاج إلى صفقة غاز مسال جديدة في الوقت الراهن، إلّا إذا تحقق هذا الشرط الوحيد: حظر أوروبي شامل على الغاز الروسي، بما يُغلق طريق الإمداد عبر إسبانيا نهائيًا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق