التقاريرتقارير الكهرباءتقارير دوريةرئيسيةكهرباءوحدة أبحاث الطاقة

استثمارات الصين في قطاع الكهرباء بأميركا الجنوبية.. هل يستطيع ترمب محاصرتها؟

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • شركتان صينيتان تسيطران على شبكة توزيع الكهرباء بمدينة ليما عاصمة بيرو.
  • شركات الكهرباء الصينية تسيطر على حصص سوقية كبيرة في تشيلي والبرازيل.
  • سيطرة الصين على قطاع الكهرباء اللاتيني تهدد استقلال وأمن الطاقة.
  • دونالد ترمب يضغط بشدة على دول أميركا اللاتينية لإبعاد الصين.
  • التهديدات الاقتصادية والتجارية ليست كافية وأميركا تحتاج لسياسة الجزرة.

توسعت استثمارات الصين في قطاع الكهرباء بقارة أميركا الجنوبية بمعدلات متسارعة خلال السنوات الـ10 الماضية حتى صارت حصتها في بعض الدول أكبر من أن تنافس أو تحاصر.

وكشف تحليل حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- عن زيادة نفوذ شركات الطاقة الصينية في قطاع توليد ونقل الكهرباء في بيرو وتشيلي والبرازيل والإكوادور.

فعلى سبيل المثال، تسيطر شركتان حكوميتان مقرههما الصين وهما: شركة شبكة الكهرباء الجنوبية الصينية الدولية (China Southern Power Grid International)، وشركة الخوانق الثلاثة الصينية (China Three Gorges Corporation) على شبكة توزيع الكهرباء بالكامل في مدينة ليما عاصمة بيرو.

وبحسب بيانات التحليل المنشور على موقع مركز الدراسات الإستراتيجية الدولية -ومقره واشنطن العاصمة- فإن هاتين الشركتين تستحواذن على 54% و46% من شبكة توزيع الكهرباء بمدينة ليما التي يبلغ عدد سكانها قرابة 10 ملايين نسمة أو ما يعادل ثلث سكان البلاد.

وتمثل شركات الطاقة الصينية ما يقرب من ثلثي شبكات توزيع الكهرباء في تشيلي المجاورة، كما وصلت حصتها إلى 12% من إجمالي النقل والتوزيع في البرازيل، أكبر سوق للكهرباء في أميركا الجنوبية..

إضافة إلى ذلك، تتمتع الصين بحضور واسع بقطاعي النفط والكهرباء في الإكوادور، مع حصول شركتي النفط الصينيتين سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية على تراخيص للتنقيب في الأراضي الإكوادورية خلال عامي 2021 و2022.

حجم استثمارات الصين في قطاع الكهرباء بأميركا الجنوبية

تتوزع استثمارات الصين في قطاع الكهرباء بأميركا الجنوبية على عدة شركات صينية رائدة، أبرزها مؤسسة الشبكة الصينية الحكومية (SGCC) التي استثمرت 10.2 مليار دولار في قطاع الكهرباء البرازيلي خلال المدة من 2019 إلى 2024، كما استثمرت 5.3 مليار دولار في تشيلي.

واستثمرت شركة الخوانق الثلاثة الصينية قرابة 5.8 مليار دولار في البرازيل خلال تلك المدة، كما بلغت استثماراتها في بيرو قرابة 6.5 مليار دولار.

جانب من شبكات الكهرباء في بيرو
جانب من شبكات الكهرباء في بيرو - الصورة من China Daily

أما مؤسسة البترول الصينية الوطنية فقد بلغت استثماراتها في بيرو قرابة 5.7 مليار دولار خلال المدة (2019-2204)، واستثمرت 1.1 مليار دولار في البرازيل.

على الجانب الآخر، تتمتع شركة سينو هيدرو (Sino Hydro) بحضور أكبر في الإكوادور باستثمارات بلغت 2.2 مليار دولار خلال السنوات الـ6 المشار إليها، بحسب بيانات تفصيلية حول استثمارات الصين في قطاع الكهرباء رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

تطورات استثمارات الصين في قطاع الكهرباء

ظلت استثمارات الصين في قطاع الكهرباء بأميركا الجنوبية تتوسع منذ عام 2017، رغم الانتقادات الأميركية والإقليمية، لكن بكين حافظت على تعزيز حضورها بقطاع التوليد مدعومة بقدراتها الصناعية الضخمة في مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة وانخفاض تكاليف منتجاتها مقارنة بنظيرتها الغربية.

ودخلت بكين أيضًا إلى قطاع الطاقة النووية بالقارة الجنوبية عبر توقيع اتفاقية مع الأرجنتين في عام 2022، لبناء ثالث محطة طاقة نووية في البلاد.

ولم تكتفِ الصين بمجرد الحضور في قطاع البنية التحتية للطاقة، بل سعت إلى الاستحواذ على حصة في تشغيل ونقل الكهرباء بعديد من بلدان القارة.

وبحسب بيانات مركز التنمية العالمية لجامعة بوسطن؛ فإن 71% من عمليات الاستحواذ التي قامت بها الشركات الصينية في أميركا الجنوبية بين عامي 2017 و2021، كانت في قطاع الكهرباء.

وزاد النفوذ تدريجيًا، حتى أصبحت شركات الطاقة الصينية تدير بشكل جماعي شبكات توزيع الكهرباء في عاصمة بيرو، إضافة إلى حضورها الكبير في شركات الكهرباء التشيلية والبرازيلية.

من وجهة نظر صينية، يبدو انتقال شركات الطاقة الصينية من الاستثمار في قدرات توليد الكهرباء إلى الاستثمار في نقلها وتوزيعها منطقيًا من الناحية المالية، خاصة وسط تراجع نمو الاقتصاد المحلي في الصين، وضعف قدرة بكين على تحول إنفاق مئات المليارات من الدولارات على مشروعات ضخمة ذات عائدات غير مضمونة أو محتملة.

ويستلزم ذلك أن تبحث الشركات عن مصادر ذات عائدات مستقبلية مستدامة ومجزية؛ ما يفسر توسعها في قطاعات نقل وتوزيع الكهرباء بدول أميركا الجنوبية.

على الجانب الآخر، ينطوى تسليم قطاعات الكهرباء الوطنية إلى كيانات صينية (أجنبية) على مخاطر إستراتيجية واسعة تهدد أمن الطاقة واستقلال الحكومات في دول أميركا الجنوبية، بحسب التحليل.

ويهدد الحضور الصيني المتزايد بقطاعات الكهرباء في تشيلي وبيرو والبرازيل والإكوادور وغيرها، الولايات المتحدة التي كثيرًا ما نظرت إلى القارة الجنوبية بوصفها الحديقة الخلفية لواشنطن.

ضغوط ترمب الخشنة لا تكفي

تمارس إدارة دونالد ترمب ضغوطًا سياسية واقتصادية واسعة على دول أميركا الجنوبية لتقليص حضور الشركات الصينية في قطاعات البنية التحتية للطاقة والمواني والسكك الحديدية والاتصالات وغيرها، حتى صار الرئيس الأميركي يهدد باحتلال قناة بنما أكثر من مرة ما لم تبتعد الصين عن مشروعات القناة.

ويطالب ترمب صراحة دول الجوار اللاتيني بالاختيار بين الولايات المتحدة والصين، وتحمل تبعات ذلك على المستوى الاقتصادي والأمني والسياسي، ورغم ذلك فمن غير المرجح أن تنقلب هذه الدول على بكين بين ليلة وضحاها وإن كانت ستقلص علاقتها بصورة أو بأخرى.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - الصورة من Los Angeles Times

ورغم اعتماد الرئيس الأميركي على وسائل التهديد الصلبة الاقتصادية والتجارية وآخرها حروب التعرفات الجمركية؛ فإن هذه الطريقة وحدها قد لا تكون كافية لإبعاد الصين عن دول أميركا الجنوبية، بحسب التحليل الذي أعده الباحث في الشؤون العالمية هنري زيمر.

ويعتقد الباحث أن الولايات المتحدة تحتاج إلى موازنة نفوذ استثمارات الصين في قطاع الكهرباء عبر تشجيع شركاتها وحلفائها على العودة إلى الاستثمار في أميركا الجنوبية بعد سنوات من القطيعة والصدام مع عدد من حكوماتها.

كما يمكن للمؤسسات المالية الأميركية وخاصة مؤسسة تمويل التنمية الدولية، وبنك التصدير والاستيراد، وبنك التنمية للبلدان الأميركية، أن تسهم في دعم الشركات الأميركية المستثمرة بمشروعات البنية التحتية للكهرباء بأميركا الجنوبية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق