يحرز قطاع الهيدروجين العالمي تقدمًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، لكنه لم يرتقِ إلى مستوى الطموحات التي دفعت إلى ضخ استثمارات كبيرة عالميًا.
وانتقدت الرئيسة التنفيذية لمجلس الهيدروجين، إيفانا جيميلكوفا، تركيز العناوين الرئيسة على عمليات الإلغاء أو التأخير؛ ما قد يُثير ضجةً وعدم يقين؛ إلا أن الأرقام تُظهر أن الهيدروجين ينمو وينضج ويتقدم إلى الأمام.
وفي سبتمبر/أيلول 2025، أصدر المجلس تقرير "بوصلة الهيدروجين العالمية"، الذي يوفّر بيانات القطاع ورؤى مباشرة من نحو 70 رئيسًا تنفيذيًا شملهم الاستطلاع.
ويُسلط التقرير الضوء على أن قطاع الهيدروجين النظيف العالمي قد تجاوز الآن 110 مليارات دولار من الاستثمارات المُلزِمة.
تطورات قطاع الهيدروجين العالمي
في عام 2025 وحده، شهد قطاع الهيدروجين العالمي زيادة قدرها 35 مليار دولار، وعلى مدى السنوات الـ5 الماضية، سجّل زيادة قدرها 100 مليار دولار في الاستثمارات، بحسب ما كشف عنه تقرير "بوصلة الهيدروجين العالمية".
وترى الرئيسة التنفيذية لمجلس الهيدروجين، إيفانا جيميلكوفا، أن هذا الاتساق لا يُشير إلى تقدم مُنفرد فحسب، بل إلى مسار واضح لنضج القطاع.
وتتصدّر الصين سباق الاستثمار، إذ التزمت بـ33 مليار دولار بحلول عام 2030، تليها أميركا الشمالية بـ23 مليار دولار.
وحاليًا، تجاوز أكثر من 500 مشروع مرحلة قرار الاستثمار النهائي، سواءً أكان البناء جاريًا أو قيد التشغيل، في حين أثرت عمليات التأخير والإلغاء في المشروعات الأقل جدوى.
وأشارت جيميلكوفا -في مقابلة أجرتها مع منصة "إنرجي كونكتس" (Energy Connects)- إلى أن هذا الاتجاه يماثل أنماط النمو المبكرة التي شهدتها تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات.
تحديات مشروعات الهيدروجين
أشارت الرئيسة التنفيذية لمجلس الهيدروجين، إيفانا جيميلكوفا، إلى أن هناك تحديات هيكلية قد تُضيف ضغوطًا على عملية اختيار المشروعات الناجحة تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، وتكاليف الطاقة والمعدات، والتأخير في وضوح السياسات.
وبالنظر إلى عام 2030، قد يتحقق نحو 8 ملايين طن سنويًا من الطلب على الهيدروجين النظيف في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان وكوريا، لكن هذا يتطلب تطبيق السياسات القائمة وإنفاذها.
ففي الولايات المتحدة جرى تحديد الإعفاءات الضريبية، في حين تُحدد أوروبا تأثير توجيه الطاقة المتجددة (RED)، كما تتبلور الخطط والعقود في اليابان وكوريا.
ومع انتقال الصناعة من الطموح إلى التنفيذ، شددت جيميلكوفا على أن الأطر الواضحة والعملية التي يمكن توقعها تُعد ضرورية لمنح الشركات الثقة للاستثمار والتخطيط على المدى الطويل.
كما سيُحدث توحيد المعايير العالمية ووضوح القواعد التقنية فرقًا كبيرًا، إذ تسمح المعايير الموحدة بتشكيل لغة مشتركة.
وللحديث عن المستقبل، أكدت جيميلكوفا أن التوقعات بشأن قطاع الهيدروجين العالمي كانت عالية، عندما وُضعت أهداف المناخ في عام 2015، إذ حقّق القطاع نموًا سنويًا بنسبة 50% في المتوسط خلال السنوات الـ5 الماضية.
ولذلك، ترى جيميلكوفا أنه إذا استمر هذا المسار، إلى جانب وصول المزيد من المشروعات إلى مرحلة النضج، فسيكون ذلك نجاحًا حقيقيًا.
وقالت: "ففي حين تراوحت المشاعر في القطاع بين التفاؤل والتشاؤم، فإن التقدم الفعلي في انتشار الهيدروجين عالميًا، وإن كان متفاوتًا، هو أوضح دليل على النجاح".
بوصلة الهيدروجين العالمية 2025
استكشف تقرير "بوصلة الهيدروجين العالمية 2025" بيانات شاملة للصناعة مع رؤى خاصة من أعضاء مجلس الهيدروجين، ووجهات نظر مباشرة من قادة الرؤساء التنفيذيين العالميين، والدروس المستفادة من مشروعات الهيدروجين الرئيسة حول العالم.
ومن بين إجمالي مشروعات الهيدروجين النظيف قيد التنفيذ، التي تتجاوز 1700 مشروع، جرى الالتزام بـ510 مشروعات (أي 30% من الإجمالي)، مع إضافة أكثر من 80 مشروعًا خلال الشهور الـ12 الماضية.
ورغم أن المشروعات المُلزِمة تتزايد، فإن بعض المشروعات في مراحلها المبكرة قد استُبعدت أو سيجرى استبعادها؛ فبعضها مؤجل، والبعض الآخر أُلغي علنًا.
وأُلغي أكثر من 50 مشروعًا علنًا خلال الشهور الـ18 الماضية، في ظل حالة من عدم اليقين بشأن السياسات والسوق، التي تُمثل العوامل الرئيسة المحركة، ومن المرجح أن تتوقف مشروعات إضافية أو تُعلَّق مؤقتًا أو بصورة دائمة، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
كما أبرز التقرير زيادة الاستثمارات المُلزِمة بنحو 35 مليار دولار منذ عام 2024، إذ تُمثل الصين وأميركا الشمالية أكثر من 50% من هذه الاستثمارات حاليًا.
وجرى الالتزام بنحو 6 ملايين طن سنويًا من طاقة الهيدروجين النظيف، يتركز 45% منها في أميركا الشمالية، و25% في الصين.
وتوقع التقرير أن يبدأ تشغيل ما بين 9 ملايين و14 مليون طن من طاقة الهيدروجين النظيف سنويًا بحلول عام 2030، أي ما يُقارب 20-30% من إجمالي الطاقة المُعلنة، وجرى بالفعل تأمين صفقات شراء لنحو 3.6 مليون طن من الطاقة السنوية.
وقد يُمثل الطلب السنوي المُتوقع بنحو 8 ملايين طن في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وشرق آسيا، جدوى تجارية إيجابية للهيدروجين النظيف بحلول عام 2030 إذا سُنّت اللوائح الحالية، مع زيادة قدرها 13 مليون طن إضافية من الطلب السنوي تعتمد على مزيج من انخفاض التكلفة بنحو دولار واحد للكيلوغرام وتحسينات البنية التحتية.
موضوعات متعلقة..
- نمو الطلب على الهيدروجين قد يصل إلى 6% سنويًا بحلول 2030 (تقرير)
- سوق الهيدروجين مهددة بثغرات كبيرة (تقرير)
- تعثرات سوق الهيدروجين تؤثر في طلبات السفن.. ماذا حدث خلال 2025؟
اقرأ أيضًا..
- هل تتراجع الطاقة الإنتاجية الفائضة بعودة تخفيضات أوبك+؟ (تقرير)
- أكبر الدول المصدرة للغاز المسال في أفريقيا خلال الربع الثالث من 2025
- قطاع الكهرباء وتحولاته في 8 دول عربية.. بلدان ناجحة وأخرى في خطر (حوار 1/2)
- أسهم شاومي تسجل أكبر تراجع في 3 أعوام بسبب حوادث سيارات كهربائية
المصادر:
- عوامل نمو قطاع الهيدروجين العالمي، من منصة "إنرجي كونكتس".
- تقرير بوصلة الهيدروجين العالمية، من موقع مجلس الهيدروجين.
