5 شركات كبرى تهدد أسواق الغاز المسال الأوروبية.. و"المفوضية" تفتح باب التفاوض
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- تشريع الاستدامة البيئية للشركات في الاتحاد يُغضب مصدري الغاز المسال
- رئيس إكسون موبيل يحذّر من عواقب ابتعاد الموردين الأميركيين عن أوروبا
- رئيس توتال إنرجي ينصح المفوضية الأوروبية بمراجعة التشريع وتعديله
- رئيس قطر للطاقة يهدد بعدم توريد الغاز المسال إلى أوروبا إذا طبّقت القانون
- المفوضية الأوروبية تدرس تأجيل القانون محل الجدل حتى عام 2028
- البرلمان الأوروبي يوافق على دراسة تعديل القانون والإقرار النهائي أواخر 2025
تعرضت أسواق الغاز المسال الأوروبية لهجوم واسع من كبرى الشركات المصدرة -مؤخرًا-، بسبب اعتزام الاتحاد الأوروبي تطبيق سياسات جديدة للانبعاثات على الصادرات بداية من عام 2026.
وجاء هذا الهجوم من قبل الرؤساء التنفيذيين لشركات: إكسون موبيل، وكونوكو فيليبس الأميركيتين، وقطر للطاقة، وودسايد الأسترالية، وتوتال إنرجي الفرنسية، المشارِكين في منتدى منصة إنرجي إنتليجنس للطاقة لعام 2025 في العاصمة البريطانية لندن (13-15 أكتوبر/تشرين الأول 2025).
وهددت هذه الشركات في رسائل واضحة لصنّاع القرار الأوروبيين، بأنها ستتحول بعيدًا عن أسواق الغاز المسال الأوروبية إلى غيرها إذا أصرّ الاتحاد على تطبيق قانون العناية الواجبة المعروف باسم "استدامة الشركات" بالصيغة المطروحة الآن؛ ما دفع المفوضية الأوروبية لفتح باب التفاوض لتعديله.
ووافق البرلمان الأوروبي -أمس الأربعاء- 22 أكتوبر/تشرين الأول (2025) على دراسة تعديل القانون الذي يُلزم الشركات بمعايير بيئية وحقوقية، وإلّا ستُغرَّم بنسبة 5% من إجمالي مبيعاتها.
لكن إقرار التعديلات النهائية لن يكون قبل نهاية العام؛ ما يفتح الباب أمام جولة أخرى من الجدل حول التعديلات المطلوبة خلال الأشهر المقبلة، واحتمالات تأجيله تطبيق القانون أو منح استثناءات لبعض الشركات، بحسب تقارير رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
تهديدات أسواق الغاز المسال الأوروبية
هاجم الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، دارين وودز، قانون العناية الواجبة، ومعايير انبعاثات الميثان المتصلة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في مايو/أيار 2024، ويستعد لتطبيقها بداية من عام 2026.
ووصف "وودز" هذا التشريع بكونه أسوأ القوانين وأكثرها إهمالًا للمسؤولية، ولم يره من قبل، وإن كان لم يعترض على المعايير المتصلة بحقوق الإنسان في التشريع أو الرقابة الحكومية المعقولة، على حدّ تعبيره.
كما حذّر رئيس إكسون موبيل من أن اللوائح المفرطة في التقييد أو غير الواقعية ستضرّ أسواق الغاز المسال الأوروبية بشدة، وربما تؤدي إلى اضطرار الشركات للتحول إلى أسواق أخرى أقل تقييدًا.

وتُلزم هذه اللوائح الشركات بالتدقيق في أنشطتها لضمان عدم التسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان أو أضرار للبيئة، كما تفرض عليها وضع خطط للانتقال إلى نماذج أعمال مستدامة تتوافق مع أهداف باريس للمناخ عام 2015، على طول سلسة القيمة التي تضم الأنشطة المباشرة وغير المباشرة للشركات.
وتتضمن المعايير البيئية المنصوص عليها في تشريع الاستدامة (CSDDD) إلزام جميع المستوردين للغاز في الاتحاد الأوروبي بالإبلاغ عن بيانات انبعاثات الميثان السنوية، بما في ذلك الدول والشركات المصدرة إلى الاتحاد بداية من عام 2026.
وابتداءً من عام 2030، سيتعين على مستوردي الغاز الأوروبيين إثبات امتثال شحنات الغاز المسال الواردة لسقف معين من كثافة الميثان لم يحدَّد بعد، مع فرض غرامات باهظة حال عدم الامتثال.
كما ستُفرَض غرامات مالية مماثلة على الشركات العاملة في الاتحاد أو التي تمارس أعمالها داخله حال عدم امتثالها لقواعد الاستدامة البيئة وحقوق الإنسان، بحسب تقرير منشور في موقع منصة إنرجي إنتيلجينس المتخصصة.
انتقادات شركات أميركية وأسترالية وفرنسية
تعرَّض الاتحاد الأوروبي لضغوط شديدة لإلغاء أو تعديل هذه اللوائح بصورة جذرية مع قرب دخولها حيز التنفيذ خلال أشهر قليلة، ولم تقتصر هذه الضغوط على الشركات الأميركية فحسب، بل امتدت إلى كبرى الشركات الفرنسية و الأسترالية المصدرة -أيضًا-.
فقد انتقدت الرئيسة التنفيذية لشركة وودسايد الأسترالية ميغ أونيل هذا التشريع، مشيرةً إلى أنه سيؤدي إلى تضخُّم أسعار الطاقة الباهظة أصلًا في أوروبا، وستكون له تداعيات مدمّرة على الصناعة الأوروبية، على حدّ تعبيرها.
وانضمّ إلى النقاد الرئيس التنفيذ لشركة كونوكو فيليبس الأميركية ريان لانس، الذي حذَّر هو الآخر من أن منتجي الغاز المسال الأميركي سيتوسعون في التوجه إلى آسيا إذا ظلت هذه الأحكام سارية المفعول بصيغتها المعتمدة.
ورغم ذلك، فقد عبّر "لانس" عن أمله في أن يسود العقل المناقشاتِ الجارية حول تعديل قانون الاستدامة، الذي أعلنت المفوضية الأوروبية دخولها في مفاوضات لتأجيله حتى عام 2028.
كما حثّ الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه، المديرة العامة لشؤون الطاقة في المفوضية الأوروبية ديل غول يورغنسن على ضرورة مراجعة لوائح الميثان في الاتحاد، واتخاذ إجراءات عملية، لافتًا نظرها إلى تعقيدات قياس انبعاثات الميثان في الولايات المتحدة وصعوبة تحديد مصدر الغاز الذي تحصل عليه محطات الإسالة.
انتقادات قطر للطاقة
ليست الولايات المتحدة المورد الرئيس الوحيد الذي يهدد بالانسحاب من أسواق الغاز المسال الأوروبية، فقد سبق أن حذّرت كل من روسيا وقطر من مغادرة السوق -أيضًا- في حال تطبيق لوائح الاستدامة هذه.
وروسيا وقطر هما ثاني وثالث أكبر موردي الغاز المسال إلى الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة، وبلغت صادراتهما قرابة 2.54 مليون طن، و1.45 مليون طن على التوالي خلال الربع الثالث من 2025.
بينما بلغت صادرات الولايات المتحدة إلى الاتحاد قرابة 14.55 مليون طن، أو ما يشكّل 62% من إجمالي وارداته من الغاز المسال خلال الربع الثالث من 2025، بحسب تقرير مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة - خريطة أكبر الدول المصدرة إلى أسواق الغاز المسال الأوروبية خلال الربع الثالث من 2025:
وكان وزير الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة المهندس سعد الكعبي قد انتقد بشدة، في مايو/أيار الماضي، قواعد وأنظمة تصدير الغاز المسال الأوروبية الجديدة، إذا ترتب على تطبيقها مخاطر مالية لبلاده.
وقال الكعبي في رسالة إلى الاتحاد": ببساطة، إذا لم تجرِ أيّ تغييرات إضافية على هذه اللوائح، فلن يكون أمام دولة قطر وشركة قطر للطاقة خيار سوى البحث عن أسواق بديلة خارج الاتحاد الأوروبي لغازنا المسال ومنتجاتنا الأخرى".
وتمتلك شركة قطر للطاقة 70% من محطة غولدن باس لتصدير الغاز المسال التي تُقدَّر تكلفتها بنحو 10 مليارات دولار، وتمتلك إكسون موبيل نسبة الـ30% المتبقية.
ومن المتوقع تشغيل المحطة التي تبلغ طاقتها الإنتاجية قرابة 18.1 مليون طن سنويًا (2.5 مليار قدم مكعبة يوميًا) بنهاية عام 2025، مع تركيز معظم تعاقداتها على التصدير إلى أوروبا.
موضوعات متعلقة..
- واردات أوروبا من الغاز المسال تقفز 5.7 مليون طن.. وهذه قائمة الـ10 الكبار
- تسريع أوروبا حظر الغاز المسال الروسي.. هذه سيناريوهات الإمدادات والأسعار
- اتفاق الرسوم الجمركية بين أوروبا وأميركا لن يعزز تجارة الغاز المسال (تحليل)
اقرأ أيضًا..
- واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب تتراجع 9%.. وهذه حصة الجزائر
- صادرات النفط الليبي تقفز 23%.. وإيطاليا أكبر دولة مستوردة
- خريطة قدرة تصنيع توربينات الغاز في 2025.. السعودية ضمن الكبار
- الممر الشمالي بديل قناة السويس.. من الخاسر الأكبر؟ (تقرير)
المصدر:
انتقادات الشركات قواعد الانبعاثات وأثرها في أسواق الغاز المسال الأوروبية، من منصة إنرجي إنتيلجينس