التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

الطريق إلى كوب 30 يلتهم 100 ألف شجرة من غابات الأمازون.. مفارقة ساخرة

هبة مصطفى

تُجرى الاستعدادات على قدم وساق في البرازيل حاليًا لاستقبال المشاركين في قمة المناخ كوب 30، لكن لم يكن يدور في خلد أحد أن إجراءات الاستعداد ستتضمن تدمير الآلاف من شجر غابات الأمازون.

ويشكّل ذلك مفارقة مثيرة للانتباه، إذ عادةً ما تقترن المؤتمرات والأحداث البيئية والمناخية بخطوات صديقة للبيئة، سواء من قبل المدينة أو الدولة المضيفة، أو حتى فعاليات استباقية من المشاركين.

وتستعد مدينة بيليم البرازيلية -حيث ستُجرى القمة- لاستقبال آلاف المشاركين، من خلال تهيئة البنية التحتية للطرق، حسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة.

وكانت الضحية الكبرى أشجار من غابات الأمازون، إذ استؤصِلَ العديد منها لشقّ طريق سريع باتجاه قمة المناخ.

الطريق إلى كوب 30

خلال الرحلة لحضور كوب 30، يمرّ نشطاء البيئة والإعلاميون و70 ألف مشارك بقلب غابات الأمازون، حيث قطعت البرازيل 100 ألف شجرة لتُمهّد الطريق نحو موقع انعقاد قمة المناخ.

ويعدّ الإقدام على هذا الفعل مثيرًا للجدل، إذ يمتد طريق أفينيدا ليبردادي (أو شارع الحرية باللغة البرتغالية المعتمدة في البرازيل) -المخترق للغابات حتى موقع المؤتمر- لنحو 8 أميال كاملة، كانت مكتظة قبل أيام بآلاف الأشجار.

ويشكّل التهام الطريق لقمة كوب 30 جانبًا منها من غابات الأمازون تهديدًا لأهداف الحياد الكربوني في البرازيل، التي ينادي بها مؤتمر الأطراف في كل انعقاد له، منذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ في 2015.

أعمال تمهيدية لشق الطريق إلى قمة المناخ
أعمال تمهيدية لشقّ الطريق إلى قمة المناخ - الصورة من رويترز

ولطالما شكّل "الغطاء النباتي" للغابات، ومقدار نموه واتّساعه، "مرآة" تعكس الانحياز الإعلامي وتوجيه الأهداف الخضراء طبقًا للسياسات.

وتناولت بعض وسائل الإعلام لمدة ليست بالقليلة تحذيرات من التأثيرات السلبية في الغابات، وسيناريوهات جفافها والحرائق.

وفي مراحل مستقبلية، ظهرت دلائل علمية جديدة حول دور هذه الغابات في مكافحة التغيرات المناخية وقدرتها على امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون كانت سببًا في زيادة نمو الأشجار وقوّتها.

علاقة ثاني أكسيد الكربون بالغابات

كشفت دراسات حديثة أن مستويات ثاني أكسيد الكربون المرتفعة زادت مؤخرًا في الغلاف الجوي، ما انعكس بدوره على نضخ الأشجار الذي يشهد زيادة بمعدل 6% في العقد (كل 10 سنوات).

ويمكن تفسير العلاقة بينهما بالنظر إلى أن هذه الغابات تعدّ بمثابة "بالوعة" تمتص الانبعاثات الكربونية، حسب تفاصيل قصة لمحرر البيئة في صحيفة ديلي سكيبتيك.

وانقلب إعلاميون لإضفاء لقب "غاز الحياة" على ثاني أكسيد الكربون بعد الحرب عليه لسنوات، الذي كان دور في "تسميد" أشجار الأمازون وغيرها من مكونات الغطاء النباتي العالمي، على مدار السنوات الـ40 الفائتة.

وأقرّ العلماء في الدراسات الحديثة بدور ثاني أكسيد الكربون في زيادة الغطاء النباتي وقدّروه بنسبة 15%، ما أدى إلى تقليص المساحات الصحراوية وارتفاع معدل إنتاج المحاصيل الزراعية والغذاء.

وبجانب ذلك، رصدوا نموًا في الكتلة الحيوية لأشجار الغابات المغذّاة على ثاني أكسيد الكربون، ليتحوّل دور الانبعاثات إلى داعم للمناخ بدلًا مهددًا له.

ومقابل جهود الباحثين، كان إعلاميون ينسجون خيوط افتراضات نظرية حول تهديد الانبعاثات لغابات الأمازون، بدلًا من إلقاء نظرة على الدراسات العلمية والقياسات الميدانية.

مرحلة ما بعد قطع الأشجار
مرحلة ما بعد قطع الأشجار - الصورة من رويترز

بيانات تاريخية

يختلف التناول الإعلامي السطحي للأهداف المناخية عن الدراسات العلمية المعمّقة، إذ رصد باحثون بيانات لتقييم نباتات وأشجار غابات الأمازون يعود عمرها إلى ما يزيد على 30 عامًا.

وخلصوا إلى أن دراسة 188 جزءًا من الغابات الناضجة كشفت نموًا تدريجيًا في حجم الأشجار، وظهرت الزيادة بقوة (بنسبة تقترب من 3.3% كل 10 سنوات) في الأجزاء الخاصة بقاعدة الأشجار قرب الجذوع.

ولم يقتصر الأمر على الأشجار الكبيرة التي تحظى بالتعرض للضوء أو المغذّيات، إذ تطرّق الباحثون أيضًا إلى دراسة النباتات الأصغر.

وتوصّلوا إلى النتيجة الخاصة بالأشجار الكبيرة نفسها، مؤكدين أن "التسميد" بثاني أكسيد الكربون كان له دور في تقليص حدّة الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

ولا تنطبق قناعة كاتب القصة الخبرية على عموم التغطيات الإعلامية، إذ حافظ بعضهم على منهج التحرّي العلمي الجيد.

وكشفت بعضت الأقلام في مقالاتهم أن الأمر لم يكن يحتاج إلى دراسات معمّقة، إذ يلحظ الجميع نمو غابات الأمازون رغم أطنان ثاني أكسيد الكربون، ولم تتعرض للتدهور أو الجفاف مثلما روّجت بعض الكتابات.

جفاف الطريق بعد قطع أشجار الغابات تمهيدًا لرصفه
جفاف الطريق بعد قطع أشجار الغابات تمهيدًا لرصفه - الصورة من رويترز

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق