صفقة نفط بـ15 مليار دولار قد تحل أزمة مفاوضات التجارة بين أميركا والهند

تُجري الولايات المتحدة والهند مشاورات حول صفقة نفط بنحو 15 مليار دولار، في خطوة من شأنها دفع مفاوضات التجارة بين البلدين، بالتزامن مع ضغوط من واشنطن على نيودلهي للتخلّي عن شراء الخام الروسي.
وأبدت الهند استعدادها لزيادة وارداتها من النفط الأميركي بما يصل إلى 15 مليار دولار، في خطوة تعكس رغبة نيودلهي في تسريع وتيرة المحادثات التجارية والتوصل إلى اتفاق.
ويزور مسؤولون من الهند حاليًا الولايات المتحدة للاجتماع مع نظرائهم، ويأملون في التوصل إلى اتفاق قد يمهّد إلى توقيع صفقة نقط تزيد من واردات نيودلهي من واشنطن.
وقال السكرتير التجاري للهند، راجيش أغراوال -وفق تصريحات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- إن بيانات السنوات القليلة الماضية تُظهر ارتفاع واردات الطاقة من الولايات المتحدة.
الفائض التجاري مع أميركا
قد تساعد صفقة نفط بـ15 مليار دولار في تقليص الفائض التجاري الهندي مع الولايات المتحدة البالغ 42.7 مليار دولار، وتهدئة الرئيس دونالد ترمب الذي فرض على الدولة الواقعة في جنوب آسيا رسومًا جمركية عقابية بنسبة 50%، بسبب استيرادها النفط الروسي، من بين عوامل أخرى.
وقال راجيش أغراوال: "في المدة الحالية بلغ متوسط واردات نيودلهي من النفط الأميركي ما بين 12 و13 مليار دولار، وفقًا لبيانات العام المالي 2025، وهناك مجال لزيادته بمقدار 14 إلى 15 مليار دولار".
وتتّبع نيودلهي إستراتيجية عامة تشمل تقليص الفائض التجاري عبر زيادة واردات المنتجات الأميركية، وتعزيز الوصول إلى الأسواق الهندية، وتخفيف الحواجز التجارية.

كما تدرس الهند إجراء عمليات شراء ضخمة من الولايات المتحدة بنحو 40 مليار دولار في قطاعات مثل الدفاع والنفط لخفض الفائض التجاري.
وأشار أغراوال إلى أن القطاعات الهندية أبدت مرونة، إذ استوعبت قدرًا من التكاليف الناجمة عن رفع الرسوم الجمركية، وحافظت على سلاسل التوريد.
وارتفع عجز الميزان التجاري في الهند إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عام في سبتمبر/أيلول، ليبلغ 32.15 مليار دولار، غير أن الصادرات ارتفعت 6.7% مقارنةً بالمدة نفسها من العام الماضي، رغم فرض الولايات المتحدة أعلى نسبة رسوم جمركية في آسيا على البضائع الهندية.
واردات الهند من النفط الروسي
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الأربعاء (15 أكتوبر/تشرين الأول)،إن الهند أبلغت الولايات المتحدة أنها ستتوقف قريبًا عن شراء النفط الروسي.
وأضاف ترمب أن علاقته مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ما تزال إيجابية، على الرغم من التوترات التجارية التي تركزت على واردات الهند من النفط الروسي، وأن مودي أكد له مؤخرًا أن بلاده ستوقف قريبًا عمليات الشراء التي وصفها ترامب بأنها تغذّي غزو روسيا أوكرانيا.
وانتعشت العقود الآجلة للنفط الخام من أدنى مستوياتها في 5 أشهر في تعاملات اليوم الخميس 16 أكتوبر/آسيا في آسيا، بعد تصريح ترمب بشأن الهند.
بلغ متوسط واردات الهند من النفط الروسي 1.68 مليون برميل يوميًا في الربع الثالث، وفقًا لبيانات ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتيز آت سي، وهو رقمٌ جعل الهند، الدولة الجنوب آسيوية، أكبر مشترٍ عالمي للصادرات الروسية.
ومع ذلك، مثّل الرقم انخفاضًا بنسبة 13% عن الربع الثاني، إذ نوّعت المصافي الهندية سلال خاماتها، بما في ذلك زيادة الكميات من كولومبيا والإمارات العربية المتحدة.
النفط والغاز الأميركي
في فبراير/شباط، أعلن ترمب أن الهند وافقت على شراء المزيد من النفط والغاز الأميركي، سعيًا لاستعادة مكانة الولايات المتحدة موردًا رئيسًا للهند.
ومنذ ذلك الحين، وحتى مع زيادة الصادرات الأميركية، واصلت الهند شراء الإمدادات الروسية بحسم يتجاوز سقف الأسعار الذي تفرضه العقوبات الأميركية.
في أغسطس/آب، انتقد ترمب الهند لعدم اهتمامها "بعدد الأشخاص الذين يُقتلون في أوكرانيا"، وضاعفَ الرسوم الجمركية الأميركية على الصادرات الهندية من 25% إلى 50%.
وقال ترمب في البيت الأبيض في 15 أكتوبر/تشرين الأول: "إذا لم تشترِ الهند النفط، فسيكون ذلك أسهل بكثير للسلام".
وأضاف: "لقد أكدوا لي أنهم لن يشتروا النفط من روسيا خلال مدة قصيرة.. ويمكنهم العودة إلى روسيا بعد انتهاء الحرب".
مصافي النفط الهندية
تترقب مصافي النفط الهندية توجيهات رسمية من حكومة نيودلهي لخفض وارداتها من النفط الروسي، بعدما صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تعهَّد بوقف استيراد الخام.
وخضعت واردات الهند من النفط الروسي لتدقيق شديد خلال الشهور الماضية، بعدما ركّزت واشنطن على التجارة بوصفها مبررًا لفرض رسوم جمركية كبيرة على الهند، الدولة الواقعة في جنوب آسيا.
وتأرجح موقف نيودلهي ما بين تبنّي نبرة متحدية وخفض التدفقات للامتثال لمطالب الولايات المتحدة، في ظل الضغوط الداخلية على مودي، لئلا يرضخ لترمب.
وتقيّم كلٌّ من "إنديان أويل" (Indian Oil) المملوكة للدولة -أكبر شركة تكرير في الهند-، و"ريلاينس إندستريز" ذات الملكية الخاصة، حاليًا عمليات شراء الخام.
وأكدت نيودلهي، مرارًا، أنها ستعطي الأولوية لأمن الطاقة، وأنها ستشتري من المصادر الأكثر جدوى اقتصاديًا.

وتحوّل وضع الهند من دولة تستورد كميات لا تُذكر من النفط الروسي قبل حرب أوكرانيا إلى أكبر مستورد للخام من موسكو، إلّا أنها تواجه تحديات في التخلص التدريجي من واردات النفط، نظرًا لعدم وجود خيارات بديلة وفيرة ومنخفضة التكلفة.
ودفع الخلاف بين نيودلهي وواشنطن شركات التكرير الهندية إلى خفض مشترياتها عندما يشتد الضغط الأميركي، لتُعاود زيادتها مجددًا عند تراجع حدة التدقيق.
وكان هناك نحو 60 مليون برميل من النفط الروسي في طريقها إلى الهند اليوم الخميس، بحسب بيانات "فورتيكسا" (Vortexa)، كان نصفها تقريبًا متجهًا إلى ميناء سيكا الذي تستعمله "ريلاينس".
كما شوهدت الناقلة "جاكلين"، التي فرض عليها الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات، في الميناء يوم الخميس، تنقل النفط من أقصى شرق روسيا، بحسب بيانات تتبُّع السفن
يُتوقع أن يبلغ متوسط واردات الهند من النفط الروسي في أكتوبر/تشرين نحو 1.7 مليون برميل يوميًا، بحسب تقديرات "كبلر" (Kpler) قبل تصريح ترمب، وسيمثّل ذلك ارتفاعًا بنحو 6% عن مستوى سبتمبر/أيلول، وإن كان أدنى قليلًا، مقارنةً بالمدة نفسها من العام الماضي.
موضوعات متعلقة..
- واردات الهند من النفط الروسي تصطدم برسوم ترمب الجمركية والتقلّبات السياسية (مقال)
- واردات الهند من النفط الروسي.. نمو ملحوظ رغم الاضطرابات والضغوط (مقال)
اقرأ أيضًا..
- أكبر حملة حفر في تاريخ مصر للتنقيب عن النفط والغاز.. 480 بئرًا استكشافية
- انخفاض إيرادات صادرات الطاقة الروسية.. و8 دول عربية ضمن المستوردين
- صادرات الغاز المسال الأميركية ترتفع 27%.. ومصر تقترب من صدارة المستوردين
المصادر..
- الهند مستعدة لإنفاق 15 مليار دولار على النفط الأميركي وسط محادثات تجارية، من بلومبرغ
- مصافي التكرير الهندية تتجه لتقليص مشترياتها من النفط الروسي بعد تصريحات ترمب، من رويترز
- ترمب يقول إن الهند "أكدت" له أنها ستوقف شراء النفط الروسي، من إس آند بي غلوبال بلاتس