مشروعات الطاقة الشمسية في تشيلي تواجه انتقادات بيئية.. ما القصة؟
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- نمو كبير لحصّة الطاقة الشمسية بمزيج الكهرباء في تشيلي
- مخاوف من تأثير توسُّع مشروعات الطاقة الشمسية في التنوع البيولوجي
- الطاقة الشمسية في تشيلي تواجه تحديات تقليص الإنتاج
- مشروع صيني ضخم للطاقة الشمسية يواجه انتقادات عديدة في تشيلي
توسعت مشروعات الطاقة الشمسية في تشيلي بمعدلات متسارعة خلال السنوات الـ10 الماضية؛ ما أدى إلى زيادة حصّتها في مزيج الكهرباء الوطني، لتصبح ثاني أكبر مصادر التوليد.
ورغم أن الطاقة الشمسية تحظى بتأييد بيئي شبه مطلق، بوصفها مصدرًا نظيفًا للكهرباء، فإن بعض مشروعاتها في تشيلي -مؤخرًا- تعرضت لانتقادات بيئية واسعة، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وانصبّت الانتقادات على أحد مشروعات الطاقة الشمسية في تشيلي، تطوّره شركة باسيفيك هيدرو تشيلي (Pacific Hydro Chile) التابعة لمؤسسة استثمار الكهرباء الصينية المملوكة للدولة.
وتبلغ قدرة المشروع الذي يحمل اسم دون باتريسيو بارك (Don Patricio solar park) قرابة 200 ميغاواط، باستثمارات تصل إلى 368 مليون دولار.
وتخطط الشركة الصينية لتركيب 270 ألف وحدة شمسية في هذا المشروع مدمجة مع أنظمة بطاريات للتخزين، ما أثار مخاوف من تنافسه على الأراضي المحلية، واحتمالات تسبُّبه في أضرار للتنوع البيولوجي في منطقة المشروع الممتدة إلى الغابات، بحسب التقرير المنشور في موقع ديالوج إيرث المتخصص.
تطورات الطاقة الشمسية في تشيلي خلال عقد
أحرزت مشروعات الطاقة الشمسية في تشيلي تقدمًا واسعًا على مدار السنوات الـ10 الماضية، لترتفع حصّتها في مزيج الكهرباء الوطني من 1.6% عام 2015 إلى 22.3% عام 2024، لتصبح ثاني أكبر مصادر التوليد في البلاد بعد الطاقة الكهرومائية، بحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة النظيفة إمبر.
وأسهم ذلك التقدم السريع في ترسيخ مكانة تشيلي على مستوى أميركا الجنوبية بوصفها من رواد الطاقة المتجددة في المنطقة إلى جانب البرازيل، لكن هذا الزخم لم يخلُ من تحديات.

فعلى سبيل المثال، في أوقات ذروة توليد الطاقة الشمسية تبدو شبكات نقل الكهرباء في البلاد عاجزة عن استيعاب جميع الكهرباء التي تستقبلها من الشمال، حيث يتركز معظم توليد الطاقة الشمسية.
وعادةً ما يؤدي هذا العجز إلى هدر قدرة التوليد الشمسية عبر ما يُعرَف بظاهرة "التقليص" التي يضطر فيها مشغّلو الشبكات لإخطار أصحاب المشروعات بخفض الإنتاج حفاظًا على استقرار الشبكة، عبر تخفيف ازدحامها ومنح التحميل الزائد على الخطوط.
ورغم أن منطقة أنتوفاغاستا الشمالية تتصدر المناطق المستهلكة للكهرباء في البلاد، لغلبة نشاط تعدين النحاس عليها، فإن الطلب ينمو بسرعة -أيضًا- في المراكز الحضرية الرئيسة، مثل مدينتي سانتياغو الكبرى وفالبارايسو.
ويفسّر هذا الطلب توسُّع مشروعات الطاقة الشمسية وسط تشيلي خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2023 دخلت مشروعات تبلغ قيمتها مليارا دولار إلى مرحلة الموافقة البيئية في هاتين المدينتين الكبيرتين.
مخاوف مشروعات الطاقة الشمسية الكبرى
تخطط شركة باسيفيك الصينية لإنشاء واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في تشيلي "دون باتريسيو" بمنطقة بلدية تيلتيل (Tiltil) بقدرة 200 ميغاواط.
ويضم تصميم المشروع إنشاء 42 محطة تحويل، ومحطة كهرباء فرعية، وخط نقل بطول 1.17 كيلومترًا ممتدّ إلى شبكة الكهرباء الوطنية في تشيلي، ما أثار مخاوف من تنافسها على الأراضي المحلية.
فبحسب دراسة الأثر البيئي المقدّمة إلى الهيئة البيئية المنظمة في البلاد نهاية عام 2023، من المتوقع أن تحتاج الشركة الصينية إلى 226 هكتارًا من الأراضي لتنفيذ هذا المشروع، شاملةً المناطق التي ستركّب فيها الألواح الشمسية، ومناطق الطرق المخطط إنشاؤها للوصول إلى موقع العمل.

ويبلغ عدد سكان بلدية تيلتيل قرابة 20 ألف نسمة، وهي منطقة تجمع بين مراكز حضرية صغيرة ومناطق زراعية وصناعية متفرقة، ما يشير إلى اختلاط الأنشطة الزراعية والتعدينية والصناعية.
وبحسب تقارير السلطة المحلية، فإن هذا المشروع الكبير يأتي في وقت تعاني فيه البلدية من أعباء بيئية كبيرة تتمثل في 49 مصدرًا للتلوث ناتجًا عن مصادر مكبات النفايات، وقطاع إنتاج لحم الخنازير، ومرافق معالجة الزيتون، إضافة إلى مصادر التلوث الصادرة عن أنشطة التعدين والأسمنت والنفايات الصناعية.
كما تواجه البلدية مشكلات نقص المياه، ما يجعل سكان المنطقة متحفّزين ضد أيّ مشروعات جديدة في المنطقة.
وبحسب تقديرات شركة باسيفيك هيدرو، المقترحة لمشروع الطاقة الشمسية الكبير في بلدية تيلتيل، من المخطط قيامها بقطع أشجار على مساحة تصل إلى 1.7 هكتار من الغابات الأصلية في البلاد، لتداخُل هذه المنطقة مع مواقع الطرق المخططة للمشروع.
ولا تقتصر المخاوف البيئية على قطع الأشجار فحسب، بل تمتد إلى احتمال تضرُّر أنواع من النباتات المحلية بسبب التغيرات المحتملة في درجات الحرارة والرياح والرطوبة الناتجة عن تركيبات الألواح الشمسية الكبيرة.
وبحسب دراسة بيئية متصلة، من المتوقع أن تكون أشجار الغوايكان والغاروبو من أكثر الأنواع النباتية المعرّضة للخطر من التحولات الحرارية المحتملة لمشروعات الطاقة الشمسية في تشيلي.
وتتميز هذه الأشجار الصغيرة بقدرتها على مقاومة المناخات القاحلة، لكنها تحتاج إلى موائل مستقرة نسبيًا، ووفرة في مصادر المياه للبقاء على قيد الحياة، وإذا تعرضت هذه الأشجار للاندثار، فستكون هناك عواقب على التنوع البيولوجي المحلي، وفق نظرية "أثر الفراشة" المشهورة في التحليل البيئي.
وما تزال محطة دون باتريسيو للطاقة الشمسية قيد التقييم البيئي في تشيلي -حاليًا-، لكن الجدل حول هذا المشروع أثار مخاوف من أنّ توجُّه البلاد نحو الطاقة المتجددة قد يأتي على حساب التضحية بالتنوع البيولوجي والنظم البيئية الهشة والعدالة الاجتماعية.
موضوعات متعلقة..
- خسائر الطاقة المتجددة في تشيلي تتجاوز نصف مليار دولار
- الطاقة الشمسية في أميركا الجنوبية قد تُضيف 160 غيغاواط بقيادة دولتين
- سوق تخزين الكهرباء في أميركا اللاتينية قد تبلغ 23 غيغاواط بقيادة تشيلي
اقرأ أيضًا..
- واردات مصر من الغاز المسال تقفز 144%.. و4 دول توفر كل الشحنات
- حقل القيارة.. مليار برميل نفط عراقي تسيطر عليها شركة أفريقية (تقرير)
- تملكه شركة عربية.. أكبر مصنع أمونيا زرقاء في العالم متى يبدأ الإنتاج؟
المصادر:
- انتقادات مشروعات الطاقة الشمسية في تشيلي، من منصة ديالوج إيرث
- بيانات مزيج الكهرباء في تشيلي، من مركز إمبر