ماذا يحدث لشركات توربينات الرياح؟.. إفلاس وتسريح عمال بأعداد ضخمة
محمد عبد السند

بلغت الأوضاع المأزومة في شركات توربينات الرياح العالمية مداها تاركةً بعضها يغرق في موجة إفلاس، بينما يضطر بعضها الآخر إلى التخلص من العمالة.
وتُعدّ شركتا إينو إنرجي (Eno Energy) الألمانية التي أعلنت إفلاسها رسميًا وأورستد الدنماركية التي سرّحت أعدادًا ضخمة من عمالتها، مثالين صارخين للأوضاع الدراماتيكية التي تشهدها صناعة توربينات الرياح، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وتعاني شركات توربينات الرياح أزمة مستفحلة نتيجة ارتفاع تكاليف المواد الخام وزيادة أسعار الفائدة ومشكلات سلسلة الإمدادات؛ ما نتج عنه خسائر فادحة وتأخير المشروعات.
وما زاد الطين بلة المنافسة الشرسة من قِبل المصنعين الصينيين، وكذلك العقبات البيروقراطية مثل بطء إجراءات إصدار التراخيص وأوقات التنفيذ الطويلة للمشروعات.
معاناة وإفلاس
أعلنت "إينو إينرجي" -وهي مطورة ومشغّلة مزارع الرياح- إفلاسها، وفق ما أوردته إذاعة "إن دي آر".
وتعاني الشركة -الواقع مقرّها في مدينة روستوك شمال ألمانيا- أزماتٍ ماليةً متتالية أدت إلى عجز كبير في موازنتها العامة.
وتوظّف الشركة التي تأسست في عام 1990، حاليًا قرابة 280 شخصًا، وتتخصص في تطوير وبناء وصيانة توربينات الرياح، ثم بيعها للمستثمرين.
وتضافرت عوامل عدّة أدت في النهاية إلى إفلاس "إينو إينرجي"، في مقدّمتها ارتفاع التكاليف واختناق سلسلة الإمدادات.
إلى جانب ذلك، قال الناطق باسم "إينو إينرجي"، باتريك رودولف، إن مورّدي شفرات توربينات الرياح قد أوقفوا عمليات التسليم؛ ما أثّر سلبًا في إنتاج الشركة الألمانية.

سياسات في مرمى النيران
يرى رئيس شبكات طاقة الرياح "إم في" في ألمانيا أندريه إيفلاندر أن البيئة السياسية قد تكون سببًا محتملًا في تردّي مناخ الأعمال بالنسبة لشركات توربينات الرياح.
ووصف إفلاس "إينو إنرجي" بأنه "جرس إنذار" للصناعة برمّتها، وفق تصريحات أدلى بها إلى صحيفة "أوستسي تسايتونغ" الألمانية.
وقال إيفلاندر، إنه من المرجّح أن يبني وزير الطاقة الألماني الاتحادي الجديد محطات كهرباء عاملة بالغاز؛ ما يثير قلق المستثمرين والمصنّعين في قطاع توربينات الرياح.
في الوقت نفسه، عانت الشركة قلة الائتمانات الممنوحة لها من الحكومة الألمانية، التي تستهدف مساعدتها في الخروج من كبوتها الحالية.
وفي هذا السياق حصلت "إينو إنرجي" على 13.4 مليون يورو (نحو 16 مليون دولار) من ولاية مكلنبورغ فوربومرن، علمًا بأن الشركة لم تتلقَّ سوى 50 مليون يورو (58 مليون دولار أميركي) في منتصف العام الحالي.
*(اليورو = 1.16 دولارًا أميركيًا).
تفاؤل رغم الظروف
على الرغم من إعلان إفلاسها رسميًا، تتطلع "إينو إنرجي" لتحقيق الاستقرار في عملياتها ولو جزئيًا؛ إذ تُبدي الشركة تفاؤلًا بقدرتها في الحفاظ على بعض عملياتها -على الأقل-.
وقد يواصل قسم الخدمات بالشركة العمل؛ ما يعطي أملًا للعاملين في الحفاظ على وظائفهم رغم التحديات وعدم اليقين الذي تواجهه شركات توربينات الرياح عمومًا.
وتصنع الشركة توربينات رياح بسعة تتراوح بين 1.5 و7 ميغاواط. ومن أشهر طُرزها إينو 82 (1.5 ميغاواط) وإينو 100 (2.2 ميغاواط)، وإينو 175 (7 ميغاواط) بقطر دوار يصل إلى 175 مترًا.
وتستعمِل توربينات الرياح المصنّعة بوساطة "إينو إنرجي" تقنية المحول الكامل لضمان موثوقية عالية وتوافق عالٍ مع الشبكة.
وتُصمّم توربينات الرياح الحاملة لعلامة الشركة التجارية خصوصًا لمزارع الرياح التي تتراوح سعتها بين 4 و100ميغاواط، وتتميز بمعايير جودة عالية.
وتنشط الشركة في العديد من الأسواق العالمية، مثل المملكة المتحدة، وتلامس سعتها الإنتاجية مئات الميغاواط، كما تقدّم خدمات الحلول المتكاملة، بما في ذلك الإنشاءات والصيانة.

تسريح عمالة في أورستد
قررت أورستد -وهي أكبر مطور لمزارع الرياح البحرية في العالم- شطب قرابة 2000 وظيفة بحلول نهاية عام 2027، ما يعادل رُبع إجمالي القوى العاملة بها، وفق بيان رسمي صادر عن الشركة اليوم الخميس 9 أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت أورستد: "تُعزى خطوة تسريح العمالة إلى رغبة الشركة في التركيز بشكل أكبر على طاقة الرياح البحرية وأوروبا، وأن عددًا من مزارع الرياح البحرية سيُنجَز خلال السنوات المقبلة، مع حاجة الشركة إلى تعزيز قدرتها التنافسية".
ووسّعت أورستد عملياتها بسرعة على مدار العقد الماضي، غير أنها واجهت مؤخرًا انتكاسات في الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب اختناق سلسلة الإمدادات العالمية، وارتفاع أسعار الفائدة وتأخيرات المشروعات؛ ما أثّر سلبًا في سعر سهم الشركة.
ومنذ بداية عام 2025، حتى الآن، هوى سهم الشركة بنسبة 22.4% جراء الموقف المتعنت لإدارة الرئيس دونالد ترمب إزاء الطاقة المتجددة، لا سيما الرياح البحرية، وفق أرقام رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وجمعت أورستد هذا الأسبوع 9.4 مليار دولار عبر إصدار حقوق ملكية بعد القيود الخانقة المفروضة على عملياتها في أميركا بسبب موقف ترمب المذكور في مقابل تأييده المطلَق للوقود الأحفوري.
وتوقعت الشركة أن يساعدها خفض أعداد العمالة وتدابير الكفاءة الأخرى في تحقيق وفورات تكاليف سنوية تصل إلى قرابة مليارَي كرونة دنماركية (311.31 مليون دولار) بدءًا من عام 2028.
*(الكرونة الدنماركية = 0.16 دولارًا أميركيًا).
موضوعات متعلقة..
- طاقة الرياح البحرية في أوروبا.. فرص للنمو ترتبط بتطوير المواني (تقرير)
- مزارع الرياح البحرية تقدم مقرمشات الطحالب.. حملة يقودها نجم هوليوود
- هياكل دعم توربينات الرياح البحرية قد لا يفي بعضها بتوقعات عمر الإجهاد (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- صفقة لحفر 80 بئرًا في حقل الريشة الأردني لاستغلال 15 تريليون قدم مكعبة
- أرامكو السعودية أكبر مساهم في بترورابغ بموجب صفقة استحواذ إضافية
- أدنوك تؤسس ميناءً متخصصًا للكيماويات في الإمارات
المصادر:
1.أوضاع مأزومة لشركة إينو إينرجي، من موقع "تشيب" الألماني
2.تسريحات عمالة في أورستد، من بيان منشور في موقع الشركة