
تشهد سوق الغاز في أستراليا حاليًا حالة من الفوضى التنظيمية، وسط قوانين تفتقر إلى الشفافية، ما أدى إلى تحميل المستهلكين أعباء مالية متزايدة نتيجة مشروعات التوسع الجديدة، رغم بدء التحول التدريجي نحو استعمال الكهرباء.
وحذّرت جمعية مستهلكي الطاقة الأسترالية (إكا) من أن استمرار إدارة منظومة الغاز بالآليات الحالية سيجعل المستأجرين وسكان الشقق والأسر ذات الدخل المحدود الأكثر تضررًا خلال عملية التحول إلى الكهرباء بالكامل، بسبب ارتفاع تكاليف الفواتير.
وقال المدير العام للمناصرة والسياسات في الجمعية، بريان سباك، إن جوهر المشكلة يكمن في طريقة صياغة لوائح الغاز وآلية تطبيق هيئة تنظيم الطاقة الأسترالية (AER) لها، إضافة إلى أسلوب تناول القضية في دوائر سياسات الطاقة.
وأضاف سباك -خلال مشاركته في بودكاست سويتشهيد أون" (SwitchedOn)- أن تلك المنظومة تجعل المستهلكين يتحملون كامل فواتير الغاز في أستراليا، قائلًا: "نحن نرى أن هذا ليس عدلًا"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار إلى أن تكاليف شبكة توزيع الغاز الحالية تبلغ نحو 11 مليار دولار، مؤكدًا أن هذا المبلغ الكبير يجب تحصيله بطريقة عادلة، "لكن من غير الواضح حتى الآن من سيتحمّل دفعه".
إدارة شبكة الغاز لا تتماشى مع التحول
ترى جمعية مستهلكي الطاقة الأسترالية أن قواعد إدارة شبكة الغاز لم تعد تتماشى مع الأهداف الحالية، إذ صُمِّمَت على أساس استمرار التوسع في الشبكة، بينما المطلوب في الوقت الراهن هو تقليص هذا التوسع لصالح التحول إلى الكهرباء.
وقال سباك: "لقد صُمِّمت اللوائح على افتراض استمرار النمو، لكن من المفترض الآن أن تتقلص الشبكة أو يقلّ استعمالها".
ورغم التوجه المتزايد من جانب السكان نحو الاعتماد على الكهرباء والتخلي عن الغاز، ما تزال حصة المستهلكين من تكلفة الاستثمارات في شبكات الغاز مُدرجة في فواتيرهم، على الرغم من أن القواعد الحالية تنص على أن يتحمّل المشتركون الجدد هذه التكاليف.
ويستردّ مستثمرو شبكات توزيع الغاز في أستراليا التكاليف الرأسمالية لأصولهم عبر تحميلها على فواتير المنازل، ورغم أنه من المفترض أن تُوزع هذه التكاليف بين المطورين والمستهلكين، فإن الجزء الأكبر منها يُلقى على عاتق المستهلكين.
وأوضح سباك أن استمرار النظام الحالي في تحميل المستهلكين تكاليف تمديدات شبكات الغاز الجديدة سيؤدي إلى نمو قاعدة الأصول والالتزامات طويلة الأجل على العملاء المتبقين في النظام.
وقال: "فاتورة الغاز الأسترالية البالغة حاليًا 11 مليار دولار يجب أن يُحدد بوضوح من سيدفعها، فنحن لا نريد أن ترتفع إلى 12 أو 13 أو حتى 15 مليار دولار، نتيجة استمرار تحميل المستهلكين تكاليف التوسعات الجديدة".

حظر التوصيلات الجديدة للغاز
تتجه هيئة الطاقة الأسترالية نحو تبنّي حزمة من الإصلاحات تهدف إلى حماية الأسر من الارتفاع المتزايد في تكاليف شبكات الغاز، والحدّ من تفاقم الأعباء المالية على المستهلكين في ظل التحول الجاري نحو الكهرباء.
وتركّز الإصلاحات المقترحة على إلزام العملاء الجدد بتحمُّل التكلفة الفعلية للتوصيلات الإضافية في شبكة الغاز، بدلًا من توزيع هذه التكاليف على جميع العملاء، سواء القدامى أو الجدد، كما هو معمول به حاليًا.
وقد صاغت الهيئة قاعدة جديدة تفرض على العملاء الجدد رسومًا "تعكس التكلفة" الفعلية لتوصيلات الغاز، بما يجعل أسعار الغاز أكثر شفافية ويسهل مقارنتها بالبدائل الكهربائية المتاحة.
ورغم ذلك، سمحت بعض الجهات التنظيمية للشركات المشغّلة باسترداد التكاليف بوتيرة أسرع، وهو ما ترتَّب عليه تحميل المستهلكين الحاليين فواتير مقدمة لحماية مصالح المستثمرين في شبكات الغاز في أستراليا.
المستهلكون يدفعون الثمن
قال المدير العام للمناصرة والسياسات في جمعية مستهلكي الطاقة الأسترالية، بريان سباك، إن ما يحدث حاليًا يعني أن مستهلكي الغاز يتحمّلون تكاليف أعلى لتقليل خسائر المستثمرين في الشبكات، مضيفًا أن الجمعية تطالب بفرض قيود أكثر صرامة لضمان عدم تقديم الأسر دعمًا ماليًا غير مباشر لمخاطر المستثمرين.
وأوضح سباك أن قطاع الكهرباء يتمتع بخطط تنظيمية أوضح، إذ يسترشد بخطّة النظام المتكامل وتقارير التخطيط السنوية، بينما لا تقدم شبكات الغاز سوى معلومات محدودة للغاية عن مستقبلها.
وأشار إلى أنه في غياب بيانات تخطيط عامة ومنتظمة، يصبح من الصعب على الحكومات والمجتمعات المحلية تنسيق عمليات فصل جماعية فعالة عن الغاز أو إدارة تكاليف التحول بطريقة متوازنة.
وتسعى الهيئة، ضمن الإصلاحات المقترحة، إلى وضع تصنيفات أكثر وضوحًا لمساعدة المستهلكين والمستثمرين على فهم مخاطر الانتقال من الغاز إلى الكهرباء، إضافة إلى إقرار إجراءات فصل عادلة تمنع فرض "رسوم خروج باهظة" على الأسر التي تختار مغادرة الشبكة.
ورغم أن هذه الخطوات من شأنها إبطاء وتيرة التدهور في سوق الغاز في أستراليا، فإنها لن تكون كافية –بحسب سباك– لوقف الفوضى تمامًا، مشيرًا إلى أن الحل الأكثر فاعلية هو فرض حظر كامل على التوصيلات الجديدة للغاز.
موضوعات متعلقة..
- حلول قد تؤجل أزمة الغاز في الساحل الشرقي لأستراليا حتى 2033
-
"الخضر" يمنع مشروعات الغاز في أستراليا حال فوز حزب العمال بأقلية
اقرأ أيضًا..
- أسطول الحفر البحري لتركيا يواصل التوسع.. ومهمة بدولة عربية قريبًا
-
حقل كركوك العراقي.. قصة عملاق خسر الصدارة عالميًا لصالح السعودية
المصادر: