أسعار الكهرباء في إسبانيا تنجو من تقلبات الغاز.. ما دور الطاقة المتجددة؟
الأسعار تنخفض 32% عن متوسط الاتحاد الأوروبي
وحدة أبحاث الطاقة – مي مجدي

- إسبانيا نجحت في فصل أسعار الكهرباء عن أسعار الغاز.
- أسعار الكهرباء في النصف الأول من 2025 كانت أقل بنسبة 32% عن متوسط الاتحاد الأوروبي.
- نمو الطاقة الشمسية والرياح ساعد على خفض أسعار الكهرباء في إسبانيا.
- الحكومة أقرّت خططًا عاجلة لتعزيز دور المتجددة في خدمات الشبكة.
أصبحت أسعار الكهرباء في إسبانيا من بين الأدنى بالقارة الأوروبية، مع تحررها من تقلبات أسعار الغاز الطبيعي، بفضل مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة على مستوى البلاد.
في هذا السياق، أظهر تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن أسعار الكهرباء بالجملة انخفضت في إسبانيا خلال النصف الأول من عام 2025 بنسبة 32% من متوسط الاتحاد الأوروبي.
كما كانت أسعار الكهرباء في إسبانيا خلال النصف أقل بنسبة 30% من أسعار الكهرباء في الدول ذات الاعتماد الكبير على التوليد بالغاز الطبيعي مثل إيطاليا وألمانيا.
ويرجع ذلك إلى نمو طاقة الرياح والطاقة الشمسية، اللتين وفرتا 46% من الطلب على الكهرباء خلال النصف الأول من 2025، مقارنة بـ27% في المدة نفسها من 2019.
وكانت إسبانيا تُصنف في النصف الأول من 2019 ضمن أغلى أسواق الكهرباء في أوروبا، قبل أزمة الغاز، ونمو طاقة الرياح، والطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي، بحسب التقرير الصادر عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة "إمبر".
اتجاهات أسعار الكهرباء في إسبانيا
رغم امتلاك إسبانيا ثالث أكبر أسطول لتوليد الكهرباء العاملة بالغاز في الاتحاد الأوروبي بقدرة 28 غيغاواط، بعد إيطاليا وألمانيا؛ فإن تأثير الغاز في أسعار الكهرباء بات الأدنى مقارنة بنظرائها الأكثر اعتمادًا على الغاز.
وخلال النصف الأول من 2019، ارتبطت أسعار الكهرباء في إسبانيا بالوقود الأحفوري خلال 75% من ساعات اليوم، لكنها هبطت إلى 19% خلال المدة نفسها من 2025؛ ما يشير إلى تحولات كبيرة في مشهد الأسعار، بحسب بيانات إمبر.
ونتيجة لذلك، بلغ متوسط سعر الكهرباء في البلاد قرابة 62 يورو (73 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة خلال النصف الأول من 2025، هو ما يقل من متوسط تكلفة توليد الكهرباء بالغاز التي وصلت إلى 111 يورو/ميغاواط/ساعة.
(اليورو = 1.17 دولارًا أميركيًا).
ويعود ذلك إلى مضاعفة إسبانيا قدرات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بين ديسمبر/كانون الأول (2019) ويونيو/حزيران (2025)، لتتجاوز 40 غيغاواط.
وبذلك، شكّلت الطاقة المتجددة 46% من إجمالي الطلب على الكهرباء في النصف الأول من 2025، في حين شكّل توليد الكهرباء بالوقود الأحفوري 20% من الطلب.
وخلال أغسطس/آب (2025)، لم تنتج إسبانيا أي كهرباء من المحطات العاملة بالفحم لأول مرة، في حين كانت حصته قبل 10 سنوات تتجاوز الربع من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد؛ ما يشير إلى تحول واسع النطاق في الابتعاد عن المعدن الأسود.
أما التوليد بالغاز الطبيعي؛ فقد دخل في مسار هبوطي ممتد منذ 2022، لتتقلص حصته في تغطية الطلب على الكهرباء في البلاد إلى 19% خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بنحو 26% خلال المدة نفسها من 2019.
وساعد ذلك في خفض اعتماد البلاد على واردات الغاز بمقدار 26 مليار متر مكعب بين عامي 2020 و2024، بتكلفة تصل إلى 13.5 مليار يورو (15.85 مليار دولار).
وبحسب البنك المركزي الإسباني، كانت أسعار الكهرباء في إسبانيا بالجملة سترتفع 40% في النصف الأول من 2024، إذا استمر إنتاج الطاقة المتجددة عند مستويات 2019 المتدنية؛ إذ كانت البلاد ستضطر لتوليد الكهرباء بالغاز، ومن ثم يزيد تعرضها لتقلبات الأسعار.
ويرصد الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- واردات إسبانيا من الغاز الطبيعي والمسال في أول 8 أشهر بين عامي 2022 و2025:
أزمة الكهرباء في إسبانيا خلال أبريل
رغم هذه الإنجازات؛ فقد حذّر تقرير إمبر من تزايد الاعتماد على الغاز لضمان استقرار الشبكة بعد أزمة انقطاع الكهرباء في إسبانيا خلال شهر أبريل/نيسان الماضي.
وتضاعفت تكاليف خدمات استقرار الشبكة منذ الأزمة؛ حيث شكّلت 57% من سعر الكهرباء في مايو/أيار (2025)، مقارنة بمتوسط 14% في السنة السابقة لانقطاع التيار.
ونتيجة لذلك، تضاعف تقليص إنتاج الطاقة المتجددة 3 مرات، من 1.8% خلال العامين الماضيين إلى 7.2% بين مايو/أيار ويوليو/تموز 2025، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
على الجانب الآخر، ظل إنتاج الكهرباء بالغاز في 2025 أقل من المتوسط السنوي للأعوام الـ5 الماضية.
بالإضافة إلى ذلك، بقيت إسبانيا الأقل استثمارًا في الشبكات على مستوى أوروبا بين عامي 2019 و2024 لدمج الطاقة المتجددة، كما تباطأ تطوير الحلول التقنية لتعزيز الشبكة.
وما زالت قدرات بطاريات تخزين الكهرباء في البلاد من بين الأدنى في أوروبا؛ إذ تبلغ 120 ميغاواط فقط، لتحتل المرتبة الـ13، رغم كونها رابع أكبر سوق كهرباء في القارة.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- الطلب على الكهرباء في إسبانيا بين عامي 2010 و2024:
إصلاحات لتعزيز دور الطاقة المتجددة
بعد أزمة الكهرباء في إسبانيا الأخيرة، أطلقت الحكومة إصلاحات عاجلة لتعزيز دور الطاقة المتجددة والحلول النظيفة المرنة؛ إذ يمكن للبدائل النظيفة أن تحل محل خدمات الشبكة التي يوفرها الغاز.
وتعمل إسبانيا على تعزيز قدرات بطاريات التخزين، لتصبح خامس أكبر دول في أوروبا من حيث حجم مشروعات التخزين المقترحة، مع الإعلان عن مشروعات بسعة 2.6 غيغاواط، ومنح تصاريح لمشروعات إضافية بسعة 340 ميغاواط، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وستساعد هذه المشروعات فور تركيبها على تخفيف القيود المفروضة على الطاقة المتجددة، وخفض التكاليف المصاحبة من خلال تخزين الكهرباء الفائضة وتحسين أداء الشبكة.
بالإضافة إلى ذلك، يتقدّم الربط الكهربائي بين إسبانيا وأوروبا بخطى ثابتة، رغم البداية المتواضعة؛ حيث دعم بنك الاستثمار الأوروبي مشروع الربط عبر خليج بسكاي بعد دعوة حكومتي إسبانيا والبرتغال لتعزيز استقرار الشبكة.
موضوعات متعلقة..
- واردات إسبانيا من الغاز تنخفض 10%.. والجزائر تتخلى عن الصدارة
- انقطاع الكهرباء في إسبانيا يرفع الطلب على الغاز 5.6%
- استيعاب فائض توليد الطاقة النظيفة يقلل الانقطاعات.. إسبانيا نموذجًا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الطلب على الكهرباء لتحلية المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يرتفع 3 مرات
- توليد الكهرباء من الطاقة الحيوية في أفريقيا.. دولة عربية ضمن قائمة الكبار
- جدل حول مشروع خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا.. ما القصة؟ (تقرير)
المصدر..