رئيسيةأخبار النفطنفط

تفكيك منصة بحرية عملاقة بعد 20 عامًا في الخدمة.. ما قصتها؟

دينا قدري

انطلقت منصة بحرية عملاقة في رحلتها الأخيرة، مغادرةً بحر تيمور إلى سنغافورة ومتجهةً إلى وجهتها النهائية لبدء عمليات إيقاف التشغيل والتفكيك بعد أكثر من 20 عامًا

وبمغادرتها، تنتهي قصة طويلة وحزينة لما كان يومًا ما منصة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة (FPSO) لامعة ومنتجة، أنتجت أكثر من 200 مليون برميل من النفط بين عامي 1999 و2015.

وفي أحدث تطور اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، منحت إدارة مرافق بتروفاك (Petrofac) شركة إنترمور (Intermoor) عقدًا لخدمات الهندسة والإرساء لمنصة الإنتاج والتخزين العائمة "نورثرن إنديفور" المُتوقفة عن العمل.

كانت سفينة "نورثرن إنديفور" تعمل سابقًا في موقع ببحر تيمور بين حقلَي نفط لاميناريا وكورالينا، على بُعد نحو 550 كيلومترًا شمال غرب داروين بأستراليا.

وفي عام 2019، أُغلقت المنصة نهائيًا إثر مخاوف تتعلق بالسلامة، وتولت الحكومة الأسترالية مسؤولية إدارة المنصة بعد تصفية الشركة المُشغلة؛ ما أدى إلى وضع برنامج لإيقاف التشغيل يشمل هجر الآبار، وإزالة البنية التحتية تحت سطح البحر، وتفكيك منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة.

منصة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة

تدير شركة بتروفاك عملية إيقاف تشغيل منصة الإنتاج والتخزين العائمة "نورثرن إنديفور" وتفكيكها، وستُوضع قبالة سواحل سنغافورة خلال مرحلة إيقاف التشغيل.

ووفق البيان الذي حصلت عليه منصة الطاقة، تشمل واجبات شركة إنترمور -العلامة التجارية التابعة لشركة أكتيون (Acteon) لمعدات الإرساء والمراسي- إدارة المشروعات والهندسة، بالإضافة إلى تصميم وتوفير وتركيب واستعادة نظام الربط المؤقت، بما في ذلك التفكيك الكامل.

وتتولى بتروفاك إدارة فصل السفينة وإيقاف تشغيلها، وستُوضع منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة قبالة سواحل سنغافورة خلال مرحلة التفكيك.

في أبريل/نيسان 2025، حدثت لحظة فاصلة عندما فُصلت "نورثرن إنديفور" بأمان عن خطوط الأنابيب التي كانت تربط منصة الإنتاج والتخزين العائمة بـ9 آبار عميقة تقع على عمق نحو 400 متر تحت سطح الماء، على مدى العقود الـ3 السابقة.

وكما يوضح مدير الآبار والتفكيك في شركة بتروفاك، كريس بيتريدج، فقد أسهم ذلك في التغلب على أحد أكبر عوامل الخطر في المشروع، بحسب الموقع الرسمي للشركة.

وقال بيتريدج: "عند فصل منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة، تنخفض المخاطر بصورة كبيرة، إذ لا يمكن للهيدروكربونات أن تتدفق داخلها أو خارجها.. هذا يُزيل أي احتمال لانبعاث كميات كبيرة من الهيدروكربونات، ويُقلل من المخاطر المحتملة للعاملين على متنها".

تاريخ بناء منصة نورثرن إنديفور وإنتاجها

بصفتها منصة بحرية عملاقة، قضت "نورثرن إنديفور" أكثر من 20 عامًا، مربوطةً بقاع المحيط فوق حقلي لاميناريا وكورالينا، على بُعد نحو 550 كيلومترًا شمال غرب داروين.

بدأت المنصة مسيرتها في حوض بناء السفن الكوري الجنوبي التابع لشركة سامسونغ للصناعات الثقيلة بعد توقيع العقود في سبتمبر/أيلول 1996.

بعد تجهيزها بالكامل من قبل تحالف كفارنر-إس بي إم (Kvaerner-SBM) في العام التالي، أُبرمت اتفاقية تشغيل وحدة لإنشاء مشروع مشترك يشمل حقلَي لاميناريا وكورالينا ووحدة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة نفسها، إذ كانت شركة "وودسايد" (Woodside) المساهم الرئيس إلى جانب شركتي بي إتش بي (BHP) وشل (Shell).

وبدأ الإنتاج في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1999، وبلغت تكاليف المشروع الإجمالية 1.37 مليار دولار أسترالي (902.3 مليون دولار أميركي)، بحسب ما نقلته منصة "إنرجي نيوز بولتين" (Energy News Bulletin).

وفي عام 2002، وتقديرًا لإمكانات الحقل الهائلة، حُفرت بئران إضافيتان لملء لاميناريا وربطهما بمنصة نورثرن إنديفور. كما حُفرت بئر جانبية ورُبطت بوحدة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة في عام 2009.

كان إنتاج السفينة مذهلًا، وأثبت نجاحه وربحيته العالية للمشروع المشترك؛ إذ تؤكد الأرقام المُجمعة من التقارير السنوية لشركة "وودسايد" أن الإنتاج بلغ 54.3 مليون برميل في عام 2000، وهي بداية جيدة للألفية الجديدة.

منصة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة
منصة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة "نورثرن إنديفور" - الصورة من منصة "إنرجي نيوز بولتين"

لكن هذه الأيام المزدهرة لم تدم سوى بضع سنوات وجيزة؛ وبحلول عام 2004، لم يتجاوز إنتاجها 10.5 مليون برميل، وكان الإنتاج في مسار تنازلي.

ومع وضع ذلك في الحسبان، أعلنت شركة "بي إتش بي" في العام نفسه أنها ستبيع حصتها في كلا الحقلين ومنصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة إلى شريكها الجديد في المشروع المشترك، شركة بالادين ريسورسيز (Paladin Resources).

وفي العام التالي (2005)، حذت شل حذو "بي إتش بي"، وباعت حصتها إلى شركتي وودسايد وبالادين.

في وقت لاحق من عام 2005، وافقت شركة النفط الكندية تاليسمان إنرجي (Talisman Energy) على شراء بالادين ريسورسيز، الأمر الذي ترك المشروع المشترك في وضع مختلف تمامًا عن تكوينه الأصلي.

وقُسّمت ملكية حقل كورالينا ومنصة نورثرن إنديفور بين وودسايد (66.67%) وتاليسمان (33.3%)، في حين قُسمت ملكية حقل لاميناريا بين وودسايد (59.0%) وتاليسمان (41.0%).

مراحل إيقاف تشغيل منصة بحرية

في يوليو/تموز من عام 2015، أبلغت وودسايد الجهات التنظيمية أنها تخطط لتفكيك منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة "نورثرن إنديفور" في النصف الثاني من العام التالي (2016)، مع انخفاض الإنتاج إلى 1.4 مليون برميل فقط.

وفي 29 سبتمبر/أيلول 2015، وقّعت وودسايد وتاليسمان اتفاقية بيع لاميناريا وكورالينا، التي أدت إلى تأسيس شركة نورثرن أويل آند غاز أستراليا (NOGA)، التي ستتولى إدارة تاليسمان من خلال شراء كامل أسهمها.

وانسحبت شركة وودسايد رسميًا من سفينة منصة نورثرن إنديفور في 12 سبتمبر/أيلول 2016؛ وكان عمر السفينة -آنذاك- نحو 20 عامًا، وبدأت الشقوق الظهور.

وبينما كانت سفينة نورثرن إنديفور ما تزال تُنتج، لم تكن موارد شركة نورثرن أويل آند غاز أستراليا المالية كافية لتلبية متطلبات هيئة إدارة النفط والغاز الأسترالية (NOPSEMA) وإعادة تشغيل الإنتاج.

ثم، في 20 سبتمبر/أيلول 2019، دخلت الشركة في إدارة طوعية؛ وجرى تسريح طاقم نورثرن إنديفور.

وفي مايو/أيار 2023، كشفت الحكومة عن خططها للمرحلة الأولى من التفكيك، التي تتضمّن فصل وحدة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة عن الآبار التي تربطها بقاع البحر، ثم سحبها إلى ساحة خردة.

وأعلنت الحكومة في خطة بيئية أن "أنشطة التفكيك التي ستبدأ في الربع الثاني من عام 2023، ستشمل مجموعة من الأنشطة المرتبطة بتنظيف الجوانب العلوية والمعدات تحت سطح البحر، وتعليق عمل الآبار، وفصل منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة، وبدء عملية السحب".

وفي يوليو/تموز 2023، أطلقت الحكومة عملية طرح مناقصة لأعمال فصل قاع البحر وتفكيكه وإعادة تأهيله.

وفي شهر أغسطس/آب التالي، أعلنت وزارة الصناعة والعلوم والموارد الأسترالية (DISR) أنها حصلت على موافقة بموجب قانون حماية البيئة وحفظ التنوع البيولوجي لسحب منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة إلى حوض بناء سفن في آسيا لتفكيكها.

منصة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة
منصة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة "نورثرن إنديفور" - الصورة من الموقع الرسمي لشركة "بتروفاك"

ولكن سحب سفينة بحجم سفينة نورثرن إنديفور وتفكيكها ليس بالمهمة السهلة، ففي مايو/أيار 2024، تعاقدت الحكومة مع شركة بي إي آند آر كونسلتينغ (BE&R Consulting) لتقديم خدمات استشارية مستقلة حول المتطلبات الفنية ومخاطر نقل السفينة إلى حوض إعادة تدوير، وأنشطة إعادة التدوير اللاحقة، وإدارة التخلص من النفايات.

وأصدرت الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 2024 شروط عقد إزالة وتفكيك المنشأة التي يبلغ طولها 274 مترًا، وطرحت المهمة للمناقصة.

وفي مارس/آذار 2025، تعاقدت الحكومة مع شركة كوسكو للشحن الثقيل (COSCO Shipping Heavy Transport) لسحب سفينة نورثرن إنديفور باستعمال سفينة النقل الثقيل شبه الغاطسة هوا روي لونغ، وهي ثالث أكبر سفينة من نوعها في العالم.

كما أعلنت في الوقت نفسه اكتمال حملة واسعة النطاق لتعليق وتنظيف الآبار بنجاح، جزء من برنامج تفكيك منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة.

لكن رغم سرعة التقدم، لم تكن الأمور سهلة؛ إذ وردت أنباء في مايو/أيار 2025 عن انقطاع التيار الكهربائي عن سفينة "نورثرن إنديفور" لأسابيع في بحر تيمور؛ ما دفع طاقم السفينة المهجورة على إخلاء المكان، ثم أُعلنت عودة التيار الكهربائي إلى السفينة بعد 7 أسابيع.

وفي وقتٍ لاحق، أُعلن أنه نظرًا إلى نقص مرافق التفكيك والخبرة في قطاعَي النقل البحري والطاقة الأسترالييْن، ستُسحب سفينة نورثرن إنديفور أولًا إلى سنغافورة، ثم أخيرًا إلى الدنمارك لتفكيكها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. عقد جديد لتفكيك منصة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة، من موقع شركة "أكتيون".
  2. معلومات عن منصة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة، من موقع شركة "بتروفاك".
  3. معلومات إضافية عن سفينة "نورثرن إنديفور"، من منصة "إنرجي نيوز بولتين".
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق