إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا يواجه ضغوطًا وفوضى وضبابية.. ما الحل؟ (تقرير)
أسماء السعداوي

حتى الآن، لا تبدو السياسات الحاكمة لصناعة الهيدروجين الأخضر في أوروبا داعمة لكل من المنتجين والمستهلكين النهائيين على حد سواء.
ويقف توجيه الطاقة المتجددة الثالث (RED III) بوصفه "حجر أساس" لإستراتيجية الاتحاد الأوروبي لدمج الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة في قطاع الطاقة مع أهداف شديدة الصرامة بدءًا من عام 2030.
لكن الوقت ينفد سريعًا وسط عقبات سياسية وفنية وتمويلية دفعت 26 من أصل 27 دولة بالاتحاد الأوروبي إلى تأخر بدء تنفيذ التوجيه الذي تعوّل عليه الكتلة لتحقيق تحول الطاقة وصولًا إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
وفي خطاب عاجل إلى المفوضية الأوروبية، قال رؤساء تنفيذيون من قلب القطاع إن مشروعات هيدروجين على وشك اتخاذ قرارات نهائية ليس للاستثمار بل للإلغاء، وخلال الأشهر الـ18 الماضية، أُلغي أكثر من 50 مشروعًا كان 80% منها لإنتاج الوقود المتجدد ذي الأصل غير البيولوجي.
ورغم أن أوروبا قادرة على أن تُصبح أكبر مركز للطلب على الهيدروجين الأخضر، فإن الطلب وحده لا يكفي؛ لأنه يعتمد على مدى توافر "سياسة قادرة على تمكين الشركات"، وهو ما يتطلب "تحولًا عاجلًا".
سوق الهيدروجين الأخضر في أوروبا
ما زالت المفوضية الأوروبية عاجزة عن منح شركات الهيدروجين الأخضر في أوروبا اليقين المطلوب بشدة في هذا الوقت الحاسم من عُمر الصناعة الهيدروجين المتعثرة.
ومن ناحية، تأخر بدء تنفيذ الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لتوجيه الطاقة المتجددة الثالث الذي يضع أهدافًا مُلزمة بزيادة حصة الهيدروجين الأخضر إلى 42.5% على الأقل بحلول نهاية العقد الجاري (2030) على أن ترتفع النسبة إلى 60% في عام 2035.
وقبل نهاية يوليو/تموز (2025)، لوّحت الكتلة باتخاذ إجراءات ضد 26 من أصل 27 دولة عضوة بسبب تأخر تحويل التوجيه الذي يستهدف قطاعات الكهرباء والنقل والصناعة إلى قانون وطني.

وبحسب تفاصيل القضية لدى منصة الطاقة المتخصصة، كانت الدنمارك هي الدولة الوحيدة التي تنصاع بالكامل لطلب المفوضية بتحديد المجالات الأكثر مناسبة للتنفيذ والتي تحمل أقل أثر بيئي وأقل مقاومة شعبية في مايو/أيار (2025) لكن الموعد تأجل حتى 21 فبراير/شباط (2026).
وكان مشروع "إتش تو لوبمين" (H2-Hub Lubmin) أحد 3 مشروعات انسحبت من ثاني عطاءات بنك الهيدروجين الأوروبي في أغسطس/آب الماضي (2025) بسبب عدم اليقين التنظيمي.
إذ فشلت برلين في تحويل توجيه الطاقة المتجددة الثالث إلى قانون وطني، ودون الوضوح بشأن السياسات لم تتمكن الشركة المطورة للمشروع "دويتشه ريغاز" (Deutsche ReGas) من إبرام عقود توريد طويلة الأمد مع العملاء من القطاع الصناعي.
وقود الطيران في الاتحاد الأوروبي
بموجب توجيه الطاقة المتجددة الثالث، يتعين أن تشكل مصادر "الوقود المتجدد من أصل غير بيولوجي" (RFNBO) (الاسم الذي يستعمله الاتحاد للإشارة إلى الهيدروجين الأخضر في أوروبا) نسبة 1.2% من وقود النقل عامة بحلول 2030 ترتفع إلى 35% في 2050.
وبموجب قواعد "ري فيول إي يو" (ReFuelEU)، يستهدف الاتحاد الأوروبي زيادة استعمال وقود الطيران المستدام (SAF) بدلًا من المصادر التقليدية الملوثة.
والقواعد ضمن حزمة إجراءات مناخية تستهدف خفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030، بحسب المعلومات المنشورة على موقع الاتحاد الأوروبي.
وبحلول نهاية العام الجاري (2025)، من المقرر أن تشكل حصة الوقود المستدام في مطارات الاتحاد 2% ترتفع إلى 70% في عام 2050.
لكن تقريرًا أعدته منصة "إنرجي نيوز" (energynews) يقول إن تنفيذ تلك القواعد يهدد بتكبيد شركات الطيران وعملائها لأعباء مالية.
وإذا التزمت شركات الطيران بالقواعد، سترتفع الأسعار بحلول عام 2030، وإذا فشلت في الانصياع الكامل لها فقد تتعرض لعقوبات تؤدي أيضًا لزيادة أسعار التذاكر إلى 3 أضعاف المستويات الحالية.
المحللات الكهربائية وقواعد الهيدروجين الأخضر الأوروبية
المحللات الكهربائية أساس تصنيع الهيدروجين الأخضر في أوروبا والعالم أجمع لكن الشركات المحلية تخشى من حرب أسعار يشنها نظراؤها في الصين.
ودون تدخل المفوضية الأوروبية بإجراءات حمائية، ربما لا تصمد صناعة المحللات الكهربائية في أوروبا خلال السنوات الخمس المقبلة.
وحاليًا، تواجه مشروعات عديدة خطر الإلغاء كما أن هناك العديد من المصانع الجديدة ما زالت غير مستغلة بالقدر الكافي.
وفي 29 سبتمبر/أيلول المنقضي (2025) بعثت 8 شركات رفيعة، على رأسها سيمنز إنرجي وبوش وتيسين كورب، بخطاب إلى المفوضية تدعوها إلى تخفيف قواعد إنتاج الوقود المتجدد من أصل غير بيولوجي ومشتقاته.
كما طالبت المفوضية بالسماح باستعمال كهرباء مشروعات الطاقة المتجددة التي حصلت على إعانات أخرى في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتنص القواعد الأوروبية على أن تستعمل مشروعات الهيدروجين الأخضر كهرباء محطات جديدة وغير حاصلة على دعم حكومي كبير وفق مبدأ "الإضافة".
وإلى ذلك، طالب الرؤساء التنفيذيون المفوضية بتمديد الإعفاء من مبدأ الإضافة حتى عام 2035، وبأن تتضمن المراجعة المقبلة لقواعد الهيدروجين الأخضر في أوروبا في 2028 "تقييمات معززة بالبيانات" للسيولة المالية لاتفاقيات شراء كهرباء الطاقة المتجددة والتي أصبحت شحيحة وباهظة الثمن بسبب زيادة المنافسة عليها من قطاعات على رأسها الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والكهربة المتزايدة للصناعات.
يقول الخطاب: "ثمة حاجة عاجلة لإدخال تعديلات عاجلة على بنود بعينها تجعل من بقاء قطاع الوقود المتجدد ذي الأصل غير البيولوجي في خطر داهم".
وأضاف: "نحن بحاجة ماسة لتحول تنظيمي يبسّط أُطر العمل شديدة الصرامة وتُبقي قواعد الوقود المتجدد في القلب من مساعي بناء نظام طاقة مرن".
موضوعات متعلقة..
- إمدادات الهيدروجين الأخضر في أوروبا على المحك.. نتائج صادمة لتقرير عالمي
- الهيدروجين الأخضر في أوروبا أساس خفض الانبعاثات.. لماذا تجاهلته المفوضية؟
- مشروعات الهيدروجين الأخضر في أوروبا تتلقى دعمًا بمليار دولار
اقرأ أيضًا..
- مناقصة لشراء غاز النفط المسال في سوريا
- أوبك تشيد بموارد النفط والغاز في أفريقيا.. كيف تستفيد القارة من الاستثمارات؟
- حقل غرب القرنة 1 العراقي.. 20 مليار برميل نفط تدعم احتياطيات البلاد
- العراق لا يريد حل أزمة الغاز والكهرباء.. و3 شواهد على تقاعس الحكومة (تقرير)
المصادر:
- أزمة الهيدروجين الأخضر في أوروبا من منصة "إنرجي نيوز"
- خطاب شركات الهيدروجين الأخضر من منصة هيدروجين إنسايت