في خطوة تشريعية جديدة، صدَر يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2025 المرسوم رقم (189) القاضي بتأسيس الشركة السورية للبترول (SPC) بوصفها كيانًا اقتصاديًا عامًا قابضًا مملوكًا بالكامل للدولة، ومقره العاصمة دمشق.
ويُعد هذا المرسوم محطة مفصلية في هيكلة قطاع النفط والغاز السوري، بعدما نصّ على إحلال الشركة محل المؤسسة العامة للنفط والمؤسسة العامة للتكرير مع كامل حقوقهما والتزاماتهما، لتتحول إلى الذراع الوطنية الرئيسة لإدارة الاستثمارات النفطية.
وبحسب المرسوم الرئاسي -الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- تتمتع الشركة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وهو ما يتيح لها حرية أوسع في الحركة التشغيلية والاقتصادية، مع الالتزام بأحكام الدستور والقوانين النافذة ذات الصلة.
ووفقًا للمرسوم، فإن الشركة السورية للبترول ستغدو المرجع الرئيس في أنشطة النفط والغاز كافّة، بدءًا من الاستكشاف والإنتاج، وصولًا إلى التكرير والتسويق وإدارة الأصول والمنشآت المرتبطة بالقطاع.
كما يهدف القانون إلى تعزيز بيئة استثمارية احترافية ترتكز على الكفاءة والجودة والتكامل في جميع مراحل الاستثمار، بما يمكّن الشركة من دخول الأسواق العالمية والمنافسة إقليميًا ودوليًا، فضلًا عن الالتزام بالحوكمة الرشيدة والشفافية والمساءلة في إدارة الموارد الطبيعية.
أهداف تأسيس الشركة السورية للبترول
حدّد المرسوم أهداف تأسيس الشركة السورية للبترول، وهي:
- تطوير بيئة استثمارية احترافية تجعلها الذراع الوطنية الريادية في قطاع النفط والغاز.
- تمكين مبادئ الحوكمة والشفافية والمساءلة في إدارة القطاع، بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية.
- تعزيز الحضور السوري في الأسواق العالمية للنفط والغاز عبر زيادة القدرة التنافسية إقليميًا ودوليًا.
وتواكب هذه الأهداف توجهات العديد من الدول المنتجة للنفط التي تتجه نحو إصلاح بيئاتها الاستثمارية لجذب رأس المال الأجنبي مع المحافظة على السيادة الوطنية.

7 مهام رئيسة
منح المرسوم الشركة السورية للبترول صلاحيات واسعة تشمل 7 مهام رئيسة، هي:
- اقتراح الإستراتيجيات والخطط المتعلقة بالاستكشاف والتنمية والاستثمار في النفط والغاز، ورفعها إلى وزارة الطاقة لاعتمادها رسميًا.
- التنسيق مع الوزارة في تحديث الاتفاقيات وإعلان المناطق المعدّة للاستثمار، بما يشجع دخول الشركات المحلية والأجنبية إلى السوق السورية.
- إعداد وتوقيع العقود الخاصة بالاستكشاف والتنمية والتسويق، ومتابعة تنفيذها بما يضمن تحسين مردود القطاع.
- إدارة وتشغيل الأصول والمنشآت النفطية والغازية المملوكة أو التابعة للشركة، بما يشمل المعدات والبنى التحتية، وتقديم تقارير دورية عن الأداء والكفاءة.
- بناء القدرات الوطنية وتنمية الموارد البشرية عبر التنسيق مع المؤسسات التدريبية المحلية والدولية، لضمان تطوير الكفاءات المتخصصة.
- الالتزام بالاستدامة والتحول الأخضر من خلال إعداد دراسات الأثر البيئي لجميع المشروعات والأنشطة المرتبطة بالموارد النفطية والغازية، بالتعاون مع الجهات المختصة.
- إدارة ومراجعة الاتفاقيات الدولية المبرمة مع الدول والمنظمات العالمية، وتطويرها بما يواكب المتغيرات في سوق الطاقة العالمية.
هذه المهام تُظهر أن الشركة الجديدة ليست مجرد كيان إداري، بل جهاز متكامل يتولى الجانب التشغيلي والإستراتيجي والبيئي في آن واحد.
حلّ المؤسسات السابقة
أوضحت المادة الثالثة من المرسوم أن الشركة السورية للبترول ستحلّ محل المؤسسة العامة للنفط والمؤسسة العامة للتكرير والشركات التابعة لهما في الحقوق والالتزامات جميعها، بما في ذلك العقود والاتفاقيات المصدق عليها تشريعيًا.
كما ينص المرسوم على أن اسم الشركة الجديدة سيحلّ محل الأسماء السابقة في مختلف القوانين والقرارات، فيما تبقى إدارة المعاهد التقنية والمدارس المهنية تحت إشراف وزارة الطاقة مباشرة.
هذا التغيير المؤسسي يُعد الأكبر منذ المرسوم التشريعي رقم (29) لعام 2011، ما يعكس سعي دمشق لتوحيد المرجعية النفطية تحت كيان واحد أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية.

الهيكل الإداري للشركة
نصّت المادة السادسة من المرسوم على أن إدارة الشركة السورية للبترول يتولاها مجلس إدارة إلى جانب رئيس تنفيذي. ويضم المجلس 9 أعضاء برئاسة وزير الطاقة، فيما يشغل الرئيس التنفيذي عضوية المجلس.
ويشمل المجلس أيضًا ممثلين عن المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد والصناعة وهيئة الاستثمار السورية، بالإضافة إلى خبيرَيْن مختصَيْن بقطاع النفط والغاز والاستثمار، وخبير قانوني.
ويعكس هذا التنوع في التمثيل رغبة في إرساء شراكة بين الحكومة والجهات الاقتصادية المختلفة من أجل إدارة أكثر تكاملًا للقطاع.
خطوة لإعادة تنظيم القطاع
من خلال المرسوم الجديد، تدخل سوريا مرحلة إعادة تنظيم قطاعها النفطي عبر كيان موحد يملك استقلالية مالية وإدارية، مع توسيع آفاق الاستثمار وتبني سياسات الاستدامة.
وفي وقت تعاني فيه البلاد من تحديات اقتصادية كبيرة، يُنظر إلى تأسيس الشركة السورية للبترول على أنه ركيزة لإعادة هيكلة القطاع النفطي وزيادة قدرته على جذب الاستثمارات وتعزيز مكانته في سوق الطاقة العالمية.
وينسجم هذا التحول المؤسسي مع موجة التغييرات التي تشهدها شركات النفط الوطنية في المنطقة والعالم، إذ تسعى إلى الجمع بين الدور الوطني في حماية الموارد والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية والتقنيات الحديثة، ما قد يفتح أمام سوريا مسارات جديدة نحو استقرار اقتصادي وتنموي أوسع.
موضوعات متعلقة..
- قطاع المحروقات في سوريا.. خط زمني من الفوضى إلى الاستقرار
- بعد منحة النفط السعودي.. هذه تطورات مفاوضات سوريا مع 3 دول
- قطاع النفط في سوريا.. هل ينعش الاقتصاد بعد سقوط الأسد؟
اقرأ أيضًا..
- سعة الطاقة المتجددة في الهند تقفز 123% خلال 5 أشهر
- 6 ناقلات غاز مسال تنتظر التفريغ في مصر.. وسفينتان خارج قناة السويس
- حقل السفانية السعودي الأكبر بحريًا في العالم يجذب 4 شركات كبرى
المصدر:






اقتراح رسمي الى مؤسسة الرئاسة السورية والقائمين على تسيير الشركة السورية للنفط والغاز SPC
إن إنشاء الشركة السورية للنفط SPC وتشغيلها في حقول دير الزور يمثل فرصة استراتيجية لتطوير القطاع النفطي الوطني، ويستدعي اتخاذ خطوات عملية لضمان النجاح والاستفادة القصوى من الموارد البشرية والمادية.
لذلك، نوصي بما يلي:
1. توظيف الكفاءات المحلية:
ضرورة إعطاء الاولوية لتوظيف ابناء محافظة دير الزور في كافة مستويات الشركة (فنيين، إطارات، إدارية) نظراً لخبرتهم الطويلة ومعرفتهم الميدانية الدقيقة بالحقول والبيئة المحلية، مما يضمن استقرار العمل ورفع الانتاجية.
2. تأسيس مراكز تدريب وتأهيل:
انشاء مراكز تدريب متخصصة في المحافظة لتأهيل الشباب وفق احتياجات الشركة، سواء في المجالات الفنية أو الادارية، وضمان مواكبة المعايير العالمية في العمل النفطي.
3. استقطاب الكفاءات الديرية المغتربة:
وضع برنامج لتشجيع المهندسين والخبراء العائدين من الخارج على المشاركة في تطوير القطاع، عبر عقود واضحة وحوافز تشجعهم على العودة والمساهمة بخبراتهم في تحسين الاداء.
4. اعتماد آليات توظيف شفافة وعادلة:
تطبيق سياسات واضحة وعادلة تتيح لجميع اهل المنطقة فرصة المشاركة الفعلية في ادارة وتشغيل الحقول، مع متابعة دقيقة لمشاريع الانتاج والصيانة والتطوير، وضمان توزيع الموارد بطريقة فعالة.
5. دعم التنمية المحلية:
ربط عمل الشركة بمشاريع تنموية محلية، من خلال خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ودعم البنية التحتية للمحافظة، لتعزيز الفائدة الاقتصادية والاجتماعية للقطاع النفطي على المجتمع المحلي.
إن تنفيذ هذه المقترحات يمثل أقل ما يمكن تقديمه لمحافظة دير الزور لتعويض جزء بسيط من الظلم الذي تعرضت له خلال السنوات الماضية، ويضمن نجاح الشركة الوطنية على أرض الواقع.
نؤكد أن نجاح الشركة السورية للنفط SPC يبدأ من اهل المنطقة وخبراتهم وانتمائهم الفعلي للعمل في حقولهم.
المستشار السالم هاجم أبو قريش