أوابك: فرص واعدة لطاقة المد والجزر في 6 دول عربية
أحمد بدر

تتزايد أهمية طاقة المد والجزر كونها أحد المصادر المتجددة الأكثر موثوقية، إذ توفر إمكانات كبيرة لتوليد الكهرباء من حركة المياه الطبيعية، ورغم التحديات التقنية والبيئية، فإن بعض الدول العربية بدأت تدرس جدوى الاستفادة من هذه الموارد الساحلية.
وبحسب دراسة لمنظمة أوابك حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن 6 دول عربية تتمتع بفرص واعدة في استغلال هذه الطاقة، إذ تتوافر مواقع ساحلية مناسبة بقدرات إنتاجية متفاوتة.
وتشمل قائمة الدول المرشحة:
- السعودية.
- الإمارات.
- مصر.
- العراق.
- سلطنة عمان.
- الكويت.
وتؤكد الدراسة أن الاستثمار في هذا النوع من الطاقة المتجددة يدعم أهداف الأمن الطاقي ويعزز مزيج الطاقة المتنوع، خاصة في ظل السعي العالمي نحو خفض الانبعاثات الكربونية، كما رأت أن التوسع في مشروعات طاقة المد والجزر يمثّل خيارًا إستراتيجيًا للدول العربية.
ومن بين أهم التوصيات الواردة، ضرورة تطوير تقنيات التوربينات البحرية وتحفيز الشراكات مع الشركات العالمية الرائدة، بما يضمن التغلب على التحديات المرتبطة بالتمويل والبنية التحتية، وهو ما يجعل هذه المشروعات ذات جدوى اقتصادية وبيئية على المدى الطويل.
السعودية والإمارات.. فرص كبيرة للاستثمار
تشير الدراسة إلى أن السعودية تملك سواحل طويلة على البحر الأحمر والخليج العربي، ما يمنحها موقعًا مميزًا لاستغلال طاقة المد والجزر في محطات صغيرة ومتوسطة، يمكن أن تدعم مناطق نائية وتعزز إنتاج الكهرباء المستدامة في ظل خطط التحول الوطني.
ويمكن للمملكة أن تربط هذه المشروعات بمبادرات "السعودية الخضراء"، إذ تركّز على مزيج الطاقة المتجددة، وهناك ضرورة لإدماج هذه الطاقة ضمن المبادرات لتحقيق مخرجات ملموسة في مجال خفض الانبعاثات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
أمّا الإمارات، فتتمتع بقدرات تقنية ومالية تمكّنها من أن تكون مركزًا إقليميًا لتطوير طاقة المد والجزر، إذ إن إمارة دبي -على وجه الخصوص- يمكنها استغلال قنواتها المائية ومشروعاتها البحرية لتوليد الكهرباء النظيفة، مما يعزز أهداف الحياد الكربوني.
ومن شأن التوجه الإماراتي نحو تنويع مصادر الطاقة أن يجعل طاقة المد والجزر جزءًا أساسيًا من خططها المستقبلية، ومع وجود خبرات دولية وشركات متخصصة في الدولة، فإن فرص إقامة مشروعات تجريبية قابلة للتوسع تبدو واعدة خلال السنوات المقبلة.

وقد تستفيد الإمارات -أيضًا- من دعم مؤسسات التمويل الدولية لتطوير تقنيات أكثر كفاءة، خاصةً أن هذه المشروعات تتطلب استثمارات ضخمة في المراحل الأولية، كما أن هناك إمكانًا لتحقيق عوائد طويلة الأمد مع تحسُّن الكفاءة التقنية.
والدولتان مؤهلتان لعقد شراكات إستراتيجية مع شركات أوروبية وآسيوية لديها خبرة واسعة في مجال التوربينات البحرية، ما يسهّل نقل التكنولوجيا ويسرّع من وتيرة التنفيذ، بما يعزز من فرص نجاح المشروعات المستقبلية.
وأوصت الدراسة بإنشاء مراكز أبحاث مشتركة في السعودية والإمارات تركّز على تطوير حلول عملية لتحديات طاقة المد والجزر، بما في ذلك التصميمات المبتكرة للتوربينات وتقييم الأثر البيئي، مما يضمن استدامة هذه المشروعات.
مصر والعراق.. إمكانات غير مستغلة بعد
بالنسبة لمصر، توضح الدراسة أن البحر الأحمر يوفر بيئة مواتية لإقامة مشروعات طاقة المد والجزر، خاصة في المناطق ذات الحركة المائية النشطة، بما يسهم في دعم محطات الكهرباء التقليدية ويقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
كما تمتلك مصر قاعدة علمية قوية من الجامعات والمراكز البحثية التي يمكن أن تدعم التجارب العملية في مجال طاقة المد والجزر، إذ أوصت الدراسة بضرورة ربط هذه الأبحاث بالقطاع الخاص لتسريع تحويل الأفكار إلى مشروعات حقيقية على أرض الواقع.
ويمكن لمصر أن تستفيد من خبرات الدول الأوروبية الرائدة في هذا المجال، خصوصًا فرنسا وبريطانيا، عبر تبادل الخبرات وتوقيع اتفاقيات تعاون، وهذا الأمر يساعدها في بناء مشروعات مستدامة تسهم في تعزيز مكانتها مركزًا إقليميًا للطاقة.
بدوره، يمتلك العراق فرصًا محدودة، لكن واعدة في بعض مناطقه الساحلية على الخليج العربي، وهناك إمكان لتنفيذ مشروعات تجريبية صغيرة يمكن تطويرها لاحقًا، بما يعزز أمن الطاقة الوطني ويسهم في إدخال تقنيات متقدمة للبلاد.
ويحتاج العراق إلى بنية تحتية جديدة في مجال الطاقة البحرية، إذ إن الشراكة مع الشركات العالمية قد توفر الحلول التقنية والتمويلية اللازمة لتجاوز العقبات، مع أهمية توفير بيئة تشريعية مستقرة لدعم المستثمرين.
وتواجه بغداد تحديات إضافية تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي، لكن الدراسة أشارت إلى أن الاستثمار في طاقة المد والجزر يمكن أن يفتح مجالات جديدة للتنمية الاقتصادية المستدامة، مع تعزيز استقلال قطاع الكهرباء المحلي.
وتوصي الدراسة بأن تكون مصر والعراق جزءًا من مبادرات إقليمية لتطوير مشروعات طاقة المد والجزر، بما يضمن تبادل الخبرات وتخفيف التكاليف من خلال العمل المشترك بين الدول العربية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
سلطنة عمان والكويت.. خبرات يمكن البناء عليها
في سلطنة عمان، تتمتع السواحل الطويلة والمضائق البحرية بإمكانات مميزة لاستغلال طاقة المد والجزر، إذ أشارت دراسة أوابك إلى أن مشروع جسر مصيرة يمثّل نموذجًا واعدًا لتوظيف هذه الطاقة في تعزيز إمدادات الكهرباء النظيفة.
ويمكن أن تستفيد الدولة الخليجية من خبراتها السابقة في مشروعات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، لتوسيع نطاق طاقة المد والجزر، بما يدعم أهداف "رؤية عُمان 2040" الرامية لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط.
أمّا في الكويت، فقد بيّنت الدراسة أن السواحل الضحلة في شمال الخليج العربي تقدّم مواقع مناسبة لتجارب أولية في مجال طاقة المد والجزر، إذ رغم محدودية الإمكانات، يفتح تنفيذ المشروعات التجريبية الباب أمام تطوير أوسع مستقبلًا.
وتسعى الكويت لزيادة إسهام الطاقة المتجددة في مزيجها الوطني، ما يجعل طاقة المد والجزر خيارًا داعمًا لتحقيق هذه الأهداف، وقد يختصر التعاون مع شركات دولية متخصصة الزمن اللازم لتطبيق هذه التقنية ورفع كفاءتها.
ما هي طاقة المد والجزر؟
طاقة المد والجزر هي شكل من أشكال الطاقة المتجددة، تعتمد على استغلال حركة المياه الناتجة عن جاذبية القمر والشمس، وهذه الحركة الدورية يمكن التنبؤ بها بدقة، ما يجعلها من أكثر مصادر الطاقة استقرارًا وموثوقية.
وتوضح دراسة أوابك أن مبدأ العمل يعتمد على توربينات تُركَّب تحت سطح الماء في مناطق محددة، إذ تدور بفعل حركة المد والجزر وتولّد الكهرباء، وهذا النظام يشبه إلى حدّ كبير آلية عمل توربينات الرياح، لكن في البيئة البحرية.
وتتميز طاقة المد والجزر بكثافة عالية مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى، مما يتيح إنتاج كهرباء أكثر باستعمال مساحات أقل، وهو ما يجعلها خيارًا جيدًا للدول ذات السواحل الطويلة والمياه الضحلة.
ومن فوائد طاقة المد والجزر، أنها مصدر نظيف لا ينتج عنه انبعاثات ضارة بالبيئة، وإدخالها في مزيج الطاقة يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويعزز أهداف الاستدامة.
إلّا أن هذه التقنية لا تخلو من التحديات، إذ تتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية البحرية، كما أن تركيب التوربينات قد يثير بعض المخاوف البيئية المتعلقة بالكائنات البحرية، وهو ما يستدعي دراسات تقييم أثر دقيقة.
موضوعات متعلقة..
- طاقة المد والجزر تدعم مزيج الطاقة وسلاسل التوريد في المملكة المتحدة وفرنسا (تقرير)
- طاقة المد والجزر في إسكتلندا تسجل أداءً قياسيًا عالميًا عبر مشروع ساحلي رائد
- لتعزيز المصادر المتجددة.. مصر تستضيف مؤتمرًا دوليًا لتقنيات الطاقة البحرية
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة الأردني: تسريع الحفر بحقل الريشة.. ومشروعات رياح وتخزين كهرباء قريبًا (حوار)
- هل النفط والغاز المسال وراء هجوم الغرب على السعودية ودول الخليج؟
- خبراء: أنظمة تخزين الطاقة في سوريا خطوة محورية لتعزيز استقرار الشبكة
المصدر..