قطاع التعدين في الأردن.. كنوز الذهب والليثيوم على طريق الاستثمار
سامر أبووردة

كشف وزير الطاقة الأردني الدكتور صالح الخرابشة خططًا إستراتيجية غير مسبوقة لقطاع التعدين في الأردن، تستهدف تحويل الثروات المعدنية إلى رافعة اقتصادية توازي قطاع الطاقة.
وفي حوار حصري نشرته قبل أيام منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أكد الوزير أن الحكومة تضع في صدارة أولوياتها توقيع اتفاقيات تنفيذية لاستغلال خامات النحاس والذهب والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة، بما يتيح فرصًا استثمارية جديدة تعزز النمو الاقتصادي وتدعم الصناعات الوطنية عالية القيمة.
ووفقًا لتصريحات الخرابشة، فإن المبادرات الجارية لا تقتصر على الاستكشاف فحسب، بل تشمل تطوير تشريعات الاستثمار في الثروات الباطنية، عبر مراجعة قانون المصادر الطبيعية رقم (19) لسنة 2018، لتوفير بيئة أكثر مرونة وجاذبية أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
وتتوزع الخطط على عدّة مواقع جيولوجية غنية بالمعادن في المملكة، أبرزها النحاس في وادي ملقا وضانا، والذهب في جبل مبارك وأبوخشيبة، فضلًا عن مشروع إستراتيجي لاستخلاص الليثيوم من مياه البحر الميت، بالإضافة إلى التنقيب عن العناصر الأرضية النادرة في منطقة دبيدب.
النحاس في وادي ملقا وضانا
يمثّل النحاس أحد أعمدة خطط التعدين في الأردن، إذ أعلنت وزارة الطاقة والثروة المعدنية بدء العمل في مشروعات استكشافه في منطقتي وادي ملقا وضانا مطلع عام 2025.
وتستمر المرحلة الأولى من المشروع في وادي ملقا حتى أكتوبر/تشرين الأول 2028، بينما يمتد المشروع في ضانا حتى يوليو/تموز 2029، ما يعكس التوجه نحو استغلال الموارد على المدى الطويل.
وتشير الدراسات الأولية إلى وجود احتياطيات واعدة من الخام، ما قد يضع الأردن على خريطة الدول المنتجة للنحاس في المنطقة إذا ما تكللت جهود الاستكشاف بالنجاح.

الذهب في جبل مبارك وأبوخشيبة
بالتوازي مع النحاس، دخلت وزارة الطاقة الأردنية مرحلة جديدة من التنقيب عن الذهب في منطقتي جبل مبارك وأبوخشيبة، بدءًا من يناير/كانون الثاني 2025.
ويمتد المشروع في جبل مبارك حتى أغسطس/آب 2029، ويُنتظر أن يسفر عن نتائج قد تُعيد رسم مستقبل التعدين في الأردن، ولا سيما مع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا، وزيادة الطلب عليه بوصفه مخزنًا للقيمة.
وتُعدّ الخطوة بمثابة عودة قوية للاهتمام الأردني باحتياطيات الذهب، بعد عقود من الدراسات الجيولوجية التي أكدت وجود مؤشرات مشجعة في تلك المناطق.
استخلاص الليثيوم من البحر الميت
وصف وزير الطاقة، في حواره مع منصة الطاقة، مشروع الليثيوم بأنه "فرصة إستراتيجية"، نظرًا إلى تزايد الطلب العالمي على هذا المعدن الذي يُطلق عليه "نفط المستقبل"، لدوره المحوري في صناعة البطاريات وتخزين الكهرباء.
وبدأ الأردن رسميًا في مشروع استخلاص الليثيوم من مياه البحر الميت مطلع عام 2025، على أن يستمر العمل حتى مايو/أيار 2028.
ويُعوَّل على المشروع في وضع الأردن ضمن سلسلة التوريد العالمية لمعدن يُمثّل جوهر التحول الطاقي، ولا سيما أن البحر الميت يُعدّ من أغنى المصادر بالعناصر الكيميائية والأملاح النادرة.
العناصر الأرضية النادرة في دبيدب
من بين أبرز الملفات التي تطرق إليها الخرابشة، خلال حواره مع منصة الطاقة، مشروع التنقيب عن العناصر الأرضية النادرة في منطقة دبيدب.
ويُنفَّذ المشروع بين 2025 و2027، ويُنظَر إليه بوصفه خطوة مهمة لدعم الصناعات التكنولوجية المتقدمة، لا سيما أن هذه العناصر تدخل في تصنيع الإلكترونيات، والمغناطيس الدائم، وتطبيقات الطاقة المتجددة.
ويمثّل المشروع جزءًا من مبادرة شاملة لدراسة إمكانات الأردن في إنتاج المعادن ذات القيمة الإستراتيجية على المستويين الإقليمي والعالمي.
مراجعة قانون المصادر الطبيعية
أكد وزير الطاقة أن المملكة بصدد مراجعة قانون المصادر الطبيعية لعام 2018، بغية تعزيز الإطار التنظيمي والتشريعي الذي يحكم قطاع التعدين في الأردن.
ويستهدف التعديل استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وفتح المجال أمام شراكات جديدة مع شركات دولية، على غرار التعاون القائم مع "شركة التسنيم العمانية" و"الشركة العربية للتعدين" في مشروعات الفوسفات.
ويعكس التوجه رغبة رسمية واضحة في تهيئة بيئة استثمارية مستقرة، وضمان التوازن بين حماية الموارد الطبيعية وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة.
آفاق مستقبلية
تجمع خطط التعدين في الأردن بين الاستكشاف العلمي الدقيق والرؤية الاقتصادية بعيدة المدى، إذ تتكامل مشروعات النحاس والذهب والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة مع دراسات أخرى تشمل رمال السيليكا وصخور البازلت في حرات الشام.
ويؤكد الخبراء أن نجاح هذه المشروعات سيسهم في تنويع الاقتصاد الوطني، وتقليل الاعتماد على الواردات، فضلًا عن توفير فرص عمل جديدة في مجالات التعدين والصناعات التحويلية المرتبطة به.
وبينما تسعى المملكة لتعزيز مكانتها بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة، فإن قطاع التعدين في الأردن يبرز اليوم بصفته ذراعًا إستراتيجية مكمّلة، تحمل في طياتها وعودًا بمرحلة جديدة من الاستثمارات والفرص الواعدة.
موضوعات متعلقة..
- قطاع التعدين في الأردن يستعد لتنفيذ مشروع ضخم
- أبرز 5 مناجم في الأردن.. موارد إستراتيجية واعدة تُعزز الاقتصاد الوطني
- الطاقة والتعدين في الأردن.. الخرابشة يتحدث عن "نقلة نوعية" خلال أيام
اقرأ أيضًا..
- فشل صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق.. أميركا ترفض عبور الإمدادات من إيران
- مخاطر نشر محطات تخزين الكهرباء بالبطاريات في ساحات المنازل وبجوار محطات الوقود (تقرير)
- أسعار الذهب ترتفع 5 دولارات وتتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية
المصادر:
- حوار وزير الطاقة الأردني مع منصة الطاقة
- حالة مشروعات التعدين في الأردن، من موقع البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي