إنتاج الأمونيا باستعمال الطاقة النووية.. مفاعلات صغيرة تحدث تحولًا
دينا قدري

يسعى باحثون أميركيون إلى إنتاج الأمونيا باستعمال الطاقة النووية، من أجل إزالة الكربون من قطاع الأسمدة الذي يعتمد عليه الملايين من البشر، وسط جهود حثيثة لخفض الانبعاثات العالمية.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يستكشف الباحثون حاليًا كيف يُمكن للمفاعلات النووية الصغيرة المعيارية تشغيل الجيل التالي من محطات الأمونيا الخالية من الكربون.
ويهدف العمل البحثي إلى توضيح كيفية عمل محطات الأمونيا التي تعمل بالمفاعلات الصغيرة المعيارية دون انبعاثات كربونية مع توفير تكاليف تنافسية.
وحال نجاح هذه التصاميم، يُمكن أن تُسهم في إزالة الكربون من قطاع يُمثّل أساس إمدادات الغذاء العالمية.
المفاعلات النووية الصغيرة المعيارية
بفضل بساطتها ومزاياها من حيث التكلفة، تُمكّن المفاعلات النووية الصغيرة المعيارية (SMRs) قطاع إنتاج الأمونيا كثيف الاستهلاك للطاقة من خفض انبعاثات الكربون.
وعلاوةً على ذلك، نظرًا إلى تزايد اعتبار الأمونيا ناقلًا للطاقة، فإنها تتمتع بمزايا كبيرة مقارنةً بالهيدروجين من حيث تكلفة التخزين والنقل.
لذا؛ يتوقع الباحثون أن تؤدي الأمونيا الخالية من الكربون دورًا رئيسًا في تمكين إنتاج الهيدروجين الخالي من الكربون، بحسب ما جاء في البيان الذي حصلت عليه منصة الطاقة.
وتشير التقارير إلى أن أكثر من 40% من إنتاج الهيدروجين العالمي يُحول إلى الأمونيا، وتستهلك الأسمدة مثل اليوريا ونترات الأمونيوم ما يقرب من 80% من هذه الأمونيا، ما يُنتج عنه انبعاثات كبيرة.
وتُمثل الطرق الحالية -التي تعتمد على إصلاح الغاز بالبخار- نحو 2% من الاستهلاك العالمي لطاقة الوقود الأحفوري، ونحو 1.2% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ومع توقع نمو الطلب مع تزايد عدد السكان، أصبح تقليل البصمة الكربونية لهذا القطاع أمرًا مُلحًا.
وبحسب التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، توفّر المفاعلات النووية الصغيرة المعيارية طاقة مستقرة، على عكس طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية؛ إذ تُعدّ هذه المفاعلات حلًا لتحديات صناعة الأمونيا.
ويُمكن بناء المفاعلات النووية الصغيرة بالقرب من مراكز الاستهلاك، ما يُجنّب انبعاثات النقل المرتبطة بالمحطات المركزية، كما تُتيح إمكان دمج إنتاج الهيدروجين والنيتروجين مع تركيب الأمونيا، ما يُعزّز الكفاءة ويُخفّض التكاليف.

محطات الأمونيا الخالية من الكربون
يهدف المشروع الجديد، الممول من برنامج الطاقة النووية الجامعي (NEUP) التابع لوزارة الطاقة الأميركية، الذي يقوده باحثو جامعة ولاية يوتا، إلى إنشاء تصميمَيْن مرجعييْن لمحطات الأمونيا الخالية من الكربون.
ويستعمل أحد التصميمَيْن المياه العذبة لتوفير الهيدروجين، في حين يتكيّف التصميم الآخر مع مصادر مياه البحر أو المياه قليلة الملوحة من خلال تضمين تحلية المياه.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، يعتمد كلا التصميمين على المفاعل النووي الصغير المعياري الذي صنعته شركة "نوسكيل" (Nuscale)، والمُصنّف بقدرة 250 ميغاواط حرارية و77 ميغاواط كهربائية، بوصفه مصدرًا أساسيًا للطاقة.
لتوليد الهيدروجين، يستعمل النظام التحليل الكهربائي بالبخار عالي الحرارة، ويُقلل هذا النهج من الطلب على الكهرباء باستعمال حرارة المفاعل لتوفير طاقة التبخير.
ويُعزّز دمج عملية هابر-بوش الطاردة للحرارة مع التحليل الكهربائي كفاءة النظام، إذ يُمكن للحرارة المُهدرة من الضواغط وتخليق الأمونيا أن تُسخّن مياه التغذية مُسبقًا.
وعملية هابر-بوش هي طريقة صناعية لإنتاج الأمونيا عن طريق تفاعل غاز النيتروجين الموجود في الهواء مع غاز الهيدروجين تحت ضغط عالٍ (100-250 ضغطًا جويًا) ودرجات حرارة مرتفعة (400-550 درجة مئوية) وبوجود عامل محفز فلزي مثل الحديد.
3 تصاميم لإنتاج الأمونيا
صمّم الباحثون 3 تكوينات للنظام لتقييم تدفقات الطاقة، واختبر كل تصميم طرقًا مختلفة للتسخين المُسبق لمياه تغذية التحليل الكهربائي:
- حوّلت الحالة الأولى البخار من المفاعل النووي الصغير المعياري مع حرارة ناتج الهيدروجين.
- أضافت الحالة الثانية حرارة ناتج الأمونيا وسخانًا كهربائيًا.
- أما الحالة الثالثة فقد جمعت الحرارة المُهدرة من الضواغط متعددة المراحل وتيار ناتج الأمونيا.
وأثبت التكوين الثالث أنه الأكثر إنتاجية؛ إذ حقّق أعلى إنتاجية للأمونيا، مع زيادة طاقة المفاعل المُغذّي للتحليل الكهربائي.
ومن خلال تحويل الحرارة المُهدرة إلى طاقة مفيدة، استفاد التصميم بشكل أفضل من إنتاج المفاعل النووي الصغير المعياري، وقلّل الحاجة إلى التدفئة الخارجية.
وتشمل الخطوات التالية تحسين كل نظام على مستوى الوحدة والمصنع، متبوعًا بتحليل تقني واقتصادي. كما يخطّط الفريق لدمج تحلية المياه بالتجميد وتخزين طاقة الجليد للمحطات التي تستعمل مياه البحر، بحسب ما نقلته منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ" (Interesting Engineering).
موضوعات متعلقة..
- المفاعلات النووية الصغيرة قد تخرج من المنافسة التجارية.. ما السبب؟
- المفاعلات النووية الصغيرة وتكلفة الطاقة المتجددة تعززان أمن الطاقة الأفريقي
- كثافة طلب الذكاء الاصطناعي على الكهرباء.. هل توفّره المفاعلات النووية الصغيرة؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أول ناقلة نفط تعمل بطاقة الرياح في العالم تنجز رحلتها الأولى
- معدل انخفاض إنتاج الغاز عالميًا يفوق النفط.. وحقول أفريقيا الأكثر تراجعًا
- وزير الطاقة الأردني: تسريع الحفر بحقل الريشة.. ومشروعات رياح وتخزين كهرباء قريبًا (حوار)
- 5 خبراء: إلغاء مشروعات الهيدروجين الأخضر "تصحيح طبيعي".. وهذه أفضل تكلفة
المصادر:
- تشغيل محطات إنتاج الأمونيا بالمفاعلات النووية الصغيرة، من الموقع الرسمي لبرنامج الطاقة النووية الجامعي.
- معلومات إضافية عن مشروع إنتاج الأمونيا دون انبعاثات كربونية، من منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ".