الغاز التركمانستاني إلى العراق.. أول رد رسمي بعد فشل الصفقة
الطاقة

تتصاعد أهمية ملف الغاز التركمانستاني إلى العراق، وسط ضغوط متزايدة لتأمين احتياجات قطاع الكهرباء خلال ذروة الصيف؛ إذ تراهن عليه بغداد بقوة، بوصفه خيارًا إستراتيجيًا لتقليل الاعتماد على الإمدادات الإيرانية.
وبحسب تصريحات لمتحدث وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الاتفاق مع عشق آباد يمثّل جزءًا من خطة أوسع لتنويع مصادر الوقود، رغم التعثر الناجم عن الإجراءات الفنية والمالية، ومواقف الولايات المتحدة من مسارات العبور عبر إيران.
وتبرز أهمية الغاز التركمانستاني إلى العراق في ظل حاجة البلاد إلى أكثر من 70 مليون متر مكعب يوميًا من الوقود خلال أشهر الصيف، في حين لا يُغطي الإنتاج المحلي سوى جزء من هذه الاحتياجات، ما يفرض اللجوء إلى استيراد إضافي.
ويرى موسى أن نجاح هذه الخطوة سيمنح العراق مرونة أكبر في إدارة مزيج الطاقة، ويساعده في مواجهة الضغوط الأميركية المرتبطة بالعقوبات على طهران، فضلًا عن دعم خطط الحكومة لتوسيع قدرات إنتاج الكهرباء من خلال مشروعات عملاقة.
العراق بين الحاجة العاجلة والعقبات المالية
أكد أحمد موسى أن الغاز التركمانستاني إلى العراق يمثّل أحد أهم البدائل التي جرى العمل عليها لتجاوز الاعتماد الكامل على إيران، مشددًا على أن الاتفاق لم يُلغَ، لكنه ينتظر استكمال الترتيبات المالية والفنية.
وأوضح أن الحكومة العراقية حصلت على موافقة مبدئية من مجلس الوزراء لاستيراد نحو 16 مليون متر مكعب يوميًا، لكن التنفيذ يتوقف على موافقة وزارة الخزانة الأميركية، تجنبًا لاحتمال وقوع المصارف تحت تأثير العقوبات الأميركية المرتبطة بآلية الدفع.

وأشار أحمد موسى إلى أن بغداد تعمل على إقناع واشنطن بتسهيل الإجراءات المالية المرتبطة بصفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق، موضحًا أن بغداد لا تتحرك وفق إملاءات أميركية أو إيرانية، بل وفق إستراتيجية وطنية تهدف إلى استقرار منظومة الكهرباء.
وبيّن أن الوزارة أكملت الإجراءات الفنية الخاصة بمرور الكميات عبر الأراضي الإيرانية، مع الاتفاق على المسار والقدرة الاستيعابية للخطوط، لكن العائق الرئيس يتمثّل في التحويلات المالية، وهو ما جعل العقد معلّقًا حتى الآن بانتظار الضوء الأخضر.
وبالتوازي، تسعى الحكومة العراقية إلى تطوير حقول الغاز الوطنية عبر عقود كبرى مع شركات عالمية، بهدف تقليل الاعتماد على الخارج، ومع ذلك، يبقى الغاز التركمانستاني إلى العراق حلًا عاجلًا لتغطية الفجوة الكبيرة في الإمدادات.
ويحتاج العراق صيفًا إلى نحو 55 ألف ميغاواط لتغطية الطلب، في حين لا تتجاوز القدرة الحالية 28 ألف ميغاواط، ما يجعل الاعتماد على واردات الغاز من إيران وبدائل مثل عشق آباد خيارًا لا مفر منه لتشغيل محطات الكهرباء، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ووقّعت بغداد اتفاقيات مع شركات مثل جنرال إلكتريك وسيمنس وشنغهاي لإضافة قدرات كهربائية ضخمة، لكن تنفيذ هذه المشروعات يستغرق وقتًا، وهو ما يعزّجز الحاجة إلى الإسراع في تفعيل صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق لتقليل النقص الحالي.
تداعيات سياسية وإستراتيجية على الصفقة
تُظهر المعطيات أن صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق ليست مجرد اتفاق تجاري، بل تحمل أبعادًا سياسية مرتبطة بعلاقات بغداد مع واشنطن وطهران، إذ إن مرور الإمدادات عبر إيران يضع الملف أمام تعقيدات العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
وتشير وثائق الصفقة إلى أن إيران لن تحصل على مقابل مالي مباشر، لكنها ستستفيد من جزء من الغاز لتغطية احتياجاتها، وهو ما تعدّه واشنطن خرقًا محتملاً لعقوباتها، لذلك ظل الغاز التركمانستاني إلى العراق رهينة التجاذبات الدولية.
وبحسب مصادر عراقية، عرضت بغداد إشراك طرف ثالث لمراقبة تنفيذ الصفقة والتأكد من توافقها مع قواعد مكافحة غسل الأموال، غير أن الولايات المتحدة لم تمنح موافقتها، لتبقى الاتفاقية معلقة رغم حاجة العراق الملحة.
وتتصاعد التحذيرات من أن فشل الغاز التركمانستاني إلى العراق قد يفاقم أزمة الكهرباء، خاصة أن المواطنين يعتمدون على مولدات خاصة باهظة التكاليف، ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد المحلي، ويزيد من حدة التوترات الاجتماعية في البلاد.
وقد يفتح نجاح الصفقة الباب أمام خيارات أوسع لتنويع الإمدادات، مثل الغاز القطري أو العُماني عبر المواني الجنوبية. إلا أن هذه البدائل تحتاج إلى استثمارات كبيرة وبنية تحتية جديدة، وهو ما يتطلّب سنوات للتنفيذ، وفق متابعة منصة الطاقة.
قدوم الغاز التركمانستاني إلى العراق يمنح بغداد ورقة تفاوض إضافية مع واشنطن، إذ يتيح لها تخفيف الضغط المرتبط بالإمدادات الإيرانية، مع المحافظة على توازن علاقاتها الإقليمية والدولية في ملف الطاقة.
ويؤكد مسؤولون أن الحكومة العراقية مصممة على تنفيذ خطة شاملة لتأمين الغاز عبر مصادر متنوعة، والاستفادة من تجربة إقليم كردستان في التحول الذكي لقطاع الكهرباء، بما يعزز الاستقرار الطاقي ويخفّف من اعتماد البلاد على مصدر واحد فقط.
موضوعات متعلقة..
- أميركا تهدد صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق (خاص)
- صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق قد تفشل.. وأزمة وشيكة في الصيف (مقال)
اقرأ أيضًا..
- الكويت تقترب من ثالث اكتشاف في التنقيب البحري.. خطط لتعزيز الاحتياطي الضخم (تقرير)
- قطاع الشحن البحري يواجه كوارث حال فشل إقرار "إطار الحياد الكربوني" (تحذير)
- عدد السفن العاملة بالميثانول عالميًا يصل إلى 60.. نصفه أحفوري المصدر
المصدر..