أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير الغازسلايدر الرئيسيةغاز

ما مصير الغاز المسال القطري بعد هجمات إسرائيل وضغوط ترمب؟ (تقرير)

أحمد بدر

أثارت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة وما رافقها من تصاعد التوترات الإقليمية تساؤلات عدة حول مستقبل الغاز المسال القطري، في ظل ما تشهده سوق الطاقة العالمية من تحولات جيوسياسية متسارعة.

وبينما يرى خبراء الطاقة أن الأزمة تتجاوز بُعدها العسكري لتدخل في صميم الصراع على إمدادات الغاز وعقوده طويلة الأجل، يوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن التأثير المباشر في الإمدادات قد لا يكون كبيرًا في المدى القريب.

لكن، وفق الحجي، الأثر الأكبر يتمثل في زعزعة ثقة الدول المستوردة التي تدرس توقيع عقود طويلة الأمد، مؤكدًا أن هذه الضربة تُلقي بظلالها على مستقبل الاتفاقيات التجارية والخيارات الإستراتيجية للمشترين.

وأوضح أن النقاش حول ما يسمى "حروب الغاز المسال" بات يفرض نفسه بقوة في المشهد الحالي؛ إذ إن التوترات السياسية والضغوط التجارية تتقاطع مع مصالح المنتجين والمستهلكين في آن واحد، وممارسات بعض القوى الكبرى تكشف عن أن الطاقة لم تعد مجرد سلعة، بل ورقة سياسية بامتياز.

وأشار إلى أن التحولات المقبلة لا تتعلق بالغاز وحده، بل تشمل ملفات الاستثمار والممرات البحرية وتكلفة الشحن، وهي عوامل تضع ضغوطًا متزايدة على دول مثل قطر التي تسعى للحفاظ على مكانتها الريادية في سوق الغاز العالمية.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدمها أنس الحجي على مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" تحت عنوان: "الآثار غير المتوقعة للهجمات الإسرائيلية على إيران وقطر في أسواق الطاقة".

هجمات إسرائيل وحروب الغاز المسال

يرى أنس الحجي أن الضربة الأخيرة لا تعني تراجعًا فوريًا في الإمدادات، لكنها تزرع حالة من الشكوك لدى الدول الآسيوية الباحثة عن عقود طويلة الأجل، وهذه الشكوك قد تدفع بعض المشترين للتريث قبل توقيع اتفاقيات مع الدوحة، ويؤثر سلبًا في صورة الغاز المسال القطري.

وأضاف أن هناك بُعدًا أوسع لما سماه "حروب الغاز المسال"؛ إذ إن التوترات الحالية تذكّر بما حصل خلال الهجوم الإسرائيلي على إيران، حين تحولت الطاقة إلى أداة سياسية أكثر منها اقتصادية، وهذا الاتجاه يزداد وضوحًا مع تزايد المنافسة العالمية.

الغاز المسال القطري

وتساءل أنس الحجي عن سبب قدرة روسيا على تصدير النفط الخام إلى الهند والصين عبر ممرات طويلة، في حين يواجه الغاز المسال الروسي قيودًا صارمة، موضحًا أن قطر -بدورها- تضطر لإرسال شحناتها حول أفريقيا بدلًا من المرور عبر البحر الأحمر، وهو ما يرفع التكاليف.

وبحسب الحجي؛ فإن هذه المسارات الطويلة تجعل الغاز الأميركي منافسًا رئيسًا في أوروبا، حيث تتراجع قدرة الغاز المسال القطري التنافسية، والهدف من هذه الترتيبات هو زيادة تكاليف الموردين الآخرين وإفساح المجال أمام الإمدادات الأميركية.

وأوضح أن قانون الكربون الذي يعتزم الاتحاد الأوروبي تطبيقه في 2027 سيزيد العبء على الموردين التقليديين، ولا سيما قطر، أما الولايات المتحدة فقد حصلت من خلال ضغوط الرئيس دونالد ترمب على استثناء من هذه القيود؛ ما يمنح الغاز الأميركي ميزة إضافية.

وأشار إلى أن الاتفاق الضخم الذي وقّعه ترمب مع أوروبا بقيمة 750 مليار دولار لتوريد الغاز الأميركي جعل من الضروري فهم طبيعة "حروب الغاز المسال"، فهذه ليست مجرد صفقات، بل آليات لفرض سيطرة طويلة الأمد على السوق.

وأكد الحجي أن الضربة الإسرائيلية وما تلاها قد تكون نقطة مفصلية في إعادة رسم خريطة تجارة الغاز، إذ إن الأمر لم يعد متعلقًا فقط بالإمدادات الحالية، بل بالثقة بعقود الغاز المسال القطري المستقبلية، وموقعه في المنافسة العالمية.

المستقبل الغامض للغاز القطري

شدّد الدكتور أنس الحجي على أن الضغوط الأميركية، خصوصًا في مدة ترمب، لم تكن عابرة، بل إستراتيجية متكاملة هدفها تعزيز حصة الغاز الأميركي في أوروبا على حساب المنافسين. وهذا ما يجعل الغاز المسال القطري في مرمى هذه الضغوط.

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض رسوم كربونية قد تضاعف تكلفة الشحنات القطرية، في حين يعفى الغاز الأميركي منها بموجب التفاهمات السياسية السابقة، ويرى أن هذه الخطوة ستغير موازين التنافس بشكل جذري.

وأشار إلى أن روسيا توفر نحو مليوني دولار في كل شحنة بفضل الممر الشمالي، في حين تدفع قطر تكاليف إضافية بسبب المرور حول أفريقيا؛ ما يضع الغاز المسال القطري أمام تحديات لوجستية ومالية تضعف موقعه في السوق.

ناقلة نفط
سفن عابرة في ممر البحر الشمالي - الصورة من gCaptain

ويرى خبير اقتصادات الطاقة أن الهند والصين قد تعيدان النظر في سياساتهما تجاه العقوبات الغربية، خصوصًا في ظل التوتر الحالي؛ إذ إن الهند شريك رئيس لقطر في الغاز، لكن علاقاتها المتوترة مع ترمب قد تزيد المشهد تعقيدًا.

كما أوضح أن انعكاسات الأزمة لا تقتصر على الطاقة، بل تمتد إلى الاستثمارات القطرية في الخارج، التي تُعد من الأفضل عالميًا، وأكد أن أي تصعيد سياسي قد يثير قلق الأسواق ويؤثر في تدفقات هذه الاستثمارات.

وأضاف: "النقاشات في أروقة الأمم المتحدة خلال الجمعية العمومية ستكشف كيف تنظر القوى الكبرى لهذه الأزمة. والملف سيحضر بقوة في الخطابات واللقاءات الدبلوماسية".

وألمح الحجي إلى أن مستقبل الغاز المسال القطري بات أكثر غموضًا؛ إذ يتوقف على ردود فعل المستوردين الكبار، وعلى قدرة الدوحة على مواجهة الضغوط الأميركية والأوروبية.

وخلص إلى أن حروب الغاز المسال لم تعد مجرد فرضية، بل واقع يتجلّى في القرارات والسياسات، وأن ما بين الهجمات الإسرائيلية وضغوط ترمب، يبقى الغاز المسال القطري في قلب الصراع العالمي على الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق