لمنع انفجار بطاريات الليثيوم أيون.. لعبة أطفال تُلهم بتطوير مادة جديدة
دينا قدري
ألهمت "لعبة" مع الأطفال تجربة علمية لتطوير مادة جديدة تمنع بطاريات الليثيوم أيون من الاشتعال، بما يقضي على أحد العيوب التي تثير قلق قائدي السيارات من التحول إلى الكهرباء.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يعمل علماء مختبر أوك ريدج الوطني (ORNL) التابع لوزارة الطاقة الأميركية منذ عقود على توسيع نطاق المواد الأساسية المعقدة والعلوم الكيميائية التي تقوم عليها البطاريات.
وقادت تجربة منزلية ممتعة الباحث في مختبر أوك ريدج الوطني غابرييل فيث، إلى إنجازٍ كبير في مجال سلامة البطاريات، عن طريق إضافة مادة جديدة مقاومة للصدمات.
داخل بطاريات الليثيوم أيون، تفصل طبقة بلاستيكية رقيقة الأقطاب الكهربائية، وهي نقاط تدفق الكهرباء؛ وحال تلف هذه الطبقة، قد تتلامس الأقطاب الكهربائية؛ ما يؤدي إلى اشتعال السائل الكهربائي وانفجار البطارية.
منع اشتعال بطاريات الليثيوم أيون
استلهم الباحث غابرييل فيث فكرة المادة المقاومة للصدمات في بطاريات الليثيوم أيون، خلال لعبه مع أطفاله بمزيج من نشا الذرة والماء يُسمى "أوبليك"؛ ويتصرف هذا المزيج كالسائل حتى يُضغط عليه، ثم يتصلب قبل أن يعود إلى الحالة السائلة.
وأدرك فيث أن هذه الخاصية القابلة للعكس يُمكن استعمالها لإنشاء مادة مضافة واقية تتصلّب فورًا عند التعرض للصدمات؛ ما يقلل بشكل كبير من خطر نشوب حرائق في بطاريات الليثيوم أيون.
وسعى غابرييل فيث وفريقه إلى جعل بطاريات الليثيوم أيون أكثر أمانًا عن طريق خلط مادة مضافة شبيهة بمادة الأوبليك في إلكتروليت تقليدي لإنتاج مادة مقاومة للصدمات.
وتتصلّب هذه المادة المضافة فورًا عند اصطدام البطارية؛ ما يمنع تلامس الأقطاب الكهربائية في حال سقوطها أو تلفها، بحسب البيان الذي نشرته وزارة الطاقة الأميركية.
فعندما تبقى الأقطاب الكهربائية منفصلة، لا تشتعل البطارية؛ كما يُمكن دمج المادة المضافة مع تغييرات طفيفة في تصنيع البطاريات التقليدية.
وينشأ تأثير السلامة من مادة غروانية، وهي مادة معلقة من جزيئات صلبة دقيقة في سائل.
في حالة الأوبليك، تتكون المادة الغروانية من جزيئات نشا الذرة المعلقة في الماء؛ أما بالنسبة للمادة الغروانية للبطارية؛ فقد استعمل فيث وزملاؤه في مختبر أوكلاند الوطني وجامعة روتشستر مادة السيليكا المعلقة في إلكتروليتات سائلة شائعة لبطاريات الليثيوم أيون.
وعند الاصطدام، تتكتّل الجزيئات معًا؛ ما يعوق تدفق السوائل والأيونات؛ واستعمل الباحثون جزيئات سيليكا كروية تمامًا، قطرها 200 نانومتر فقط، وهي في الأساس رمل فائق النعومة، لتحقيق هذا التأثير.
ويوضح فيث: "يُعدّ الحجم الموحد لجزيئات السيليكا أمرًا بالغ الأهمية؛ فعندما تكون الجزيئات متناسقة، فإنها تتشتت بالتساوي في الإلكتروليت، ما يسمح للمادة المضافة بالتصلب بفاعلية عند الاصطدام. أما إذا تباين حجم الجزيئات، فيبقى السائل سائلًا جدًا، ويفقد تأثيره الوقائي".
ولفهم سلوك المادة تحت الضغط، استعمل الفريق تشتت النيوترونات في مصدر نيوترونات التشظي التابع لمختبر أوكلاند الوطني، وهو منشأة لمستعملي مكتب العلوم التابع لوزارة الطاقة الأميركية.
مواد مقاومة للصدمات
في خطوةٍ كبيرة نحو التسويق التجاري، رخّص مختبر أوكلاند الوطني 5 تقنيات حاصلة على براءات اختراع، تُعرف باسم "الإلكتروليتات الآمنة المقاومة للصدمات" أو سافاير (SAFIRE)، لشركة سافاير تكنولوجي غروب (Safire Technology Group) الناشئة في مجال البطاريات عام 2022.
ووسّعت الشركة عمليات البحث والتطوير في تينيسي، مُركّزة على طرح هذه التقنية في السوق للسيارات الكهربائية، وتطبيقات الدفاع، والطائرات الكهربائية ذات الإقلاع والهبوط العمودي (eVTOL).
وقال المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة سافاير تكنولوجي غروب، جون لي: "ستُحدِث سافاير نقلة نوعية في صناعة السيارات".
وأضاف: "يسهل دمج هذه المادة المضافة في عمليات تصنيع البطاريات الحالية، وتوفر للمستعمِلين بديلًا أكثر أمانًا وأخف وزنًا وأكثر فاعلية من وسائل حماية البطاريات التقليدية؛ ما يُؤدي إلى أداء أعلى وتكلفة إجمالية أقل".
ويُمكن لهذه التقنية أن تُقلل بشكل كبير من وزن السيارة وتزيد من مداها من خلال إزالة الحاجة إلى دروع واقية ثقيلة حول البطارية؛ وفي التطبيقات الدفاعية، توفر هذه التقنية حماية من المقذوفات والصواريخ الباليستية مع تقليل وزن أنظمة ومعدات الدفاع.
وصرّحت نائبة رئيس مختبر أوكلاند الوطني للعلوم والتكنولوجيا سوزان هوبارد: "إن تحسين تقنية البطاريات أمر بالغ الأهمية لبناء مستقبل طاقة نظيفة لبلدنا.. لهذه التقنية آثار في العديد من الصناعات؛ ما يجعل أنظمة البطاريات في نهاية المطاف أكثر أمانًا وكفاءة واستقرارًا".
موضوعات متعلقة..
- طلاء متطور يجعل بطاريات الليثيوم أيون أطول عمرًا وأعلى سعة
- حرائق بطاريات الليثيوم أيون.. تقنيتان جديدتان قد تجعلانها شيئًا من الماضي
- بطاريات الليثيوم أيون تشعل حرائق الطائرات.. كوارث دراماتيكية (مقطع فيديو)
اقرأ أيضًا..
- حصص إنتاج النفط لـ8 دول في أوبك+.. وسابقة للسعودية منذ 2023
- خطوط أنابيب مع 4 دول وصفقات لتخزين النفط.. ماذا فعل العراق في 24 ساعة؟
- سباق الهيدروجين في أوروبا.. أي من المطورين يوازن بين الأهداف والواقع؟
- خبراء: الطاقة النووية رهان مصر والدول العربية لحل أزمة الكهرباء
المصدر:
