إدارة الطاقة في قطاع الصناعة مفتاح تحسين الكفاءة.. السعودية نموذجًا
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

تحولت برامج إدارة الطاقة في قطاع الصناعة إلى حل لا غنى عنه، تحت وطأة التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية، من أجل تعزيز الكفاءة لدعم تنافسية الصناعات وحماية الوظائف وتقليل الضغط على الشبكات، فضلًا عن تعزيز أمن الطاقة.
ويُنظر إلى هذه البرامج كونها من أسرع الحلول فاعلية من حيث التكلفة لضمان خفض الطلب على الطاقة وتحقيق وفورات ملموسة للشركات والمجتمع.
ومع ذلك، أشار تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- إلى تباطؤ التقدم نحو تحقيق هدف مضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة العالمي بحلول 2030، كما أقرّه مؤتمر المناخ "كوب 28".
وهذا يرجع إلى القطاع الصناعي، الذي يمثّل المحرك الرئيس لاستهلاك الطاقة عالميًا؛ نتيجة الركود في تحسين الكفاءة، ونمو الطلب من القطاع.
ورغم ذلك، يمكن الاستفادة من الدول التي نجحت في إطلاق حزم وسياسات لإدارة الطاقة، منها أميركا والسعودية واليابان.
كيف تحقق إدارة الطاقة وفورات؟
يشير مصطلح إدارة الطاقة إلى متابعة وتحليل ومراقبة وتحسين استهلاك الطاقة على نحو استباقي ومنهجي داخل المنشآت.
وأظهر التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية أن هذه البرامج توفر للشركات وفورات تتجاوز 10% من الاستهلاك في السنوات الـ3 الأولى من التنفيذ، بينما تحقق بعض الشركات وفورات تتجاوز 30%.
وأوضح أن تحسين أداء جميع الشركات بالدول الأعضاء في الوكالة، بحيث يوازي أداء 25% من أفضل الشركات في كفاءة الطاقة، يمكن أن يوفر قرابة 600 مليار دولار سنويًا.
وترى الوكالة الدولية أن توسيع نشر ممارسات إدارة الطاقة على مواقع متعددة وسلاسل التوريد قد يعزز هذه الوفورات، وغالبًا دون الحاجة إلى دعم حكومي إضافي.
وعلى الرغم من ذلك، ما يزال تبنّي هذه الممارسات في الصناعة محدودًا، لكن في ظل التدخلات السياسية بحلول 2035، يمكن توفير نحو 20 إكساجول، أي نصف الطلب النهائي للاتحاد الأوروبي في 2023.
ومع اعتماد الذكاء الاصطناعي يمكن زيادة الوفورات بمقدار 8 إكساجول إضافية، ما يحدّ من استهلاك الطاقة لإنتاج القيمة المضافة نفسها بنسبة 28% بحلول 2035، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

إدارة الطاقة مفتاح لضمان التنافسية
أشار تقرير وكالة الطاقة إلى أن ممارسات إدارة الطاقة والاستثمار في رفع كفاءتها مهم للشركات والدول على حدّ سواء، مؤكدًا أن اتّباع نهج استباقي ومستمر يُضاعف الفوائد المتعلقة بالقدرة التنافسية.
فعلى مستوى الشركات، يمكن أن يحسّن كفاءة الطاقة من الإنتاجية ويرفع معدلات استعمال المعدات وخفض التكاليف التشغيلية، بالإضافة إلى تقليل الأعطال والانقطاعات المفاجئة، وتعزيز صحة وسلامة العاملين.
وعلى صعيد الدول، تسهم هذه الإجراءات في زيادة النشاط الاقتصادي، وتعزيز إنتاج العمل، وتدعم استقرار الشبكات، مع رفع مرونة الطلب وتعزيز أمن الطاقة.
وبالمقارنة بتكلفة بناء قدرات توليد جديدة أو البنية التحتية للشبكة، فإن كفاءة الطاقة توفر أكثر من نصف التكاليف، كما يمكن تطبيقها في أقل من عام، بينما تحتاج مشروعات التوليد والنقل إلى ما بين عام و7 أعوام، وقد تتجاوز عقدًا في حالة الطاقة النووية.
بالإضافة إلى ذلك، يبرز دور الحكومات في تقديم حزم سياسات فاعلة تجمع بين التنظيم والمعلومات والحوافز، مثل برامج التدريب والدعم الفني.

توصيات وتجارب دولية
ترى وكالة الطاقة الدولية أن البداية تكمن في مراجعة شاملة للإجراءات الحالية الخاصة بكفاءة الطاقة في قطاع الصناعة، بما في ذلك برامج إدارة الطاقة القائمة لتقييم فاعليتها ومدى انتشارها، إلى جانب توافقها مع أهداف الطاقة والمناخ الوطنية.
ويشكّل ذلك قاعدة لاتخاذ قرارات حاسمة، منها تعزيز البرامج القائمة من خلال توسيع نطاقها أو زيادة الدعم، أو تطوير برامج جديدة لسدّ الفجوات، خصوصًا بين الشركات الصغيرة والمتوسطة وسلاسل التوريد والقطاعات عالية الأثر، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأوضحت الوكالة أن التجارب الدولية غنية بالدروس:
- الولايات المتحدة نجحت عبر شراكات مع مختبرات وطنية ومراكز تقييم صناعية بتقديم أدوات وتدريبات مجانية.
- فنلندا وأيرلندا أنشأتا شبكات واتفاقيات طويلة الأمد لدعم التنفيذ.
- اليابان اعتمدت مزيجًا من الحوافز وأنظمة المقارنة القياسية لتوجيه الشركات.
- فرنسا واليابان وفّرتا دعمًا خاصًا للشركات الصغيرة والمتوسطة.
- السعودية طورت منصة إلكترونية شاملة للتدريب ولتوفير المعلومات.
- أستراليا تعتمد نظامًا وطنيًا لجمع وتحليل ومشاركة البيانات المتعلقة بالطاقة لزيادة وفورات الطاقة في قطاع الصناعة ومساعدة الحكومات في تصميم السياسات وتنفيذها.
موضوعات متعلقة..
- الذكاء الاصطناعي يعزز أنظمة إدارة الطاقة المنزلية بتقنية مبتكرة
- كفاءة الطاقة في قطاع الصناعة سلاح لتوفير مليارات الدولارات.. نماذج عربية ناجحة
اقرأ أيضًا..
- صادرات النفط الروسي بين الصين والهند.. ضغوط ترمب تعيد رسم المسار
- اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص بلا إنتاج منذ 15 عامًا.. هل تنقذها مصر قريبًا؟
- واردات الأردن من الغاز المسال منذ بداية 2025.. ولماذا توقفت شهرين؟
المصدر..