الذكاء الاصطناعي في صناعة الهيدروجين.. رؤية للسوق حتى 2034
هبة مصطفى

تتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة الهيدروجين تدريجيًا، واكتسبت خلال العام الماضي 2024 خطوات قوية ظهرت في إدارة سلسلة القيمة ومراحلها المختلفة.
ويبدو أن السنوات الـ10 المقبلة ستكون شاهدة على طفرة أوسع نطاقًا، بالتوسع في نشر تقنيات ذكية وتعزيز استعمالاتها بدءًا من موارد الإنتاج حتى التوزيع، وفق تفاصيل دراسة مختصة تابعتها منصة الطاقة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
وتوقعت الدراسة في رؤيتها الاستشرافية نطاق أبرز الأسواق العالمية التي تولي اهتمامًا بدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الهيدروجين.
وتطرقت -أيضًا- إلى الشركات التقنية المنخرطة في الصناعة، وبعض ابتكاراتها ونماذج مشروعات طبّقت هذه التقنيات.
التقنيات الذكية وصناعة الهيدروجين في 2024
اعتمدت الدراسة على نتائج صناعة الهيدروجين العام الماضي، لاستكشاف جدوى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أسواق عدّة بصور مختلفة.
وظهر ذلك من خلال نشر التطبيقات المتطورة في عمليات: تخزين الهيدروجين، ونقله، وتوزيعه.
وبرزت دول أوروبا بقوة في هذا المجال بحصّة سوقية بلغت 37.1%، حسب تفاصيل دراسة شركة بريسيدنس ريسيرش (Precedence Research) الكندية الهندية.

واستحوذ قطاع الطاقة والكهرباء على المساحة الكبرى بين الصناعات التي تستعمل الهيدروجين المعزز بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتتضمن هذا نشر تقنيات: التعلم الآلي، وتحليل التوقعات، وتوأمة عمليات الرقمنة، والأتمتة.
وأظهر تطبيق هذه التقنيات في سلسلة الهيدروجين (من الإنتاج حتى الاستهلاك) كفاءة تشغيلية، وسلامة، وخفض في التكلفة.
ومن بين تقنيات الذكاء الاصطناعي كافة، كان التعلم الآلي والعميق الأبرز العام الماضي، بحصّة 28.5%، إذ أدّت خوارزمياتها دورًا مهمًا في تحليل بيانات التحليل الكهربائي وتحديد محفزات الإنتاج الأنسب.
واعتمد المنتجون على النشر السحابي (إسناد إدارة تطبيقات الذكاء الاصطناعي المطلوبة إلى شركة متخصصة تدير العمليات افتراضيًا عن بُعد) بنسبة 44.7% العام الماضي، لسهولته وتكلفته المعقولة.
رؤية للسوق حتى 2034
تضمنت الدراسة رؤية لمدى تطور الذكاء الاصطناعي في صناعة الهيدروجين، خلال السنوات الـ10 المقبلة، بدءًا من العام الجاري حتى 2034.
وتوقَّع معدّو الدراسة أن تُمثِّل آسيا والمحيط الهادئ أسرع الأسواق في تسجيل نمو سنوي لنشر التقنيات والتطبيقات الذكية في الصناعة.
وتُشير اتجاهات السنوات الـ10 المقبلة إلى نمو لافت لتقنيات التوأمة الرقمية في محاكاة محطات الهيدروجين الأخضر، وتحسين أدائها من خلال طرح تصميمات ذات كفاءة للمنشآت والمعدّات.
وبالنسبة للتطبيقات، قد تهيمن إدارة عمليات تخزين الهيدروجين بتقنيات الذكاء الاصطناعي على المشهد، الآونة المقبلة.
وقد يلجأ المطورون بقوة خلال هذه المدة إلى أدوات النشر السحابي الهجين (الدمج بين إسناد جزء من مهام التشغيل الذكي لشركات حوسبة خاصة، وبين الاحتفاظ بمهام أخرى داخل منشآت الهيدروجين).
ورغم التكلفة الإضافية التي قد تتحملها الشركات المطورة، فإن هذه الخطوة تعدّ خيارًا مُلحًا في ظل الحاجة إلى ضمان أمان وحساسية المعلومات.
وتؤدي خوارزميات الذكاء الاصطناعي دورًا في تحليل حركة المرور والطرق، ما يخفض تكلفة وقود الهيدروجين الانبعاثات الكربونية، ويعزز سلامة النقل.
ويتلاءم هذا مع توقعات تسجيل قطاع النقل أسرع معدل نمو سنوي على مدار السنوات الـ10 المقبلة.
سلسلة قيمة الهيدروجين
يوفر دمج سوق الذكاء الاصطناعي في صناعة الهيدروجين ميزات رئيسة، تساعد الدول والحكومات على تنفيذ خططها ومستهدفاتها، وضخّ الاستثمارات بما يلائم إستراتيجياتها.
ومن بين هذه الميزات:
1) السلامة والموثوقية
يُعدّ دمج التقنيات الذكية في الصناعة "صمام أمان" لضمان السلامة والموثوقية، من خلال التحكم في أنظمة مراقبة المعدّات (مثل أجهزة التحليل الكهربائي، والضواغط، والمضخات).
وينتج عن هذا الدمج استكشاف الأعطال بصورة مسبقة، ويمكن للشركة المطورة تطبيق خطط الصيانة المبكرة ما يقلّص التكاليف بنسبة 20% ويخفض الخسائر.
وبجانب ذلك، تدير تطبيقات الذكاء الاصطناعي مخاطر الاستثمار بالكشف عن احتمالات تسرب الهيدروجين، لتمكين الشركات من التعامل معها.
2) التخزين والتوزيع الآمن
تُمكِّن أدوات الذكاء الاصطناعي من تطوير سلسلة توريد الهيدروجين، بتحليل بيانات الخدمات اللوجستية بدءًا من المصدر حتى وجهة الاستهلاك.
وتتيح النماذج المختلفة الاستفادة من البيانات الجغرافية، لتحديد أفضل مسارات النقل، سواء بالنسبة للتكلفة أو السهولة والأمان.

3) خفض التكلفة
يمكن للتقنيات الذكية افتراض أفضل السيناريوهات لخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين، عن طريق رصد أوقات انخفاض أسعار الكهرباء، وتأثير حالة الطقس في توليد الكهرباء المتجددة من الشمس والرياح.
4) زيادة الإنتاج
تشكّل نماذج الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة لزيادة إنتاج الهيدروجين ونمو السوق، بالعمل على: تحليل بيانات التحليل الكهربائي لضبط درجات الحرارة وشدة كثافة التيار، وطرح توقعات النقل والتخزين بتكلفة ملائمة.
5) ضمان الاستدامة
يشير تعزيز صناعة الهيدروجين بالتقنيات الذكية إلى إمكان التغلب على التحديات التقنية والاقتصادية، إذ يدعم خفض استهلاك الطاقة وإنتاج أقل قدر من النفايات.
نطاق النمو في الدول والشركات
تتوقع الدراسة مواصلة أوروبا استعمال تقنيات الذكاء الصناعي في صناعة الهيدروجين، بعدما أظهرت تقدمًا لافتًا العام الماضي.
ويتلقى هذا الاتجاه دعمًا من خطط حكومات القارة العجوز، ومن بعض المبادرات مثل: إستراتيجية الهيدروجين الأوروبية، وخطة "ريباور إي يو"، والصفقة الخضراء.
أمّا آسيا والمحيط الهادئ، فتقود راية المنطقة الأسرع نموًا لهذا الدمج حتى 2034، ويرجع ذلك لوتيرة تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي في سلسلة الهيدروجين بكلّ من:
- الصين: لتلبية أهداف الحياد الكربوني بحلول 2060، وتنقية الهواء، وخفض البصمة الكربونية، وإزالة الكربون من الصناعات.
- الهند: لدعم الخطة الوطنية لإنتاج 5 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا باستثمارات تُقدَّر بنحو 2.4 مليار دولار، نهاية 2030.
- اليابان: لتنفيذ خطة "مجتمع الهيدروجين".
وغطّى مسح الدراسة دولًا ومناطق عدّة، من بينها: الأميركيتان الشمالية والجنوبية، وأوروبا، وآسيا والمحيط الهادئ، والشرق الأوسط وأفريقيا.
وبجانب ذلك، أنجزت شركات خطوات مهمة بعملية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الهيدروجين.
وقدّمت شركة هانيويل الأميركية إضافة جديدة للمجال في أبريل/نيسان الماضي عبر تقنية "البروتونيوم"، التي توظف تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع نماذج التعلم الآلي، لرفع كفاءة تشغيل محطات الهيدروجين الأخضر والمحللات الكهربائية.
وتبنّت شركات رائدة في صناعة الهيدروجين نشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مشروعاتها، إلى جانب انخراط كبريات الشركات المطورة لمراكز البيانات والتقنيات الذكية.
موضوعات متعلقة..
- هل يحد انتشار الذكاء الاصطناعي من دور الهيدروجين عالميًا؟ (تقرير)
- سفن لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الرياح.. مشروع يعمل بالذكاء الاصطناعي
- دور الذكاء الاصطناعي في دعم الاستثمار الأخضر (مقال)
اقرأ أيضًا..
- خبير: الغاز الصخري في الجزائر واعد.. وهذه نقاط قوة الدولة (تقرير)
- مشروعات توليد الكهرباء بالنفط والغاز قيد التطوير.. 6 دول عربية بقائمة الكبار
- أكبر 5 صفقات كهرباء في أغسطس 2025.. صدارة للعراق والسعودية
المصادر: