كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال.. مغامرة مكلفة
وسينوك الصينية أحدث المنسحبين
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال مكلفة وأثرها البيئي محدود.
- انسحاب سينوك يُسلط الضوء على تحديات كهربة منصات النفط البحرية.
- عملية كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال ستحد الانبعاثات الوطنية بنسبة 0.5%.
- ثمة بدائل مجدية لخفض الانبعاثات بدلًا من عمليات الكهربة المعقدة.
بدأت علامات استفهام تحوم حول جدوى كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال، مع إعلان شركة "سينوك" الصينية -مؤخرًا- تخليها عن خططها لكهربة منصة حقل "بوزارد" أحد أكثر الحقول إنتاجًا في بريطانيا.
وتمثل كهربة المنصات البحرية خطوة حاسمة لخفض الانبعاثات في قطاع النفط والغاز ببحر الشمال.
وسهّلت الهيئة الانتقالية لبحر الشمال (NTSA) التعاون بين القطاعين العام والخاص للتغلب على التحديات الفنية والاستثمارية، مؤكدة أهمية كهربة منصات النفط والغاز في الأصول القديمة.
ووفق خطة الهيئة، تهدف البلاد إلى خفض انبعاثات قطاع المنبع -مرحلة التنقيب والاستخراج- 10% بحلول 2025، و25% بحلول 2027، و50% بحلول 2030 مقارنة بمستويات 2018.
ورغم هذه الأهداف؛ فإن عملية كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال ستحد الانبعاثات الوطنية بنسبة 0.5% فقط، مقابل تكلفة تقديرية 5.62 مليار جنيه إسترليني (7.50 مليار دولار)، بحسب مقال اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
(الجنيه الإسترليني = 1.33 دولارًا أميركيًا).
ويمكن استغلال هذه المليارات في تعزيز بدائل أكثر جدوى، يمكنها الحد من الانبعاثات وتقليل الفواتير وتوفير الطاقة.
هل خطط كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال مجدية؟
جاء قرار شركة سينوك الصينية بإلغاء خطط كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال بعد أسابيع قليلة من كتابة المهندس الكيميائي توم باكستر، مقالة بعنوان "توجيه تمويل كهربة المنشآت البحرية نحو المشروعات المحلية أفضل"، نشرته مجلة "ذا كيميكال إنجنير".
ووفقًا لرؤيته، تتطلب صناعة النفط والغاز البحرية طاقة ضخمة لتشغيل المضخات والضواغط والسخانات ووحدات الحفر التي تنقل النفط والغاز من الأعماق إلى المصافي ومنشآت الغاز.
وتعتمد هذه المنشآت على توربينات الغاز، والتي تُشكِّل وحدها 65% من إجمالي انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون، كما تطلق ملوثات أخرى مثل الميثان وأول أكسيد الكربون وغيرهما.
وذكر أن غالبية الانبعاثات، أي نحو 90 إلى 95%، لا تنبع من عمليات الاستخراج بل من استعمال الوقود المنتج، وهو ما يعرف بانبعاثات "النطاق 3"، أما الجزء المتبقي، لا يتجاوز 5 إلى 10%، فهو مرتبط بعمليات الإنتاج التي تخضع لإشراف الهيئة الانتقالية لبحر الشمال.
ويرى باكستر، بناء على خبرته لأكثر من 40 عامًا في صناعة النفط والغاز، أن عملية كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال محفوفة بالمخاطر؛ فقد شبّهتها شركة شل بـ"جراحة القلب المفتوح"؛ نظرًا إلى تعقيداتها ومتطلبات العمل في مناطق تعاني نقصًا في المساحات وقيود الوزن؛ ما يؤدي إلى تأخير في الجدول الزمني.

سيناريوهات كهربة المنصات البحرية
تشير تقديرات الهيئة الانتقالية لبحر الشمال (NTSA) إلى أن سيناريوهات كهربة المنصات البحرية يمكن أن تحقق انخفاضات في انبعاثات غازات الدفيئة تتراوح بين 0.6 و1.8 مليون طن سنويًا، لكن ذلك لا يشكل سوى 0.5% من إجمالي انبعاثات المملكة المتحدة البالغة 371 مليون طن سنويًا.
أما من الناحية المالية؛ فقد تصل تكلفة كهربة المنصات البحرية إلى مليارات الجنيهات، ويقترح باكستر توجيه هذه الاستثمارات إلى حلول مجدية من حيث التكلفة والأثر بدلًا من كهربة هذه المنشآت.
ويرى أن الاستثمارات البالغة 5.62 مليار جنيه إسترليني يمكن توجيهها في عزل أسقف 5.1 مليون منزل مستقل، وقد يوفر ذلك خفضًا سنويًا في انبعاثات الكربون قدره 5.1 مليون طن، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويمكن للهيئة الانتقالية لبحر الشمال السماح لشركات النفط والغاز بالاستمرار في العمل دون إلزامها بالكهربة، بشرط الحفاظ على أفضل ممارسات إدارة الانبعاثات، وقد تتفاوض الحكومة بعدها مع هذه الشركات لتخصيص نسبة من تكلفة الكهربة المقدرة لدعم برامج خفض استهلاك الوقود الأحفوري.
وبالإضافة إلى الفوائد البيئية، ستنخفض فواتير الطاقة للأسر البريطانية، وستتجنب المملكة المتحدة الحاجة لبناء مزارع رياح ومحطات شمسية إضافية، في حين تُعفى شركات النفط من إجراء تغييرات مكلفة على أصولها القديمة، فضلًا عن انخفاض استهلاك الطاقة.

تراجع شركة سينوك عن كهربة منصات النفط والغاز
مؤخرًا، كشفت شركة سينوك الصينية عن إلغاء خطط كهربة منصة "بوزارد" النفطية، التي أعلنتها في 2021، وسط الظروف الاقتصادية الحالية.
وقالت إنها غير قادرة على إيجاد حل استثماري مُجدٍ لعملية كهربة المنصة، وهو ما قد يُشكِّل ضربة محتملة لمشروع الرياح البحرية العائمة "غرين فولت"، الذي تبلغ قيمته 2.5 مليار جنيه إسترليني.
فقد وافق وزير الطاقة إد ميليباند، العام الماضي، على عقد استثنائي للمشروع، بموجبه تدفع الحكومة لـ"غرين فولت" أكثر من 3 أضعاف سعر الكهرباء الحالي -أكثر من 200 جنيه إسترليني لكل ميغاواط/ساعة- اعترافًا بالمكانة الرائدة للمشروع.
غير أن القرار الصيني الأخير برفض خطة كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال، التي كانت الشرط الأساسي لإصدار ترخيص "غرين فولت"، ألقى بظلال قاتمة على المشروع.
وحاليًا، تواجه غرين فولت أكبر مزرعة رياح بحرية عائمة في العالم وأوروبا بقدرة 560 ميغاواط، خطر الإلغاء قبل أن تبدأ، وسط صعوبة إيجاد منصة نفط بحرية مناسبة لتغذيتها بالكهرباء، وهو شرط أساس بموجب عقد الإيجار، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبينما هناك أصول قريبة أخرى، مثل منصات "غولدن إيغل" و"سكوت" التابعتين لشركة سينوك، ومنصة "كلايمور" التابعة لـ"ريبسول" و"نيو إنرجي"، إلى جانب وحدة إنتاج وتخزين عائمة "بليو هولم"؛ فإن الشكوك تحوم حول قدرة المشروع على التوافق مع هذه الأصول وتوصيل الكهرباء لها.
وفي هذا السياق، يرى كبير المحللين لدى "تي جي إس 4 سي أوفشور" جوردان ماي، أن هذه الأزمة سابقة خطيرة تضع مشروعات طاقة الرياح العائمة عالميًا تحت المجهر؛ فرغم أن لها مزايا اقتصادية؛ فإن ارتفاع التكلفة وعدم ضمان موثوقية الكهرباء -نظرًا إلى الطبيعة المتقطعة للطاقة المتجددة- يجعلها رهانًا محفوفًا بالمخاطر.
الخلاصة:
تواجه خطط كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال تحديات عديدة، دفعت شركة سينوك الصينية -مؤخرًا- إلى التخلي عن خطط كهربة حقل "بوزارد" بسبب عدم وجود جدوى استثمارية، وتشير البيانات إلى أن الإنفاق الكبير على الكهربة قد يكون مجديًا حال توجيهه نحو حلول أخرى، مثل عزل المنازل، الذي يوفر خفضًا مستدامًا في الانبعاثات.
موضوعات متعلقة..
- 7 ملايين برميل من نفط بحر الشمال في خطر.. ومطالب بالإنقاذ العاجل
- تغير المناخ يهدد مزارع الرياح البحرية في بحر الشمال
- نفط وغاز بحر الشمال البريطاني.. دعم اقتصادي وأهمية إستراتيجية (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- مشروعات توليد الكهرباء بالنفط والغاز قيد التطوير.. 6 دول عربية بقائمة الكبار
- قطاع النفط والغاز المصري.. توصيات لزيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات (دراسة)
- الطلب على الغاز قد يبلغ 500 مليار قدم مكعبة يوميًا.. وهذه حصة المسال
المصادر..
- جدوى كهربة منصات النفط والغاز في بحر الشمال من ذا كيميكال إنجنير
- تحديات مشروعات الرياح العائمة من فور سي أوفشور
- تخلي سينوك عن خطط كهربة حقل بوزارد من إنرجي فويس
- خطط وزير الطاقة البريطاني من تليغراف