هروب استثمارات النفط والغاز قد يورّط بريطانيا.. و"المحافظين" يستغل الموقف
أسماء السعداوي

حذّر تقرير حديث من أن هروب استثمارات النفط والغاز من بحر الشمال البريطاني يؤدي إلى الاعتماد على الواردات، لتلبية نسبة كبيرة من الطلب المحلي، سواء حاليًا أو في المستقبل القريب.
ورغم احتياطيات النفط والغاز الضخمة في باطنه، تصرّ الحكومة البريطانية -بقيادة حزب العمال الحاكم- على تضييق الخناق على شركات النفط؛ لأجل تنفيذ هدف الحياد الكربوني في 2050.
وحظرت الحكومة منح تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط والغاز، كما رفعت الضرائب المفاجئة على الشركات إلى 78% لصالح التحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات وتحقيق الريادة المناخية، وفق التفاصيل التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
لكن زعيمة حزب المحافظين المعارض وعدت بإنهاء السياسة الحالية فورًا -حال عودة حزبها من جديد إلى السلطة- مع التركيز على بحر الشمال الذي هو "حجر الزاوية للمستقبل"، من أجل مصلحة العمال والشركات والمواطنين جميعًا.
استثمارات النفط والغاز في بحر الشمال
انخفض إنتاج بحر الشمال من النفط والغاز إلى مستوى تاريخي خلال العام الماضي (2024)؛ وهو ما سيترك بريطانيا بحاجة إلى تلبية 40% من الطلب المحلي عبر الواردات.
وقد ترتفع النسبة إلى 70% من الطلب بحلول عام 2030 إذا لم تستمر استثمارات النفط والغاز في بريطانيا، وفق أحدث تقارير جمعية قطاع الطاقة البحرية "أوفشور إنرجيز يو كيه" البريطانية (OEUK).
لكن حال إلغاء الضرائب المفاجئة على الشركات واستبدال آليات تسعير مناسبة بها، من الممكن إنتاج أكثر من مليوني برميل من النفط والغاز؛ وهو ما سيُضيف إلى الاقتصاد 150 مليار جنيه إسترليني (201.1 مليار دولار أميركي).
(الجنيه الإسترليني = 1.34 دولارًا أميركيًا).

وبحسب الجمعية، فإنه من الممكن تلبية نصف الطلب على النفط والغاز في بريطانيا حتى عام 2050 إذا طُبّق نظام ضريبي تنافسي ومستقر في الجرف القاري للبلاد، إذ يمكن إنتاج 4.3 مليار برميل من النفط المكافئ ترتفع إلى 7.5 مليار مع إدخال "تغييرات كبرى"، مع الأخذ في الحسبان أن حجم الاحتياجات المتوقعة بحلول عام 2050 يتراوح بين 13 و15 مليارًا.
وأكّد الرئيس التنفيذي للجمعية، ديفيد وايتهاوس، أنّ الضرائب المفاجئة تخنق الاستثمار في بحر الشمال، نافيًا صحة مزاعم جدوى تطبيقها للسببَيْن الآتيَيْن:
- أسعار النفط والغاز قد انخفضت كثيرًا عن المستويات القياسية السابقة التي دعت إلى تطبيق تلك الضرائب من الأساس.
- لم تحقق الإيرادات الضريبية المنشودة منها، ومن المتوقع انخفاضها بأقل من 40% بحلول عام 2028.
مطالب بالإصلاح العاجل
في ضوء أهمية بحر الشمال لأمن الطاقة في بريطانيا ولتحقيق "النجاح الاقتصادي"، أكد الرئيس التنفيذي لجمعية "أوفشور إنرجيز يو كيه"، ديفيد وايتهاوس، أهمية تطبيق السياسات المالية والاقتصادية السليمة.
وأكد وايتهاوس أن صنّاع السياسات يملكون السلطات ويتحملون المسؤولية عن تحقيق المستهدفات التالية، مشدّدًا على أهمية تسريع ذلك؛ "لأنه لا وقت لنضيعه"، على حد وصفه:
- تطبيق سياسات مالية مستقرة وقادرة على المنافسة عالميًا.
- تقديم حوافز للاستثمار بإنتاج النفط والغاز.
- الالتزام الواضح وطويل الأمد بمواصلة إصدار تراخيص التنقيب.
- تسريع إصدار تراخيص المشروعات الجديدة بالقطاع.
- وضع قواعد تنظيمية لإستراتيجية الحياد الكربوني تتسم بالعملية والاتساق والقابلية للتحقق.
ومن شأن ذلك -بحسب وايتهاوس- أن يحمي فرص العمل في قطاع النفط والغاز، وأن يقلل واردات الطاقة القياسية، وأن يمنح الشركات العاملة في بريطانيا وعمالها والسكان المحليين فرصة لبناء المستقبل الصناعي للأمة، فضلًا عن حماية الأسر من التقلبات الناجمة عن الاعتماد على الواردات.
وأضاف: "الأمر لا يتعلق بالصناعة فحسب، وإنما التأكد من توافر طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة للأسر خلال ثلاثينيات القرن الحالي وما بعدها".
إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني
استغلت زعيمة حزب المحافظين البريطاني كيمي بادينوك، الجدل الدائر حول تراجع إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني لأغراض سياسية.
وانتقدت بادينوك مسعى حزب العمال لتحقيق الحياد الكربوني، قائلة إنه من المهم ضمان ترك بيئة أفضل للأجيال المقبلة، لكن في الوقت نفسه لن يكون من مصلحة المحيطات والهواء والحياة البرية استيراد النفط والغاز من الخارج وهما موجودان في باطن الأراضي البريطانية.

واستشهدت بادينوك ببيانات مكتب الإحصاءات الوطني الذي أكد أن تراجع إنتاج بحر الشمال بمثابة عائق لنمو الاقتصاد، مؤكدة أنه جاء نتيجة لاختيارات حكومة حزب العمال الذي فضّل المبدأ على أمن الطاقة.
وأضافت: "حزب العمال يرى بحر الشمال من آثار الماضي، أنا أراه حجر الزاوية لمستقبل بريطانيا.. إنهم (حزب العمال) على خطأ. الصناعة تدعم 200 ألف فرصة عمل في أنحاء المملكة المتحدة، عشرات الآلاف منها في إسكتلندا.. وقدّمت إيرادات ضريبية بمئات المليارات لصالح المدارس والمستشفيات والمعاشات".
وفي ضوء ذلك، وعدت بأنه حال انتخاب حزبها (المحافظين) من جديد، فإنها ستُعيد فتح بحر الشمال أمام الاستثمارات؛ لأن الطاقة الرخيصة والوفيرة هي أساس الازدهار، ودونها ستتلاشى فرص العمل، وترتفع الفواتير، ويضعف الاقتصاد، وهو ما حدث خلال العام الأول من تولي حزب العمال الحاكم.
ولتحقيق ذلك، وعدت باتخاذ الإجراءات الآتية:
- إنهاء حظر منح تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط والغاز، بما يمنح الثقة للمستثمرين والعمال والمشروعات المعلقة.
- إلغاء أمر يمنع الدبلوماسيين والمبعوثين التجاريين من دعم صناعة النفط والغاز.
- توجيه هيئة بحر الشمال باستخراج أكبر قدر ممكن من النفط والغاز، وإلغاء الإجراءات البيروقراطية التي تهدد الاستثمار.
موضوعات متعلقة..
- ناقلة غاز مسال روسية تتعثر على طريق بحر الشمال
- 7 ملايين برميل من نفط بحر الشمال في خطر.. ومطالب بالإنقاذ العاجل
- طريق بحر الشمال يشهد عبور 8 ناقلات غاز مسال روسية
اقرأ أيضًا..
- التنقيب عن النفط والغاز في نيجيريا ينتعش بعقد جديد
- واردات بريطانيا من الكهرباء في خطر بسبب النرويج
- أديس السعودية توقع صفقة لتمديد عمل منصة حفر في قطر
- رماح 2 والنعيرية 2.. إنجاز صفقة كهرباء ضخمة في السعودية
المصادر:
- تراجع إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال وتوصيات، من "ذا إندبندنت" البريطانية.
- تصريحات لزعيمة حزب المحافظين من "ذا ديلي ميل" عن إعادة فتح بحر الشمال أمام الاستثمارات.