بعد إبطال رسوم ترمب الجمركية قانونيًا.. كيف يتأثر قطاع النفط العالمي؟ (تقرير)
محمد عبد السند

- حكم قضائي أميركي ببطلان رسوم ترمب الجمركية
- أبقت المحكمة على الرسوم الجمركية قائمة حتى 14 أكتوبر
- النفط في طليعة القطاعات المستبشرة بحكم المحكمة
- حذّرت وكالة الطاقة الدولية من تراجع الطلب على النفط
- لن يؤثّر قرار إلغاء التعرفات في أسعار النفط
استبشر قطاع النفط العالمي بالحكم الصادر عن محكمة أميركية ببطلان الرسوم الجمركية المعلَنة من قِبل الرئيس دونالد ترمب، على أمل أن يسهم بتعزيز حركة تجارة الخام عالميًا، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وقضت محكمة الاستئناف الفيدرالية في العاصمة واشنطن مؤخرًا بعدم قانونية معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي على العديد من دول العالم، قائلةً، إنه تجاوز سلطاته في فرضها؛ ما قد يقوّض استعمال قطب العقارات لتلك الرسوم أداة اقتصادية عالمية فاعلة.
غير أن المحكمة أبقت على الرسوم الجمركية قائمةً حتى 14 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مانحةً إدارة ترمب فرصة للطعن على الحكم أمام المحكمة العليا الأميركية.
ويأتي قطاع النفط العالمي في طليعة القطاعات التي تنفست الصعداء بعد حكم بطلان رسوم ترمب الجمركية التي كانت تستهدف أساسًا الدول المستوردة للخام الروسي، في إطار خطة لتقويض قطاع الطاقة في روسيا، لكونه شريانًا رئيسًا لتمويل حربها في أوكرانيا.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، يفرض ترمب رسومًا جمركية على شركاء واشنطن التجاريين، وكذلك منافسيها، بأسعار مختلفة بحسب الدول والمنتجات.
رسوم ترمب الجمركية وأسعار النفط
يرى مدير وحدة أبحاث الطاقة في منصة الطاقة المتخصصة أحمد شوقي أن قرار المحكمة الأميركية بعدم قانونية رسوم ترمب الجمركية لن يؤثّر في توقعات أسعار النفط.
وفسَّر ذلك بأنه يُضاف الى حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية، التي تُسعِّرها الأسواق، وأدت إلى تراجع أسعار مزيج خام برنت بنحو 10% منذ بداية العام الجاري؛ إذ تؤثّر الحروب التجارية في النمو الاقتصادي، ومن ثم الطلب العالمي على النفط.
وتابع: "أضف إلى ذلك أن قرار المحكمة ليس نهائيًا، وبالطبع ستستأنف إدارة ترمب عليه أمام المحكمة العليا، لذلك لن تأخذه الأسواق بمَحمَل الجدّ على الأقل لحين الفصل فيه"، في تصريحات خاصة أدلى بها إلى منصة الطاقة المتخصصة.
وتوقَّع أن تهبط أسعار النفط عن مستوياتها الحالية البالغة 67 دولارًا لخام برنت خلال الأشهر المقبلة لتحوم حول 62 و64 دولارًا للبرميل، بالنظر إلى معطيات السوق الحالية، وانتهاء ذروة الطلب الصيفي الموسمي على النفط.
وزاد شوقي: "ستظل سوق النفط متوازنة خلال الأشهر المقبلة، بفعل استمرار المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بروسيا وأوكرانيا وانخفاض الدولار الأميركي من جهة، ومن جهة أخرى تراجع الطلب على الخام نتيجة بدء أنشطة صيانة المصافي، إلى جانب زيادة الإمدادات العالمية، سواءً دول أوبك+ أو من المنتجين خارجها، مع بدء تراجع الطلب المحلي".
الطلب على النفط.. فأل حسن
يبرز حكم بطلان الرسوم الجمركية فألًا حسنًا بالنسبة لقطاع النفط العالمي من خلال دفع حركة التجارة العالمية عبر خفض تكاليفها؛ ومن ثم زيادة أنشطة النقل، من بين قطاعات اقتصادية أخرى عديدة.
ويؤدي هذا بدوره إلى زيادة الطلب على النفط العالمي؛ إذ إن أحد المعوقات الرئيسة التي خفضت أسعار الخام هو الحروب التجارية، بما في ذلك التعرفات الجمركية وسط مخاوف من انحسار النشاط التجاري وتأثيره في نمو الطلب على الوقود.
يُشار إلى أنه في أبريل/نيسان الماضي توقعت منظمة التجارية العالمية انخفاض حجم التجارة العالمية للسلع بنسبة 0.2% هذا العام بسبب تعرفات ترمب الجمركية، قبل أن يسجل انتعاشًا متواضعًا بنسبة 2.5% في عام 2026.
تحذيرات سابقة
سبق أن حذّرت وكالة الطاقة الدولية من تراجع الطلب على النفط العالمي بأعلى من المتوقع هذا العام نتيجة "المخاطر الواسعة" التي تشكّلها رسوم ترمب الجمركية على الاقتصاد العالمي.
ففي تقريرها الصادر في شهر أبريل/نيسان (2025)، خفضت الوكالة توقعاتها بالنسبة لنمو الطلب على النفط العالمي بواقع الثُلث خلال عام 2026، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
وسبق أن توقعت وكالة الطاقة الدولية -في تقرير منفصل- نمو الطلب على النفط العالمي بواقع 1.03 مليون برميل يوميًا في عام 2025، ليصل إلى مستويات قياسية مرتفعة.
لكن في أعقاب فرض الرسوم الجمركية على التجارة العالمية، خفضت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب، ليصل إلى 730 ألف برميل يوميًا.
بل من الممكن أن يتباطأ نمو الطلب العالمي على النفط بدرجة أكبر خلال عام 2026، ليصل إلى 690 ألف برميل يوميًا، جراء "عدم اليقين الذي يغلّف المناخ الاقتصادي والسياسات التنظيمية"، حسب الوكالة.
وقالت، إنه على الرغم من أن واردات النفط والغاز والمشتقات قد مُنِحت إعفاءً من التعرفات الجمركية المعلَنة بوساطة الولايات المتحدة، فإن المخاوف من أن تتسبب تلك الإجراءات بإشعال نار التضخم، وإبطاء النمو الاقتصادي، وإذكاء النزاعات التجارية، قد تنعكس على أسعار النفط.

التعرفات والدول الأكثر تضررًا
تُعدّ الهند والصين وتركيا الدول الأكثر تضررًا جراء رسوم ترمب الجمركية؛ بوصفها الدول الأكثر استيرادًا للنفط الروسي.
وفي 6 أغسطس/آب الجاري، أعلن ترمب أنه يستهدف الهند بتعرفات إضافية نسبتها 25% لمواصلتها شراء الخام الروسي، وهو سعر يقلّ كثيرًا عن التعرفات البالغة نسبتها 100%، التي هدَّد بفرضها في الأصل على الواردات الآتية من البلد الآسيوي.
وسرعان ما انخفضت أسعار النفط بختام جلسة التداولات في 6 أغسطس/آب الجاري، بوقت ظن فيه التجّار أن تصريحات ترمب ما هي إلّا "مناورة"، وأن التعرفات لن تدخل حيز التنفيذ.
وتبرز الهند أكبر مستورد للنفط الروسي؛ إذ تلامس وارداتها نحو 1.7 مليون برميل يوميًا، وفق أرقام شركة كبلر المتخصصة في تحليل البيانات، التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ورأى محلل النفط في كبلر مات سميث أنه "إذا مضى ترمب في تطبيق الرسوم الجمركية، فستقفز أسعار النفط العالمي، نظرًا إلى أن أحجام الصادرات الروسية إلى الهند لا يمكن تغيير مسارها بسهولة إلى وجهات أخرى".
وأشار إلى أن موسكو ستضطر حينها إلى خفض بعض الإنتاج؛ ما سيَنتُج عنه خروج بعض الإمدادات من السوق العالمية.
موضوعات متعلقة..
- لماذا أعلن ترمب طوارئ الطاقة وهل تحقق الرسوم الجمركية أهدافها؟ الحجي يجيب
- ترمب يفك أغلال الطاقة.. هل تتبعه أوروبا بعد فشل سياسات الحياد الكربوني؟ (تقرير)
- رسوم ترمب الجمركية.. أنس الحجي يكشف تفاصيل الهلع داخل البيت الأبيض
اقرأ أيضًا..
- 3 تحديات تحرم لبنان من تأمين الكهرباء على مدار الساعة (خاص)
- أكبر حقل غاز في تركيا يتأهّب لتنفيذ المرحلة الثالثة
- أول محطة نووية تعمل بالمفاعلات الصغيرة في أوروبا.. تعمل بتقنيات أميركية
المصادر:
- حكم قضائي ببطلان رسوم ترمب الجمركية، من "غارديان"
- الدول الأكثر تضررًا جراء رسوم ترمب الجمركية، من "سي إن بي سي"
- توقعات الطلب العالمي على النفط، من وكالة الطاقة الدولية